أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - دوافع وأشكال الثورة عند المصريين















المزيد.....



دوافع وأشكال الثورة عند المصريين


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 15:05
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



دوافع وأشكال الثورة عند المصريين


ما الذي ينجح فيه الثوري ويفشل السياسي فيه!
ما هو الفرق الحركي بين ثورات مصر المعاصرة!
كيف ينجح الثوار في كسر قاعدة الشعب المصري المتكيف!
يوجد في المجتمع المصري مجموعة تكسر سلطة الاستبداد بطبيعتها.
جدل نظرية السياسي وحراك الثوري!
الثوار يمكنهم تطوير بديل سياسي نظري مع الزمن.
السياسي لن تمكنه علاقات مساره التاريخي من إنتاج حالة وحركة ثورية.
النخبة الثورية يفرزها الزمن والمواقف والمبادرة الطوعية بتحمل المسئولية.



مقدمة:
من أهم نقاط الاختلاف بين المشتغلين بالسياسة وبعلم الاجتماع والإنسانيات عموما؛ هي العلاقة بين النظرية وبين تطبيق هذه النظرية! ويثار السؤال هل النظرية أو الأيديولوجية الجيدة قادرة –بشكل مجرد- على النفاذ للمجتمع واكتساب تأييده ودعمه! أم يظل النموذج والتطبيق الحاضر أمام الناس هو الفيصل في ذلك!
وذلك يأخذنا لسؤال آخر: ما الفرق بين الثوري والسياسي! ما الذي ينجح فيه هذا ويفشل فيه ذاك! يتميز الثوري بالقدرة على العمل وابتكار آليات الحركة والفعل باستمرار، ويتصف السياسي أو الأيديولوجي بوجود خطاب منطقي جاهز لها سماته التاريخية الواضحة.. هنا يظهر عامل الحسم؛ ينتج الثوري الحالة ويكتسب بالزمن والخبرة القدرة على تطوير خطابه السياسي، في حين يبقي الشخص الملتصق بالإطار النظري المجرد للعلاقات الإنسانية والمجتمعية حبيس "فقاعة"، لا يستطيع العيش خارج منطقها بتفاصيله وأبعاده المتوارثة..
نجح ثوار مصر في إعادة إنتاج الحالة الثورية –لحد بعيد- في حركة "تمرد"، وحاول قبلهم العديد من رجال السياسية ونخبتها التاريخية إعادة إنتاج اللحظة دون جدوي! وهو ما دفعني لأن أطرح هذا الجزء من كتابي: "المصريون بين التكيف والثورة: بحثا عن نظرية للثورة"، وهو الجزء الذي أتحدث فيه عن: طبيعة النخب السياسية، والفرق بين سلوك كل نخبة وأخري إزاء العمل الجماعي في مصر، وفيه أتحدث أيضا عن أنواع الثورات حيث أفرق فيه بوضوح بين نوعين من الثورات لهما دوافع مختلفة وعلاقات مختلفة عند المصريين؛ ثورات الجموع المتكيفة وأسبابها ودوافعها، وثورات المجموعة التي تكسر حالة التكيف وتتمرد ويتصف موقفها الثوري من مجتمع التكيف بالديمومة والاستمرار..
كما أتحدث كذلك وافرق بين هذه النخب الثورية وعلاقتها بالمجتمع المتكيف؛ بما يؤدي لنجاح حركتها أو فشلها، وهو التحليل الذي أوصلني لنظرية "الحالة التحررية" ودور النخبة الثورية في المجتمع المتكيف، كذلك أتطرق فيه –إجمالا- لنماذج من الحراك والثورات المصرية المعاصرة في: 1919، 1952، 1977، 2000 والحركة الطلابية الجديدة ودور "اللجنة الطلابية لدعم الحق العربي" كنموذج تطبيقي لها ، محاولا تبيان الفرق بين كل منهم وصولا للشكل الأمثل الذي يجب على النخبة الثورية –التي يتصف فعلها بالديمومة والاستمرارية- اتباعه للنجاح والتغلب على منظومة قيم التكيف والاستبداد في مصر. والاقتباس من الكتاب سيكون من ص89-112.



1- دوافع الثورة عند المصريين والطريقين المختلفين :
-----------------------------------

تقسم ثورات المصريين وانتفاضاتهم إلى نوعين من الثورات، وهى تفرقه أساسية لابد من الوقوف عندها وفهمها جيدا، ثورات "عموم الشعب" المصري ولها دوافعها وأسبابها الخاصة، وثورات أو المحاولات المستمرة لمجموعات "المؤمنين بالقيم الإنسانية الأعلى" ورفض "حالة التكيف" والتمرد عليها فى مصر .
- محاولات مجموعات "المؤمنين بالقيم الإنسانية الأعلى" للثورة، لها صفة الاستمرارية ، وترتبط بطبيعة وتكوين واختيارات أصحابها وإيمانهم ، الذين هم فى حالة رفض واغتراب دائم إزاء فكرة "فلسفة التكيف" وقيم الخضوع التى تحكم المصريين، وتكمن مشكلتهم التاريخية فى كيفية تحقيق مشاركة "جموع الشعب" وإقناعه بدعوتهم لـ"الثورة القيمية" ضد المنظومة القائمة ، لا لسبب سوى سبب قيمى ومبدئى يرتبط- أيضا- بالواقع وظروف الحياة السيئة، وعادة ما كانت تلك الثورات تنسى أو تشوه أو لا يأتى ذكرها فى التاريخ ، "إندلعت بمصر ثورات أخرى، لم يذكر لها المؤرخون أسبابا ، فجهلنا لونها" ( ) ..
وتلك المحاولات والمساعى نحو الثورة التى يقوم بها "مجموعة المؤمنين بالقيم الإنسانية الأعلى"، يتصف أصحابها بحالة من الرفض القيمى المستمر الإيمانى والروحى، لأوضاع التكيف والتنميط والخضوع للاحتلال والاستبداد والقهر المفروضة على المجتمع المصرى عبر العصور، ولا تتوقف محاولات هؤلاء طيلة حياتهم عن المقاومة ومحاولة تغيير الوضع القائم بالبلاد ، بغض النظر عن النتيجة؛ فتلك هى طبيعتهم وتكوينهم المقاوم بفطرتهم ، وتكمن كل مشكلتهم وهدفهم فى كيفية التواصل مع "جموع الشعب المتكيفة" لدفعها نحو المشاركة فى حالة الرفض والتمرد على منظومة "قيم التكيف" والخضوع والتعايش السائدة فى المجتمع ، سعيا وراء الثورة القيمية التى تؤمن بالحرية والعدل والمساواة ورفع الظلم والقهر والاستبداد .
- ثورات يقوم بها "عموم الشعب" المصرى، أو عامته أو جماهيره العريضة أو غالبية سكانه وقاطنيه الذين يرضون بالعيش والتوطن والاستقرار على أرضه، وهى التى سنتحدث عنها ونحدد أسبابها ودوافعها ومثيراتها التى تجعل الكتل العريضة من جماهير مصر تتحرك وتنتفض، وهذا النوع من الأهمية بمكان معرفة أسبابه، كى نصل ونعرف الدوافع الذاتية عند المصريين التى تؤدى بهم للثورة، وهى التى سوف نخرج منها لنقطة فاصلة أخرى أشد أهمية فى هذا البحث ..
وهى معرفة شكل أو طبيعة الدوافع غير الموجودة عندهم ذاتيا أو الدوافع المصطنعة، أى: التى قد يسعى لصنعها وعملها أفراد يهدفون لتغيير البلد وتحسين حالها، و التى من الممكن خلقها ووضعها أمامهم كى يستجيبوا لها، وينتفضوا معها وينتموا إليها، أى: أننا سندرس هذا تمهيدا وخروجا لنظرية أو فكرة حركية لإحداث الثورة داخل المجتمع المصرى .
وسنتناول أيضا من جهة أخرى أشكال العلاقة بين : مجموعة المؤمنين بالثورة الدائمة لتحرير مصر كقيمه مستمرة تقاوم محاولات تنميطها، وبين : عموم أفراد الشعب المصرى، حتى نعرف ما هى الأسباب التى كانت تعوق عموم المصريين عن التعاطى مع الثورة ؟والحياة بمفاهيم "مجموعة المؤمنين بالتغيير والثورة"؟ لأنه بمعرفة هذه الأسباب يمكن لنا وضع طريقة أو آلية للتغلب عليها وبناء " الحالة التحررية " وقيمها وأخلاقها، التى كان يسعى إليها هؤلاء الأفراد المؤمنون بالثورة الدائمة لهدف تحرير مصر أو التحرريين (نسبة لمصطلح التحرر أو "الحالة التحررية") وسنبدأ بتناول ثورات "عموم المصريين" .


2 - ثورات "عموم الشعب" المصرى :
-----------------------

وهى الثورات والانتفاضات الشعبية التى كانت تحدث فى التاريخ المصرى الطويل ، عندما يتم التعرض لواحد من الحدود الثلاثة المقدسة عند الإنسان المصرى الصبور، والكامن والصامد داخل معادلة استمراره فى الحياة على أرض مصر ، فرغم أن المصرى يحكمه الخضوع والتعايش والاستكانة داخل "منظومة التكيف" وقيمها، إلا أنه كان لديه مجموعة من "المسلمات العليا" المقدسة، إذا اقترب منها أى نظام سياسى محتل/مستبد، كان ذلك يجعل "عموم المصريين" يثورون ويتمردون على حالة و"طبيعة التكيف" وفلسفتها الحاكمة لهم، وقد يأتى ذلك فى شكل موجة مدمرة، لأنها تستحضر فى ذهن المصريين كم القهر والاستبداد والذل والمهانة التى ارتضوها داخل "منظومة التكيف" من أجل البقاء على قيد الحياة ، فى معادلة الوجود بين السلطة المحتلة/المستبدة و "عموم الشعب" المصرى المتكيف والقابل والخاضع لها طالما لم تمس السلطة حدوده ومسلماته الثلاثة التالية :
( الدين - المرأة - الطعام )
- الدين وحرمته ( بتطوره التاريخى ) وما يتعلق بمقدسات المصريين على مراحل
تطورها ، وهنا نذكر كم كان ضروريا على المحتل الوافد على مصر ، أن يقدم فروض والولاء والطاعة لآلهة المصريين ومعتقداتهم الدينية ، مثلما فعل "الإسكندر الأكبر" حين احتل مصر، وكذلك حين "عامل قمبيز المصريين بقسوة، وحقر معبوداتهم مما أوغر صدور المصريين ضد الفرس، فثاروا عليهم عدة مرات" ( )
- والمرأة ومكانتها الخاصة لدى المصريين وضرورة الحفاظ على شرفها وطهارتها ، خاصة على المستوى العام والعلنى، ونذكر هنا حوادث التمرد والثورة المتعددة التى كانت تحدث فى بعض المدن إذا تعرض أحد جنود الاحتلال الإنجليزى أو الفرنسى للمرأة المصرية .
- وطعامه الذى يعيش عليه أو ظروف الحالة الاقتصادية والمعيشية بجوانبها
المتعددة إجمالا، وكم أخبرنا التاريخ عن ثورات وانتفاضات لجموع المصريين بسبب الطعام والغذاء والحالة الاقتصادية عموما ، "إن أول ما يلاحظ فى أسباب الثورة وفرقة الشعب المصرى عن قيادته هو النواحى الاقتصادية" ( )
وأى محتل كان يتعدى أى خط من الثلاثة كان يقابل بثورة، إما جماعية فى شامل وعموم القطر المصرى، أو فردية فى بقعة صغيرة من أرض مصر حيث حدث التجاوز، وفى نفس الوقت كان كل احتلال لا يمس تلك الخطوط، يستطيع البقاء فى مصر إلى أن يأتى الدور على محتل جديد ليأخذ مكانه، ويستمر هو الآخر طالما لم يمس الحدود الثلاثة .
والمثال لذلك النوع من الثورات التى كان يقوم بها "عموم الشعب" المصرى نتيجة لعرض حد من حدوده الثلاثه للخطر ، هو ثورته على الاحتلال الفرنسى فى ثورة القاهرة الأولى والثانية ، حيث دفعت أفعال وسلوكيات الجيش الفرنسى وجنوده التى تجاوزات خطوط المصريين الثلاثة، أفراد الشعب وعمومه للقيام بالثورة والتمرد على "حالة التكيف" والتعايش مع الاحتلال الفرنسى .



3- حركة وثورات "مجموعة المؤمنين" بالثورة المستمرة :
-----------------------------------

وهؤلاء (المؤمنين بالقيم الإنسانية الأعلى) تكون فكرة الثورة حاضرة فى منظومتهم القيمية، وتكون هدفا لهم، يتحينون الفرصة للدعوة لها والقيام بها، ويكون فهمهم لها فهم "القيمة المقاومة" الثابتة التى ترفض طبيعة "التكيف" الشائعة عند عموم الشعب، وعادة ما يكون تحرك هؤلاء ومحاولاتهم يسبق تحرك عموم الشعب، ولكنه يسعى لاكتساب مشاركتهم ودعمهم لأفكاره عن الحرية ورفض الظلم والاستبداد والاحتلال، وهنا سوف تنشأ عندنا معادلة أخرى .
فإذا كانت حركة "مجموعة المؤمنين بالثورة" وسعيهم لبناء مجتمع مصرى بفهم "القيم المقاومة"، الرافضة لحالة "التكيف" السائدة فى المجتمع يسمى النقطة "ج"، وكان حركة جموع الشعب المصرى التى تدور فى فلك "طبيعة التكيف" تسمى النقطة "د" .. إذن فهدف المعادلة هو كيف تلتقى حركة ودعوة مجموعة التحرريين المؤمنين بالثورة الدائمة، مع حركة عموم أفراد الشعب التى تدور فى فلك التعايش والتكيف مع الوضع أيا كان ؟.
مجموعة المؤمنين بالثورة المستمرة لهدف تحرير مصر لم يخل عصر من وجودهم أو ذكرهم بشكل ما أبدا، وذلك منذ عهد المصريين القدماء فهناك المصرى الحكيم الشجاع إيبور الذى خاطب الملك فى خضم ثورة نهض بها المصريون قائلا : "إن القيادة والفطنة معك، لكنك لا تستخدمهما، بل تترك الأرض نهبا للفوضى والخراب .. ليتك تذوق بعض هذا البؤس بنفسك" ( )، وكانوا يواجهون حالة الظلم والاحتلال والفساد والقهر، ويحاولون دائما إنهاءها، قائمين بدعوة عموم المصريين للمشاركة فى هذه المواجهة، فمصر لم تخل أبدا من الثوار - كحال أى بلد - الذين لم يسمع عنهم أحد، وكانوا يطالبون: بتحرير البلاد، والرغبة فى التطور وشيوع العلم والمعرفة، والعدل، والمساواة، ورفع الظلم والفساد، والحرية، وتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للبلاد، ومواجهة القهر والمحسوبية، والوقوف أمام المحتل الحاكم وحاشيته، وطائفة المنتفعين معهم من الانتهازيين والوصوليين والمتسلقين أصحاب المصلحة الفردية المتحللة من فكرة الجماعة من أفراد الشعب .
فرغم كل شيء، والظروف المحيطة بالشعب المصرى، كان هناك من المصريين من لهم سمات وقدرات وطبيعة وإيمان فردى، يستطيع به أن يواجه ظروف المجتمع القاهر (المحّتل أو المستبد به)، هؤلاء الأفراد أصحاب المواهب والإيمان القوى والرغبة فى التحرر وتحدى الظلم والاستعباد، لم يتركوا المحتل أو المستبد فى أى وقت يهنأ بالهيمنة والسيطرة على البلد .
فكانوا دائما ما يخترعون من الحيل والطرق، ما يؤرق مضجعه، ويهز قوائم عرشه، و يجعله ينشر عسسه وعسكره وأتباعه فى كل مكان، للقضاء على ذكراهم وتشويه صورتهم، وبناء طبقه من أصحاب المصالح فى مواجهتهم تكون حليفة له من داخل أبناء الشعب المتكيف (من غير أصحاب القيم والمبادئ المقاومة) تعمل على تصفيتهم وتدميرهم ماديا أو معنويا بشتى الطرق، حتى لا تتسنى الفرصة لأى من هؤلاء الأفراد المؤمنين بالثورة (على امتداد العصور المختلفة )، ليحولوا الثورة على المحتل أو المستبد أيا كان، إلى قاعدة ومبدأ يصل لكل عامة الشعب لا يتخلى عنها جيل إذا فشل الذى قبله، لتصبح "قيمة مقاومة " ترفض الاستلاب والاستسلام والتكيف .
المثال : ونشير هنا للعديد من الحكايات الشعبية عن العديد من الأبطال والمؤمنين بالثورة فى مصر، الذين رفضوا التكيف والاستسلام لحالة القهر الموجودة فى المجتمع، وحاولوا صنع حالة من التمرد والثورة وفق اجتهاد وتصور كل منهم ، فكان هناك البطل المصرى "على الزيبق" ، وغيره من المحاولات والثورات التى حدثنا المؤرخون عنها باستحياء.
ونلاحظ أنه دائما ما سترتبط "آليات البطل" المؤمن بالثورة والقيم الإنسانية الأعلى ، بقدرته على الابتكار والتحايل فى مواجهة القوى القاهرة للمحتل / المستبد ، فطالما عجز البطل المؤمن بالثورة والقيم الإنسانية الأعلى عن دعوة الناس للخروج المباشر على الحاكم المستبد / المحتل / الظالم وامتلاك أسباب ذلك ، سيحاول دائما ابتكار طرق وآليات للتحايل على "حالة التكيف" ، بهدف تنميط الناس بالتدريج على المقاومة ورفض الظلم والاحتلال والاستبداد ، وزرع فكرة القيم والمبادئ مرة أخرى داخلهم .
لتنشأ العلاقة بين مجموعة المؤمنين بالثورة (التحرريين) و عموم المصريين (المتكيفين) وتأخذ عدة أشكال (بحث هذه العلاقة يساهم فى التعرف على المشاكل التى تواجدت فى كل شكل من أشكال هذه العلاقة) بحيث نصل للشكل الأمثل لنوع وطريقة بناء هذه العلاقة بين مجموعة الداعيين للتغيير، وعموم أفراد الشعب التى خضعت للتكيف، ولم تجد غيره وسيلة لمواجهة القهر والظلم، ليحاول بحثنا أن يصل للوسيلة أو الآلية التى تمكن عموم الشعب من مواجهة القهر والظلم والتغلب على سمات طبيعة التكيف المتراكمة .
سنسعى للوصول لشكل " الحالة التحررية " المثال أو النموذج، التى من المفترض تشكيلها من قبل مجموعة التحرريين الراغبين فى تحسين حال مصر وتغييرها للأفضل، كجزء من البناء فى نظرية أو فكرة الثورة التى نرى جذورها، وأساس صنعها فى داخل البناء الاجتماعى والتاريخى لدى أبناء الشعب المصرى، كى يكون طريق الدعوة والعمل لذلك، واضحا معبدا أمام الذى يختار ذلك كمنهج يسير عليه فى حياته، وتكون الصورة والشكل المراد خلقه واضحا أمامه وماثلا فى ذهنه، وتحديد أنواع هذه الحالات أو العلاقات التى كانت تنشأ لحظة وعند الثورة إجمالا، فى بنائنا لمنظومة أو فكرة نظرية الثورة الأمثل، حيث هنا الأساس الذى عليه سيتحدد هدف مجموعة المؤمنين بالتغيير أو بالثورة المستمرة فى مصر ..


4- أشكال الثورات وعلاقة مجموعة "المؤمنين بالثورة" بالشعب :
---------------------------------------

يأتى الدور لنبحث أنواع علاقة أفراد "مجموعة المؤمنين بالثورة" بعموم المصريين (الشعب)، أو أشكال الحالات الثورية فى مصر،كى نعرف أيها أكثر مناسبة لطبيعة عموم الشعب وسماته المتراكمة عبر التاريخ، لتكون هى النموذج المراد والمستهدف بناءه، حتى لو حدث ووجد أحد الأشكال الأخرى للثورة أو التمرد، يكون حاضرا فى ذهن مجموعة المؤمنين، ضرورة العمل لخلق تلك الحالة أو العلاقة النموذج مع الشعب، لأنه ببساطة فى هذه الحالة فقط يكون أكثر جاهزية للتمرد والدفاع عن فكرة الحياة بمفهوم " القيمة المقاومة " .


أ- الحالة الأولى: التحرك المنفرد للطليعة الثورية (مجموعة المؤمنين بالتغيير )
------------------------------------------------

وتكون بتحرك "مجموعة المؤمنين بالتغيير" وحدها وسعيها للتغيير الفوقى فى السلطة، دون انتظار لمشاركة عموم الجماهير المتكيفة، وفى هذه الحالة يكون الناتج هو أن يبقى عموم المصريين فى حالة جمود وترقب داخل منازلهم، ينتظرون ما الذى ستفعله مجموعة المؤمنين بالثورة المستمرة لهدف تحرير البلاد فى كل عصر، فإذا شعروا بقرب النصر أو حتى الاقتراب المرحلى منه، أو لو نجح مجموعة المؤمنين -مرحليا- فى سحبهم خارج حالة الجمود ودفعهم للمشاركة وتأييدهم، نتيجة لتقديمهم أهداف معلنة و مادية مباشرة مرتبطة بمصالح عموم أفراد الشعب، لصار عموم الشعب معهم لكن مرحليا أيضا، و لو انتصروا لكانوا معهم - مرحليا أيضا - وهللوا لهم .
ولو هزموا - عاجلا أو آجلا - تراهم يتبعون واحدا من السلوكيات التالية: ينسوهم أو يتناسوهم، يتحسروا عليهم قليلا وتبقى منهم ذكرى مشوهة فى حواديتهم الشعبية وحكاياتهم وتراثهم، يسخروا منهم وينظروا لما حدث كأن لم يكن ويعودوا لحياتهم الطبيعية المسالمة والمستكينة، أو يفعلوا كل هذا معا، ويجعلوه تأكيدا لفكرة عدم الجدوى من فكرة الثورة واستحالة حدوثها، ويعودوا لتذكر أمثالهم القديمة التى يحكمها الخوف والاستكانة و "التكيف" والخضوع (من تلك الأمثال الشعبية: الإيد اللى متقدرش تعضها بوسها، اللى تغلب به العب به، البلد اللى بتعبد العجل حش واديله ، على كل لون يا باتيستا ، خليك مع الرايجه ، كل وقت وله أدان، اللى يعمل زى الناس ميغلبش ، إن كان لك عند الكلب حاجه قوله يا سيد ، ومن حكم مصر الفرعونية: "إذا مات كلب الحاكم سارت الجموع فى جنازته وإذا مات الحاكم لا يجد كلابا تشيع جنازته " ( ) ) .
مثال الحالة الأولى :
وخير مثال على هذه العلاقة أو الحالة بين " النخبة التاريخية " وعموم أفراد الشعب المتكيف والمتعايش، هى ثورة 1952 التى قامت على يد تنظيم الضباط الأحرار (كنخبة وطليعة) وعملية الانقلاب العسكرى التى تبناها وهلل لها أفراد الشعب حين نجحت .


ب- الحالة الثانية : تحرك " عموم الشعب" وعجز "النخبة التاريخية"
------------------------------------------

وفيها يتحرك "عموم الشعب"، بسبب المساس بأحد حدوده الثلاثة بصورة ما، وهنا تكون المعادلة متحركة جدا، تتحكم فيها مجموعة من العوامل والمقدمات المتداخلة، فقد يتراكم الغضب الشعبى ويتحول لمخزون سريع الانفجار فى أى لحظة، يكون السؤال حينها: متى سيأتى الغضب الشعبى ؟ وليس لماذا لم يأت الغضب الشعبى ..! فحدوث الغضب أو الانتفاضة الشعبية لها اشتراطات أهمها "اللحظة المختارة" التى تجعل التحرك يكون جماعة، قد تأتى لحظات مبشرة ومقدمة لتلك اللحظة، التى يخرج فيها جموع الشعب للتعبير عن سخطه وعدم رضائه عن الحال، وذلك فيما يخص الدين والمقدسات الدينية عند المصريين، وما يخص المرأة وفكرة الشرف عموما، خاصة إذا كان الأمر علانية ويستفز حالة الاتفاق بين السلطة المستبدة والجموع المتعايشة، و ما يخص الطعام والحالة الاقتصادية والمعيشية عموما، هنا حرصت السلطة المستبدة تاريخيا على التفرقة بين جموع وفئات الشعب، وإبقاء عمومه فى حالة من عدم الاكتفاء والكفاية، حتى يظل ذهنه مشغولا بالجرى وراء لقمة العيش ولكن دون أن يجوع تماما حتى لا يخرج عن نطاق السيطرة .
أما الفئات و الأفراد والعائلات والتجمعات البشرية والسكانية التى كانت تتعاون مع السلطة المستبدة أو المحتلة، فتحظى بالرعاية وتدخل فى زمرة المنتفعين من ثبات وجمود الوضع السياسى المتكيف، فهنا الطبقة أو الفئة المتكونة كانت اختيار قيمى، ولم تكن نتيجة لطبيعة اقتصادية بالأساس (للتفرقة بين طرحنا وبين طرح الفكر المادي لتفسير التاريخ وتطور المجتمعات)، المهم: أن الشعب هنا ينتفض ويثور وإذا لم تكن هناك "نخبة تاريخية" أثبتت جدارتها من قبل أمام جموع الشعب ولها وجود داخله، فسرعان ما تضيع تلك الهبة أو الانتفاضة، ويتم الالتفاف حولها بمجموعة من الترضيات والمسكنات لتهدئة جموع الشعب، و تنتهى بالعودة لنفس طبيعة التكيف والتعايش، بزوال الظرف التاريخى ، لعدم السعى لاستغلال ذلك الظروف وتحويل انتفاضة المصريين لمجموعة الثوابت "القيمية الجديدة" وكسر "منظومة التكيف" فعليا، ليجد مجموعة المؤمنين بالثورة والقيم الإنسانية الأعلى أنفسهم وحيدين مرة أخرى، فى مواجهة الظلم والفساد والقهر والاحتلال والاستبداد .
أما إذا كانت هناك "نخبة تاريخية" معبرة عن سمات "مجموعة المؤمنين بالتغيير"، بأهدافهم الثابتة والمستمرة مع أهداف وحركة "عموم المصريين"، الموجودة لحظة هذا الظرف التاريخى، فيلتف "عموم المصريين" خلف "مجموعة المؤمنين" بحماسهم وإيمانهم الواضح، وقدرتهم على الابتكار والقيادة والمبادرة وتحمل المسئولية والتضحية والفداء والتفانى والإخلاص و العمل .
مثال الحالة الثانية :
انتفاضة الشعب 1977 (انتفاضة الخبز) حيث توفر ظرف شعبى لم تكن النخبة التاريخية السياسية مستعدة لتطويره، أو بصياغة موضوعية دون أن نعطى أحكاما هنا، لم تستطع النخبة التاريخية تطويره حينها ليصل لمرحلة "القيمة المقاومة" ويتحول لحالة تحررية تعيد تشكيل منظومة القيم لدى عموم الشعب.


ج- الحالة الثالثة :تطوير "النخبة التاريخية" للظرف التاريخى عند "عموم الشعب"
-------------------------------------------------

وهى تحقق ثلاثة عوامل :
أ - فهى تحقق العامل الأول "الظرف التاريخى": بحيث يكون لدى المصريين سبب ما للثورة والانتفاضة نتيجة تخطى حد من حدودهم ولو بنسبة معينة ،وهذا ما نسميه سبب أو ظرف تاريخى .
ب - وتحقق العامل الثانى وجود " النخبة التاريخية " الفعالة: وهو وجود مجموعة المؤمنين مسبقا - أو تزامنا مع الحدث التاريخى وربما صانعين له ويخرجوا ويظهر معدنهم فيه -، ثم عملها المستمر بأدواتها (وهذه الأدوات هى محل للبحث والدراسة لكونها نقطة النجاح أو الفشل لدى المجموعة) التى تؤدى؛ لأن تخلق تلك المجموعة حالة من الرغبة فى التحرر، والمقاومة ورفض الذل والقهر والمحتل .
ج – العامل الثالث تطوير العلاقة للوصول لتعميم منظومة "القيم المقاومة": وهو الذى يضاف إليها أو يجعلها تتميز عن الحالة الثانية وهو عمل مجموعة المؤمنين بأدواتها كما قلنا، تدريجيا لبناء فكرة عقيدة مجموعة المبادئ الثابتة "القيم المقاومة" لحالة التحرر لرفض الاستبداد والظلم والقهر والاحتلال، وعدم انخداعهم بالظرف العام المواكب، الذى يحرك عموم المصريين، فيكون لهم هدف خاص ومستقل، يعملوا من أجله فى أثناء هذا الظرف التاريخى العام، وهو بناء مجموعة من المبادئ الثابتة وزرعها داخل المجتمع العاملين به (واستخدام أدوات ووسائل وطرق الوصول لذلك والاجتهاد والابتكار المستمر فيها عند معرفة شروطها كما سيلى) وحينها فقط عندما ينتهى الظرف العام، يجد مجموعة المؤمنين نتيجة عملهم، و هى وجود أو نشأة تغيير فى عقيدة ومبادئ المجتمع التى تعمل به، لتصل لنقطة الحالة التحررية، وهى أن يتولد لدى (عموم المصريين) فى المجتمع الذى تعمل به مجموعة المؤمنين، القدرة والإيمان للدفاع عن مجموعة المبادئ والأهداف الثابتة، التى نجحت مجموعة المؤمنين فى بنائها والعمل لهدف تثبيتها . وهذه تكون هى الصورة المثلى، لعلاقة مجموعة المؤمنين بعموم الشعب المصرى.
و لأهمية الحالة الثالثة من العلاقة نضرب عليها مثالين :
- ثورة عام 1919م: ظرف شعبى طورته وانتجته النخبة التاريخية
- وانتفاضة 2000م ومعها الحركة الطلابية فى مطلع الألفية الثالثة :
وهى ظرف شعبى نجحت بعض النخبة التاريخية فى تطويره فى مناطق بعينها ارتبطت بالحركة الطلابية (وتحول للحالة الثالثة)، فى حين غابت فى بعضه النخبة (فظل حالة ثانية) ولم يتطور فى باقى قطاعات مصر السياسية والشعبية .
ولأهمية هذا النموذج نتعرض له بشئ من التفصيل :

- الظرف التاريخى فى عموم مصر ( غياب النخبة – فشل الظرف ) :
---------------------------------------------
فى عام 2000 م اندلعت انتفاضة الأقصى، وتوجه الإعلام الرسمى المصرى نحو دعم وتأييد هذه الانتفاضة إعلاميا، ورفض ممارسات الاحتلال الصهيونى ظاهريا، وتزايدت مشاعر التعاطف لدى قطاعات عديدة من الشعب، خاصة عند رؤية مشاهد القتل مباشرة على القنوات الإعلامية الخاصة وقتها، حيث شهدت مصر انتفاضة كبرى خاصة من جانب الحركة الطلابية فى مراحلها المختلفة، وكان السبب الرئيسى لاندلاع هذه الانتفاضة هو اقتحام جنود الاحتلال الصهيونى للمسجد الأقصى، حيث عملت أربعة عوامل مجتمعة على خروج القطاع الطلابى، وهى : أولا:المس بأحد حدوده الدينية المقدسة لدى المسلمين عامة ممثلا ذلك فى المسجد الأقصى، ثانيا: مشاهد القتل والعدوان والترويع للأطفال والنساء والعجائز على حد سواء، ثالثا: التغطية الإعلامية المباشرة سواء من الإعلام الرسمى أو القنوات الخاصة، رابعا : نموذج المقاومة الشعبية الفلسطينية التى خلقت لدى القطاع الطلابى المصرى نموذجا ومعيارا جديدا "للتكيف" والسلوك قادم من المحيط العربى .. هنا توافرت "اللحظة المختارة" لدى الفئة غير المندمجة كثيرا فى المجتمع المتكيف والتى لم تتعرض بعد لآليات التنميط واكتساب سمة التكيف والتعايش، كما خلقت الحالة الفلسطينية وضعا جديدا أعطى نموذجا كسر حالة التنميط خاصة لدى النشأ الذى لم يخضع لبعد لحالة التنميط والتكيف الكاملة.
ورغم أن "عموم الشعب" المتكيف كان متعاطفا بالفعل، لكن لأن حدوده الثلاثةلم تمس مباشرة اكتفى بالمشاهدة، وإن حاول بعض أفراده من دعاة التحرر "النخبة التاريخية" المشاركة كأفراد . والمهم هنا التركيز على نقطة أساسية، وهى أن "النخبة التاريخية" لم تكن جاهزة عام 2000م فى التعامل مع الحركة الطلابية الشعبية الناشئة، لسبب رئيسى فى تحليلنا وهو اختلاف آليات وفكر جيل الحركة الطلابية فى مطلع الفية الثالثة، عن آليات العمل التنظيمى التقليدى التى حاولت النخبة التاريخية مقاربة الحركة الطلابية الناشئة بها .
فهذا الجيل كان لديه مفاهيم سياسية مختلفة لم يلتفت أحد لها فى حينه، عن مواقع "الإنترنت" والتواصل عبر "البريد الإلكترونى" والمجموعات البريدية، ولحسن الحظ استطاع هذا الجيل فرز كوادره فطريا وانتخابها عن طريق الحركة والعمل المستمر، ليخرج لنا الجيل الجديد من قلب الحركة الشعبية جيل يعتمد على الفرز الطبيعى، وليس الفرز السياسى التنظيمى النمطى، ونجحت بعض رموز هذا الجيل وتجمعاته فى عملها، وكونت رؤية خاصة بها، فى حين فشلت فى أماكن أخرى ربما لأسباب ذاتية أو لأسباب تتعلق بالدور الأمنى ، أو بدور النخبة التاريخية التى لم تستطع التعامل معها، حيث لم تستطع النخبة الذاتية الخارجة من الحركة الطلابية هنا، أو النخبة التاريخية، تطوير حالة "الظرف التاريخى العام" لتصل لحالة تغيير منظومة القيم العامة بفهم "القيمة المقاومة" .

– تطوير النخبة الذاتية لنفس الظرف التاريخى : "اللجنة الطلابية لدعم الحق العربى" ( كحالة ثالثة ):
------------------------------------------------------------
نشأت فى جامعة المنصورة داخل كلية الآداب، حركة طلابية اختارت لها اسم: "اللجنة الطلابية لدعم الحق العربى"، واستمرت طوال الأعوام (2000: 2004م)، وكان معيار تطوير نخبتها الذاتية للظرف التاريخى وسط المجتمع التى عملت به للوصول لحالة "القيم المقاومة" هو الاستمرار فى العمل داخل نطاقها حتى تفرض القيم الثورية الجديدة ؛ فهى تختلف عن حالة ثورة 1919 م فى أن ذروة الحالة كانت فى استمرار اللجنة الطلابية فى العمل ، عكس حالة ثورة 1919 م التى كانت ذروتها فى قيام الثورة .
أى: أنها تبدأ وتكون حالة اللجنة الطلابية حالة ثالثة، عندما استمرت وليس عندما حدثت، وبمظاهر الحالة الثالثة وأفعالها التى نجحت فى تثبيت حالة "القيم المقاومة" داخل مجتمعها، ومشاركة أفراد هذا المجتمع فى الدفاع عن فكرة القيم المقاومة وذلك عن طريق عدة سلوكيات مقاومة ونوعية جدا فى وقتها، منها الإضرابات، والمظاهرات، وغيرها .
فقد نشأت تلك الحركة الطلابية عام 2000 م وظهرت كوادرها بداية فى كلية الآداب دعما لانتفاضة الأقصى، عندما بدأت الحالة العامة التى صنعها المسيطر على البلاد ( السلطة ) فى الخفوت، وأراد القائمون على الأمور فى مصر إعادة الناس إلى سابق عهدهم ، ظهر بداخل كوادر هذه المجموعة تيار الرفض لذلك الاتجاه، وأخذوا على عاتقهم البحث عن وسائل العمل وأدواته، التى تقدم للمجتمع العاملين به، كى يستمروا، ولا يتراجعوا بعد هدوء الوضع العام، والحالة التى أرادها الجهاز الرسمى (السلطة فى مصر ) وتلك كانت لحظة الثورة الحقيقية، أو التغيير الحقيقى الذى أنتج هذا النموذج والمشروع، حين وضح الطريق أمامهم بهدف التغيير قى العقيدة الحاكمة "القيم المقاومة" لمجموعة البشر الموجودين فى المجتمع العاملين به، ونترك أليات الوصول لفكرة "الحالة التحررية" إلى حينه .
ونفرد الحديث لعرض بعض أدوات عمل "اللجنة الطلابية لدعم الحق العربى" والتى أدت لنجاحها فى الوصول للحالة الثورية داخل نطاقها ، حيث بدأت اللجنة ببدج صغير يوضع على الصدر يمثل العلم الفلسطينى، كتب بداخله "أبدا لن ننسى القدس" واستطاعت أن تصل وتقوم بما أعانها الله عليه فيما يلى :
- فى مجال مساعدة الجرحى : عدد ثمانية زيارات شبه دورية لجرحى الانتفاضة فى معهد ناصر بالقاهرة، حملت المساعدات المالية، وحملت الهدايا العينية مثل "الراديوهات" والملابس وخلافه . حملة من أجل استقبال وإقناع رئيس جامعة المنصورة بفتح مستشفيات الجامعة لاستقبال جرحى الانتفاضة، ونجحت فى استقبال الجريح الأول فى صيف عام 2003 م . استقبال واستضافة "الجرحى الفلسطينين" فى مدينة المنصورة فى أماكن إقامة تطوع بتقديمها أعضاء اللجنة . نشر تليفون الطفلة الجريحة "مجدولين يونس" التى قابلناها عند "معبر رفح" الحدودى أثناء إدخالنا أحد قوافل الإغاثة كرمز لأطفال فلسطين . إرسال حملة ألف خطاب فلسطينى لأمهات الشهداء فى فلسطين عن طريق زميل فلسطينى .
- فى مجال قوافل الإغاثة والمساعدات : الدعوة فى أول عام للانتفاضة لوضع صندوق تبرعات داخل الكلية لتجميع مساهمات الطلبة، وأرسلت المبالغ النقدية بواسطة إدارة الجامعة . الدعوة لحملة إرسال "ألف بطانية" لأرض فلسطين وشارك فيها كل أهل الدقهلية . الدعوة لحملة إرسال "ألف عبوة لبن" لأطفال فلسطين ضد الحصار الصهيونى . المساهمة فى أحد الحملات الشعبية لإرسال مساعدات الدقيق والأغذية ، نشر الحسابات الفلسطينية المتعددة داخل الجامعة عندما كانت الحدود مغلقة أمام المساعدات العينية .
- فى مجال الدعوة للمقاطعة : خروج وفد فى العام الثانى تقريبا للانتفاضة حاور الباعة والمحلات فى جوار الكلية والجامعة، ثم توجه لمخزن أحد شركات المياة الغازية البديلة لمطالبتها بتلبية وتغطية احتياجات الجامعة والمنطقة، الدعوة لمقاطعة أحد مطاعم المؤكولات الغربية السريعة، والذى أغلق لفترة طويلة فى مدينة "المنصورة" مع باقى سلسلة المحلات الشهيرة ، وافتتح بديلا عنه العديد المحلات المصرية . التصدى لأحد المحلات الذى كان يبيع "أحزمة إسرائيلية" كتب عليها بالعبرى وتم نشر الدعوة لمقاطعته عبر الانترنت . القيام بعمل كتيب يتحدث عن المقاطعة وأهميتها، وقدم الإجابات على معظم الأسئلة فى حينه . القيام بما يقرب" 6 حملات مقاطعة" مختلفة ومتجددة تجاوب عن التساؤلات التى كانت تدور حول المقاطعة، وتدعو لها باستمرار .
- فى المجال الإعلامى والرمزى والتثقيفى : توزيع ما يقرب من 400 "شال" فلسطينى بسعر التكلفة فى الجامعة كرمز للمقاومة ودعم الصمود العربى . عمل كتيب بعنوان "يعنى إيه إسرائيل" يجاوب عن معظم التساؤلات حول المشروع الصهيونى ودولته . عمل "مجلة" فى العام الثانى للانتفاضة بعنوان "الخطوة الأولى" عبرت عن وجهة النظر الداعمة للمقاومة العربية . عمل "ملصق" يمثل "العلم العراقى". عمل "استطلاع للرأى" والاستفادة بنتائجه فى التحرك وكرر مرة أخرى فى السنة الثالثة للانتفاضة . إعداد "مجموعة متكاملة من الأبحاث" التى تدور عن محاور المقاطعة.
- فى مجال الحملات على الإنترنت والبريد العادى : حملة العمل الالكترونى الأولى وأرسلت على "بريد مركز دراسات الأهرام" تعبر عن موقف الرفض لاحتلال "العراق" .حملة رفض "الأمم المتحدة" والخروج منها بنظامها الحالى، والمطالبة بتعديله أرسلت على "البريد العادى لجامعة الدول العربية" . المشاركة فى حملة التوقيع ضد الجدار العازل والدعوة لذلك . حملة على "البريد العادى إلى السفارة الأمريكية" فى القاهرة ضد احتلال أمريكا "للعراق" . عمل حملة للتطوع دفاعا عن الشعب العراقى ، أرسلت على العنوان "البريدى للسفارة العراقية" فى القاهرة . حملة من أجل "حرية الطلبة" والحقوق الطبيعية لكل إنسان مصرى فى الحياة ، عندما حدثت بعض التجاوزات ، أرسلت على بريد " السيد رئيس الجامعة وفاكسه و محموله .
- فى مجال المطالبة بالحريات والتعبير عن الرأى : تنظيم "إضراب سلمى" عن الدراسة مع اشتداد الضرب والعدوان على "أهل العراق" ، تنظيم "الإضراب السلمى الثانى" عن الدراسة فى الذكرى الأولى ليوم احتلال "بغداد" وسقوطها فى يد الاحتلال الأمريكى ، وضد اغتيال "الشيخ ياسين" وتدنيس "المسجد الأقصى" .عمل "تظاهرة سلمية" فى أثناء وجود مؤتمر للمنظمات العربية فى كلية الآداب بالجامعة . الدعوة "لعدة مظاهرات" سلمية طافت مدينة المنصورة شوارعها، و التحمت بجموع الشعب مع تكرارها . مجموعة من التظاهرات السلمية داخل كلية الآداب بالجامعة، تخللها صلاة الغائب على شهداء الانتفاضة وحرق العلمين"الأمريكى و الإسرائيلى" . عمل "معرض صور" عن جرحى الانتفاضة والعراق، تبعه "تكسير" زجاجات أحد المشروبات الغازية التى ترمز للمشروع الأمريكى. حملة "لتخفيض المصاريف" عن الطلبة الفلسطينيين .حملة للتصدى لجمعية "شباب المستقبل" ومجموعة "جمال مبارك" عندما حاولت استغلال أحد الجمعيات التى تعمل تحت ستار خيرى لاختراق الجامعة ومدينة المنصورة .

د- الحالة الرابعة : تمهيد الأرض - طليعة دعوية تنتظر وتسعى للظرف التاريخي
---------------------------------------------------
وهى أن تبدأ العمل مجموعة المؤمنين بالثورة فى ظل عدم وجودـ، أو عدم توفر ظرف عام (لدى عموم المصريين ) وفى مجتمع مصرى (عينة مجتمعية) فى حالة سكونه، لتبدأ من الصفر أو اللاشئ فى مواجهة عقيدة التكيف، والمصلحة والفردية، وعدم الاكتراث بحالة المجتمع كمجموع، وتتحرك لخلق حالة عامة (داخل مجتمعها)، وإيصاله لدرجة الاستجابة والتفاعل مع إيمانها ومبادئها ..( هذا هو الهدف ) ضد الظلم والفساد والقهر، وتقدم النموذج بعملها ( وأدواتها كما قلنا وكما سندرسها وندرس شروطها )، لتنجح فى أن تجعل قيمها ومبادءها، معايير وقيم هذه العينة المجتمعية التى تعمل بداخلها، وتصير هذه العينة المجتمعية الصغيرة نموذجا ومثالا داخل المجتمع الكبير ( مصر ) ويمكن أن تنتشر -فيما بعد إلى ما حولها- لتزداد وتتسع دائرة الحالة التحررية، حسب قدرات وإمكانيات وحركة وظروف وأهداف ( مجموعة المؤمنين ) .

إذن: فلقد حددنا- الآن- نوع الحالة، أو العلاقة الثورية المفروض إنشاءها، أو العمل والسعى لتحقيقها فى "مصر" من قبل مجموعة المؤمنين بالثورة، ليتضح الهدف الآن، ويصير هو الطريق الذى لابد أن يسير فيه مجموعة المؤمنين بالثورة، ويسعوا لبنائه، ومعرفة كيفية الوصول إليه وخطوات ذلك: وشروطه، وترتيبه، وأدواته .. منتظرين الظرف التاريخى المناسب، وساعين لبناء حالة "القيم المقاومة" قدر استطاعتهم منطلقين من مركز وجودهم .



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الثورة وتمرد 30/6/2013
- مراحل الثورة وسيناريوهات ما بعد الإخوان
- الثورة المصرية والنخب التاريخية
- معادلة الاغتراب في شعر المنجى سرحان
- ثالوث الصراع الثوري: المستبد- الثوار والمتكيفون
- جدلية الانسحاق والصمود فى أدب التسعينيات
- الثورة وصراع الأنماط البشرية: التصعيد والإزاحة
- انتصار الثورة القيمية ومجموعات المصالح
- حكايات غريب الثورة: عصام
- الدافع السياسي لأحداث بورسعيد الأولى والثانية
- الطريق إلى الاتحادية: دماء الثوار ومليشيا الوهم
- من ديوان: الطازجون مهما حدث
- طرق مطاردة الذات فى قصيدة النثر المصرية
- 25يناير2013 : سجال الأطراف الأربعة
- -الحوار المتمدن- و-أنا علماني-
- ذكروهم: التجمع الصهيونى فى فلسطين ومنظومة قيم - الطفرة - (mu ...
- فى استراتيجية الثورة: الفرصة والفرصة المضادة
- الثورة وإرث العلمانية والدين
- الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي
- المسارين الثوري والسياسي: بين التكيف والتمرد


المزيد.....




- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حاتم الجوهرى - دوافع وأشكال الثورة عند المصريين