أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )















المزيد.....

العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عندما أعلن الشقيري إنشاء " جيش فلسطين "عام 1964أيقن الدبلوماسيون الأمريكيون أن ذلك لم يكن يعني أكثر من أن عبد الناصر سيصدر شارات جديدة للواء فلسطيني موجود في سيناء ليلوح بفكرة الجهاد العربي لاستعادة الأرض المغتصبة ، وسرعان ما شعرت الإدارة الأمريكية بالانزعاج لأن الرئيس المصري أعلن في خطاب له أن الجيش الفلسطيني سوف يتلقى أعلى التدريبات والأسلحة كي يحرر أرضه ، وظلت الأمور تبدو للأمريكيين على أنها مجرد شعارات وخطب للاستهلاك المحلى حتى قام ناصر باصطحاب عرفات معه إلى موسكو وتقديمه للقادة السوفييت بوصفه قائد الجيش الفلسطيني الذي يتعين دعمه من أجل تحرير بلده ، وتزايد الشعور لدى الأمريكيين بخطورة ما يحدث .
يقول دوجلاس : وبينما كانت نذر الحرب تلوح في الأفق ، كانت واشنطن تنحو باللائمة على العرب بسبب تعنتهم الذي جعل التسوية مستحيلة ، وبعد زيارة قام بها هارولاند سوندرز خبير الشرق الأوسط بالبيت الأبيض للمنطقة قال : لا توجد أي بادرة تدل على أن الفلسطينيين روضوا أنفسهم على فقدان بيوتهم التي تركوها في إسرائيل ، وبعد أن عاشوا قرابة العقدين في بيوت الصفيح والخيام القذرة أصبح كرههم للصهيونية بلا حدود، وكرر سوندرز ما سبق أن صرح به : حاول ألا تقع في خطأ الاعتقاد أن الزمن كفيل بحل مشكلة اللاجئين، وذكر رؤساءه في 16مايو 1967 بأن جماعة فتح الإرهابية ترسل مخربيها إلى إسرائيل وتختارهم من بين الأكثر مرارة وحقدا من هؤلاء اللاجئين ""
ويقول دوجلاس ليتل في كتابه وهو أحد هؤلاء المستشرقين الذين لم يستطيعوا برغم الدرس العلمي أن يتخلصوا تماما من الرؤية الأمريكية الاستعمارية : كان من الخطأ أن تعتقد فتح ومن معها أن هناك أمل في استعادة وطنهم المفقود عن طريق القتال .
أسرع الأمريكان يصممون الخطط لاقتناص الديك الرومي كما كانوا يسمون الرئيس المصري وقد أمكن ذلك في عام 1967 ، إذ لم ينهزم عبد الناصر فقط في الحرب ولكنه رحل أيضا عام 1970 ، وتنفس الأمريكيون الصعداء وتجدد الأمل في معاودة العمل من أجل الاستيلاء على هذه المنطقة المستعصية ، ليأتي من بعده من ينتهج نهجا مضادا تماما لاتجاه سلفه ، ويعلن بوضوح استعداده لتوطيد العلاقات مع أمريكا وأن يطور في سياساته لتتسق مع الرأسمالية الغربية وينهي كل ما له علاقة بالرومانسية الثورية والقومية العربية .
لم تمر سنوات قليلة على التخلص من الثوري المصري وعودة مصر إلى الحظيرة الأمريكية حتى استولى زعيم الثورة الإسلامية الإمام الخوميني على سدة الحكم في إيران عام 1979 وطرد الشاه ، وبدا الأفق ملتهبا وملتبسا على نحو من الأنحاء ، لكن القادة الأمريكيين انشغلوا بتأمل التجربة وعندما أوشكوا على استكمال التصور الفعلي لما تم ظهر الاتحاد السوفييتي في أفغانستان مفتشا عن البترول بقواته العسكرية .
قال جيمي كارتر بعبارة حاسمة لم تتردد على لسانه كثيرا :
" المنطقة التي تهددها القوات السوفييتية الآن في أفغانستان ذات أهمية إستراتيجية ، فهي تحتوي على أكثر من ثلثي النفط المصدر للعالم . فليكن موقفنا واضحا تماما إذ إن أي محاولة من أي قوة أجنبية للسيطرة على الخليج الفارسي سوف تعتبر اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية ، وسوف يتم التصدي لهذا الاعتداء بكل الوسائل الممكنة بما في ذلك القوة العسكرية "
لم تحارب أمريكا مباشرة لإخراج السوفييت من أفغانستان ، لأنها في العادة تدفع بغيرها ليقوم بمبادرات مفتوحة ومتعددة المجالات ، لتعطي نفسها فرصة تأمل الخريطة وحالة الأطراف ذات الصلة وفي الوقت ذاته تتواصل جهود رجالها لبحث الخيارات المتعددة لوقف الاعتداءات بأقل خسائر ممكنة ، وقد أوعزت بذلك لكثير من المجاهدين العرب الذين عرف عنهم مقتهم المتعاظم للشيوعية ، وتكفي لإطلاق شرارة اللهب في مساحات حماسهم الشاسعة أن تتم الإشارة عبر وسائل الإعلام أو قنوات دبلوماسية متأخرة أو غير معنية تماما إلى نية الشيوعيين في الاستيلاء على بلد إسلامي ، وهذا ما حدث طوال الثمانينيات حيث تنادى المجاهدون العرب والمسلمون من الأقطار العربية المختلفة ، واندفعوا إلى أفغانستان وقاتلوا بشراسة نادرة جحافل الجيش السوفييتي حتى اندحر .وكان طبيعيا أن تتسع الابتسامة على وجه تمثال الحرية وتمتد من نيويورك حتى واشنطون .
لكن الابتسامة سرعان ما تبدلت بحالة من التوجس ، واستيقظ العرب والعالم صباح الثاني من أغسطس عام 1990على حدث صادم مزق الأمة العربية بلا رحمة ، إذ اقتحم صدام الكويت في سلوك همجي أحمق لا مبرر له وغير مسبوق وتمادي فهدد بالاستيلاء على ما جاورها ، وليس أهم من أفغانستان إلا الخليج ، لذلك أسرعت القوات الأمريكية مدعومة بقوات بعض الدول لإخراج المعتدي وتكسير عظامه إذا أمكن حتى لا يكرر التجربة التعسة .
على أن الإدارة الأمريكية في فترة حكم الرئيس كلينتون كانت تتابع ما يجري في العراق وترصد بدقة الوضعين السياسي والعسكري ، كما كانت تنصت جيدا للأحوال في السودان ، وأقدمت القوات الأمريكية على توجيه ضربة عسكرية محدودة للجماهيرية الليبية بحجة أنها وراء ارتكاب عدد من حوادث اختطاف الطائرات ، وسعت لاستصدار قرار من الأمم المتحدة بتوقيع عقوبات على ليبيا وفرض حصار على حركة الطيران منها وإليها ، وهكذا ظلت العلاقات الملتبسة تتواصل هنا وهناك وتزداد خيوط كرة الصوف تشابكا وتعقيدا دون أن تلمس الجماهير العربية بادرة أمل في حل مشكلة الشرق الأوسط الأولي وهي احتلال إسرائيل لفلسطين ، واستمرار التربص الأمريكي بدول عديدة في المنطقة بصورة دعت لأن يتشكك الكثير من المتابعين في النوايا الأمريكية التي لم تختلف مطلقا رغم تغير الرؤساء.
وبعد سنوات قليلة ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي الشهير بمدينة نيويورك ، وأسرع الإعلام الأمريكي يتهم العرب ، وتعالت الأصوات التي لا تري في الإسلام غير أنه عقيدة إرهابية ، والعرب ليسوا إلا سفاحين وقتلة .. ومن ثم عادت إلى فضاء الشرق الأوسط كرة البنج بونج الملتهبة التي كان حتما أن تتقاذفها كل الأطراف في المنطقة ، وتصور الأمريكيون في عهد بوش الابن أن الأمور لن تكون تحت السيطرة إلا بعمل عنيف سرعان ما تجلى في احتلال أفغانستان والعراق .
هذا بالفعل كتاب مهم ، ولا تكمن أهميته في عرضه تفاصيل العلاقات الأمريكية الشرق أوسطية ، أو الأمريكية الإسلامية على وجه التحديد ، ولكن لأنه يكشف الكثير مما جرى في الكواليس السياسية من مخاوف أحيانا وشكوك ، وما كان يحتدم في رؤوس الأمريكيين بشكل شبه دائم من أفكار ونوايا وصراعات وترتيبات إزاء هذه المنطقة المرغوبة والملغومة في آن ، وربما لا تزال كذلك برغم حراك جزرها نحو البحار الأمريكية ، ولابد من الاعتراف الذي لا يقره مؤلف الكتاب بأن العلاقات الأمريكية الإسلامية كانت وستظل هي التي يمكن أن تكون راسخة وقوية لأسباب كثيرة أعمق مما يتصور البعض لولا الدعم الأمريكي لإسرائيل،وعدم استعدادها للاستغناء عنها لأنها ترى أن مصالحها مع العرب ليست كافية لإقامة علاقة مأمونة ولابد من إبقاء هذه القنبلة على باب المنطقة .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)
- خذوا مرسي وهاتوا أردوغان
- زيارة لسجن طرة
- هل قامت في مصر ثورة؟
- صندوق الحرية الأسود
- هُوية مصر ليست إسلامية فقط
- تعود سيناء أو يذهب مرسي
- مرسي المالك الوحيد لقناة السويس
- محاكمة النظام أو المواجهة
- التحرك الحاسم ولو بالقوة العسكرية
- جرح مفتوح
- ابحثوا معنا عن .. الرئيس
- لماذا قبلت ؟
- من جرائم الجماعة في حق الشعب
- أخيرا .. يا حبيبتي
- بغيرالعقل والشجاعة .. لن تصبح رئيسا
- ماذا ينتظرون ؟! !
- الحرب الأهلية تدق الأبواب
- الهُوية المصرية بين الإخوان والإنجليز
- من يحكم مصر الآن ؟


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )