|
عين على البصرة
خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4140 - 2013 / 7 / 1 - 02:12
المحور:
الادب والفن
المربد ... سوق الشعر البصر ( ب ضمّ الباء و سكون الصّاد ) و البصر ( ب فتح الباء و سكون الصّاد ) ، الكذّان ، وهي الحجارة التي ليست بصلبة . قال ابن الأ نباري : ( البصرية ، في كلام العرب ، الأرض الغليظة ) . و قال الأزهري : ( البصر ، ب ضمّ الباء و سكون الصّاد، الحجارة الى البياض ، بالكسر، فأذا جاؤوك ب حرف الهاء قالوا : بصرة ، ثم يقال لمن انتسب اليها بصريّ ) . قال قطرب : ( البصرة الأرض الغليظة فيها حجارة تقلع و تقطع حوافر الدّواب ) و قال ابن الأعرابي : ( البصرة حجارة صلاب انما سميت بصرة لغلظها و شدّتها ، كما نقول : ذو بصر و سقاء ذو بصر ، اذا كان شديدا جدا . أمّا شرحبيل بن حسنه فقال : سميت البصرة لأن فيها حجارة سوداء صلبه .. البصرتان هما الكوفة و البصرة ، مدينتان تاريخيتان شقيقتان عملاقتان في الفكر العربي الأسلامي وفي التاريخ كذلك لخصوصية الأثنتين و تفردهما حيث كانتا بوّابة الدنيا . انفردت كل واحدة منها بجدارة بمدرسة خاصة في اللغة والأدب و البلاغة ، واشتهرت البصرة بمدرستها النحوية التي لا تميل الى التشدد ، والكوفة بمدرستها التي عرفت بالتشدد . و كانت للأثنتين مع التاريخ مواقف عظيمة . أخبارهما ملأت الدنيا ، و المنسوبون لهما من أهل العلم لا يحصون . بنيت البصرة على أيام الخليفة عمر بن الخطاب سنة 14 هجريه قبل الكوفة ب ستة أشهر . و يقال أن الصحابي أبو بكر الصديق هو أول من غرس النخل فيها و قال ( البصرة هذه أرض نخل ) ثمّ غرس الناس بعده . و الى عتبة بن غزوان يرجع بناء البصرة . أحبّ المصريون البصرة و جمعوا بينها و بين مصر ، و أطلقوا عليها ( المصران ) لأنهما جناحا الدنيا التي شبّهوها بالطائر جناحاه البصرة و مصر . المربد . !!! بكسر الميم و سكون الرّاء و فتح الباء . وهو اسم لموضع في ظهر البصرة القديمة من جهتها الغربية على أطراف البادية يقع الآن قبالة مقبرة الحسن البصري . في أصل التسمية قال الزّمخشري : ( ربدت الأبل : أي ربطتها . والمربد ، هو الموضع الذي تربد فيه الأبل . و بني على وزن ( مفعل ) فقيل مربد البصرة ، و مربد المدينة ، حيث تربد الأبل للبيع ، وهو مجتمع العرب و متحدّثهم ، و يقال : التّمر في المربد : أي يجمع على شكل بيدر ليشمّس و يجفف . كان في أول أمره ، على عهد الخلفاء الراشدين مناخا و محطّا للقوافل التي ترد البصرة أو تصدر عنها ، و سوقا تجارية تباع فيها التمور و الأبل و السلاح و غيرها . في العهد الأموي ارتفع شأنه فصار مدرسة البصريين المشهورة في اللغة . قال المؤرخون : ( ثم أخذت وفود الأقوام العربية تؤم المربد من فصحاء و شعراء و ادباء و أصبح سوقا لكل قبيلة تعرض فيه شعرها و مفاخرها و آدابها و اصبح سوقا لكل قبيلة تعرض فيه شعرها و مفاخرها و آدابها و تاريخها ، و قد تشابه كثيرا مع سوق عكاظ الجاهلي في أمر الشعر و انشاده، بل زاد عليه ، فلكل شاعر حلقة و مجلس ، و لكل قبيلة خطيب و شاعر يذود عنها و يردّ العدوان ، ف كثر محصول الأدب كثرة ملأت الكتب . لهذا اشتدّ ولع الناس بالمربد و أمّه البصريون صباحا و مساء و معهم محابرهم و أوراقهم يخرج كل منهم الى فريقه و حلقته و شاعره يكتب ما يتعلّمه و يفيد به الآخرين . بلغ المربد ، في العصر العباسي الأول ، أوجه في العمران و الأبهة لكثرة متنزهاته و قصوره . أجمل قصر فيه كان ل محمد بن جعفر بن سليمان العباسي ، الذي قال فيه جملته المشهورة : ( العراق عين الدنيا ، و البصرة عين العراق ، و المربد عين البصرة ، و داري عين المربد ) . فكان المربد منتزها يقصده البصريون للترويح عن النفس و البدن ، كما كانوا يقصدونه للعلم و التجارة ، فجمع بين القوّة و الصراع و المبارزة الى جانب عبقرية الشعر و الأدب و الخطابة . أما المربد الآن فهو مكان لصلاة العيد عند أهل الزبير ، وقد أسست على أرضه مدارس و دوائر للبريد و الجمارك و موقف للسيارات المسافرة للكويت . لقد فقد المربد ألقه و بريقه الذي اكتسبه و اشتهر به خلال القرون الغابرة ولم يحظ سوى بالأهمال كبقية المعالم الأثرية و الحضارية التي اهتم بها الغرب و مررنا دونها كأي حجارة .. كان لزاما على الدولة ان تعيد اليه امجاده و تاريخه كأن تقيم على أرضه جامعة بأقسامها الدراسية المتعددة و بيوت اقامة للطلبة الدارسين ، ان توصل اليه المياه بما يكفي لاستصلاح اراضيه و زراعتها و تشجيع طلبة كلية الزراعة بعد منحهم القروض و مساعدتهم لأعادة وجه الأرض الذي كان اخضر يزهو ... تلك أمنية عسى ان تجد دربها للنور يوما .
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيناك سحر في أجفاني
-
المالكي و هشام بن عبد الملك !!! واقع و رؤيتان ! الظلامة واحد
...
-
المجاز المرسل و علاقاته
-
بعض ...... بضع
-
ما أشبه الليلة بالبارحة !!! العراق في ظلّ حزب الدعوة ، الى أ
...
-
مقهى وحكاية مدينة !!!
-
بعد رحيل القذافي !!! ما الذي تغير ؟؟؟ مدرسة الوحدة العربية ف
...
-
تداعيات ليلة أعياد الميلاد
-
هدى بن عامر ونجاة ابراهيم الهوني , لغة التهديد الى أين ؟
-
.هدى بن عامر ، ونجاة ابراهيم الهوني !!!. الحقّ من خاصرة البا
...
-
هدى بن عامر !!! ماضٍ يتبرأ الحاضر منه ، ويبصق المستقبل عليه
...
-
الانفجار السكاني -2 -
-
هدى بن عامر مرّة اخرى في مدرسة الوحدة العربية في بودابست !!!
-
الأنفجار السكاني و نقص الغذاء (1) !!!
-
عالم غابريل غارسيا ماركيز ومناخاته
-
الثابت و المتغيّر
-
مظفر النواب ، نجم على عاتق الليل يضيئ !!!!!
-
انك لا تجني من الشوك العنب !!!
-
دور الضيافة الحكومية, وفنادق الدرجة الأولى
-
من اين نبدأ !!! واي اصلاح يريد شعبنا ؟
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|