أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الغزواني - هل الزواج تنغيص للإنسان في هذا الوجود ؟














المزيد.....

هل الزواج تنغيص للإنسان في هذا الوجود ؟


إدريس الغزواني

الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 17:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا مراء في أن مسألة الزواج و بناء أسرة معينة، لم تكن مجرد صيرورة ضاربة في الهواء، بل حافرة عميقًا في أخاديد التراث الإنساني و مرتبطة بالأساس بالعلاقة التي تربط الرجل بالمرأة، بحثا عن فهم و تفهم ممكن لمغزى هذه العلاقة الخارقة التي تتولد أو تتجدد، وتجد امتداداتها في الماضي السحيق.
إن مصطلح العلاقة الذي يحدد في كثير من الأمور جانب من جوانب حياتنا الشخصية اليومية، له دلالات كبرى سواء على المستوى الفرداني، بمعنى في علاقتنا مع الذات، و سواء على المستوى العلائقي، أي في علاقتنا مع الأخر رجلا كان أم امرأة. و علاقة الرجل مع هذه الأخيرة (المرأة) هي ما يهمنا في هذا المتن، على اعتبار كونها تتميز بمبدأ الحميمية و مبدأ الالتزام، أي تتميز بالمشاركة و التواصل الشعوري النشط بين الأطراف المعنية. و منه، فحسب ما يظهر لي هناك ثلاث مراحل أساسية تستوي في تحديد العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة: 1 مرحلة ما قبل العلاقة، بمعنى تلك المرحلة التي يتواجد فيها الإنسان بصفة عامة في "الإجتماعي" ما قبل التحديد بشكل عام. 2 مرحلة العلاقة، أي عندما يدخل الرجل في العلاقة مع المرأة دون ممارسة جنسية، بحيث يصبح في إطار الثنائي الذي يندرج ضمن الكل. 3 مرحلة ما بعد العلاقة، بمعنى بعد العملية الجنسية و خصوصا في إطار الزواج، لأن هذا الأخير ليس إلا ممارسة الجنس بطريقة مشروعة على حد تعبير إميل دوركايم، أي أن الزواج ليس إلا شرعنة للعلاقات الجنسية لا أقل و لا أكثر، و في هذا الهنا يصبح الإنسان خائنا لفردانية ذاته و ذلك بالإرتماء في أحضان الأخر. إن الزواج باعتباره فكرة عقلية يبقى مسألة ذاتية طالما يظل في رأس صاحبه، لكنها ما إن تخرج هذه الفكرة و تتحقق في العالم الخارجي حتى تنفصل عنه و تتموضع، و هذا التموضع يعني أن الفكرة قد تحققت و أصبحت موضوعا خارجيا ينفصل عن صاحبها بل ربما يعود فيقيد حركيته و يحد من تصرفاته، أي أن الفكرة تتحول من الداخل إلى الخارج، من العالم الداخلي الذاتي عند الفرد إلى العالم الخارجي الموضوعي. و عليه، فإن هذه السيرورة التي تمر منها الأفكار هي في النهاية ما يسميه هيغل بالإنتقال من العقل الذاتي إلى الروح الموضوعي التي تدرسه الفلسفة السياسية عند هيغل.
فإذا كان هذا الأخير (هيغل) يعرف الزواج على أنه الحب الأخلاقي المطابق للقانون، وإنه الحب الذي " تختفي فيه كل العناصر العابرة وكل الأهواء وكل ما هو ذاتي خالص"، فإن شوبنهاور يرى بأنه واهم كل الوهم الذي يزعم أن هذا الزواج يقوم أو يمكن أن يقوم على الحب الخالص الذي يؤدي إلى السعادة الشخصية لكلا الطرفين الرجل والمرأة، و بالتالي فهو يرى أن الغريزة الجنسية تدفع الإنسان إلى الإنجاب الذي ينطوي على أسباب البؤس والشقاء، كما أن الزواج لا يقوم إلا من أجل تحقيق غاية واحدة وهي حفظ النوع. و في الوقت الذي اقتنع فيه فريق بأهمية الزواج ودوره في الحياة وصيرورتها الإجتماعية التي تصير نظاما اجتماعيا موضوعيا يدخل فيه الإنسان وبكامل إرادته ولكن لا يستطيع الخروج منه إلا بشروط، و كذا دوره في خلق نوع من التوازن الإجتماعي داخل المجتمع، يرى فريق آخر أن الزواج ليس إلا تنغيص للإنسان في هذا الوجود ومصيدة للمرء لكي تجدد الطبيعة دورتها من خلال التناسل، و إعادة بلورة أشخاص آخرين ليست لديهم أية مسؤولية على مصائرهم، و ربما يرتهنون من قبل آبائهم و بالتالي يصبحون ضحايا خطأ تاريخي ارتكبه رجل و امرأة باسم الحب، هذه الكلمة التي لا وجود لها إلا عند أصحاب الشخصيات الضعيفة التي يستعملونها كميكانيزم دفاعي، أي أن الحب كما قال جاك لاكان "شيء لا نملكه، و نود أن نعطيه لشخص لا يرغب فيه"، و بهذا المعنى فإن عنصري ما يسمى ب"الحب" و كذا الغريزة الجنسية في رأي شوبنهاور يدفعان الإنسان إلى الإنجاب الذي ينطوي على أسباب البؤس والشقاء.
و عليه، فإذا أصبحنا في الآن و هنا شوبنهاوريين ( نسبة إلى الفيلسوف شوبنهاور)، سنجد أنفسنا أيضا نيتشويين ( نسبة إلى الفيلسوف نيتشه)، لأن هذا الأخير ناصر ما قاله أستاذه شوبنهاور في هذا المتن عندما يعتبر أن العلم و الأمانة والإبداع ليسوا من نعم الإحباط و الألم و التفكير الدائمين و حسب، بل أيضا من نعم العزوبية، بحيث أن جميع الأزواج مشبوهين من ناحية التفكير الفلسفي و التثقيفي، ومن الحمق والبله أن يشغل إنسان مفكر و عالم نفسه بأعباء الاهتمام بالحب والأسرة وكسب العيش وتوفير الأمن والراحة للزوجة والأولاد.
و بالرغم من كون الزواج هو عقد مدني و حب أخلاقي عند صاحب ميتافيزيقا الحق الفيلسوف إمانويل كانط، أي أن الزواج هو علاقات مشاركة بين كائنات حرة، وبالتأثير المتبادل لأحد الأشخاص في الأخر وفقا لمبدأ الحرية الخارجية يكونان شركة بين أعضاء تؤلف كلا من الأشخاص المتعايشين معا و تسمى الأسرة. فإنه أيضا فيه يستسلم كل من الرجل والمرأة لبعضهما البعض، وفي هذا الفعل يفقد الإنسان شيئا من ذاتيته و فردانيته الفردية، وهذا يتناقض مع حق الإنسان في شخصه و كينونته، وبالتالي فإن هذا الأمر لا يكون ممكن إلا بشروط، بحيث أنه بينما أحد الزوجين يمتلك الآخر كأنه شيء، فإن الآخر يمتلك الأول بدوره، و بالتالي تصبح هنا قيمة الشخص لا معنى لها على هذا الإعتبار لأنه يربط مصيره و حياته بإنسان آخر، أي أن الإنسان لم يعد حرا ( إذا ربطنا الحرية بمسألة الإستقلالية )، و لا حتى حداثيا لأن الحداثة في أحد معانيها هي إثبات و الإعتراف بالذات في ماهيتها و كينونتها و حريتها.



#إدريس_الغزواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسيولوجيا القانون
- هل للمدينة ثقافة ؟ (نعم)
- أنتروبولوجية المدينة
- واقع الإعلام المغربي
- ضيف و حوار : الدكتورة عائشة التاج
- سوسيولوجيا المغرب بين الماضي و الحاضر
- سوسيولوجيا الجنسانية العربية
- سوسيولوجيا المثقف العربي لدى عابد الجابري
- محددات العقل السياسي الجابري العربي عند الجابري
- لنغير سلوكنا


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الغزواني - هل الزواج تنغيص للإنسان في هذا الوجود ؟