أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحايل عبد الفتاح - استمرار المرفق العمومي















المزيد.....

استمرار المرفق العمومي


الحايل عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 4139 - 2013 / 6 / 30 - 13:40
المحور: المجتمع المدني
    


استمرار المرفق العام

مذكرات محام ( 10)

تتمة لسلسلة المذكرات التي أواصل نشرها كلما سمحت لنا ظروفنا، سأبدأ أولا بتفصيل بعض جوانب مبدأ استمرار المرفق العام وما يصيبه من خرق سافل منحط من طرف بعض الموظفين العموميين، وبعدها أسرد ثانية حكايتي مع مرفق العدالة بالمغرب وبالذات مع رئيسة كتابة ضبط المحكمة الإبتدائية بتمارة.
واجب احترام مبدأ استمرار المرفق العمومي :
مبدأ استمرار المرفق العام هو واحد من المبادئ والقواعد الشمولية التي تقوم عليها دولة الحق والقانون. ودولة الحق والقانون هي الدولة التي تحترم قواعد الديمقراطية... هذا يعني أن كل خرق لمبدئ استمرار المرفق العامومي هو خرق لقواعد الديمقراطية...
ومبدأ استمرار المرفق العام هو أيضا حق للمواطنين، يضمن لهم قضاء مصالحهم لدى الإدارات العمومية بواسطة استمرار الإدارة في تقديم خدماتها طيلة أوقات العمل الرسمية...وهو من المبادئ أو الحق المعمول به لدى كل الدول الراقية والمتحضرة التي تحترم القانون وتحترم مواطنيها، وتضع نصب عينها تحقيق المصلحة العامة التي هي عبارة عن جزيآت المصالح الشخصية...
لكن هذا المبدأ أو الحق يجد له حدا معينا يبدأ منه حق الإضراب...ومن ثم فحق الإضراب يقلص بطبيعته من حق المواطنين في استمرار المرفق العامومي...
وبناءا على هذا وذاك، يتبين أن الحق في استمرار المرفق العام يتصادم في بعض الأحيان مع الحق في الإضراب المشروع بمفهومه القانوني...ولتفادي تصادم حق المواطن في استمرار المرفق العمومي مع حق الإضراب، فقد ابتدع الحقوقيون ورجال القانون وعلماء الإدارة مبدأ آخر يسميه القضاء الفرنسي "مبدأ الحد الأدنى من الخدمات العمومية" service minimum.
وهذا المبدأ الأخير جاء ليحد من حق الإضراب الذي إن فهم على إطلاقه فهو يتسبب في فوضى اجتماعية وشلل في المرافق العمومية...كما أنه ظهر ليعزز مشروعية ليس فقط حق الإضراب بل أيضا الحق في استمرار المرفق العمومي...
اين هي دولة الحق والقانون بالمغرب في غيبة تطبيق مبدأ استمرار المرفق العام ومبدأ الحد الأدنى من الخدمة العمومية؟
اليوم كالبارحة، ما تزال الإدارات المغربية تخرق مبدأ استمرار المرفق العام. والسبب في ذلك هو عدم فهم الإداريين معنى هذا المبدأ أو أنهم يفهمونه ولا مصلحة لهم في احترامه...
مثلا يوم الجمعة يقفل كل الإداريين وتتوقف الإدارة عن العمل وتشل حركة الإدارة تحت دريعة الذهاب للصلات أو الذهاب للأكل...والمواطن لا يعرف متى سيعود الموظفون ليستمروا في خدمة المرفق العام...بل من الموظفين من يذهب ( خاصة يوم الجمعة) لكي لا يعود إلا في الغد. يخرج لأداء الصلات أو تناول وجبة الغداء وينصرة بدون عودة...المراقبة منعدمة...وحتى المراقب يعطي للإداريين عذرا حين يغلق كلهم مكاتبهم ويذهبون كلهم للصلات أو تناول وجبة الغداء...
هذا وأن بعض الإداريين لم يفهموا بعد أن من بين المغاربة والعرب هناك مسلمون ويهود ومسيحيين وعلمانيين وغنوصيين لا يقبلون عذر الذهاب إلى الصلات بعد إقفال الإدارة...
الذهاب للصلات ليس عذرا كافيا للتغيب في دولة الحق والقانون...الصلات ليست أهم من مصالح المتقاضين والمرضى...فلماذا لا تذهب مجموعة لأداء الصلات أو للأكل وتبقى مجموعة تؤدي خدمات المرفق العمومي ليحترم مبدأ استمرار المرفق العمومي...فحتى في عهد الرسول محمد صلعم، كان الصحابة خلال الحرب يؤدون الصلات أفواجا تلوى الأخرى ليستمر مرفق الدفاع في حماية المواطنين...فضمانا لاستمرار مرفق الدفاع الوطني أو الديني أمر الرسول بالصلات فوجا بعد الآخر...
لماذا يتبع هؤلاء العباد أحسن القول من الدين ؟ لأنهم منافقون وكذابون وغشاشون ومتسلطون وباغون...
فعلا فبعض الموظفين المغاربة فيجدون في ضبابية التوقيت المستمر ومأدونية التوقف عن العمل للصلات أو الأكل دريعة للتنصل من واجبهم الوطني وواجبهم المهني...هذا فضلا عن أن البعض منهم لم يفهم بعد أن المواطن المغربي هو الذي يؤدي أجورهم وهو الأولى بالرعاية والخدمة وحماية حقوقه خلال ساعات العمل...
العمل عبادة، تأدية خدمة عمومية لإنسان، في أشد الحاجة إليها، هو أفيد وأحسن، للموظف المسلم، في ميزان الحسنات من تأدية الصلات وإقفال باب الكتب العمومي...
أما أن أجد مكاتب المحكمة مغلقة بأكملها بدريعة أنهم كلهم ذهبوا للصلات أو تناول الطعام كما هو مأدون لهم فهذا تطاول على حق المواطنين وحق الدولة واختلاس لساعات مؤدى عنها ولا عمل خلالها من طرف الإداريين...هذا مع عدم إغفالنا ذكر وتسجيل أن من الموظفين من يلج مكتبه متأخرا بساعة أو أكثر...أما التغيبات بدون إذن ولا عذر فحدث ولا حرج...
هؤلاء البعض من الموظفين يضنون أن المواطنين مغفلين وغير فاهمين لتلاعباتهم ولتمسخرهم بالإدارة المغربية Tout en sachant que je suis pas con…...ils nous prennent pour des cons
حكايتي مع العدالة :
بتاريخ الجمعة 14 06 2013.... حين ولجت باب مدخل المحكمة الإبتدائية بتمارة كانت الساعة تشير إلى الواحدة والربع أو النصف بعد الظهر .. كنت أنوي أن أقوم ببعض الإجراءات القانونية قبل أن أسافر لفرنسا يوم الإثنين المقبل. مشيت بين ممرات المحكمة وأنا ألتفت لعلي أجد مكتبا مفتوحا. لكنني لاحظت أن كل المكاتب مقفلة ولا شخص واحد يوجد بداخل المحكمة. الصمت مطبق. الحركة منقطعة. صعدت الطابق الأول لعلي أجد محاورا. مكاتب الطابق الأول كانت هي الأخرى خاوية على عروشها. لكن حين مررت أمام مكتب السيدة رئيسة كتابة الضبط سمعت صوت هذه الأخيرة ينبعث من مكتبها...فقلت ربما سأقوم بعملي ما دامت رئيسة كتابة الضبط موجودة بمكتبها...فرئيسة كتابة الضبط هي المسيرة والمديرة لموظفي هذه المحكمة. لكن ما إن طرقت الباب ثم فتحته حتى فوجئت بتصرف لا يليق بي ولا بالسيدة رئيسة كتابة الضبط...قلت " مساء الخيرالسيدة الرئيسة". لم تجبني.. كانت منهمكة في التحدث عبر الهاتف...أردت الدخول لمكتبها. ومن بعيد، وقبل أن أخطو خطوة نحوها أبعدت سماعة هاتفها النقال عن أدنها ثم قامت من مقعدها بتوثر. علامات الغضب والعنف واضحة في تجاعيد وجهها...بدون مقدمة ولا توضيح، اتجهت نحوي وهي تصرخ في وجهي : " لن أقوم بأي إجراء. الكل مقفل". بحة صوتها توحي بأنها خارج تصرفها الإعتيادي؛ وكأنها رأت جنيا في ليلة ظلماء. كانت في حالة غير معتادة.
هذا هو العنف والفساد الإداري بعينه. محام يهان بهذا الشكل وهو من أسرة القضاء؟ ما بالكم ما يفعل بالمواطنين...إننا أمام ظواهر إدارية غريبة...
والحالة هذه، ماذا عساني أفعل بعد أن تعرضت للعنف الإداري؟ أقفلت باب مكتب السيدة رئيسة كتابة الضبط ببرودة دم. هضمت ريقي بأسف وإحباط ثم وقلت : " لن أضيع وقتي، ولا أريد أن أتصادم معها، فهي غريبة التصرف ". فاتجهت نحو مكتب السيد رئيس المحكمة لعله يفهمني ماذا جرى بهذه المحكمة أو يساعدني على القيام بعملي. لكن باب كتابته وباب مكتبه مقفلان هما الآخران. نفس الشيئ حين طرقت باب السيد وكيل الملك.
خرجت من المحكمة الإبتدائية بتمارة وأنا محبط...ماذا عساني أفعل؟ هل أذهب لوزارة العدل لأقوم بالإجراء؟ لم أجب عن هذا السؤال، بل أصبرت نفسي...وقلت :" هذه هي الإدارة المغربية". هذا هو عدم احترام مبدأ استمرار المرفق العمومي...
خلاصة القول هي أنه إذا كان هذا التصرف المشين والصادم صادر من مسؤول مفترض فيه أنه عال في درجة الفهم في القانون وموكول إليه تنظيم وحماية جزء من مرفق العدالة، فما بالكم لو كنت أمام موظف عمومي عادي لا يدري سوى تصرفا أو تصرفات إدارية محدودة روتينية في بحر مساطر قانونية معقدة ومتشابكة، أو بالأحرى أمام مواطن من عامة الناس يجهل القانون جملة وتفصيلا...رئيسة كتابة الضبط، هذه، رفضت أن تتسلم مذكرة خلال أوقات العمل ؟ رفضت القيام بعملها. رئيسة كتابة الضبط تهينني بهذا الشكل إلى هذا الحد ؟ أين أنا ونحن وهم ؟
مهنة المحامات بالمغرب تعيش أزمة حادة منذ سنوات ولا أحد يبالي بها. المحامي يتألم من بأس العدالة بالمغرب...المحامي يؤدي فاتورة التخلف المغربي عن النظرة الديمقراطية والإنسانية...
اين أنت يا وزير العدل ويا وزير الوظيفة العمومية ويا أيها النقيب المحترم ؟ أأنتم أيضا محاطون مثلي بمشاكل أشد من مشاكلي في تسيير واجباتكم المهنية والوطنية...أفهمكم وأتفهم عملكم الشاق...نتضامن معكم أمام التخلف الفكري المستشري في كل ميدان وفي كل المواضيع...عزائنا عزاؤكم...
لن أتعمق في تحليل نفسية ونوايا كل واحد على حدة ولا نوايا رئيسة كتابة ضبط المحكمة الإبتدائية بتمارة، ولا في نفسية بعض موظفي الإدارات المغربية عامة لأنني لا أريد أن أضيع وقتي...فهم لا يفقهون كلامي وأنا واثق من أنهم لن يقرؤون أبدا ما أكتب في مذكراتي هته...فهم مغمورون بمشاكلهم الشخصية...ورغم ذلك أكتب وسأظل أكتب لمن يريد معرفة أسرار العدالة بالمغرب وخارجه، أو ربما أكتب للأجيال المقبلة التي ستفهم كم ضحى الجيل الذي انا منه، كم هي الهوة بيننا وبين الكثير الساسة والمسؤولين والموظفين والمواطنين...
ورغم ذلك نتمنى أن يتدخل المسؤولون لفرض مبدأ استمرار المرفق العام ومبدأ الحد الأدنى من الخدمة العمومية مع تقنين حق الإضراب بالإدارات العمومية. فتدبير المرفق العام يحتاج إلى نظرة أخرى ونوع آخر من المدبرين...
الحايل عبد الفتاح، محام بهيئة الرباط.



#الحايل_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازلت أذكرها بصمت
- ضرورة تسجيل الطلاق أو التطليق بالنسخة الأصلية لعقد الولادة
- تشييئ الهوية أكذوبة وكذب
- عقلية المشغلين والعمال ومفتشي الشغل بالمغرب
- كل فلسفة أو سياسة يمكن أن تنجح
- حركة 20 فبراير مستمرة
- إخفاق نظام التوقيت المستمر بالمرفق العمومي المغربي
- الإدارة المغربية لا تعمل إلا صباحا ؟
- مذكرات محام
- غالبية الشعب العربي تحن للدكتاتورية ولا تفقه معنى الديمقراطي ...
- تشابك شياطين وملائكة السياسة والاقتصاد في الوطن العربي
- رسالة مفتوحة إلى السيد وزير الداخلية المغربي
- هل بالجزائر آخر نظام عسكري في الدول العربية؟
- كيف نميز بين الصحيح من الخطإ ؟
- قلة المتخصصين والخبراء بالمغرب مشكل حاد وعويص.
- لوبيات بوزارة التربية والتعليم بالمغرب
- الفيروزات والميكروبات الفكرية الضارة
- مساهمة في إصلاح منظومة القضاء بالمغرب
- رسالة مفتوحة إلى معالي السيد الوزير الأول المغربي بن كيران
- الثورة المصرية بين جهل التابعين والمفسدين وتقاعس غالبية المث ...


المزيد.....




- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...
- منتقدة تقريرها... إسرائيل: الأونروا جزء من المشكلة لا الحل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الحايل عبد الفتاح - استمرار المرفق العمومي