الإسلام في المواجهة

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 15:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الإسلام في المواجهة
ليس الإسلام مجرد دين أنزله الله تعالى على نبيه محمد صل الله عليه وأله وسلم مقرونا ومستوعبا مبادئه في كتاب كريم بل الإسلام كما جاء بالكتاب هو جوهر تصور لله لماهية الوجود وكونيته التي يريد أن يكون منهج إصلاح وتغيير {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ}آل عمران 19, الإسلام دين وتصور عملي ,يكتنفه بعض التداخل في القضايا بين ما هو دين وبين ما هو حياة مدنية, لذا صار عرضة لسهام النقد.
هذا التداخل سببه رؤيته الكلية للوجود وقابليته أن يطرح تحديات حقيقية لكل الإشكاليات ولو كان الإسلام خاليا إلا من الجانب اللاهوتي لأنغزل في صومعة العلاقة الفردية بين العابد والمعبود ولنجى من هذا الكم الهائل من الانتقادات لأنه لا يتدخل في مفصليات الحياة الإنسانية وهو ليس كذلك ,وظيفة الدين هي الدفاع عن الإنسان ومشروعه الذي يناضل من جله.
اليوم الإسلام متهم من خصومه ومن بعض أتباعه أنه يشكل معرقل حقيقي للخروج من أزمة الإنسان ويتصور البعض أن الحل هو أن ندع الإسلام على الرف لننجو من تخلفنا ونستطيع اللحاق بالزمن بشكل أسرع واكثر تحررا , وكأن الإسلام هو العبء الثقيل الذي أرهق كواهلهم, والرد المنطقي أن الإسلام لم يكن في يوم من الإيام حمل أحد فمن لا يريد أن يكون معه فليدع الإسلام وليخوض تجربته بعيدا عنه ولنرتقب النتائج إنها دعوة مخادعة ولا حقيقية , هم من يتمسكون بالإسلام ليبرروا عجزهم وفشلهم وليجدوا في كل مرة كبش فداء يلقون عيه بالمسئولية.
ومنهم من ينظر على أن الإسلام وخلال الف وأربعمائة سنه فشل في أن يجد حلا واحدا لقضية واحدة من قضايا الإنسان والوجود وبالتالي لا يمكن أن نسمح له بعد الأن بأن يكرر المحاولة أو أن نتوقع له من أن يجدد التجربة لابتداع حلا سحريا, وأن نفترض من العقيم أن يلد, وأخر يدع أن كونية الإسلام البدوية والمحدودة والضيقة هي التي لا يمكن معها أن ننتج فكرا مدنيا قابلا للفهم الإنساني والتعامل بروح المدنية الحديثة لذ فهو ممتنع وجوبا أن يكون حلا ولا يظن أحد أن خيمة البدوي يمكن أن تصلح لأن تتحول ناطحة سحاب أنه منطق الأشياء بالعقل حسب ادعائهم.
يفترض أخر أن السبب الهام والمحوري في قضية الإنسان المسلم أنه لازال خارج نقطة الزمن التاريخية التي تمنحه حق الحركة وإن تخلقه إنما يعود للإسلام كونه ينطلق به من عمق التاريخ لا من عمق الواقع وأن افتراضات الإسلام للحل تنطلق من هذه التاريخية التي لا يمكنها ان ترتقي بالإنسان المسلم أن يكون حداثيا لاختلاف المعيار المناسب بين المقدمة الصحيحة وبين النتائج لذا أن بقاءه في دائرة التخلف هو بقاء دائم لا خلاص له منه.
إلا أن أهم الاتهامات الموجه للإسلام أنه لا يملك أفقا حقيقيا ولا منهجية أصولية حتى ولا يستطيع أن ينتج حلا لأهم قضايا الإنسان من خلال خلو الإسلام كدين من منظومة أخلاقية تحمل سمة إنسانية تجمع المسلم مع بقية البشر والدليل أنه يحوي ويقر لليوم بالرق وتعد الازواج والقتل للمخالف وقطع يد السارق وغيرها من الأحكام التي تمثل واقع بدوي مقيت يعطي للرجل السيادة ويلامس تطلعات ذلك المخلوق الذي يسكن خيمته ويتلذلذ بتعذيب الإنسان الاخر إنها إنعكاس لروح الانتقام عند العربي البدوي الذي قدسها الإسلام وأضفى عليها بدون وجه حق قداسة السماء.
سيل كبير ومروع من الاتهامات الفكرية والعقلية التي تصور الإسلام ذلك الفكر الغائب عن الزمن والمنقطع عنه والمتقاطع مع الإنسان الذي يحمل حقه على لائحة حقوق دونها لنفسه ويجد فيه انسانيته بعيدا عن غيبيات الدين, كما أن هذه الاتهامات أحيانا تصل إلى ادعاء إن الإسلام كدين هو عبارة عن مجموعة من المتناقضات الفكرية والعقلية لمتصارعة فيما بينها والتي جمعها النبي قسرا في منظومة أشادها السيف لتناقضها مع العقل ,ولو خلي للعقل ن يختار لم يكن ليقرب منها أصلا.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات