أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - كائنات تبحثُ عن مملكة ..














المزيد.....

كائنات تبحثُ عن مملكة ..


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4138 - 2013 / 6 / 29 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


...كان يحملُ كيساً كبيراً على ظهره الذي بدا تقوسه واضحاً قليلاً رغم أنه يحاول السّير معتدلاً...رأيته في أحد شوارع المهجر وهو يقارع الزّحام بملابسه الثقيلة و هي أشبه بالأسمال البالية ... لكن البرد القارس لا يرحم حتى أهل البلدة، فكيف بهذا المهاجر الضعيف الذي لجأ إليهم هرباً من طغيان حاكمه،تاركاً وراءه ما ادّخر لبقية عمره..كلُّ هذا ما دار في خلجات نفسي وأنا أراقب هذا المشهد،بل أحسست بأنّي جزء منه،تبسمرت في مكاني للحظات بلا حراك كأنني أمام شيء مقدس...ولم أدرِ ما الذي دفعني فجأة لأتوقف قبالـه مبهوتاً، ثم لأسأله عما يحويه هذا الكيس الرمادي؟. فرمقني بنظرة لم اجهل كنهها تماماً ولكنها بحاجة الى شيء من التّفسير،وكانت مخيفة إلى حدّ ما تضاهي نظرة الموتى المرعبة التي أراها باستمرار في الكوابيس الليلية التي تجثم على صدري المرهق، أو من بقايا أقاصيص جدتي أيام الشتاء، وهي تحدثنا عن رؤوس الجن،وقرون الشياطين المتشعبة،وبشاعة السّعلاة التي تخطف الأطفال الصغار عند الظهيرة، تحدثنا ونحن نجتمع حول الموقد الطيني ونتناول التمر المجفف وأحياناً مع شيء من الجوز الآتي من جبال كوردستان الشامخة ...وهكذا كان المشهد يحوي فصلاً من الرعب الممكن تحمله، لا سيما رأينا الكثير بل أبشع بكثير من هذا المشهد لدى الزبانية الموتورين في شوارع المدينة،و في أروقة المعاهد والجامعات في بلادنا الحزينة،على كلٍّ ...كان وجهه شاحباً أي (ذو الكيس) وكانت هناك خيوطٌ سرية بينه وبين الشمس يتحاوران في أمور شتى على مائدة الفضاء الفسيح...بلغة نجهل فكَّ رموزها و شفرتها...والحوار متصل رغم الضّجيج والضّوضاء في السماء الملبّدة بدخان الآليات،و زفير المشاة المهرولين بالإتجاهات الأربع بلا توقف،كأسراب النّمل عند الضحى..فردَّ عليَّ بهدوء مشوب بالحكمة:
- إنّهم كائناتي أبحث لهم عن بقعة أواري فيها أكوام لحمٍ وعظاماً أشبه بأعواد المشنقة ليس إلا !!..
ففهمتُ مغزى كلامه، بعدما بهتُّ بأن الرّجل يعبّر عن خلجاتي و مشاعري ، وما ساورني و يساورني من أشياء هي في أعماقي ولم أبح بها له؛ بل لم أبح بها لأحد !! و لكن كيف وصل الى هذه النتيجة !! و بهذه السرعة ؛حسناً ما دام الأمر هكذا ،فقلت له بلا تردد :
ـ إذاً دعني معهم .. وأنا كذلك أبحث عن ... !!
ـ ولكنك ما زلتَ حياً !!
ـ كلا ؟ لستُ كما تظن !!
ـ حسناً أريد منك دليلاً . .
وبلا فاصلة ردّ عليّ : يكفي لقد حصلتُ عليه بسهولة
ـ ولكنْ كيف تمَّ ذلك بهذه السرعة ؟!..
ـ عندما نظرتُ الى عينيك رأيتُ من خلالهما صرير أجفان تتساقط منها حروف مقطعة،ردّاً على أسئلة محيّرة،لن تجدَ أجوبتها في قواميس المدنيّة رغم توغلّها في دهاليز التقنية الباهرة، فهمت من قراءتها كل شيء، ولكن يبدو إنَّ قلبَك أكثر تعباً من الآخرين حيث تضخم من شدة تناقضات الحياة اليومية؛ فها أشعر بثقل لا أطيق حمله، على كلٍّ ، هذا ما يخصني، والآن يمكنك الإنصراف الى حيث شئتَ ! فأنت معي في داخل مملكتي..
- ولكن كيف تبلغني بذلك ان عثرت على ما يرضيك من فجوة ما للموارة ؟.
- لا تكن بليداً إلى هذه الدرجة،سأخبرك بما يحدث كما تخبر العناكب بعضها بعضاً عبر خيوطها..وانصرف لاهثاً بلا توديع !!..

كتبت في المهجر- 1990م



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوّاء لا تعرف تباريح البكاء
- دجلةُ الخيرِواللقاءُ العشرون..
- حصادُ الهَراءْ
- إكسر يدي
- قصتانِ قصيرتانِ..
- موسوعة مندلي في طريقها الى النور
- مندلي في التاريخ
- التأريخ ... علم و أدب و ثقافة
- قضاة مرموقون من مندلي
- طفلة بائسة
- ارح الخيول
- شيءٌ عن تاريخ زرباطية
- ما كنتُ أحسَبُ..
- عطر خاص للدمى..
- الى كائناتي..
- نبؤة جمرة..!!
- تداعيات سَفْرة
- الهوره: الغناء الكوردي الأصيل
- حلبجة يا أميرتي الغالية
- مامه دوو كورز - ذو هراوتين


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحمد المندلاوي - كائنات تبحثُ عن مملكة ..