|
العَمالة المحلية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4135 - 2013 / 6 / 26 - 10:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" فرحَ أحد معارفي إيما فَرح .. لأنهُ إستطاعَ أخيراً ، خلال السنة الماضية ، تدبير وجمع حوالي 650 دولار .. فقام بشراء البلوك والسمنت والرمل ، لكي يبني [ مشروعه ] الذي كان يحلم بهِ منذ سنين .. ومشروعه عبارة ، عن دكانٍ صغير أو كشك في سولاف ، يزمع ان يبيع فيه المرطبات والسكاكر ورُبما بعض التحفيات البسيطة ، للسِياح والمُصطافين . لكن مُشكلةً غير مُتوقعة واجهَتْهُ .. إذ ومنذ عشرة أيام ، ومواد البناء مَرمِية في الموقع .. لكنهُ عجزَ عن إيجاد [ عُمال بِناء ] ! .. نعم .. في مركز العمادية ومحيطها من القُرى .. لم يستطع ، أن يعثر على ولو عاملٍ واحد .. وفي القرى والقصبات الأبعَد ، لا يأتي البَناء والعمال ، من أجل عَملٍ صغير لايستغرق سوى يوم أو يومَين ! . وهو نفسه ، العامل القديم .. بعد إصابة ظهرهِ في حادث قبل سنين ، لايستطيع ان يشتغل في البناء ... أنه يكادُ لا يُصّدِق .. وّفَرَ المبلغ ، بِشّق الأنفُس وإشترى مواد البناء .. ولا يوجد عُمّال ؟ هل هذا معقول ؟! " . مركز مدينة العمادية ، يضم حوالي ال ( 5000 ) نسمة ، وإذا أضفنا " كانيا مالا " و " سولاف " و " بيباد " و " كوماني " ، فأن مجموع نفوس المدينة يربو على ال ( 9000 ) نسمة . فإذا طرحنا النساء والأطفال والشيوخ .. فمن الممكن ان يتبقى حوالي ( 1500 ) رجل تتراوح أعمارهم بين 20/65 سنة . وعدم تَوّفُر [ عامل بناء ] من بين هؤلاء جميعاً ، يقودنا الى بعض الإستنتاجات : - في الظاهر ، لاتوجد بطالة في المدينة . فجميع هؤلاء كما يبدو [ يعملون ] . فغالبيتهم موظفون وعاملون في دوائر الحكومة ، وقسم آخر منخرطون في قوات البيشمركة والشرطة والحراسات .. والبعض يستلمون رواتب من الدولة ، تحت مُسميات مُختلفة ... وآخرينَ كوادر في الاحزاب المختلفة والمنظمات الرديفة . - في العُمق ، هنالك العديد من هؤلاء .. لديهم محلات تجارية صغيرة أو مطاعم ومقاهي او أماكن سياحية أو بساتين .. وفي نفس الوقت ، يستلمون راتباً أو اكثر من الدولة . والعديد من " الموظفين " و" العاملين " في الدوائر الحكومية ، أما لايُداومون أصلاً ، لأنه لايوجد مكانٌ في الدوائر يتسع للجميع ، أو ليسَ هنالك ما يقومونَ بهِ ! . - قبل أكثر من سبعين سنة ، كان هنالك في العمادية ، بناءون مَهرة ، يقومون ببناء المنازل الكبيرة ، بجدرانها المتينة وسقوفها القوية .. يُساعدهم عُمالٌ محليون .. بل ان أحدهم قام في الستينيات ، بإعادة بناء الجزء المُتهدم من ( منارة ) العمادية الشهيرة ، والذي كان قد تحّطمَ نتيجة قصف الطائرات الحربية في 1961 .. قام بذلك الراحل " عبدالله علي خفتان " ، بحرفيةٍ عالية وإتقان ، مع مجموعةٍ من العمال المهرة ، بأدواتٍ وإمكانيات بسيطة ومتواضعة . - إذا تجولتَ في المقاهي الموجودة في العمادية ، سترى انها في العادة مُكتظة بالزبائن .. الذين " يقتلون " الوقت ، بالتنافس في ألعاب الدومينو والورق والطاولة .. وذلك مُؤشرٌ على البطالة والكَسل ! . - طبعاً .. العمادية ، ليست إستثناءاً .. وليست الوحيدة التي تُعاني من هذه المظاهر السلبية .. إذ ان معظم المدن والقصبات الكردستانية ، تمرُ في نفس الاوضاع بدرجةٍ أو بأخرى . أعتقد ان الأزمة الحقيقية تتمثل في ما يلي : الإنتعاش الإقتصادي السليم وإرتفاع القوة الشرائية للناس .. إذا كان ناتجاً عن النمو في القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية والسياحية .. الخ . فأنّ ذلك له مردودات إجتماعية إيجابية واضحة ، ويرفع من وتيرة التنمية البشرية أيضاً ، كما يحدث في العديد من البلدان ، مثل الصين وتركيا والبرازيل . لكن الذي يحدث عندنا ، مُختلِف تماماً : إزدادتْ موارد النفط ولا سيما بعد 2003 ، وتدفقتْ الأموال " السهلة " .. ووصلَ جُزءٌ منها الى المواطن ، لترتفع موارده ( دون ترافُق ذلك مع نمو إقتصادي حقيقي ولا عمليات إنتاجية من أي نوع ) ، نتيجة فوضى الحُكم والإفتقار الى النزاهة والى إستراتيجية صحيحة وتخطيط سليم . كُل ذلك أدى ، الى تفاقُم ظاهرة " الإتكال " على الحكومة وعلى الرواتب ، وبروز الكسل والإعتماد على العمالة الأجنبية ، سواء في الخدمة المنزلية او الاعمال . فليس غريباً أن لاتجد عُمالاً محليين في مكانٍ مثل العمادية !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلتِواءات ديمقراطية في أقليم كردستان
-
( خِدرو ) أكثرٌ شُهرةً وشعبية
-
متى نتعّلَم من المصريين ؟
-
( إطار ) سيارة السُلطة
-
ثقافة ال ( يارمَتي )
-
المُعارَضة .. ودراهم السُلطان !
-
الموصل .. اللوحة القاتمة
-
المالكي في أربيل
-
حذاري من أبناء الذوات
-
لماذا يتكلم الشهرستاني ب ( حيل صَدِر ) ؟
-
مع الإعتذارِ .. من الحمير !
-
يِمْكِن الحِلو زَعْلان !
-
التعميم الأحمَق
-
مُلاحظات على إنتخابات مجلس نينوى
-
الآغا أوباما
-
مأزق المثقف في بغداد
-
- فلسفة - الطبقة السياسية العراقية
-
البضائع الرديئة
-
مآزِق كردستانية
-
اللصُ والكِلاب
المزيد.....
-
سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي
...
-
مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي
...
-
بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
-
النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
-
نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
-
الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار
...
-
ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
-
بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن
...
-
روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
-
أطعمة تضر المفاصل
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|