أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الرضا حمد جاسم - الماء المالح والشمس















المزيد.....

الماء المالح والشمس


عبد الرضا حمد جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 23:16
المحور: المجتمع المدني
    


كنا في جلسة عراقية في حديقة دارته الفرنسية...وبين الشاي ابو الهيل و الكليجه والحديث عن سَفَرَهُ في اليوم التالي و تمنياتنا له بالوصول بسلامة و يسر و العودة القادمة بأمان وسلامه
و مع الشاي الثاني قالت لنا اختنا زوجته...ألم ترغبوا بقضاء بضعة ايام على سواحل البحر الابيض المتوسط...كنا نظن انها تريدنا لنرافقهم في سفرةٍ خططوا لها مستقبلاً و الصيف على الابواب
فرحنا و اعلنا عن اننا نتمنى ذلك
فقالت هناك سكن فارغ حتى نهاية شهر حزيران...طبعا اصعب شيء في مثل هذه الامور هو السكن...الحقيقة انه ليس صعب لكنه مكلف و يجب ان تحجز قبل وقت مناسب و بالذات في بلد سياحي مثل فرنسا
ان سفر الاب غدا وهو ونحن في نهاية شهر ايار و ان عودته المؤمَّلة ستكون مع بداية تموز...عرفنا ان السكن لنا وحدنا اي انهم لا يرافقونا
انطلقنا يوم الاربعاء 19 حزيران بعد الظهر الى تلك المدينة الغافية على ساحل البحر الابيض المتوسط و التي تبعد عن سكننا بحدود 700كم لنعود يوم الاحد لارتباطات
اول مرة...نتذوق فيها طعم ماء البحر...وأي بحر انه الابيض المتوسط...كان ذلك صباح الجمعة الجميل اول ايام فصل الصيف هنا...فكان مناسبة لنرى و نلتقي بالغفير من رواد البحر و فعالياته الصيفية
كان نهارا جميلاً...و نحن بين سحر الوجوه والاخلاق و الانشراح العام والشمس و صخب الامواج و ضربها الشاطئ ...و انا ابحث عن لقط جميله من اشكال و الوان الحصى التي يجود بها الساحل و البحر لأجمع العشرات المتميزات...اقترب المساء او بقيت له سويعات واليوم هو يوم الموسيقى وعيدها السنوي
هذا العيد الذي مر دون ان يشير اليه احد...اقترحه وزير الثقافة الفرنسي زمن الرئيس ميتران عام 1982 فأصبح عيداً عالمياً تحتفل به اكثر من مائة دولة
تعم فرنسا الموسيقى في كل ارجائها في الحدائق و المتنزهات و الاماكن العامة والمستشفيات و السجون ودور العجزة والمطاعم في كل المدن الفرنسية...ونتمنى ان يقام في العام القادم حتى في المقابر ليساهم به من ساهم به من الموتى و من توفي قبل انطلاقه و سنقدم مقترح بذلك الى اللجنة المشرفة على المهرجان
تم في هذا العام توجيه دعوات الى فنانين من كل انحاء العالم وكانت هذا العام موجه من الوزير السابق جاك لونك للفنان الملحن اللبناني سمير صفير الذي قبلها و لا نعرف انه حضر ام لا و كذلك للفنان راغب علامة و الفنانة نانسي عجرم الذين اعتذروا لارتباطهم ببرنامج (عرب ايدول)
بعد العودة من تذوق الماء المالح و التمرغل على حبيبات الرمل الساخنة الناعمة و جمع العشرات من الحصى عدنا الى السكن لنستعد لليلة عيد الموسيقى.
انا شخصيا اعاني مع بداية الصيف من نوع من الحساسية ورغم وجود الادوية لكنها عادتي في الامتناع عن استخدامها الا في الاوقات الحرجه...حساسية في الجهاز التنفسي و العينين فقد ابتدعت في التفليل من آثارها ان اضع الكمامة لبعض الايام
نزلنا الى وسط المدينة حيث الجموع الراقصة المحتفلة وحيث تصدع الآلات الموسيقية من الشوارع والازقه والاماكن العامة...مختلف الاعمار و الاشكال و الالوان والاطوال تغني و ترقص و تتمايل...تُحَّيي و تحتسي
اول موقف طريف هو اقتراب شاب وهو يحمل قنينة بيرة في يده ليحاول ان يُشْربني منها وانا واضع الكمامة(الماسك)...ضحكنا و قال انه عيد الموسيقى و ليس عيد الهالوين...ولما عرف السبب اعتذر و ضحكنا وانسحب بعد تمنياته لي بالصحة و لنا بقضاء اوقات جميلة
اقتربت شابة وهي تحمل علبة بيره معدنيه و قالت انتم لستم من اهالي المدينة ...ان هواء مدينتانا نقي ليس كهواء باريس ملوث من الازدحام و عوادم السيارات... وعندما عرفت السبب اعتذرت وتمنت كما تمنى من كان قبلها...تكرر الموقف عدة مرات و كان اكثر ذلك بالإشارة بتقديم المشروب
أنقضت ساعات جميلات مع جمال الموسيقى و الحضور و المشاركة والطبيعة لنعود للسكن بعد يوم مُتعِبْ
كان السبت وكان البلاج والساحل و الماء المالح...جاء البلاجات اليوم من اتعبته ليلة البارحة في عيد الموسيقى ...كانت الشمس و النسمات والامواج والرشيقات و الجمال و الحِسن و الذوق
المكان مزدحم عن اليوم السابق...بعد الظهر بقليل دخلت فتاتان محجبتان ملفعتان بالسواد مع صغيرين بنت وولد
كان مكانهم قريبا علينا...احداهن خلعت ما تحجبت به و ما تلفعت به من سواد لتقترب من العري التام الا من قليل خفيف شفاف
ثم بدأت تضع الكريم الخاص بالشمس...الاخرى نزلت الماء بما تلتحف مع الاطفال...وهذه تُلمع جسدها بالكريم و تذهب بعيدا الى ما تحت الخفيف القصير الشفاف....ثم تمددت على ما افترشته لتقلب جسدها تحت اشعة الشمس
نزلت البحر و عادة و جلست على كرسي ثم تمددت وهكذا...تكرر الموقف ...
كل ذلك عادي وليس فيه ما يثير....لكن بعد سويعات اقترب رجل كبير فرنسي بلباسة الكامل (اي ليس بلباس البحر او البلاج) يحمل كاميرة تصوير (كاميرا)متخصصه واقترب من الفتاتين وبداء حديث استمر لدقائق طوال...كنا نتصور انه رغب في تصويرهما...دار بينهم نقاش نستمع الى بعض اطرافه يدور حول الشابة المتحجبة وعدم مشاركتها الاخرين بالتمتع بالشمس و مداعبتها لخلايا الجلد...الموضوع جرى بهدوء تام سواء بالكلام او تعابير الوجوه رافقته ابتسامات و همسات.
بدأ الاحتكاك معهن من هنا و بعد سماعهم كلامنا باللغة العربية الذي تعمدنا اسماع بعضه لهن للتعارف و معرفة ما دار مع الرجل المسن الفرنسي لأننا عرفنا خطوطه العامة...أنه ليس تدخل...لكنه فضول لمعرفة ما جرى...لماذا اقتربت احداهن من التعري و التزمت الاخرى بحجابها؟...شيء ملفت للنظر.
علمنا ان الرجل المسن كان قد انتبه لدخولهن محجبات و فوجئ بانطلاق واحده و تمسك الاخرى بالحجاب و كان هذا مدخلة للحديث معهن.
انهن اخت وزوجة اخ...التي تركت الحجاب هي اخت الزوج...والتي تمسكت به هي زوجة الاخ...سألهن الرجل لماذا اجابت من تركت وانطلقت انها حره و قالت الاخرى ان زوجي لا يقبل...سألهن لماذا يقبل على اخته و لا يقبل لزوجته...قالت الزوجة المحجبة انها لا تخبر زوجها عن اخته...فقال لها وهل تخبره اخته عنك قالت لا فقال اذن لماذا؟ الم ترغبي في ذلك؟ قالت نعم لكني لا احب ان اكذب على زوجي فقال لها انت تكذبين عليه فيما يخص اخته
فهمنا منها انها كتومه و لن تبوح لكنها لا تثق بأخت زوجها فلربما تحت ظروف معينه تقول شيء فهي غير حذرة
قلت لها هل اقتنع الرجل المسن الفرنسي بما قلتِ؟...قالت هم هكذا لا يحرجون الانسان او يضايقوه.
قلت لها هل اخت زوجك تسكن معكم او بقربكم؟...قالت لا انها بعيده وهي مع طفليها في زيارة لمدينتنا...فقلت لها ربما زوجك يسأل الاطفال عما جرى او ماذا فعلوا على الشاطئ...قالت ان الاطفال لا يعيرون هذا الموضوع الاهتمام و سيعودون متعبين ليناموا...و ليس من العادة ان يُسأل الاطفال.
قلت لها انه احتمال...قالت اننا متعودين على ذلك...
وهو في كل الاحوال لا يريد المشاكل مع اخته و لن يستطيع فرض شيء عليها فلها بيتها و زوجها و اكيد انه لن يخبر زوجها حتى اذا علم بذلك.
غادرنا المكان بعد بدأت الشمس تبتعد عن موقعنا على الكرة الأرضية ودّعناها قبل ضيائها الاخير متذكرين شمس العراق والالام العراقيين هناك من تلك الشمس التي ظهورها هنا يشيع الحياة و يحرك السياحة و يحرك الدماء في العروق و يشيع السعادة والانشراح و البسمة و الحب للحياة و للناس و يحرك الاقتصاد
...وهناك تدفع الى الانزواء و التعب و التذمر و العصبية
لا زال منظر الفتاتان المحجبتان والذي اتصوره لخروجهن من البلاج حيث ربما ستعيد من تركت الحجاب حجابها و ستنزل به البحر ليبتل و يكون مقارب للبلل الذي في ملابس صاحبتها حتى لا يكون هناك ما يثير.
نتمنى ان تتمتعوا برمال الساحل و طعم الماء المالح في اجواء من السعادة والجمال و الانشراح



#عبد_الرضا_حمد_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقاء اليساري العربي/مناقشة/1
- فلسطين/2
- فلسطين/1
- حل الدولتين بين يعقوب ابراهامي و نتنياهو/4
- حل الدولتين بين يعقوب ابراهامي و نتنياهو/3
- حل الدولتين بين يعقوب ابراهامي و نتنياهو/2
- حل الدولتين بين يعقوب ابراهامي و نتنياهو
- براءة من الطائفتين
- ردود متأخرة/1 المقدمة
- من حجايات كَبل/حِكَمْ
- الى يعقوب ابراهامي/قابر الماركسية و محيي الاساطير
- من حجايات كَبل/عيد الحزب
- تهنئه بالنوروز
- النقل والدكتور عبد الخالق حسين والعقل
- الى الناخب العراقي
- رد الى الصديق و الزميل و الرفيق لينين
- من حجايات كَبل/الى الاستاذ حسين علوان حسين
- المرأة في عيدها
- صور اخرى من العراق/2 بغداد
- صور اخرى من العراق/1 مدينة الثورة


المزيد.....




- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الرضا حمد جاسم - الماء المالح والشمس