أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - التمثيل ( داخل ) كلية الفنون الجميلة















المزيد.....

التمثيل ( داخل ) كلية الفنون الجميلة


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 15:46
المحور: الادب والفن
    


مشكلة التمثيل في عروض مسرح داخل كلية الفنون الجميلة لا يوجد ممثل مسرحي اعتلى خشبة مسرح في بابل يطابق أداءه كل الذي تعارفت عليه الأطروحات في مادة نظريات التمثيل التي تدرس من خلال أقسام الفنون المسرحية على تسلسل مستوياتها ضمن دراسة الدبلوم و البكلوريوس والماجستير والدكتوراه, بما يتجه بهذه المتابعة لما عرض من مسرحيات حضرناها إلى علامات تعجب واستفهام عدة, قد تذهب في سبيل الحل إلى القراءة النقدية الغير ملتزمة بمنهج البحث الأكاديمي, على أمل إيجاد ما لم يرتقي له مجال دراسة المسرح على مستوى يتيح له التعرض للمعاصر من تجارب تمثيلية لم يتم ترسيخها منهجيا, أو حتى مشاكل تعيق ترصين الأداء التمثيلي لم تجد لها حلولا من خلال بحث أو دراسة . إذن المشكلة التي نحاول النقاش حولها يمكن أن تختصر بالسؤال عن إمكانية التعرف على ما يكشفه الأداء التمثيلي في العروض المسرحية التي تقدم من على مسارح مدينة الحلة التابعة لمحافظة بابل العراقية, أن أهمية فن التمثيل المسرحي لا خلاف حولها بوصفه أحد أهم العناصر الجوهرية التي تميز هذا الفن عن غيره من الفنون, كما أن الأهداف المنشودة من هذا النقاش لا تخرج من دائرة البحث عن دور أفضل للفن المسرحي في رفد المشهد الثقافي بالوعي الاجتماعي الذي يعول عليه في بناء مستقبل أفضل للواقع العراقي بشكل عام, وحينما يحاول المتابع رسم حدود موضوعية لإقامة نقاش حول مستوى فن التمثيل المسرحي لا يتم بالضرورة الخروج عنها إلى باقي عناصر الفن المسرحي لكي لا تكون نتائج النقاش مجرد آراء في المسرح, وحتى يكون للنقاش أسس موضوعية لابد لها من حد زماني ربما كان المعاصر منه هو الأجدى بالنقاش, والذي يتجسد في ما جاد لنا متابعته من مسرحيات ما بعد 2003م, إلى غاية مسرح 2013م وقد يجسد هذا الإطار عشرة سنوات تبدو ملائمة لدراسة فن التمثيل المسرحي في بابل, على أن هذه السنوات التي خرج فيها الفن من تحت مظلة الرقابة تبدو كافية لاستخراج نقاط يمكن النقاش حولها نحو نتائج تفضي إلى رفع مستوى الأداء التمثيلي في فن المسرح.

في استعراض مختصر لبعض التجارب التمثيلية الغير موفقة المقدمة في بابل:
نجد أن مسرحية المخرج سامي الحصناوي تقدم دليلا جديدا في يوم الأحد الموافق 2011-05-16م, على الفشل, جل ما قدمته المسرحية من حكمة هو ان الواقع الإنساني أصبح من القسوة لدرجة ان مدمن الخمر لو لم يشرب ليلة واحدة لأكتشف واقعا إنسانيا قاسيا جدا يفضل عليه عالمه الوردي, ونقول بدورنا عن حكمة هذه المسرحية المقدمة للمتلقي العراقي, أن مشاهدة هذا المستوى من العروض لمرة واحدة يجعلنا نكتشف فنا خربا نفضل عليه بالتأكيد واقعا إنسانيا قاسيا جدا, جدا, وفي النظر لمجمل الأداء التمثيلي في هذا العرض الذي لا يعدو كونه تمرينا مسرحيا متخم بالأنقطاعات التي يصرخ فيها الممثل على الجمهور فهو ذاته لم ينسى ولو لحظة انه استاذ وانه الآن شخصية مسرحية فكيف يطالب المتلقي بذلك, الا انه يطالب طلبته واساتذة الكلية الحاضرين ان يصمتوا ولا يتكلموا ولا يهمسوا ولا يعلقوا ولا يستنكروا ولا يرحبوا فكل ما يطلب منهم ان يلتصقوا كل على كرسيه في الصالة لحين ان تنتهي الرحلة الى مجهول في الشكل والمضمون قد فرض على ذاكرتهم كونه عرضا مسرحيا, فالممثل متعب منهك لا يستطيع الا ان يصرخ ليعبر عن قوة صوته ولا يقوى الا على ان يرقص ليعلن عن مرونة جسده التي رغم كل ادعاءاته لم يستطع منع نفسه طوال العرض المسرحي من الأنحناء الى الأسفل وكأن لديه ألما في الظهر, ولا اعلم بالضبط كم هو عمر سامي الحصناوي لكن هذا بالضبط ما تم مباركة سامي عبد الحميد عليه, وهو انه لم يزل يمثل رغم عمره الكبير, وهذا اغرب وصف فني يمكن ان يلتصق بسيرة ممثل مسرحي, الا ان اداء سامي الحصناوي لم يتعدى نطق الحوار والأعلان عن صعوبة الحفظ رغم ذلك , يعني حتى الحوار الذي يمكن ان يشفع له نطقه بشكل واضح وعلى شاكلة قراءة خطاب او نشرة اخبار لم يكن بالمستوى الذي يضمن وصول معنى النص للمتلقي, وكما اعتمد الأخراج على النصف دائرة المرسومة, اتخذ جسد الممثل طريقه لعرض الشخصية المونودرامية المركبة بأن ينحني ظهره للأمام طوال العرض متقوسا وهو يسير بخطواته التي يبدوا جليا انه يراعي الحذر فيها وكأنه يهتدي الى طريق بيته في الظلام وتناسى ان هنالك متلقي يستغرب هذه الطريقة في اتباع طبشور المخرج المرسوم على خشبة المسرح, فعلى صعيد الحركة يعد التلويح باليدين للأعلى رقصا وقمة في مرونة الجسد وعلى صعيد الصوت يعتلي الصراخ الغير مبرر الا لطلب تصفيق الجمهور اصدق التعبيرات عن الأداء وتمثل هذه النقاط مجمل أفشل محاضرة قدمها العرض المسرحي في الأداء التمثيلي. أيضا في مسرحية (صور من بلادي), التي عرضت في كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بابل. لم تكن اقل حدة وبراعة في تمكينها من استعراض لقدرات الممثلين الشباب الذين هم من طلبة الكلية, تلك القدرات الرياضية التي لم تقدر كلية الفنون الجميلة حقها حق تقدير, لأنها وبكل بساطة كلية فنون, وليست كلية تربية رياضية, فتلك الجهود العضلية التي يقول بها البعض تمثيلا معاصرا لم تكن لتجسد التمثيل الصامت حتى, فمن وراء قطعة القماش انعكس لأكثر من مرة وفي أكثر من صورة ذلك التخبط الأدائي الذي يعلن بكل وضوح أن الممثل احتار في استثمار قدرة الجسد على التعبير للدرجة التي بدأ باستخدام فمه ليتحدث بالظل, وليس بالصمت, فقد كان واضحا أن الممثلين يتحدثون إلى بعضهم البعض من خلال الشفاه التي تتحرك, ولعلهم لم يكونوا يدركوا أن هذه الحركة كافية جدا لتعلن ولادة حوار مسرحي, قد يتضارب مع آلية التمثيل الصامت من جهة ومع تقية خيال الظل من جهة اخرى, ويحيل الأداء إلى التقليدي منقطع الصوت والضوء لسبب تقني لا فني, وبقي المتلقي بانتظار التوضيح الذي عز عليه مع انقطاع التسلسل الدرامي, لأن تلك الصور كانت على نظام الفيديو كليب, والذي يجمع فيما بينها تلك اليد التي يمدها المخرج لتشكل الظل وتحرك الممثلين والحوادث المفترضة إلى أن جاء الوقت ليخرج المخرج, لأننا كنا نعلم أن هذه يد المخرج, وهكذا لم يبقى لنا ما لا نعلمه الا عن ماذا تدور حوادث هذا العرض المسرحي, الأولى وربما الثانية, وربما هنالك مسرحية ثالثة في الطريق الينا, لأن المسرحية الأولى كانت من بطولة يد المخرج, والثانية من بطولة جسد المخرج نفسه, اما وقد استخرجنا من خلاله كل ما استطعنا الوصول اليه من معاني بوصفه كان الدليل الوحيد لنا في صحراء هذا العرض, فبالتأكيد كنا ننتظر مسرحية ثالثة. فضلا عن ذلك في مسرحية ( الإمبراطور جونز عربيا ) من إخراج التدريسي أمير هشام ضمن فقرات احتفالية يوم المسرح العالمي التي أقامها قسم الفنون المسرحية التابع لكلية الفنون الجميلة التابعة بدورها لجامعة بابل في العراق, وفي الحديث عن مستوى الصراع الأول في هذه المسرحية, فقد تجسد في تضارب دلالات تقنية العرض المسرحي بشكل جعل من الموسيقى في الخلفية تنم عن توتر حاد لا يفتقر الا إلى تبرير استمراره بهذه الصيغة التي اجتمعت أخيرا لتؤسس خطابا مفاده أن هذا الطاغية معزول عن شعبه للدرجة التي بدأ يتخيل صرخات هذا الشعب بحقوقه ضد ما افترضه المخرج من ظلم الحقه الطاغية بهذا الشعب بأصوات الذئاب التي تعوي من بعيد قادمة لتنهش عرش الطاغية, بما ينحو بالدلالة منحى غير منطقي بالمرة, فمن ناحية هو طاغية ومن ناحية أخرى هو الشر المحدق بالشعب الذي بنفس الوقت جاء ممثلا بأصوات للذئاب, ولم تعد الرؤية واضحة عند قراءة هكذا خطاب مرتبك, حينما اقتربت الأصوات مقترنة بانعدام تام لدور الإضاءة المسرحية الا ما ندر من انخفاض وارتفاع ليعلن بدأ مشهد ونهاية آخر, أن التشكيل الذي اتخذته مجموعة الممثلين الذين يجسدون دور الشعب المغلوب على أمره لم تأتي بحل لهذا التضارب في خطاب المسرحية, فهم تارة فرحين وأخرى متعبين من شدة الحزن وبنفس الوقت لم يبدر منهم فعل سوى انتظار ما سيحدث للطاغية وكأنهم شعب متفرج, وكأن هنالك شعب آخر سيقود هذه الثورة التحررية ضد هذا الطاغية الذي يركب على ظهورهم كما تم أخيرا بتشكيلة أجساد الممثلين ضمن المجموعة, كذلك والحال لم تخرج لنا مجموعة أخرى لتجسد ذاك الشعب المنتظر, بقيت أزياء الممثلين في المجموعة على حالها دون تغير يذكر كما هو حال أداءها المنبطح, فهذه التشكيلات لم توحي بأكثر من سد فراغ يفترض به أن يكون مسرحا دائريا ولهذا صممت الحركات على شكل دوائر, من يسار إلى يمين وبالعكس, دون أي رادع قيمي لدلالة الاتجاه مع وجود فعل دون غيره, فتشابهت الحركات والتعبيرات لتقول أن هذه المجموعة تمثل شعبا ذو نمط موحد, دون اي وضوح لرابطة توحد تبرر هذا الخنوع المذل لأي شعب, فلا هم تابعين فرحين متحمسين لطاغيتهم, ولا هم مكبوتين قابعين تحت وطأة الأغلال, بل منتظرين لذاك الصوت الذئب أن يحررهم من طاغيتهم .

في استعراض مختصر لبعض التجارب التمثيلية الموفقة المقدمة في بابل
: في مسرحية ( العميان ) من تأليف موريس مترلينك الكاتب البلجيكي الذي كتبها باللغة الفرنسية 1890م, وإخراج الأستاذ الدكتور محمد حسين حبيب والتي عرضت بتاريخ 11-03-2013م من على خشبة مسرح كلية الفنون الجميلة التابعة لجامعة بابل في العراق, فيما التمثيل وعلى مستوى التعبير الصوتي الذي اجتهد فيه الممثل تلو الآخر في اندفاع تصاعدي نحو قشة يتمسك بها ليؤسس من خلالها محورا يركز فيه الجمهور لكي تكتمل فكرة, كان تعالي الصراخ والمبالغة تلازم أداء الممثل كطريقة يائسة لاجتذاب الانتباه بعد الانعزال التام الذي أفضت إليه خارطة حركة الممثلين الإخراجية على الخشبة, فالدخول والخروج الجماعي وسط فضاء متخم بلون اسود تساوت فيه أزياء و وجوه الممثلين مع أرضية وسقف وiخلفية المنظر المسرحي, وسط حيرة الممثل الغارق في بقع الضوء المهلهلة التي بالكاد تضيء حول وجهه وجسده الموجهة من قبل الجمهور, فضلا عن حالة السكون التي فرضتها خطة الإخراج وانعدم معها التعامل بين ممثل وآخر وتم الاكتفاء بطريقة الأداء ألتقديمي, حيث اتضح انتظار الممثل لدوره في قراءة حوار تلو الممثل الأخر عندما استثمر الممثلون الظلام المحيط بهم لأخذ استراحة, حتى ارتبك بعضهم ليتناسى إن المسرحية بدأت بالفعل منذ اعتلوا الخشبة لا في اللحظة التي يتكرم عليهم احد إفراد الجمهور بقليل من الضوء, وظهر ارتباكهم جليا حينما صرخ احد الشخصيات في البقية( اخرسوا.. ) فاستجاب الممثلين وصمتت الموسيقى المسرحية, كما إن الارتباك انتقل لمنفذ الموسيقى, ومع إن ارتباكه لم يعد مبررا, إلا إن قسوة التعامل الذي فرضه فضاء المسرحية أحال الذاكرة لاشك لجلسات القراءة أكثر منها إحالة لوضع المشهد على الخشبة, وحتى لا ينال الانطباع السلبي الذي تقدم به اتحاد أداء الممثلين من أداء بعض الممثلين منفردين لابد من قراءة منفردة لكل منهم على مستوى التعبير الجسدي لكنها لن تخرج من إطار الجو العام الذي افترشته التقنيات المستخدمة في هذا العرض المسرحي, فقد اتخذ منفذ الإضاءة حصته من الارتباك لدرجة انه استخدم جهاز إضاءة موجه من عمق صالة المسرح إلى الخشبة, كأحد الخطط البديلة لعدم إسعاف جمهور هذا العرض المسرحي للممثلين بالإضاءة, فكان هذا الجهاز يعمل ليضمن مستوى مقبول من الرؤية بما لم يبقي لخطة الإخراج التي اعتمدت فكرتها على إضاءة الجمهور للعرض المسرحي أي منفذ للنجاح في إثبات تناقضها على الأقل مع فكرة النص. فضلا عن مسرحية ( مواطن) ارتفع المخرج المسرحي الدكتور عبد الوهاب الخطيب بفن المسرح في هذه الكلية إلى المستوى الأكاديمي الرصين ليعلن بداية الدرس الأكاديمي لطلبته من الذين قاموا بتمثيل مسرحية ( مواطن) والذين حضروها على حد سواء, استعرضت شخصيات المسرحية ذاك الهم العراقي المعاصر, فتدرجت تلك الشخصيات ممسوخة الملامح منهكة الجسد, بين معوق وجريح ومتهستر هارب بالكاد من مخالب مثرمة لحم بشري, واجهت مصيرها بكل شجاعة حينما بدأت تتكشف من خلال الحوار حبكة متماسكة في بناءها ذات سياق واقعي انحاز بشكل واضح لخطاب الإدانة لكل مسببات الألم الذي تعرفنا عليه معايشة أثناء تجوال هذه الشخصيات في ثنايا مساحة تكوين لفكرة العمل الدرامية, وتشكل هذا الخطاب في أحسن حالات منفتحا على الآخر الرمزي الذي تجسد حيثيا بكونه ركيزة مشهد احتفال لداعية إرهاب يرمي الأموال على مرأى ضحاياه, وينادي بالقتل والسلب والخطف والنهب والترهيب لكل من يعتبره مخالفا لخط سير رؤاه المعلولة, فأوغل هذا الرمز الممثل في شخصية بدوية توكيد عمق إطار شبه المحاكمة التي يستند عليها المسرح الملحمي, حيث أجاد المخرج تركيز عناصر عمله الفنية وعلى سبيل الحصر قدرة الطلبة على استثمار طاقاتهم التعبيرية صوتا وجسدا, في ترسيخ مبادئ المسرح الملحمي التي اقتربت هذه المسرحية كثير من كونها محاضرة عملية للتعريف بنظرية بريخت في المسرح . أيضا في مسرحية ( ني عراقي ) للمخرج الأكاديمي عباس التاجر, لم يكن التمثيل إلا درسا آخر في فنون الأداء, فقد تلاعب الممثل الأستاذ علي رضا بحرفة قل نظيرها في المسرح البابلي, فعلى مستوى الأداء الكوميدي الممزوج بلمسة النقد الساخر من نفاق السياسي العربي المعاصر الذي قام بكل براعة بتأدية أحد شخصيات المسرحية التي لم تخرج من هذا الإطار, اجتهد في تلوين أداءه الصوتي ليصل درجة الرغبة في تصفيق المتلقي التي يقتطعها محولا اتجاه أداءه نحو قضية لا تحتمل إلا الصمت بنفس اللحظة, تكرر هذا التوجه التعبيري منه على مستوى التعبير الحركي ليتوهج عمق صالة الجمهور بالتصفيق ربما رغما عنه فلم يعد يحتسب أين يقف وهو يتصاعد في تناهيه مع الشخصية, متوازيا مع أداء الممثل الأستاذ عامر حامد الذي اتخذ جانب الدفع نحو تمكين المشهد من المرور بكل سلاسة إلى ما اتجهت إليه المسرحية, حيث التزم أداء صوتيا عميق الأثر في دوره بحدة مفترضة لتعادل عمق التناقض ما بين القول والفعل عند شخصية السياسي العربي متمكنا من خلال حركة رشيقة أن يستبدل مكنون الشخصية النمطية المبرمجة عليها عقولنا بنظرة جديدة أحال مهمة إكمال رسمها إلى الممثل الأستاذ حسن جاسم الذي أجاد بدوره تبسيط الحد الأقصى من صراع الشخصيات بطريقة تلوينه السخرية بالجد المبالغ فيه على مستوى نبرة الخطاب الموجه للجماهير من جهة وقد أوكلت مهمة توضيح الجهة الأخرى على مستوى تعبيري أكثر عمقا للأستاذ الممثل علي الركابي حينما تميز بنزول تراجيدي النكهة في صحوة ضمير الشخصية المؤقت الذي نال من حنق الشخصيات الأخرى نصيبا في قسوة تعاملهم مع شبه الخارج عن مؤامرتهم ضد أنفسهم والشعب ولو للحظة فأجاد الممثل تعبيرا بكل ما أوتي من قدرة إيماءة لمحاكاة الرغبة في صرخة حق مكبوتة بداخل المتلقي الذي شاطره تلك اللحظة التي تمرد بها على شخصيته والتبس في ضميره مما حدا بالممثل أن يغادر تركيبة شخصيته الرئيسية في كواليس خشبة مسرح مكشوفة على مستوى الأداء الذي ترتب ضبط إيقاعه على وجود مايسترو لم تكن لتقوم لهذا العرض قائمة دون مسكه بخيوط الأربع شخصيات على ما جاءت عليه في نمطيتها المقاربة لكشوف الأداء التعبيري للمسرح السياسي في بعض خطوات سير المشهد فكان وجود الممثل الأستاذ عباس التاجر في زمكانيته الأدائية بالضرورة التي افترضها أطار فن التمثيل تقمصا وتقديما على تباين ألم بكل صدع على وشك أن يحدث ثغرة ليسارع بترتيب إيماءة ثم حركة ثم صوت في تسلسل غير موجه للجمهور أكثر منه ضبطا لإيقاع أداء الأربعة ممثلين أثناء تجوالهم الذي يراد من تلقائيته توجيه خطاب ضمني بأن فريقا لكرة القدم يلاعب نفسه فلا فرق حينها بين الخسارة والفوز أن لم يكن هنالك حكم دولي يراقب تدحرج جغرافية المسرح من تحت أقدامهم فتطلب هذا الدور أن يكون خارج المكان حينا والزمان حينا آخر إلا انه الحاضر الغائب لدى المتلقي بحكم كونه شخصية تجسد الاختلاف على مستوى أبعادها والخلاف الدائم على صعيد خطابها. على صعيد النتائج التي يمكن الخروج بها من هذا الاستعراض المختصر قد يكون أولها هو الكم الهائل من مشاكل فن التمثيل على مستوى التعبير الصوتي والحركي ما بين الأداء التقديمي والتمثيلي, التي تنتظر حلولا جذرية لعل من أهمها هو التواصل الجاد في ما بين النظرية والتطبيق في مادة فن التمثيل, أما في معرض استنتاجات سريعة قد نعرج على ما يلح في واقع المسرح البابلي من حقائق تنتظر الجرأة والموقف لاتخاذ القرار الحاسم بصددها, فليس معيبا أن نعترف بفقر الثقافة المسرحية, بل ليس مخجلا أن نتصدى لهذا الهم المبكر لكل من يرتمي في أحضان الفكر والثقافة, متأملا أن النهر يقف حائلا بين الرغبة والقدرة على أن يرمي الإنسان بنفسه مرتين, لا بنفس الوقت فقط بل بنفس النهر ! , وهذا الخمول لا يمكن أن يعول عليه في بناء ركن مهم من الثقافة العراقية وهو المسرح الذي لن يستغني عن الممثل مادام لا يريد المسرحيون الاستغناء عن جوهر فن المسرح في العراق. الكاتب سرمد السرمدي



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمثيل ( خارج ) كلية الفنون الجميلة
- مشكلة التمثيل في عروض مسرح خارج كلية الفنون الجميلة. الجزء ا ...
- مشكلة التمثيل في عروض مسرح داخل كلية الفنون الجميلة..الجزء ا ...
- مسرحية ( ني عراقي ) للمخرج الأكاديمي عباس التاجر
- مسرحية ني عراقي للمخرج الأكاديمي عباس التاجر
- مسرحية (ني عراقي) للمخرج الأكاديمي عباس التاجر
- على هامش مسرحية المخرج عباس التاجر
- الممثل الأخرس مسرحية للمخرج شاكر عبد العظيم
- مسرحية الممثل الأخرس للمخرج شاكر عبد العظيم 2
- ما فائدة المنح الحكومية المقدمة للمثقفين
- معدل الاستهلاك الثقافي في العراق
- على أمل أن أفهم مني شيئا
- امنح المنحة للثقافة العراقية
- الكلمات لا تموت ولو قرأها الموتى
- المخرج بشار عليوي يدفع المسرح البابلي إلى الديمقراطية
- مسرحية معالي الكرسي للمخرج حسين الدرويش
- مسرحية العميان للمخرج المسرحي الأكاديمي محمد حسين حبيب
- إخراج الممثل حسن عداي في مسرحية القرية
- دور الممثلة حياة حيدر في مسرحية للمخرج حميد شاكر
- إعدام الممثل في مسرحية مغامرة كونية للمخرج عباس الرهك


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - التمثيل ( داخل ) كلية الفنون الجميلة