أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند القاطع - الرد الموزون على ما جاء في مقال جوان سعدون حول ( بداية نشوء الحسكة وتوطين العرب البدو فيها )















المزيد.....


الرد الموزون على ما جاء في مقال جوان سعدون حول ( بداية نشوء الحسكة وتوطين العرب البدو فيها )


مهند القاطع

الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"خرقاء ذات نيقةٍ" هو مثل عربي قديم يضرب للرجل الجاهل بالأمر، وهو مع جهله يدعي المعرفة، وهذا ما لمسته في مقال لفت عنوانه إنتباهي و قد نشره السيد جوان سعدون ( عضو المجلس الوطني الكردي ) على شبكات الأنترنت منذ نيسان 2012 و يحمل عنوان " بداية نشوء الحسكة وتوطين العرب البدو فيها من قبل العثمانيين" وبعد قراءة المقال المتناثر الأفكار ، والملئ بالتناقضات ، والذي لا يتعدى وصفه (تعبير إنشائي ) عن أحداث و وقائع ومصطلحات من نسج الخيال و لا تمتُ للواقع ولا للتاريخ بصلة ومصداقية ، فضلاً عن أنه لم يتحدث بهذا التحوير أي أحد قبل السيد جوان سعدون ، فأنفرد بالتاريخ الخاص به دوناً عن جميع الباحثين المحليين والمستشرقين المتقدمين منهم والمتأخرين .
المصيبة الأكبر ، بأن العنوان ليس له علاقة بالمضمون ، حيث لم نجد في عَرض المقال ما يشيرُ للعنوان ، بحيث أنطبق على المقال المثل الشامي القائل ( العرس بدوما والطبل بحرستا) . بعد هذه المقدمة أدخل في تفاصيل المقال ، و سأستعرض و أوضح ما جاء فيه من " جرائم " بحق عقول القراء و بحق القلم والقرطاس والتاريخ!
علماً أنني لم أَقدِمْ على هذا الردِ على أعتبار أنه يستحق ذلك ،إنما رغبة مني في إيصال معلومات عن تاريخ المنطقة بناء على تصحيح الأفكار المغلوطة التي طرحها السيد جوان سعدون الذي لا تربطني به معرفة قديمة أو حديثة ، لكن في الحوار والردود يجب أن نحتمل بعضنا البعض فليس لي غاية معه أو مع غيره والله من وراء القصد .
يورد السيد جوان سعدون في بداية مقاله عبارة : (( فشل ثورة الإمارة المللية الكردية سنة 1907-1908م بقيادة الأمير ابراهيم باشا اثناء حكم السلطان عبد الحميد الثاني )) وهنا نلاحظ بأن السيد جوان أفتتح مقالته بالتزوير وإختراع المصطلحات والأحداث ، ولتوضيحها أقول :
أولاً: لم يكن هناك شئ أسمه الإمارة المللية الكردية أبداً ، بل كانت هناك قوات حميدية (نسبة للسلطان عبد الحميد) ، ولم تكن كتائب فرسان الحميدية سوى أداة بيد السلطان لغرض فرض هيبته وسلطته على الكورد انفسهم وغير الكرد ، واستخدامها ايضاً لحماية الحكم العثماني من اعدائه ومناوئيه في الداخل والخارج ، وكانت الألوية الحميدية بقيادة المشير زكي پاشا، زوج أخت السلطان عبد الحميد، و إبراهيم باشا المللي هو قائد لأحد الويتها الذي يشكل فيه الملية عنصراً مهماً في الشرق، وعشيرة الملية هذه مكونة من عشائر كردية وعربية .(1)
ثانياً : ابراهيم باشا كان مسانداً للسلطان عبد الحميد الثاني ولم يثور ضده أبداً ، بل كان يحظى بعطف السلطان عبد الحميد الثاني الذي منحه لقب مير ميران ، وباشا ، وكان أحد قادة القوات الحميدية بل ان شهادة احفاد ابراهيم باشا تشير إلى مدى دفاع الباشا عن السلطان العثماني وحبه له (2).
ثالثاً : السلطان عبد الحميد الثاني بقي في الحكم حتى تموز سنة 1908 حيث أزالته الدولة التركية الفتاة من الحكم وقضت على شوكة العديد من مناصري السلطان ومنهم ابراهيم باشا الملي ،و قد قتل ابراهيم باشا إثر حملة عسكرية ضده سنة 1909م ، لكن القوات الحميدية في ارجاء الدولة التركية بقيت حتى سنة 1923م .
لم تنجح محاولات أبناء ابراهيم باشا في البقاء في ويران شهر بعد عام 1914م والاحتقان بينهم وبين الأتحاديين و نتيجة نقمة الدولة عليهم أرتحلوا ومنهم محمود بك إلى قضاء رأس العين وظل يبتدي خيمته الضخمة ذات ( 16 عامود) حتى هرم وتوفي سنة 1945م كما يذكر الكاتب الكردي الدكتور( آزاد أحمد علي ) (3)
يتابع السيد جوان القول وسأقتبس ((بسبب آتاتورك صاحب الفكر القومي العلماني وضعف قوة الإمارة المللية في غرب كوردستان عمد آتاتورك إلى تغيير الديمغرافية الكوردية في أراضي الإمارة المللية الكوردية بعد أن فرض اللغة التركية على الدوائر الرسمية وأماكن التجارة الحكومية حيث قام بتوطين العرب البدو بأراضي الكورد بحجة عمليات إصلاحية وعمرانية))
وهنا أيضاً نجد بأن التزوير يبدأ من الكلمة الأولى في الاقتباس وحتى الآخيرة!
أولاً : يلاحظ في هذا الأقتباس إستخدام السيد جوان سعدون لمصطلح "غرب كوردستان" ، والذي لم يكن له أي وجود او ذكر تلك المرحلة أو قبلها ، كما لم يعتبر الأكراد الموجودين في سوريا جزء من سكان " كردستان" في أي مرحلة من مراحل الحركة القومية الكردية ، أنظر مثلاً تقرير خويبون عن سكان كردستان والذي نشره مركز الدراسات الكردي سنة 1948م حيث لا يشمل الإحصاء سوى أكراد تركيا وأيران والعراق! حيث كانت خويبون تُخرِجُ المناطق التي يتواجد فيها أكراد في سوريا ( الجزيرة ، عفرين ، عين العرب) من حدود كردستان ! ولا يضعون عددهم في اجمالي عدد سكان كردستان ، بل يشيرون إليهم على أنهم ( أكراد خارج كردستان) (4) ، و راجع أيضاً الخريطة التي قدمها القوميين الأكراد سنة 1948م فانها توضح ان الجزيرة لم تكن جزء من كردستان حتى عند القوميين الأكراد آنذاك !! إذن من فمك أدينك ! (5)
أزيدكَ من الشعرِ بيتاً ، بأن السيد كاميران بدرخان في محاضرته بعنوان " المشكلة الكردية" أمام الجمعية الملكية الآسيوية بلندن في 6- تموز - 1949م قال وسأقتبس ماقاله : (( إن المنطقة التي تمر بها الحدود التركية العراقية هي قلب كردستان ، إذا اعتبرنا الجزء الممتد حتى بحيرة اروميا التي تسيطر عليها ايران ، فيتضح جلياً المنظر العام لكردستان المقسمة بين تركيا وايران والعراق )) ثم يتابع إلى أن يصل في نهاية المحاضرة للقول : (( استولت على الشعب الكردي ثلاث دول ، لذلك انقسمت كردستان بين هذه الدول الثلاث وهي أيران وتركيا والعراق)) (6)
وفي هذا السياق نذكر بأن الحزب الديمقراطي الكردي الذي كان يستخدم في أدبياته مصلطح ( كردستان العراق) فقد كان يستخدم مصطلح ( الشعب الكردي في سوريا) ، مما يشير و بوضوح ومن المصادر والوثائق الكردية بأن مصطلح " غرب كردستان" طارئ ولا أساس له فعلياً . (7)
ثانياً : حديثك عن توطين بدو عرب بأراضي كورد في تلك المرحلة هو أيضاً عبث ، فالأكراد كانوا أيضاً بدو واهل نجعة ورحيل ونزيل وبادية وأبل ، و قد سعى العثماينيين لتوطينهم قبل العرب ، ويعود ذلك لسنة 1711م حيث يذكر الكاتب الكردي الدكتور آزاد أحمد علي وسأقتبس (( حاول العثمانيين توطين عشائر كردية في ريف الرقة مثل أفخاذ ( بهاء الدينلي ، وجمال الدينلي ، حسنلي ، وبيدانلي من الملية ) و في محاولة لاحقة شجع العثمانيين اقسام اخرى من قبيلة ملان خاصة أفخاذ ( بامران ، عمريان ، دوديكان ) للاستقرار في الرقة والعمل في الزراعة )) (8)!! الأمر الذي يدحض إدعاءاتك تماماً .
لا تنسى أن عشائر الملية هي عشائر كردية وضمنها عشائر عربية في حلف واحد لذلك سميت ( هزار ملات) اي الف ملة ، و في معرض البارون ماكس اوبنهايم الذي عاش كثيراً بين القبائل البدوية في بلاد ما بين النهرين (الجزيرة ) وهو مكتشف تل حلف و ألف كتباً وأبحاث عديدة و وثّقَ صور و قبائل وعادات ، ويذكر في هذا السياق (( إن هناك اليوم في منطقتنا الكثير من القبائل البدوية لكنها ليست عربية ، كالقبائل الكردية والايزيديين والتركمان والقوقاز، لكنها تبدونت بهذا الشكل أو ذاك لطول أقامتها في المنطقة، فأصبحت تلبس نفس الثياب التي يردتديها البدو في هذه البيئة .ويستطرد بأن الدماء العربية تجري في عروقها ايضاً)) (9)
ثم يستمر السيد جوان سعدون في إدعائاته المثيرة حيث يقول وسأقتبس ((وتمّ بناء ثكنة عسكرية في موقع مدينة الحسكة حاليا ً عام (1907م) حيث وزّعت الدولة العثمانية أراضي الإمارة المللية على البدو العرب من عشيرة الجبور القادمين من دير الزور وأصلهم من شرق شبه الجزيرة العربية إلى شمال دير الزور والبقارة القادمين من شمالها وعشيرة طي القادمين من ديار بكر الكوردستانية وأصلهم من العراق!!!!! بهدف تحويلهم إلى حضر وتوطينهم في البلاد الكوردية))
ورداً على المصائب الموجودة في هذا الأقتباس نقول بأختصار :
قبيلة الجبور يا هذا لم تأتي للمنطقة سنة 1907م !! ففي سنة 1821 ارتحل قسم من الجبور إلى الدجلة وهم (الشمطة) ، وفي حوالي 1830م ارتحل باقي الجبور ولكنهم لم يجدوا مكاناً لهم في دجلة فعادوا إلى الخابور الذي أمتلاً بالعقيدات فأجبروا العقيدات على النزوج من الخابور وبقيوا بالخابور (10)، وهنا لم يتم الحديث أبداً عن أي وجود كردي !!! فضلاً على أدلة وجود الجبور بحوالي قبل قرن من الزمان عن التاريخ الذي ذكرته !.
أما بالنسبة للبقارة فقد تم ذكر نيبور في رحلته صعوبة تحديد قدمهم في المنطقة ، كما نجد قدم ذكرهم واضحاً من خلال الوثائق العثمانية ، وادعاءك هنا باطل أيضاً بحداثة وجودهم الغير مستند على مرجع واحد . (11)
و بخصوص قبيلة طي فليست المصيبة ادعاءك انهم جاؤوا من ديار بكر فحسب ! ، فالمصيبة ان تنسب ديار بكر التي هي من ربيعة إلى كوردستان !!! والمصيبة الاكبر أن تقول بعد ذلك مباشرة أن أصلهم من العراق ؟؟ فلم نعد ندري هل هم من ديار بكر الكردستانية أم العراق وما هو دليلك على هذا الإدعاء الباطل!!
ياهذا.. إن قدم قبيلة طي قي سوريا عموماً يعود إلى القرن الثاني الميلادي ، اما وجودهم في الجزيرة الفراتية فيعود إلى ما قبل زمن من حكم الاميرين قريش ومقن من عبادة سنة 1051م ، حيث يذكر ابن الاثير في بان طي التي كانت متحالفة مع اسد وبني ثعلبة قد هزمت سنة 933م في الجزيرة. (12)
أما حديثك عن هجرة الآشوريين والمتضررين من سفر برلك إلى ما اسميته (( غرب كردستان)) فهو خلط صريح وضحك على العقول ، حيث أنك أغفلت الهجرة الكردية التي سبقت هجرة الآشوريين و متضرري السفر برلك .

فمن المعلوم لديك و الشئ الذي لا يخفى على أي شخص من أبناء الجزيرة ، بأن هجرة الأكراد لسوريا بدأت سنة 1925م وكانت تمثل الهجرة الأولى، بعد فشل ثورة الشيخ سعيد بيران ، والذي أعدمه الأتراك مع عشرات من رفاقه ، وقامت بحملة شرسة ضد القرى الكردية في شرق الأناضول ، الأمر الذي أدى إلى نزوح الأكراد على شكل موجات من الهجرات الجماعية و المستمرة . وقد اغفل السيد جوان ذكر كل ذلك ، لهذا سأذكره بهذه الاحداث (ليس إقصاءً) حتى لا تنطلق الأبواق التي تتهم كل مخالف لإدعائتها وكاشف لتزويرها بالشوفينية ! ، لكن فقط سرداً للأحداث وإكمالاً للنقص وتصحيحاً للأخطاء المتعمدة التي تهدف لإيصال رسالة بائسة مفادها أن جميع المكونات غير الكردية ( عشائر عربية ، آشور ، سريان ) هم مهاجرين ومستوطنين في الجزيرة الفراتية التي تسميها ( كردستان الغربية) وأنضموا مؤخر للكرد ( على حد تعبيره) ! دون أدنى دليل أو منطق أو خجلاً من التلفيق ، ومحاولة تزوير للحقائق التي لم يمضي عليها قرناً من الزمان بعد !! ، و ضارباً بعرض الحائط جميع الحضارات وجميع التلول والآثار التي تتحدث عن ممالك وادي الرافدين من بابل و سومر وميتان والآشورية وصولاً لممالك الغساسنة العرب في باعربايا والحديثة وغيرهما ، و دون ذكر تسمية الجزيرة الفراتية التي كانت نسبة للقبائل المتواجدة فيها ( ديار ربيعة ، ديار بكر ، ديار مضر) .(13)
وعودة إلى موضوع الهجرة الكردية من شمال خط سكة الحديد الذي وضع حدوداً بين سوريا الحديثة وتركيا الفتية بعد تقسيم الحدود بين الدولة العثمانية وحكومات الأنتداب الفرنسي والأنكليزي، وبقاء العشائر والمكونات مقسومة بين الشمال والجنوب ، فقد وثقت بعض الصحف والمجلات التي كانت تصدر في بدايات القرن العشرين تل الهجرات والتي كانت فقط ( من الشمال لجنوب السكة ) و الذي نشأت فيه مدينة القامشلي ، والتي كانت أيام تأسيسها وفي جميع الوثائق الفرنسية تسمى القامشلية ( راجع ترجمة الباحث الكردي خالد عيسى للوثائق الفرنسية ) .
كما ذكرت مجلة (لغة العرب) والتي تعد مرجعاً للمؤرخين فتقول في العدد الصادر سنة 1927 متحدثة على الهجرة الثانية التي جاءت بعد مقتل الشيخ سعيد بيران بعام واحد حيث تورد المجلة الخبر كالتالي :
((أرسلت الجمهورية التركية في شهر ك1 من السنة المنصرمة ثلاث طيارات مع قوة كبيرة كانت في ديار بكر للتنكيل بالأكراد التابعين للشيخ سعيد الكردي والساكنين في قضاءي (حيني) و (ليجة) من ملحقات ديار بكر. فمثلت تلك القوة بأهالي القضاءين وقتلت من وجوههم وأماثلهم نحو اثني عشر ثم جالت في تلك القرى وقتلت زهاء 300 من السكان، وقبضت على كثير منهم وأفرغت نحو 80 قرية من سكانها وأحرقتها بعد أن سلبتها مواشيها وأرسلتها إلى ديار بكر فبيعت فيها.
وفي تلك الأثناء هرب أخو الشيخ سعيد ومعه نحو 200 رجل وقراب 40 امرأة من عشائره. فلجئوا إلى أراضي سورية، ... ولم تزل بقية الطيارات تتقفاهم حتى رأس العين فلاذوا حينئذ بحكومة سورية وأنقطع تأثر الترك لهم، إذ قَبِلَتْ (دخالتهم) وأسكنتهم الحسكة)) أنتهى الأقتباس (14)
من هنا يبدوا واضحاً وجلياً كيف كانت الأمور تسير في تلك المرحلة ، بعكس إدعاءاتك المذكورة في مقالك.
و في عددها الصادر سنة 1931م ، وتحت عنوان ((هجرة عشيرة الميران إلى سوريا )) جاء الخبر التالي: ((لجأ قسم من عشائر الميران بقيادة صالح آغا تاج الدين الميراني إلى الحدود السورية هاجرة العراق. والقوة التي لجأت إلى سورية هي مائة أسرة وعدد اسر العشائر الميرانية ثمانية الآف .... يقال أن السبب في التجاء هؤلاء إلى سورية تعهد السلطة الفرنسية لهم باقطاعهم الأراضي وعدم استيفاء أية ضريبة كانت منهم، لمدة خمس سنوات من تاريخ نزوحهم إلى سورية.
أما الأراضي التي لجأ إليها هذا القسم من عشائر الميران فواقعة في لواء دجلة الجديد وقد تم تأسيس اللواء في المنطقة التي استردت من تركية (عين ديور) )) أنتهى الأقتباس(15)
وقد لا يشفع لتلك الوثائق عندك عربيتها ، رغم أنها جائت قبل مجئ جزب البعث على السلطة بأكثر من ثلاثة عقود ، لذلك سأضع أيضاً أحد مصادر الوثائق الفرنسية ، التي تلخصت في دراسة عن الجزيرة العليا لجوردي تيجل Jordi Tejel Gorgas حيث وضع وثيقة فرنسية ذكر فيها وسأقتبس (( كان لسياسة الأستيطان وأستقبال اللاجئين المسيحيين والأكراد الاثر العميق في تغيير النسيج الاجتماعي للجزيرة العليا إذ انه تم انشاء فقط 45 قرية حتى عام 1927 ، وارتفع عددها إلى 700 حتى عام 1941 )) (16)
لم تقتصر الهجرات فقط على تلك المرحلة ، بل أستمرت الهجرات الكردية تباعاً ، حيث كانت اكبر موجة هجرة بين عامي 1945 و 1962 وكانت أعدادهم تقدر بالألاف ، وكانت الشرطة السورية تسلمهم للسلطات التركية بموجب محاضر رسمية ، أما من كان في سن التجنيد فأنه يسلم نفسه لشعبة التجنيد ويعود بعد 3 سنوات بعد أن حمل دفتر خدمة عسكرية وقد أدى الخدمة العسكرية بوصفه مكتوماً بحسب ما جاء عند الكاتب الكردي نور الدين زازا . (17)
كما كانت موجة الهجرة الجديدة بين 1958-1961 للانتفاع من قانون الأصلاح الزراعي لافتة ، حيث تم توزيع الأراضي على الفلاحين الأكراد بغض النظر عن جنسيتهم وقوميتهم.

ينتقل جوان سعدون في ذات المقال للحديث عن تهجير الأكراد وإحلال الغمر مكانهم وتغيير ديموغرافية المنطقة !!! ونحن نطالبك بأن تذكر لنا قرية واحدة تم تهجير سكانها الأكراد وإحلال الغمر مكانهم ؟؟ علماً ان قرى الغمر لا تشكل سوى 2% من عدد جميع قرى محافظة الحسكة وبواقع لا يربو على أربعين قرية من أصل 1700 قرية في المحافظة ! فكيف لها أن تغير واقع المحافظة ؟على العلم أنهم هاجروا ضمن نطاق جزيرتهم الفراتية وأجبروا على ذلك ، ولم يحدثوا التغيير الذي أحدثته هجرات الحروب العالمية إلى المنطقة ! و هنا أنوه و أؤكد بأنه يجب إزالة هذه المصطلحات من أذهاننا ، فمن عاش على هذا التراب وشم هواءه وشرب ماءه فحري به أن يكون صاحب أرض وكرامة وحقوق سواء أكان من الفرات أم من جبال كردستان أم من القوقاز أم من طور عابدين ، فكلنا أصحاب أرض وأستهجن كل تل المصطلحات التي نضطر أحياناً أن نصرح بها أمام أولئك الذين يحاولون تزوير التاريخ و محاولة نسخ تجارب الجوار ( مع أختلاف الظروف ) .
بخصوص حديثك عن تعريب المنطقة وأنه جاء مرافقاً لفترة مشروع الحزام العربي كما جاء في وصفك !! ، فهذا أيضاً من خلط الحابل بالنابل و( جديدة عالساحة ) ، حيث أن موضوع تغيير أسماء القرى في المنطقة ( العربية والكردية والآشورية) إلى أسماء عروبية أو قومية كانت سنة 1957 و في عهد الوزير صبري العلي (18) ولك أن تنظر إلى الحدود العراقية السورية جنوب جزعة ( الخط السياسي) وترى أسماء القرى مثل : ( خزاعة ، قضاعة ، وتغلب ، سفانة ، فلسطين ، رام الله ، الطائف ، عكاظ ، كنانة ، يثرب ، تبوك ، اليرموك ، خولة بنت الأزور ، غرناطة ، الأندلس .... الخ ) فكل تلك القرى وعشرات القرى المجاورة تسكن فيها عشائر عربية خالصة ، ولا يوجد ضمنها أي قرية كردية ، ورغم ذلك تم أستحداث تلك الأسماء لها ، وهنا لاأبرر تغيير الأسماء ، لكن فقط حتى لا نصور الموضوع أنه كله مآسي ضد ( الأكراد) دون غيرهم .
ختاماً أقول : إن الإدعاءات الباطلة تكون غالباً سبباً من أسباب الإحتقان بين مكونات المجتمع، هذا المجتمع المتعايش والمنسجم والمتداخل لدرجة يستحيل معها الفصل بين أبناءه ، مجتمع بمختلف مكوناته يحمل العادات والتقاليد والأعراف والأخلاق ذاتها .
كما أنني أؤمن بأن إيضاح هذه النقاط الخلافية والوصول إلى الحقيقة بكل صدق وأمانة و دون تحامل يفتح المجال أمامنا أيضاً لتبادل الأفكار والوصول لرؤية مشتركة بعد عرض الحقائق والأدلة كما هي بعيداً عن الإدعاءات الجوفاء.
و مهما أختلفنا في أرائنا ( السياسية) ، فما يجمعنا كمكونات عربية وكردية وآشورية أكثر ما يفرقنا ، فلن أجد معنى لحياتي دون وجود الأخ الكردي إلى جانبي متمتعاً بكافة حقوقه ، وبالمقابل فأنا متأكد أن الأخوة الكرد بعيداً عن كواليس السياسات الحزبية المتعصبة يحملون نفس الشعور لشركائهم في الوطن . لذلك وجب التنويه ... والله من وراء القصد.
_____________________________________
المراجع :
1- المستشرق والعالم الألماني ماكس أوبنهايم - كتاب البدو في بلاد ما بين النهرين - الجزء الأول في المقدمة .
2- شهادة المحامي محمد علي ابن محمود بك ابن ابراهيم باشا ، نقلها محمد خلو في 22/4/2011 على الشبكة العنكبوتية.
3- دراسة في الدور السياسي لعائلة ابراهيم باشا الملي ، الدكتور آزاد احمد علي ز
4- الأكراد دراسة جغرافية إثنوغرافية صفحة 518 ، تقرير خويبون - 1948
5- مارتن بونسين - الآغا والشيخ والدولة صفحة 41-43
6- البدرخانيون في جزيرة بوطان - ماليميسانز - وثائق جمعية العائلة البدرخانية - ترجمة كولبهار بدرخان صفحة 193.
7- بيان اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي (الباراتي) 13/11/1964.
8- المرجع رقم 3
9- المرجع رقم 1
10- جاء عند ريش الجزء الثاني ص 133
11- رحلة نيبور - الجزء الثاني ص 419
12- ابن الاثير جزء 8 صفحة 203
13- صبح الأعشى جزء 1 صفحة 337 ، ابن خلدون الجزء 2 صفحة 104
14- مجلة لغة العرب العراقية - العدد 54 - سنة 1/12/1927
15- المصدر السابق - العدد 88 - سنة 1/3/1931م
16- تقرير بي روث سنة 1941 - ارشيف الدبلوماسية في قسم الخارجية الفرنسة .
17- حياتي الكردية ، نور الدين زازا ، ترجمة روني محمد دملي ، الصفحة 127.
18- قرار وزير الداخلية 23 نيسان 1957م ، مزود بنسخة لمحافظ الحسكة ونسخة قائمقام دجلة ورئيس خفر الريجي .






#مهند_القاطع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند القاطع - الرد الموزون على ما جاء في مقال جوان سعدون حول ( بداية نشوء الحسكة وتوطين العرب البدو فيها )