أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)















المزيد.....

العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تستحق العلاقات العربية الأمريكية الكثير جدا من الاهتمام والدرس لأنها لا تفتأ تتعرض في كل يوم لمتغيرات وألاعيب والتفاف ومؤامرات ومحاولات دؤوبة للاقتحام والهيمنة على الأقل من الجانب الأمريكي الذي يعاني من حمى اسمها الشرق الأوسط ، مما دفع عددا من مفكرى الجانبين للاقتراب من هذه العلاقات لمحاولة تحديد طبيعتها وأسسها الاستراتيجية وآلياتها ومجالات نشاطها وتأثيراتها على الطرفين ، وقد مال كثير من المتابعين إلى الزج بهذه الدراسات تحت مظلة " الاستشراق " الذي اعتاد المفكرون الغربيون والعرب خلعه على كل كتابة غربية عن شعوب الشرق الأوسط.
الاستشراق مصطلح أنهكه الدارسون تعريفا وتحديدا وتحليلا ،وأشهرهم بالطبع المفكر العربي الكبير إدوارد سعيد ، ورغم ذلك فالمصطلح لا يخرج في غالب صوره عن فكرة انشغال الغرب بشئون الشرق ، وكان في معظم الحالات صفة لفرد أو مؤسسة يعنى أو تعنى بدرس أحوال متباينة لبلد أو بلاد شرقية ، أما الاستشراق الذي يؤرق كل صفحات الكتاب الذي بين أيدينا فهو يركز على جانب كبير من فكر دولة هي الكبرى في العالم دون شك ، تتابع بكل زعمائها وساستها ومفكريها وموظفيها بمنتهي الدقة والاهتمام عبر آليات غير محددة كل ما يجرى في الشرق الأوسط حتى ليعرفون ما لا يعرفه أهله أنفسهم عنه ، ودافعهم دائما كان وما يزال هو الاستحواذ والسيطرة وليس فقط من أجل مجرد المعرفة ، وهو ذاته الهم الكلونيالي- مع فروق قليلة - الذي أرق الغربيين منذ عصر النهضة .
صدرت مؤخرا عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة الترجمة العربية لكتاب " الاستشراق الأمريكي " للمؤرخ دوجلاس ليتل المتخصص في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية والمحاضر في علاقات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط ، والمعروف باهتمامه الخاص بالإسلام الراديكالي، وقد قام بالترجمة مترجم بارز هو المصري طلعت الشايب الذي قدم للمكتبة العربية أكثر من ثلاثين كتابا مترجمة عن الإنجليزية ، من أهمها " صدام الحضارات" و "الحرب الباردة الثقافية". "فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي" . "الفنون والآداب تحت ضغط العولمة ". "غياب السلام " . غير عدد كبير من الإبداعات الأدبية .
توفرت لدوجلاس ليتل أستاذ التاريخ بجامعة كلارك تلال من المعلومات حول العلاقات الملتبسة أحيانا والسائرة على الأشواك والقنابل أحيانا أخري بين أمريكا والعرب في كتابه " الاستشراق الأمريكي " الذي يتجاوز عدد صفحاته سبعمائة صفحة ، موزعة على فصول تسعة ، وقد بدا مرتكزا في تحليله لملابسات هذه العلاقات على الأحداث وأقوال الزعماء ورصده الدقيق لمجريات المصالح ، وشتي تجليات الحراك الدولي خاصة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية ،وإن لم يمنعه هذا الإطار الزمني القصير من تأصيل بعض المقولات والخلفيات والمنطلقات التي أفضت إلى مواقف ذات أثر فاعل في مسار العلاقات وحرارتها ، بردها إلى أسبابها ومنابعها التاريخية .

ليس من شك أن الولايات المتحدة الأمريكية ركزت أغلب تفكيرها في السياسة الدولية على الشرق الأوسط إذ آمن صناع القرار فيها ومستشاروهم بأن الدول التي تقع في الشرق الأوسط هي الأجدر بالاهتمام الدائم ولابد من العمل بكل السبل لاحتوائها والهيمنة على أهم رجالها وثرواتها وأيضا أحلامها ، ونصح هؤلاء المنظرون والراصدون الإدارة الأمريكية بالحاجة إلى عمل كثير باتجاه غسيل (أمخاخ) مفكري العالم العربي ومستشاري رؤسائه وملوكه لأن هذا العالم الساذج بكل ما فيه من ضعف وتمزق ونفاق وعاطفية طائشة وغرائب لا تصدر عن منطق يمكن أن يكون مدمرا لأعدائه وموردا لقوة لا نظير لها إذا تم استيعابه أو يفضل ابتلاعه، ويزعم دوجلاس ليتل مؤلف الكتاب أن رواية " ألف ليلة وليلة " وما أعقبها ورسم صورها في أدبيات مختلفة هي التي أشاعت لدى الأوروبيين صورة ذهنية للشرق الأوسط الغارق في السحر والملذات واللهو والسذاجة والصناعات التقليدية المدهشة والطقوس والعادات الغريبة ، وعبرت تلك الملامح المحيط الأطلنطي إلى أمريكا عبر سطور العديد من الرحالة ، لعل من أبرزهم الكاتب الأمريكي الشهير مارك توين الذي جاء في كتابه " السذج خارج الوطن " 1869
"أن تري قافلة من الجمال تحمل طيب الجزيرة العربية ومنسوجات فارس النادرة تتهادي عبر مجازات السوق الضيقة .. فذلك أحد تجليات الشرق الأصيلة . الصورة لا ينقصها أي شيء فهي تعيدك على الفور إلى طفولتك المنسية لتعيش مرة أخرى أحلام ألف ليلة ، ومرة أخرى يكون الأمراء رفاقك، وأميرك " هارون الرشيد " وخدمك مردة وجان ، يأتون وسط الدخان والرعد والبرق ويختفون كما تختفي العاصفة "
لكن الأمر بالنسبة للأمريكيين لم يمض على هذا النحو إلى ما لانهاية ، فقد أصبحوا يستشعرون أن الشرق الأوسط يمثل هاجسا مقلقا لهم ، والشرق الأوسط عندهم و منذ البداية ليس الدول العربية وحدها بل هو الممتد من المغرب حتى أفغانستان مرورا بتركيا وإيران وبالطبع بعد ذلك إسرائيل ، وكان من السهل على مفكريهم السياسيين اعتبار المنطقة برمتها إسلامية ، وهكذا يشير الشرق الأوسط في العادة إلى الإسلام وخاصة لو تركز الحديث على الإرهاب. ومن المؤسف حقا أن يترسخ في العقلية والثقافة الشعبية الأمريكية أن الإسلام هو تلك العقيدة البربرية الشريرة التي حملها النبي محمد من الصحراء العربية إلى الشمال الأفريقي لتضع شعوب الأرض المقهورة أمام خيار التحول إلى الإسلام أو الموت . وانطبعت أيضا صورة البلاد العربية على أنها بلاد الاستبداد الشرقي والفساد الاقتصادي والحماقة الفكرية .
على أن أمريكا وهي بنت أوروبا النجيبة التي رضعت الفكر الاستعماري من أساتذته وأنضجته على نار الطموحات غير المحدودة التي غذتها القوة الاقتصادية والعسكرية رأت أن من حق الإمبراطورية الأمريكية الجديدة التي يعيش العالم عصرها أن تضع يدها على كل الدنيا ، وقد أدركت مع بداية القرن العشرين أن العرب ليسوا بالسذاجة التي تصورها مارك توين وغيره ، لأنهم كما يثيرون الدهشة يمكن أن يثيروا الرعب وهم لذلك يمثلون العائق الحقيقي ضد إحكام قبضتها على العالم .
لم يتوقف الأمريكيون عن تأمل الكيان والشخصية العربية وسرعان ما عثروا على المفتاح / المدخل وهو البترول ، وكان قد سبقهم الإنجليز إلى بترول إيران .. تقدم الأمريكان من بترول السعودية وثبتوا جيدا أعمدتهم ، ولما اندلعت الحرب الثانية وانتهت بعلو كعبها وطول ذراعها وضعت خططها العملية لإخراج الاستعمار البريطاني والفرنسي من المنطقة ووضعها تحت حمايتها تمهيدا لابتلاعها ، وما إن أعلن اليهود دولتهم حتى أسرعت أمريكا باعترافها بالدولة الجديدة ، فقد أيقنت من سنوات بأن إسرائيل يمكنها أن تكون عاملا مهما في السيطرة على هذا الحوت مترامي الأطراف .
وبقدر ابتهاج قادة أمريكا بهذا القرش الصغير الذي يمكن أن يلكز الحوت في جنبه كلما دعت الحاجة فقد فوجئت بالثورة المصرية وقائدها عبد الناصر ودعوته للقومية العربية وحق تقرير المصير ومساعدته في تحرير كثير من الدول المحتلة . وكان من المحتم محاولة جذبه بالإغراءات ، لكنه تأبي ومن ثم كان لابد من ملاحقته حتى يتم التخلص منه ، وفي الوقت ذاته فقد تحول عبد الناصر إلى كابوس لأنه لا يمثل نفسه فقط من وجهة النظر الأمريكية بل يمثل بوابة ضخمة يمكن أن ينفذ من خلالها الاتحاد السوفييتي إلى المنطقة العربية ، وعندئذ تتعذر تماما مهمة احتواء الشرق الأوسط بل سقوطه خارج حسابات أمريكا مضافا إلى حسابات الشيوعية الدولية ويصبح الخطر خطرين .



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذوا مرسي وهاتوا أردوغان
- زيارة لسجن طرة
- هل قامت في مصر ثورة؟
- صندوق الحرية الأسود
- هُوية مصر ليست إسلامية فقط
- تعود سيناء أو يذهب مرسي
- مرسي المالك الوحيد لقناة السويس
- محاكمة النظام أو المواجهة
- التحرك الحاسم ولو بالقوة العسكرية
- جرح مفتوح
- ابحثوا معنا عن .. الرئيس
- لماذا قبلت ؟
- من جرائم الجماعة في حق الشعب
- أخيرا .. يا حبيبتي
- بغيرالعقل والشجاعة .. لن تصبح رئيسا
- ماذا ينتظرون ؟! !
- الحرب الأهلية تدق الأبواب
- الهُوية المصرية بين الإخوان والإنجليز
- من يحكم مصر الآن ؟
- رسالة إلى صديق إخواني


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)