أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - حوش المتعة















المزيد.....

حوش المتعة


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 01:52
المحور: الادب والفن
    


أرى رجالا ونساء يلجون جوفه بحثا عن لذة عابرة متوارين عن أعين المارة في سرعة من يفر من جرم إقترفه ويخشى عقابا ينزل به..كان الحوش ، ولايزال ، مبعث رغبة جامحة لدى الكثيرين - من المراهقين من أقراني – في تخطي بابه المشرع في وجه الزبائن ولكنه على الأقل بالنسبة لي بقي سرا يكتنفه الغموض وتحف به الأسرار عدا ما سمعته من أفواه الكبار وهم يتباهون بفحولتهم ...تستقبل الزوار ورواد الحوش امرأة ربعة القوام، ممشوقة القد شديدة البياض ، فاحمة الشعر ينساب كخيوط الحرير لايعيبه شيب يخوطه متسللا الى الفوذين ، تواريه بمنديل زاهي الألوان.. من عنقها يتدلى عقد ذهبي ينتهي بلوح على شكل مصحف يزين مابين النهدين الواقفين ، تكاد حلمتهما تضج من مكانهما وتبرزان للعيان..تشع من ثغرها الباسم اسنان بيضاء كاللؤلؤ المكنون، وتحت شفتيها يبرز وشام أخضر كسعف النخل يمتد على طول وجنتيها زغب طري يزيدها فتنة ويخفي سنها الحقيقي. تؤثث المرأة فضاء "سوق الجمعة" أو" الملاح" فقد سكنه اليهود قبل الهجرة الى فلسطين، وهي تجوب المكان في غنج ودلال ..إنها "السغروشنية" أسم اشتهرت به وطغى اللقب على الإسم الحقيقي وهو أمر لم يزعجها قط. تبتسم دائما في وجه المارة وتعرض عليهم خدماتها دون مواربة أوخجل. تلتقط من الشارع الزبناء الذين يمنعهم بعض حيائهم او خوفهم من أعين متلصصة ترصد الحركات والسكنات أو يتجنبون دورية شرطة تمر صدفة بالمكان.يقوم على خدمة الحوش رجل تقوس ظهره وانفرج مابين ساقيه، مهمته تزويد الحوش بالماء من ينبوع مواجه لساحة كانت فيما مضى سوقا أسبوعيا يقام كل جمعة. يهزأ الناس من رجل هرم يرتاد الحوش وهو لايهتم ينحني على الأرض ولايرد على غمزات الناس . يتبع طريقا لايزيغ عليه أبدا .. لعله يعيش على ذكريات طبعت عقله وقلبه جرحا لايندمل أو يجد عزاء بين نسوة يبعن أجسادهن وقد فقد فحولته يعرف بين الناس باسم "همون صاحب الأواني". ولايعرفون له مأوى وسكنا غير هذا الحوش.لاأبناء ولازوجة..
بين الفينة والأخرى تظهر شابات حسان كأنهن فلق البدر ، تشربن صنعة الأم، يمارسن البغاء مع زبائن أثرياء ولن تجدهن من بين بائعات الهوى بالحوش الذي هو حكر على نساء حظهن أن يعرضن أجسادهن لعابري السبيل او لمراهق مثلي يضع فحولته على المحك. انتابني شيء من الخوف والضيق والحيرة..فاليوم سأضاجع امرأة من لحم ودم فقد اكتفيت من اللهاث وراء أتان أواريها في الغابة وشلة من أترابي، اليوم من حقي أن أزهو بفحولتي أستعرضها على جسد أنثوي أو تنكسر نفسي شظايا يشق علي لملمتها. تحسست النقود الفضية التي جمعتها من بيع الورد لعطار متجول متحملا صنوف العذاب من لسع الأشواك وإدماء الأنامل .. فهل تطاوعني آلتي وانا أخجل من مواجهة النساء؟
بدأت أطوف حول المكان وأنا أتصفد عرقا ينساب بين ثنايا الجسد باردا يدغدغ مشاعري،أي سر أن يقترن اسم هذا الحوش ب"راشقلو"..إسم منحته الذاكرة الشعبية الجمعية لمكان مشهور ببيع الهوى. سرت نحو الباب الخشبي ومن فتحته تراءت لي غرف متراصة على جنبات زقاق طويل يسير في إنحدار شديد على أرضية متربة. ساورتني هواجس أحاول إبعادها وبدأت أرسم في مخيلتي صورة حية للمرأة التي سأضاجعها مقابل دراهم معدودات..أرداف مكتنزة..سيقان بيضاء كالعاج..صدر بارز..شفاه حمراء مرسومة وعيون كحلية واسعة..تعثرت خطواتي وارتجف كياني..نزلت الأدراج محاولا أن أصطنع شجاعة لاتواتيني اللحظة..رأتني مترددا فتقدمت نحوي سيدة الماخور وبادرتني بكلمات بذيئة خدشت حيائي لعلها تبغي محو مسافة الحياء بيني وبين نفسي ، وسالتني عن صولاتي وجولاتي. خجلت أن أعترف الآن! أخذت يدي ووضعتها في راحة يدها وجدتها غضة طرية وبيد أخرى شرعت تتحسس آلتي فانفلتت منها كطفل ترعبه آلة الختان.
قالت :" لامكان لشاب هنا آلته ميتة" أرهبتني كلماتها وزادتني جزعا حلكة المكان.
أجبتها :" لابد أن أحاول "
سارت بي تقودني الى غرفة أشد ظلمة من القبر..تلمست الطريق وأنا أكاد أسمع أنفاس أنثى نائمة على سرير لاأتبين شكله، ولكنه يحدث صريرا كصاري قارب تتقاذفه لجج البحر. تركتني وغادرت في صمت أواجه مصيري المحتوم. حاولت عبثا أن أتفرس ملامح العاهرة ولكن دون جدوى، بدأت أنفاسي تتقطع وتعلو دقات قلبي وبرودة تسري في ثنايا الجسم ، ومع كل هذه المشاعر تنكمش آلتي كحلزون يضمحل ليلج قوقعته ساعة الخطر..
صوت أنثوي يدعوني.. كان الصوت خشنا فيه بحة وحشرجة ، عربون سوء.المكان كالقبو تزيده رائحة التبغ والرطوبة عفونة. تلمست طريقي في اتجاه الصوت بكلتا يداي كالأعمى فارتميت على الجسد المسجي على السرير الحديدي. مددت أصابع راعشة الى صدرها باحثا عن نهدين إلا أن الصدر- كفراكة الغسيل - ضامر. قربت الشفتين من فمها أقبلها فزكمتني رائحة التبغ..بحثت في ثنايا الجسد عن طراوة تغريني وتمارس علي الغواية وتحرك في الرجولة ، تحسست بين فخذيها فنزعت رجل سروال وكأنها ترسم حدودا لشبقي أوتستعجل الفعل لأنصرف وتستقبل زبونا آخر أو لعل الثمن الذي دفعته بخسا لايكفي سوى تلمس ما غطته حواء بورقة التوت من جسدها!
أي قرف وأي تقزز أحسه. وقفت على السرير مهزوما منكسر الخاطر يؤنبني ضميري. غرقت الغرفة في صمت عميق ورهيب كسره صوت عود ثقاب يشتعل. على نوره المتراقص لمحت امرأة سمراء اللون صارمة الملامح..أخذت نفسا عميقا من سيجارة سوداء ثم نفثت الدخان سحابة كثيفة تجلل المكان وتنحسر بين جدران الغرفة الضيقة والمتقاربة. حدجتني بنظرات كالسهام فيها عتاب وقالت :" ألا أثير فيك شهوة ؟"
أجبتها دون أتطلع اليها :" أي رغبة والمكان ظلمة حالكة وأنت مستلقية كدكة الموتى مدثرة بأثواب سميكة تحجب تضاريس الجسد !!"
صمتت قليلا وقالت :" سـتألف المكان فقد سبقوك وخانتهم رجولتهم بسب الثقاف "
سألتها متفحصا :" وماهو الثقاف ؟"
ضحكت ضحكا مجلجلا حضرت على إثره سيدة الماخور وقد استأثر الحديث بشغاف قلبها ، وهي الخبيرة بمثل هذه المواضيع وقالت :"هو أن تحتكرك زوجتك أو عشيقتك ولاتقوى على مضاجعة غيرهن"
غادرت المكان/ الحوش مطأطأ الرأس كسير الخاطر متعثر المشية وكلماتها ترن في أذناي كأجراس كنيسة ، وأنا أفكر في رجولتي وفحولتي التي هزمها حوش راشقلو.. والآن أتركه وكنت أتمنى أن أغادره وأنا "راشقلي "
عدت الى السيدتين أسألهما :" لماذا اخترتم هذا المكان الحالك حيث لايعرف الرجل ضجيعته، وهي لاتعرف من يأتيها ألا تخشون ألا يتبين الزبون أخته أو...."
وهل يحتاج اللقاء العابر بين ذكر وأنثى مادام الفاعل والمفعول به يطلبان الستر الى نور، ومادام ثمن هذه اللذة بخسا والنساء تتشابه في الظلام ؟
خرجت مندفعا من الحوش لأعانق الفضاء الرحب وأنا أمني النفس بمغامرة أخرى ،والى اللقاء في ماخور آخر.



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيانة
- رقصة في بيت العنكبوت
- النقابة بعد رحيل كيكيش
- هشام المطال وتقبيل أرجل نائب الوكيل
- ميدلت أون لاين في حوار مع السيد أحمد كيكيش نائب وزارة التربي ...
- حوار مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للت ...
- حوار بوابة ميدلت مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة ...
- حوار دفاتر مع السيد أحمد كيكيش / منقول الى المكتوب
- نص قصصي : طلسم الفحولة
- النبش في تعيين أحمد كيكيش
- خطاب الى السيد النائب


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - حوش المتعة