أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الثلاثون من يونيو!















المزيد.....

الثلاثون من يونيو!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4131 - 2013 / 6 / 22 - 19:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كم كان سهلاً أنْ "ينجح" الرئيس (المخلوع) مبارك في توحيد الشعب (ضدَّه)!
وكم كان سهلاً أنْ "ينجح" الرئيس (الإسلامي، ابن جماعة "الإخوان المسلمين"، وأوَّل رئيس مصري مدني مُنْتَخَب) مرسي في إثارة هذا الانقسام الواسع للشعب (تأييداً لحكمه، أو اعتراضاً عليه)!
وكم هو صعب أنْ تَجِدَ لها مصر رئيساً الآن ينجح في توحيد شعبها معه!
من وجهة نظر "التاريخ"، "الحلُّ" سهل؛ أمَّا من وجهة نظر "السياسة" فـ "الحل صعب"، ومن دونه خرط القتاد.
سَهْلٌ، تاريخياً؛ لأنَّ مصر لن تعود أبداً إلى ما كان عليه شعبها، في العهد القديم"، وفي عهد مبارك على وجه الخصوص، من "وحدة قسرية، ظاهرية، خادعة، مغشوشة"، أو إلى ما كان عليه من "وحدة ثورية؛ لكن مؤقَّتة، عرضية، عابرة، في مواجهة الدكتاتور، ومن أجل إطاحته وخلعه".
كان مبارك (شخصاً، وحُكماً، وعهداً) سجَّاناً حتى للتناقضات الطبيعية الموضوعية للمجتمع المصري، يَمْنَع بالقوَّة ظهور ما يَكْمن فيه من ميول ونزعات وأهواء واتجاهات متعارضة متناقضة، فالتبس الأمر على كثيرٍ من المصريين، وظنُّوا أنَّ عهد مبارك يَصْلُح تعريفاً لـ "أمن واستقرار المجتمع".
ومع سقوط هذا "السَّجَّان"، انكسر القيد، وتحرَّرت كل تناقضات المجتمع المصري، بحَسَنِها ورديئها، بخيْرِها وشَرِّها، وظهر إلى العلَن كل ما كَمَن فيه زمناً طويلاً من ميول ونزعات وأهواء واتجاهات متعارضة متناقضة، وعَرَفَت مصر، في عهد مرسي، كثيراً من الانقسام، الذي جُلُّه طبيعي؛ والتبس الأمر على كثيرٍ من المصريين، وظنُّوا أنَّ الفوضى (مع ما خالطها من تضاؤل الشعور بالأمن والأمان، وتعاظُم الشعور بالخطر المحدق بمصر وشعبها) كانت لعهد مرسي قريناً.
ومصر سياسياً الآن، أو في هذه السَّاعة السياسية ـ التاريخية، هي التي يتوفَّر فيها مرسي مع مؤيِّديه على تركيز مزيدٍ من السلطة (سلطة الدولة) في يده؛ وهي التي، في الوقت نفسه، تهيِّئ للمؤسَّسة العسكرية (الجيش) مزيداً من أسباب التعاظُم في قوَّته السياسية، وتسمح لـ "حملة تمرُّد"، التي مثَّلَت درجة أعلى من الوحدة بين "قوى المعارَضَة"، بجمع 15 مليون توقيع (على ما يَزْعُم منظِّموها) للمطالبة بتنحِّي مرسي (وهذا أمْرٌ ما كان ممكناً تَخَيُّل حدوثه في عهد مبارك، وينبغي لثورة الخامس والعشرين من يناير أنْ تَفْخَر به على أنَّه أحد إنجازاتها المهمَّة).
لكنَّ مصر هذه تخشاها مصر، ولا تريد لها البقاء؛ لأنَّ في بقائها ما يُنْذِر بشرٍّ مستطير، ويتهدَّد بقاء مصر، وقد يُوْقِعها في صراع وخيم العاقبة؛ فسقوط مرسي، إذا ما سقط، وفي هذه الطريقة، لن يأتي بالنَّصر لمصر، ولشعبها، ولثورته؛ ولسوف تَقَع مصر في فوضى عارمة حقيقية، وتَعْظُم المخاطر على أمنها واستقرارها، لا بَلْ على وجودها ذاته، فلا يبقى من "مُنْقِذٍ" لها إلاَّ الحُكْم العسكري البونابرتي، الذي قد يعجز عن مواجهة الفوضى والقلاقل والاضطرابات بأساليب وطرائق ووسائل تقي مصر وشعبها شرور "التجربة الجزائرية"؛ ففي دولة كمصر، تتميَّز مؤسَّستها العسكرية بما تتميَّز به، وتفتقر ثورتها (على عظمتها التاريخية) إلى قيادة ثورية منظَّمة جامِعَة، تستطيع ملء الفراغ، وإدارة شؤون البلاد، يؤدِّي (وقد أدَّى) خَلْع الدكتاتور، أو الحاكم الفرد، إلى حالٍ تنمو فيها وتقوى أسباب الفوضى العارمة الحقيقية؛ وثمَّة من له مصلحة في دَفْع البلاد في هذا الاتِّجاه؛ ونحن نَعْلَم، من تجارب تاريخية عديدة، أنَّ استشراء الفوضى لن يتمخَّض (في دولةٍ كمصر لجهة وَضْع المؤسَّسة العسكرية فيها) إلاَّ عن قيام حُكْم عسكري بونابرتي، بدعوى الرغبة في "الإنقاذ".
وما دُمْتُ أتحدَّث بما أراه يَعْكِس وجهة نظر "التاريخ" أقول إنَّ مصر تحتاج (ويشتد احتياجها) إلى "عهد ثالث"، يتخطَّى ويَرْفَع التناقض بين عهدي مبارك ومرسي، فتستعيد مصر وحدتها المفقودة، محتفِظَةً، في الوقت نفسه، بكل ما هو إيجابي، وقابل للحياة، في انقسامها الذي عرفته في عهد مرسي؛ فـ "الوحدة القسرية (الظاهرية، الخادعة، المغشوشة)" ولَّت وانقضت وأصبحت أثراً بعد عين، والانقسام الذي تعرفه الآن، والذي لا ناظِم، ولا كابِح، له، والمُنْذِر بعواقب وخيمة، يجب أنْ ينتهي؛ و"الحل" الذي تحتاج إليه مصر وثورتها الآن، وقبل فَوْت الأوان، إنَّما هو أنْ تَدْفَع "الضغوط الشعبية المتبادلة في الشارع" طرفيِّ النزاع إلى مغادرة "الشارع" و"الحُكْم" في آن، وأنْ يقيما حكومة انتقالية مؤقتة، تتمثَّل فيها قوى الثورة جميعاً، وبما يسمح بإفراغ "الشارع" من كلِّ حراكٍ؛ فمصر أكبر وأعقد من أنْ ينفرد بحكمها أحد الطَّرفين اللذين عليهما أنْ يتَّفِقاً أوَّلا، وقبل كل شيء، على أنْ لا مكان في مستقبل مصر لِمَن، ولِمَا، يمثِّل عهد مبارك، أو بقايا عهده.
مصر أكبر من الإسلاميين جميعاً، ومن مناوئيهم جميعاً؛ وحجمها إنَّما يَعْدِل حجم ثورتها، ثورة الخامس والعشرين من يناير.
إنَّ ملايين من المصريين يتَّحِدون في موالاة وتأييد عهد مرسي، بِمَنْ يمثِّل، وبما يُمثِّل؛ وإنَّ ملايين آخرين يُمثِّلون اتِّحاد "أقليات دينية واجتماعية ومهنية وثقافية.." يَقِفون ضدَّه، ويتطيَّرون من كل مَيْل أو سعيٍ أو فِعْلٍ لـ "أسلمة" الدولة وأوجه حياة المجتمع؛ ولا شكَّ في أنَّ قوى تُمثِّل البقايا الصَّلبة القوية من عهد مبارك، تتربَّص بالثورة الدوائر، فتتوفَّر على مدِّ هذا الصراع الطبيعي والحتمي بمزيدٍ من الوقت، وتسكب على نيرانه مزيداً من الزَّيْت.
قوى الثورة المصرية، التي حَكَم بعضها، وعارَض بعضها، بما جَعَل الثورة على شفا حُفْرة من فوضى حُبْلى بالحُكْم العسكري البونابرتي، مَدْعوَّة الآن إلى أنْ تتصرَّف بما يُعبِّر عن عدم اختلافها في ما لا يختلف فيه اثنان عاقلان، ألا وهو أنَّ اجتياز الهوَّة السحيقة لا يكون إلاَّ في قفزة كبرى واحدة لا غير؛ وهذه القفزة إنَّما هي كناية عن الاتِّفاق على أهمية وضرورة قيام حكومة إنقاذ (انتقالية مؤقَّتة) تضمها جميعاً، وتؤسِّس للدولة التي كمنت قيمها ومبادئها في ثورة الخامس والعشرين من يناير، وفي الدوافع إليها.
الثلاثون من يونيو، إمَّا أنْ يكون استمراراً وتجديداً للخامس والعشرين من يناير، وإمَّا أنْ يأتي بما يصيب من الثورة مقتلاً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا -المادة الداكنة-؟
- بينيت وقصة التملُّك بالاغتصاب والأسطورة والجريمة..!
- حربٌ وقودها الأحياء ويقودها الموتى!
- -مِنْ أين لكَ هذا؟-.. عربياً وإيرانياً!
- إطالة أمد الصراع في سورية هي معنى -الحل السياسي-!
- حركة الزمن عند تخوم -ثقب أسود-
- ما معنى -بُعْد المكان الرابع- Hyperspace؟
- -الخطأ- الذي تحدَّث عنه عريقات!
- ما سَقَط في سقوط القصير!
- الصحافي والسلطة!
- أين -الربيع العربي- من -السلطة القضائية-؟!
- مصر هِبَة النِّيل لا هِبَة أثيوبيا!
- جوهر التفاهم بين كيري ولافروف
- أسئلة -جنيف 2-
- ما معنى -الآن-؟
- كيف تؤسِّس حزباً سياسياً.. في الأردن؟
- لا خلاص إلاَّ ب -لا المُثَلَّثَة-!
- أعداء الديمقراطية الأربعة
- خطاب يؤسِّس لعهد جديد من الصراع!
- عَبْر -القصير- إلى -الجنَّة-!


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الثلاثون من يونيو!