أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم الحيدري - سؤال النهضة والحداثة 2-2















المزيد.....

سؤال النهضة والحداثة 2-2


ابراهيم الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 4129 - 2013 / 6 / 20 - 22:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صدمة الحداثة
كانت حملة نابليون على مصر عام 1798 صدمة حضارية للعرب والمسلمين الذين وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الغرب المتقدم علميا وتكنولوجيا وهو يملك أسباب وأدوات الحضارة والمدنية والمعرفة ويهيمن عليها. هذه الصدمة هزت صورة الشرق العريق باعتباره مهبط الأديان والحضارات وجعلته يدرك الواقع ويعيه حيث اكتشف فجأة انه متأخر والأخر متقدم عليه وشعر لأول مرة بالهوة الحضارية وان الغرب سبقه مدة خمسة قرون.
فمنذ منتصف القرن التاسع اخذ العرب يتطلعون الى تغيير الواقع الفكري والاجتماعي والثقافي وفق رؤية منفتحة على الحضارات وفتحوا ابواب الحوار مع الثقافات الاخرى ومواكبة افكار التقدم والتطور الاجتماعي، بعد ان شعروا بأنهم ما زالوا مكبلين بقيود عديدة في مقدمتها الدولة العثمانية الاستبدادية وسلطتها البيروقراطية-العسكرية ونهجها الاستعماري التوسعي. وفي الوقت الذي بدأت فيه الدولة العثمانية تشيخ وتهرم ، بدأت هيمنة الدول الاستعمارية على العالم العربي ودخول عناصر الحضارة الغربية المادية والمعنوية.
في مثل هذه الفترة من القلق والتساؤل بدأ رواد النهضة العربية-الاسلامية يلعبون دورا هاما في اثارة روح النقد والتذمر واصلاح الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتردية استنادا على الفكر الاسلامي النير واذكاء روح النقد والمعارضة.
ويلاحظ الباحث الاجتماعي انه كلما يفقد المسلمون قيادة عالمهم يتحولون الى العقيدة الاسلامية يبحثون فيها ثانية عن هويتهم الضائعة والتخلص من محنتهم وضياعهم.
ان الوعي الديني والحماس الوطني وتطور الافكار القومية والليبرالية والاشتراكية من جهة،
وتأثير الاستعمار الغربي وما ارتبط به من اقتصاد رأسمالي تابع ومشوه من جهة أخرى، قادت الى يقظة شاملة دفعت المصلحين الاجتماعيين نحو حركة تحرر تهدف الى اصلاح شامل، اجتماعي-اقتصادي اولا وثقافي -سياسي ثانيا، وبالتالي تحقيق الهوية على اساس مبدأ "الاجتهاد "، خصوصا بعد ان دخلت الى العالم العربي والاسلامي مفاهيم جديدة لم يألفها من قبل كالحرية والاستقلال والتقدم العلمي والتكنولوجي وحقوق الانسان. هذا الوعي والحماس ظهر في صرخة عبد الله النديم: لماذا تتقدمون ونحن نتأخر؟! ولماذا هم اقوياء (ونحن ضعفاء) ؟!
وقد اثارت العلاقة المعقدة، بين الشرق والغرب وبين الماضي والحاضر وبين التراث والمعاصرة وبين الانا والآخر، تساؤلات وردود افعال عديدة من بينها محاولة تحديث الفقه عن طريق فتح باب الاجتهاد وربط الخطاب الديني بمقتضيات العصر وكذلك محاولات تحديث المجتمع وإدخال بعض عناصر الحضارة المادية اليه.
غير ان صياغة مشروع نهضوي قادر على مواجهة التحديات المصيرية الاستعمارية والتحديثية وجدوا فيه خطرا على مصير الاسلام والمسلمين. ولذلك فان صدمة الحداثة الحضارية والسيكولوجية احدثت صراعا وتناشزا بين فئتين واسعتين أطلق عليهما على الوردي، بـ "فئة المجددين" و "فئة المحافظين" واحدة دعت الى الاصلاح والتحديث والأخذ بعناصر الحضارة الغربية المادية والمعنوية، والاخرى تمسكت بالنظام القائم ومؤسساته التقليدية وطالبت بالرجوع الى الاسلام الاول وقراءته واعادة انتاجه من جديد.
التيارات الفكرية الرئيسية المسيطرة
نشأت اربعة تيارات رئيسية سيطرت على الساحة آنذاك وهي: -
1- التيار الديني التقليدي: أكد على ضرورة بقاء الخلافة الإسلامية المستمدة من الشرع والقران وضرورة الدفاع عنها متمسكا بمقولة طاعة ولي الأمر/السلطان المطلقة على اساس انها واجب ديني. (الماوردي وابن تيمية)
2- التيار الديني الإصلاحي: الذي نادى بالإصلاح عن طريق احياء الاسلام والعودة الى الاصول وتوحيد المسلمين في أمة واحدة لمواجهة الغزو الاوروبي السياسي والثقافي، والطريق الى انقاذ الامة يكون عن طريق الجامعة الإسلامية على شرط الاخذ بأسباب الحضارة ولكن عدم التخلي عن الدين. (الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا)
3- التيار الليبرالي: يمثل مجموعة من القوميين العرب الذين عملوا على احياء اللغة العربية وآدابها والسعي لإقامة الوحدة على اساس اللغة والارض والانتماء الاثني على اساس علماني. (ناصيف اليازجي واحمد فارس الشدياق وبطرس البستاني وجرجي زيدان وقاسم امين وصدقي الزهاوي ومعروف الرصافي وغيرهم.)
رابعا-التيار التقدمي: وهو تيار عقلاني نادى بالمبادئ الاشتراكية للتخلص من الاستبداد والتخلف، عن طريق احياء المعارف والعلوم (عبد الرحمن الكواكبي وشبلي شميل وفرح أنطوان).

وكرد فعل على الاحتكاك مع الغرب صدر كتاب عبد الرحمن الجبرتي (1754 ـ 1822 ) الموسوم " التقديس في زوال دولة الفرنسيس" حيث اطلق على الفرنسيين" بغزاة ارض الخلافة وانها دولة دهرية إلحادية ومارقة عن الدين. ومن جهة اخرى اثار الغرب المتقدم انبهار رافع الطهطاوي (1801-ـ1873) الذي زار فرنسا وغير نظرته الى الغرب حيث قال:" عرف الأخر الدنيا فعرف الدين، وعرفت أنا الدين فجهلت الدين والدنيا معا “. كما قال: "لقد وجدت الإسلام في فرنسا ولم اجده في بلاد الإسلام". ودعى الى نقل العلوم والآداب وتعليم المرأة وغيرها.
اما جمال الدين الافغاني (1839 ـ 1897) فقد دعى المسلمين الى فهم الدين فهما صحيحا واعادة بناء وحدة الامة وذلك عن طريق قطف ثمار العقل والعلم. مؤكدا على ان العلم والاسلام لا يتناقضان. (مجلة العروة الوثقى)
ان ردود الفعل المتناقضة من الغرب أحدثت صراعا فكريا انعكس في موقفهم من النهضة وعبر عن انتكاسة الفكر وتخلف المجتمع.
اسباب فشل مشروع النهضة ؟!
يمكننا ارجاع اسباب فشل مشروع النهضة الى عدة عوامل: -
أولا – تخلف البنى الفكرية والمجتمعية. فالتربة لم تكن صالحة لنمو الحداثة، حيث لم يتطور مجتمع صناعي ونظام رأسمالي يراكم الثروة.
ثانيا-غياب العقل النقدي وعدم تحقيق استقلالية العقل وخضوعه لما هو خارج عنه وتجريده من الفاعلية النقدية وكذلك نقده لمرجعتيه ونصه المقدس. وبذلك عجز عن الوقوف امام الأيديولوجية السلفية المغلقة في ابعادها الغيبية الاسطورية.
ثالثا-عدم تحقيق قطيعة مع الماضي، حيث وقفت العادات والتقاليد والأعراف العشائرية حائلا امام دخول عناصر الحداثة.
رابعا-الحرية هي جوهر النهضة وفي مقدمتها الحرية الفكرية وتحقيق الاستقلال الذاتي للعقل العربي وجعله عقلا نقديا تنويريا يستطيع الوقوف امام النظام الاستبدادي وأيديولوجيته اللاعقلانية.
خامسا-ضرورة تلازم التحديث المادي مع المعنوي على مستوى التطبيق العملي (تحديث المعرفة والتعليم والقيم والسلوك والاخلاق).
دخول الحداثة من الأبواب الخلفية
لقد اقتحم التحديث بنيات المجتمع التقليدية الراكدة ولكنه مس سطح المجتمع وقشرته الخارجية ولم يدخل في عمقه الداخلي. فالحداثة المادية دخلت من الأبواب الخلفية وليس الامامية وهو ما أحدث صراعا وتناشزا اجتماعيا وقيميا واخلاقيا. فالعرب اخذوا منجزات الحضارة المادية (السيارة والطائرة والانترنت والموبايل) دون قيمها ومعايرها وافكارها العلمية والتقنية التي صنعتها، في حين بقيت قيمنا وسلوكنا مشدودة الى القرون الوسطى بالرغم من اننا نستخدم تكنولوجيات القرن الواحد والعشرين.



#ابراهيم_الحيدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية
- سؤال النهضة والحداثة (1/2)
- النظرية الجمالية عند تيودور أدورنو
- العنف ضد المرأة
- يجب ان لا يكون التسامح واجبا ؟
- هاينريش هاينه روح الشعر الألماني
- هل اصبح العرف العشائري بديلا للقانون؟
- النزعة التنويرية في فكر المعتزلة
- عمانوئيل كانت : مبدأ التنوير ، - كن شجاعا واستخدم عقلك بنفسك ...
- النظام الأبوي/البطريركي وتشكيل الشخصية العربية
- خطر تنامي القبيلة والطائفة في العراق
- البداوة المقنعة
- الاختلافات والفروق البايولوجية والاجتماعية بين الرجل والمرأة
- الامزونيات الليبيات، اقاموا أول حكومة للنساء في العالم
- استلاب الانوثة
- هل الأنثى هي الاصل ؟
- حنا بطاطو وتحليل الطبقات الاجتماعية في العراق
- العولمة والمرأة في مجتمع الخدمات الجديد


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم الحيدري - سؤال النهضة والحداثة 2-2