|
ايران ولعب الكبار
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 08:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ايران ولعب الكبار ************* قبل اسبوع ونحن نجتاز أحدى شوارع المدينة ، وبينما كنا ندردش دردشة عامة حول الواقع السياسي الدولي ، راهنت أصدقائي على فوز التيار الاصلاحي ، كما يتداوله الاعلام ، وفعلا بعد افراز النتائج ، تم اعلان حسن روحاني رئيسا جديدا لايران ، وهو رجل معتدل حسب مختلف المراقبين . لم يكن هناك غير احتمال واحد من احتمالين في تسلم مقاليد الرئاسة الايرانية ، اما أن يكون من التيار المحافظ ، أو من التيار الاصلاحي ، مثل ما يحصل في الولايات المتحدة الأمريكية ، ديمقراطي أو جمهوري ، وليس هناك احتمال نجاح طرف ثالث ، على الأقل في المدى المنظور . لكن السؤال لماذا راهنت بقوة على فوز ممثل التيار الاصلاحي ؟ . لم تطرأ على بالي لعبة الثنائيات ساعة رهاني على نجاح التيار الاصلاحي ، بل هو استقراء مبني على مراقبة الاستراتيجيات السياسية لجمهورية ايران الاسلامية . فهو البلد الوحيد من العالم الثالث الذي استطاع أن يلاعب الولايات المتحدة الأمريكية بنفس لعبها السياسية والاستراتيجية ، وعندما انضمت الدول الأوروبية الى اللعبة الأمريكية ، فان ايران لم تتراجع أمام هذا الحشد الدولي ، بل سايرتهم بنفس المنطق ، دهاء سياسي ، واستقراء للمستقبل ، وقراءة الخريطة الجيوستراتيجية الدولية ، والرهان على التناقضات الأممية ، وتربية أجيال من الكوادر والأطر الداخلية تربية محلية متشبعة بالحس الوطني ، ومؤمنة بالأهداف العليا للثورة الايرانية ، ومتجذرة في تربة ايران كهوية خالصة لا شريك لها ولا تعويض عنها . فايران الملالي، ومنذ حربها ضد العراق الذي تكلف بحرب بالوكالة بقيادة صدام حسين عن المشروع الأمريكي القديم في المنطقة والمدعوم من دول الجوار العربي ، فطنت الى الرهانات الصعبة التي تنتظرها ، فانتهجت لمدة تفوق العقدين مبدأ التقية السياسي ، الذي ما تزال تمارسه في مجال التطوير التكنولوجي ، ومعلوم أن مبدأ التقية يقوم على الاخفاء والاضمار حفاظا على السرار الحميمية والأهداف البعيدة ، وهو ما تحقق لايران كدولة لها أجندتها الخاصة التي تتقاطع مع الرؤية الحضارية لأهل فارس . ولكي تنجح ايران في هذه المهام ، كان لزاما عليها ان تشتغل كدولة ، على المجال المؤسساتي ، لأن مثل هذه الرهانات لا يمكن أن تنجح بالاشتغال على المجال النخبوي أو الارتكاز على العرف الأحادي التوليتاري ، فتأسست مجموعة من المؤسسات القارة كما هو الشأن في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مثلا . فالمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني ، يشبه مجلس الأمن القومي الأمريكي ، وليس هناك من تعارض الا في شكل القائمين عليه ، ومجلس تشخيص مصلحة النظام ـ تمثله في الولايات المتحدة الأمريكية المعاهد العلمية الكبرى وقوى رجال الأعمال بما في ذلك جنرالات الجيش- اللوبي- ، ونظام ايران البرلماني يحتفظ بنفس الثنائية البرلمانية ، مجلس الشورى والبرلمان ، لكنهما مجلسين سياسيين ، لهما أدوار سياسية بحثة ، وليس تمثيلات صورية ، كما يحدث مثلا عندنا في المغرب . في مثل هذه الهرمونية الاتساقية لا يمكن للدولة أن ترتكب خطأ تعيين مسؤول لا يشرف منصبه ، فمن أهم شروط تحمل المسؤوليات الكبرى والحساسة في ايران ، أن يلتزم المرشح عبر سيرة السلوك ، قبل الأهداف والمشاريع بالخط العام للسياسة العامة للبلاد . فاللعبة السياسية محسومة مساحاتها وأدوارها ، ولا بد لمن يدخل الى رقعتها أن يلتزم بقوانينها وأن يقف عند خطوطها الحمراء . ونحن اذا ما قمنا بجرد لمختلف رؤساء ايران ، فاننا لن نجد أيا منهم يخرج عن الاطار العام للثورة الايرانية ، فهم كلهم أبناء الثورة ومن أخلص مريديها . انهم أبناؤها الذين يعملون على ارضاء الرمز كل حسب اجتهاده ، دون أن يحطم التمثال سواء بالحب العنيف أو بالمروق الضعيف ، فأجندة خدمة الحضارة الايرانية فوق أي اعتبار . انه نفس موقف لعبة الديمقراطيين والجمهوريين في أمريكا ، لكنها أرقى من التجربة الأمريكية وأقرب الى التجربة الفرنسية . لأن هناك أمثلة أمريكية شوهت المسار الأمريكي كنيكسون وفضيحة ووتر غيت والاندفاع الأهوج لجورج بوش الذي تسبب في فرقعة الفقاعات الاقتصادية والسياسية الأمركية حسب كثير من المحللين الأمركيين . وهذا ما لانجده ولا نعثر عليه في ايران رغم تجربتها السياسية القصيرة . يبقى أن حسن روحاني هو رجل الثورة الايرانية ، سبق واعتقل ايام الشاه ، ثم هرب الى فرنسا ليكون قريبا من الخميني ، وحين انتصار الثورة عاد معه ، ليتسلم مسؤوليات عديدة وليخبر لعبة السياسة عن قرب ومن داخل المطبخ السياسي . فقد شغل مناصب خطيرة ومسؤوليات ضخمة ، أولها مشاركته في تنظيم الجيش الايراني والقواعد العسكرية ، وآخرها تسلمه منصب الرئاسة متدرجا من عدة مناصب أخرى ، كعضو في مجلس الشورى والبرلمان منذ 1980 ، ونائب للجنة الدفاع ولجنة السياسة ، ومستشار لرئيسين هما رفسنجاني وخاتمي ، ومسؤوليات أخرى . يبقى أن نشير الى انتحار أكبر ابنائه لأسباب يربطها البعض بانتماء أبيه لنظام أعدم الكثير من الايرانيين من بينهم اصدقاء الابن البكر لحسن روحاني . لكن ذلك لا يمكن التعويل عليه في تغيير رؤيته تجاه بنية النظام الايراني ، فعقيدة البلاد أكبر من عقيدة الدم لدى الكثير من الايرانيين . السياسة تربية ، وليست ريعا ، والأوطان تبنى بالحكماء والعقلاء ، وليس بالمهرجين والانتهازيين . وكل ايران والعالم العربي أشبه بها ...متى ؟؟؟؟
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصمت بين المعنى والوجود
-
لاتصدقي تجار الدين
-
تحريف الجهاد
-
الحداثة هدف مؤجل
-
البيان حلم والممارسة واقع
-
ثمة أغنية في الحنجرة
-
الانسان ذلك المنحرف -1-
-
القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
-
قصة الدمعة -قصة-
-
مؤتمر جنيف-2- الميت
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
-
ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
-
عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
-
قصة : لم أتعلم الندم
-
الى السيد عبد العالي حامي الدين*
-
تلبيس ابليس لباس القديس
-
ليس دفاعا عن العلمانية -2-
-
أثر الدلالة
-
البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
المزيد.....
-
شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال
...
-
مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا
...
-
إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح
...
-
في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض
...
-
لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
-
3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
-
الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
-
مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال
...
-
كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
-
واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|