أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد الديوان - ثقافة العنف: نظرة خاصة















المزيد.....

ثقافة العنف: نظرة خاصة


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 08:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في العراق يشير علماء النفس للخلل في النظام القيمي للفرد، ساهمت في تكوينه الاسرة والنظام التعليمي والسلطة. فيكرس النظام التعليمي من الابتدائية وحتى الجامعة السلطة الابوية ويهدف للضبط الاجتماعي، ويحدد العقل باستقبال المعلومات فقط دون الحوار والمناقشة، وعندها يتعامل الفرد مع التوتر ضمن المحاكاة (من اليات الدفاع العقلي) اي تقليد الاب او المعلم او الاكثر تجربة وغيرها. ويبرز اصحاب الفتاوي في قيادة الجموع لاستلهامهم حياة السلف الصالح وتعليماتهم لتعينهم على اختيار الصحيح من الامور، في عالم كثرت فيه المتغيرات مثل الاعلام والتكنولوجيا وما رافق ذلك من تغيرات اجتماعية.
تعتمد الاسرة العراقية العقاب الجسدي والترهيب والتهديد والقهر والازدراء وغيرها (متوراثة عن الاجداد). وبعدها يتعامل الانسان مع التوتر بازاحة التوتر الى الاضعف منه، محاولا رد اعتباره عن تلك المعاملة القاسية (من اليات الدفاع العقلي).
وربما قدم نجيب محفوظ السيد عبد الجواد (سي السيد في ثلاثيته الشهيرة) نموذجا للسلطة في العالم العربي. ان سي السيد نموذج للرجل العربي الذي يعاني من ازدواج الشخصية التي اشار اليها الدكتور علي الوردي، فيجد متعة في اللهو مع اصحابه، ويحرمها على عائلته، فيتزوج ابنه البكر مومسا لابيه (اشارة من نجيب محفوظ لاشكالية الاخلاق، وما تفهمه المجتمعات العربية من تعليمات السماء). ان ازدواجية الشخصية للفرد العراقي علامة لخلل في النمو النفسي للفرد.
لقد مارست السلطة العربية العنف والقهر لادارة شؤون البلاد، واعتمدت الجلد بالسياط وحتى للائمة، وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث (الامام زيد بن علي والاخوة ذو النفس الزكية وصاحب الزنج وقائد القرامطة وبشار بن برد والحلاج وابن المقفع وغيرهم). ونفذوا العقوبات امام الناس وباحات الجوامع. انه اسلوب التعليم الشرطي للطاعة. واعدم صدام البعض في الاحياء السكنية مصحوبا بهلاهل نسوة اتحاد نساء العراق (اطلقوا احدهم من عمود الاعدام بعد ان تبينوا انه الشخص الخطا في المدينة التي كنت اعمل في مستشفاها). ونظمت حفلات الفلقة والجلد في اللجنة الاولمبية والتصنيع العسكري امام المنتسبين والمواقف والسجون. لقد كشف بافلوف اليات عمل هذا التعليم الشرطي واثر ذلك على وظائف الجسم وليس الجانب النفسي فقط.
لم يجود الارهابي بنفسه من اجل قضية كما فعل شباب العراق ابان الحكم الملكي مثلا. ومن الابطال في العراق العمال المهرة وغير المهرة قتلتهم بهائم انتحارية! فيجاهدون لاطعام عوائلهم وبناء العراق. وكذلك طلبة العراق وعلماؤه واطباؤه وغيرهم، فيتحملون المخاطرة للوصول الى مكان العمل. ان ابطال ثورة العشرين وابطال الجسر ابان 1948 وغيرهم سعوا لبناء الوطن (انسحاب القوات الاجنبية وعدم تكبيل العراق بالمعاهدات والدعوة لتطوير الاقتصاد ... الخ) في حين يفكر الانتحاري في قتل الكفار! وفي تفسيراتهم يشمل ذلك طلبة العلم ومتطوعي القوات المسلحة والعمال وباعة الخضروات وغيرهم، وبتبريرات شتى.
ابطال حركات التحرر الوطني (شهداء الوطن) يقدسون الوطن وابناؤه اما الانتحاريون يكفرون ابناء الوطن ويقتلوهم وينشرون الذعر والهلع. وفي الوقت الذي يطمع فيه الانتحاري بالجنة مكافاة على افعاله استنادا للفتاوي العجيبة! يسعى ابطال الشعب للذكرى العطرة في التاريخ اما الجنة فهي مكافاة العزيز الحكيم والغفور الرحيم.
وللمجرمين والمنحرفين نفسيا هدف "العنف". فاستغل المتطرفون ذلك لنشر العنف. ولم ينتبه رجال الدين وشيوخهم لعواقب مثل هذه الظواهر فلن تتكرر تجربة مالك بن الريب حين تحول من لص الى مجاهد، وقبل وفاته بعد الجرح قال رائعته المشهورة، وفيها:
الم ترني بعت الضلالة بالهدى
واصبحت في جيش بن عفان غازيا
وربما يمثل عتاب واضح.
لم يتغير النظام القيمي لدى الفرد في العراق عبر الزمن، حيث اساليب التربية الاسرية واشكاليات السلطة ومكونات التعليم لم تتغير بل استعارت من اليات التعليم في الماضي، فنجد الجواهري يخاطب قائد انقلاب 1936 (بكر صدقي) بقوله:
فضيق الحبل واشدد من خناقهم
فربما كان في ارخائه ضرر
اقدم فانت على الاقدام منطبع
وابطش فانت على التنكيل مقتدر
وهذا يماثل ما قاله سريف بن ميمون لابو العباس السفاح في امراء الامويين:
أقصهم ايها الخليفة واحسم
عنك بالسيف شافة الارجاس
فلقد سائني وساء سوائي
قربهم من نمارق وكراسي
فهذه دعوات للسلطة لتمارس العنف، وتقدم تبريرا لعنف السلطة. ورغم الفاصل الزمني بين القصيدتين. وفي الثمانينات صور ادباء العراق نتاج العنف باجمل الصور فكان الخراب الجميل في النتاج الادبي ابان الحرب العراقية الايرانية، ومن امثلة ذلك: ما قدمه عبد الستار ناصر وعلي خيون وعدنان الصائغ وسامي مهدي وعبد الرزاق عبد الواحد وغيرهم. ومن الامثلة:
سلاما يافتى الفتيان
يا علما بواديها
وكذلك ما يثير النزعات الطائفية :
من عهد كسرى وذات الحقد في دمها
لم يأل خلف قناع الدين يلتهب
ومن اقوالهم:
لا يحسد الموت اللعين بميت
الا الشهادة ليس تعدم حاسدا
وتبنى حميد سعيد العنف ضد الادباء التي غردت خارج السرب ابان حكم البعث فاستخدم الفاظا سوقية مثل القندرة في مؤتمر اتحاد الادباء العرب في بغداد عام 1986 . ان الخراب الجميل ووضوحه في نتاج الادباء نموذج حي لتكوين رد الفعل واحلام اليقظة.
يتعامل السياسيون مع الاهداف، ومارس السياسيون عند الحكم العقاب والثواب، وشاعت عبارات ورددها الناس مثل اعطه الف درهم واضربه مائة جلدة، واجلده حتى التلف كما حصل لبشار بن برد في زمن الخليفة المهدي في عهد العباسيين، وفي العهد السابق وزع القائد سيارات، واوامر الاعدام. ان تنفيذ العقوبات الجسدية علنا امام الناس تعني ارهاب البقية ولجمهم بعيدا عن العقل، وهذا تعلم شرطي، وهكذا يقديم الناس فروض الولاء والطاعة. ويفتخر حامل انواط صدام من حروبه، ليسيء الادب في الشارع، مع امتيازاتها المالية، فتدافع الجند للحصول عليها والتقاتل من اجلها. وعندما ازداد حاملوها ظهرت مجالات اخرى للثواب مثل الاصدقاء والنخوة وغيرها من المسميات. وبرزت المحاكاة للقائد الضرورة! وضباطه الجهلة فانتشر الاحباط في زمنه بين العديد من المواطنيين.
وربما عانى المتنبي من الاحباط في زمنه حيث يقلد الناس حكامهم الجهلة! في القرن الرابع الهجري بقوله:
اي مكان ارتقي
اي عظيم اتقي
فلا يستطيع ان يقلد او يحاكي احد منهم.
الفرق بين صور التاريخ اللامعة، والحاضر المؤلمة يسبب الاغتراب عند الشاب العراقي. والاغتراب يعني الاحباط مما يدفع للعنف والقسوة وتشوش الادراك. ويتحمل النظام التعليمي هذه الاشكالية، عندما قدم التاريخ بأبها صوره وتغاضى عن الكثير من السلبيات في الكتب المدرسية. ولا يعرف الكثير ممن انهى الثانوية تفاصيل يسيرة عن معركة الجمل مثلا او الخوارج او اشكالية بعض الولاة مثل الوليد بن عتبة في الكوفة او عبدالله بن سريح في مصر والصراع بين الاخوة الامين والمامون او غدر الخلفاء من بني العباس ببعضهم البعض او عن حركات التمرد او الثورة على سبيل المثال.



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو يسعى التيار الديمقراطي من اجل كتلة سياسية
- ملاحظات حول مستقبل العراق
- تغيرات في اليات التعليم الطبي
- نائب
- شخصية نرجسية (ملاحظات خاصة صدام حسين)
- نموذج ام عراقية (والدتي)
- ادوار سياسية
- الاكاديمي والعمل السياسي في العراق
- غضب الاطفال
- اغنية خي خي وذكريات خاصة
- العراق بحاجة لتحالف القوى الديمقراطية
- ترقية علمية 1 - 2
- نحو تحالف للقوى الديمقراطية في العراق مرة اخرى
- احتفالية اليوم العالمي للفتاة في بغداد
- حلم تحالف القوى الديمقراطية في العراق
- نحو تحالف ديمقراطي في العراق
- الجلبي يكرم الاول في الرياضيات جامعة بغداد
- الازمة السياسية في العراق
- مجموعة العمل الوبائي للسيطرة على الادمان واساءة استخدام المو ...
- بين نائبة ونائب


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد الديوان - ثقافة العنف: نظرة خاصة