أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - ما الذي يمكن ان يقدمه الفهم الديني للعلم؟














المزيد.....

ما الذي يمكن ان يقدمه الفهم الديني للعلم؟


يحيى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 14:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ان اعظم ما يمكن ان يقدمه الفهم الديني للعلم هو التنبيه على جدوى التفكير القصدي. فمثلما لألفاظ النص مقاصد، فكذلك لظواهر الطبيعة مقاصد واغراض. وهو كلام يُعترض عليه بانه ليس بالجديد، فمن المعلوم ان هذه الطريقة من التفكير سادت في الماضي البعيد، ومن ثم صارت من مخلفات العلم القديم، لهذا فهي من وجهة النظر الحديثة ليست مجدية ولا نافعة، لكونها مرتبطة بالتفكير الميتافيزيقي الذي يزعم العلم انه تخلص منه، على الاقل في شكله القديم، ومنه الطرح الغائي والعلة الغائية.
فهذا ما يسلم به العلم منذ النهضة الحديثة وحتى يومنا هذا. وهو امر معلوم..
لكن ما اود طرحه ليس اعادة النغمة القديمة، ولا تبرير ما موجود كتحصيل حاصل، بل التنبيه على الفائدة التي نجنيها من افتراض مبدأ ذي خاصية تعمل على تطوير العلم ودفعه للامام مقارنة بإبطاله او تعطيله.. وهو ما يتميز به مبدأ القصدية والغرض.
فالباحث العلمي وفقاً لبعض القرائن ذات الدلالة الخاصة يجد ما يدفعه ويشدّه الى التفكير والتحقيق في الظاهرة الطبيعية عندما يفترض ان وراءها قصداً وغرضاً يحتاج الى تحديد، فهو ليس بصدد تحصيل ما هو حاصل في سرد الفوائد في النظام الكوني المعلوم، مثل التذكير بفائدة الشمس والاوكسجين وثاني اوكسيد الكاربون وغيرها للحياة. فهذه امور يكون الحديث فيها مما هو حاصل ومعلوم من دون علاقة بالكشف العلمي. فما له علاقة بهذا الاخير هو التحقيق في قضايا لم تُكتشف بعد، كالذي يهيء له الافتراض السابق.
تلك هي المهمة الملقاة على عاتق (الباحث القصدي)، فهو من يتشجع للتحقيق في معرفة ان كان وراء الظاهرة الطبيعية اغراض جديدة مجهولة ام لا؟. في حين لا يتكلف الباحث الاخر (الاتفاقي) عناء البحث عندما ينزع عليها الوجود الاتفاقي الصدفوي، فهو يدرك بان الجهد الذي سيبذله للتفتيش عن علة وجودها بالشكل الذي عليه سوف يكون عبثاً بلا جدوى.
ويلاحظ انه مثلما يقف المبدأ القصدي في الفهم الديني قبال المبدأ التعبدي، فكذا هو حاصل ما يناظره في العلم، فنحن نفترض ان المنهج الغرضي او القصدي يقابله المنهج الاتفاقي الصدفوي. ويقف الاخير على شاكلة المبدأ التعبدي للفهم، فكلاهما يرى الامور جارية بالنحو الذي عليه دون حاجة لافتراضات اخرى تتعلق بالمقاصد والاغراض، ومن ثم لا فائدة من البحث والاستقصاء فيها.
فمثلاً تعد الارض متطورة للغاية مقارنة بسائر كواكب مجموعتنا الشمسية، بفضل وجود الكائنات الحية والذكية، فهي توفر كل المستلزمات الحياتية وغيرها لهذه الكائنات؛ خلافاً لنظيراتها من الأجرام الاخرى. فهذه المسلمة التي يجمع عليها العلماء يمكن ان تدفع بالبحث للامام فيما لو افترضنا ان وجود الكواكب هو وجود ضروري لهذه الكائنات، شبيهاً بضرورة الشمس المعلومة. فوفقاً لهذا النمط من التفكير القصدي لا ينحصر تأثيرها بما تفعله من الجذب المعروف، بل يُفترض ان لها خدمات للحياة الارضية وفقاً لبعض خصائصها؛ من قبيل طبيعة مداراتها وأبعادها وكتلها وغازاتها ودرجات ضغطها وحرارتها وحقولها الكهرومغناطيسية... الخ.
في حين وفقاً للتفكير الصدفوي الاتفاقي فان وجود الكواكب بهذا العدد من الكتل والابعاد وما الى ذلك من خصائص اخرى لا يتجاوز الاتفاق الصدفوي، وبالتالي ليس من المتوقع استفادة الارض ومن عليها منها غير ذلك المتعلق بالجذب الثقالي.
لا ريب ان مبررات المنهج القصدي للعلم ليست معنية بالبحثين الميتافيزيقي والديني للنزعة الغائية، فهي تجد جذورها ضمن المنطق الاستقرائي للعلم ذاته. فبين مدة واخرى يكتشف لنا العلم شيئاً جديداً غير متوقع وله علاقة بالمبدأ القصدي عرضاً.
اذاً يمكن طرح السؤال كالتالي: هل للكواكب وجود صدفوي اتفاقي في علاقتها مع الارض؟ ام ان لها فوائد هامة على الكائنات الحية، بل والذكية ايضاً، غير التوازن الثقالي المعروف؟
وبلا شك فان هذه المسألة تمتلك جدوى للبحث لدى (الباحث القصدي)، فهي تدفع للتحقيق لمعرفة ان كانت هناك اغراض للكواكب يمكن ان تقدمه للحياة والارض ام لا؟. فحتى لو لم يجنِ التحقيق شيئاً في هذه الحالة؛ فقد يقدم لنا معلومات جديدة حول هذه الاجرام. كما يقدم لنا فائدة اكيدة بما يُعرف بخيبة التوقع والانتظار، كالتي يشير اليها فلاسفة العلم من امثال كارل بوبر. اذ تتجلى الفائدة في هذه الخيبة – كما ذكرنا - بترك الفرضيات التي ينكشف بطلانها، ومن ثم متابعة البحث عبر فرضيات اخرى غيرها.
وفي القبال لا يجد (الباحث الاتفاقي) دوافع مشجعة للتحقيق في الموضوع جملة وتفصيلاً، طالما انه ينكر الاغراض والمقاصد الكونية وفقاً لمنهج الاتفاق والصدفة. وهو من هذه الناحية يتصف بالكسل مقارنة بالاول المتصف بالنشاط. وهذا الحال ينطبق على الفهم الديني نسبياً، وهو ان الباحث القصدي في الفهم يتصف بالنشاط والمغامرة خلافاً لما يدعو اليه الباحث التعبدي من التحفظ في البحث بما يشبه الخمول.
على ذلك يمكن تقرير ان العلم الحالي القائم على فكرة الاتفاق والمصادفة هو علم كسول محافظ. ويمكن تصنيفه ضمن مرحلة يقدر عمرها بما يقارب اربعة قرون خلت، اي منذ نشأته الحديثة وحتى يومنا الحالي. وليس ببعيد ان يتبدل الحال الى مرحلة جديدة قادمة تتصف بالعلم النشط المغامر؛ بعد تناوله لجرعة من الدواء القصدي كالذي يقدمه له طبيب الفهم مجاناً!



#يحيى_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساليب التوالد المعرفي (قراءة نقدية لما جاء في الاسس المنطقي ...
- مسلمات العلم والفهم: مبدأ السببية والقصدية
- نظم العلم والهرمنوطيقا (6)
- النسق المتسق بين العلم والفهم
- نظم العلم والهرمنوطيقا (5)
- نظم العلم والهرمنوطيقا (4)
- الشذوذ والمسكوت عنه في العلم والفهم
- قواعد الكشف بين العلم والفهم
- مبدأ التكافؤ بين العلم والفهم
- نظم العلم والهرمنوطيقا (3)
- نظم العلم والهرمنوطيقا (2)
- نظم العلم والهرمنوطيقا (1)
- الدليل الصناعي وأساليب العلم والوجدان
- ثلاث بنى عقلية منتجة: المثقف العلماني والديني والفقيه
- الفضاء الكوني والعلم المعاصر
- نظرية التجاوز المذهبي
- الفلسفة اليونانية والمصادر القديمة
- الإتجاهات الحديثة وتوظيف الواقع للفهم الديني
- أزمة الإجتهاد الشيعي
- الدليل الاستقرائي عند المفكر الصدر (قراءة نقدية)


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - ما الذي يمكن ان يقدمه الفهم الديني للعلم؟