|
نحلة طفلة يطرزون لها أغطية تشبه أيّامهم
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 19:32
المحور:
الادب والفن
الزمن . الطبيعة ...
إبحار طويل الى بيزنطة نسينا فيه ملامح من حملنا لهم قرابيننا ، والحاج يدرك لحظة موته في لمسه للموجة الناعسة . رغبنا في الماضي أن نعبر مع التجريبيين العوالم التي تدمّرنا بشروطها الفظيعة ، لكن إنشغالنا بأنشطة موتنا في المتاهة ، أعجزنا عن صعود النهار . شعوب كثيرة عارضت الغاية المضادة لوجودها في نجود العالم ، وتساوت مع الآلهة في إعراضها عن موتها في النسائم النحيفة . صراعنا مع الحتميات ، يلزمنا دائماً إدامتنا للبوصلة ، وفي الحلم يلتحم الزمن والطبيعة . مشايعو آلهة ما يبقون رهائن لأسيادهم ولا يتضاعفون في الإثمار الطويل للصيف . غيوم زرق عبرت معنا الأيّام . أودعنا عندها رغباتنا الجنسية وأغلقنا عليها البحيرات المزدوجة للعودة .
نحلة طفلة يطرّزون لها أغطية تشبه أيّامهم ...
يطوّعون في الشِّعاب حجارة صلدة ويتقمَّصون غشامة الموتى . تحليتهم لمياه البِرْكة التي أضاعوا فيها مفاتيح مستقبلهم ، تساعدهم في كبحهم التدافع صوب الاعتمادات التي يحصلون عليها من أوديب الأبله . إمحاء طويل لأشياء الماضي استندوا فيه على الشذرات الزرق للنجوم ، وفتَّشوا في دواخلهم عن الضغائن . كلٌ منهم يحضن شجرة كستناء رغبته ويغوي ميتته الشامخة . تبكي في أحراش حلمهم نحلة طفلة فيطرّزون لها أغطية تشبه أيّامهم في عودتهم من رحلة الصيد . معارف جليلة انفصلوا عنها في تمايزهم عن الآخرين الذين فضَّلو الجلوس في قبورهم ، واصلاحهم للنوافذ الضخمة للكواكب ، لا يعزلهم عن تعديلهم للندى الذي يغطَّي جدائلهم في الظهيرة . صيِّغ مزعومة للإيمان ينتجون فيها استرقاقهم لانفجار البروق ، لكنَّ اضفاءهم تلقائية غير فطنة على صناعتهم للصلاة في البراري ، تشتّت شملهم في الأرض الغريبة ويصبحون امثولة في فولكلور شعوب الجبال .
نعزَّهُ بأخوّة دائمة ...
الى ناصر مؤنس ..
حلبنا معهم شياههم وحصدنا القمح وزوَّجنا شبابهم فتياتنا . إمعانهم في إذلالنا وسرقتهم أمشاطنا ومناجلنا وأرغفتنا ، وتركنا نعاني العوز في الليل والنهار ، ومحاباتهم لخصومنا الكفَّار . أفعال ضارّة تؤثر على سمعتنا وعيشنا بين الأثنيات الأخرى . رذائل فظيعة عانيناها منهم ومن حسدهم لنعمتنا وأناشيدنا لأقاربنا الذين صاهرناهم بترحاب عظيم . السخط والتشاحن يجعلهم يزفرون سبابهم ضدّنا الذي تحرَّكه تبعيتهم لعيشهم في الأكواخ عديمة التهوية . مصدران وحيدان يساعدان المغنّي على إدامة أغنيته . حفظه للغيوم الذهبية للمعرفة ، ورزانته مع نفسه ومع الآخرين . كثيرون ضربوا ذواتهم بسياط تخبّطهم بين الوظيفة ومرحاض العائلة ، والشقيّ فيهم يطلب الشهرة والوجاهة . مقارنة الخطيئة مع الصلاة لا تصح في سقوط المغنّي بهاوية رعونته ، والذي يرتاع من وقوفه في آخر الشوط ، ويضيع منه في حمقه وطيشه ، عذاب الكلمة . نعزَّه بأخوّة دائمة ولا نحرمه من ذرفه لدموعه وخصامه لنا . وحده الذي يشيخ في حنوّه على النهر الذي يحفره طوال حياته ، يتيقَّن من جنيه بعد الخمسين لشهد العسل .
مخاوفنا من الانطباعيين ...
نبّهناهم ولم يتسن لهم المجال لتقوية شكيمتهم في تكافلهم مع الأجناس الأخرى . تفاوتات كثيرة في العزلة لم يفطن اليها أحد منهم ، وفي عيشهم منفردين ببرّية مقاومتهم للعولمة ، يخمل كلّ شيء في أبنيتهم المتصدَّعة ، وتنحلّ عناصرهم متشقَّقة بلا رأفة . عنب باذخ توافيه المنية في أشجاره ، يتجنَّبه الفضولي ولا تخطر في باله الرغبة في السهر بليل موته وحياته ، والبشر الذين يئنون ويتألمون في غلطهم بتنمية حيواتهم ، يسلّمون أمورهم من دون لياقة الى المسخَّرين وعمّال الآلهة الطغام . تعاقب دائم للشرّ في العالم ، نصنَّفه مع فضائلنا التي نسحق فيها كلّ أُخُوَّة للآخرين ، وتندفع الطبيعة في بواكير الثمار الى سلبنا اليقين بأفضلية الانسان على الحشرة . يُطهى لنا موتنا على حجارة سوداء ونحنُ في الأرحام ، ونديم نيرانه بمراوح نحرّكها في كلّ لحظة . ندهنُ قبورنا بفشل عظيم للمهمة ونغادر الصيف من دون وعد بأمل ما . لا تسعفنا النية في الانتحار ، ولا مباضع الكاهن تهدىء مخاوفنا من الانطباعيين الذين ينتظرون رهننا لمشمش حيواتنا لدى ذرّيتنا .
17 / 6 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحيطة لكلّ طارىء
-
الشراك التي أضاعوها في شبابهم
-
ولادة الشجرة لطفلها أثناء الفجر
-
مجابهتنا لما ينحاز الى موتنا
-
الجمال الانساني
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|