حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٢-;-

حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 14:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حول "حسقيل قوجمان في أعلى مراحله"٢-;-
عنون يعقوب ابراهامي مقاله الجديد حسقيل قوجمان في اعلى مراحله معتبرا مقاله تعويضا عن تعليقه الذي منعت ادارة الحوار المتمدن نشره. وكما اعتاد يعقوب في مناقشة كل ما يكتبه حسقيل لا يناقش الموضوع الذي كتبه حسقيل او الفكرة التي يشرحها بل يحول النقاش الى شخصية حسقيل قوجمان. من عنوان المقال الحالي نعلم ان حسقيل هو في اعلى مراحله وماذا يعني يعقوب بانه في اعلى مراحله؟ اترك الجواب على هذا السؤال الى يعقوب. فلا اهمية عندي ان كنت في اعلى مراحلي ام لا طالما انا لا اكتب الا ما اعتبره صحيحا.
واستهل شرح موضوع مقاله بعبارة "موضوع هذه الملاحظات هو: كيف يبدو لك العالم عندما تنظر إليه في عام 2013 بمنظارٍ صُنِع عام 1916؟" . وهنا ايضا يعني القول اذا استطاع حسقيل فهمه هو ان حسقيل ينظر الى عالم القرن الحادي والعشرين بمنظار صنع في 1916. الموضوع هنا ايضا هو حسقيل قوجمان وليس ما كتبه حسقيل.
المنظار الذي صنع في 1916 هو كتاب لينين "الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية". ومقياس يعقوب كما يصرح به دائما وما تشير اليه كتاباته وفي هذا السؤال الاخير ايضا هو عمر المنظار وليس محتواه. فكتاب لينين قد شاخ وانتهى عهده لان عمره اصبح مائة عام بدون الاشارة الى ما تغير في محتوى الكتاب بحيث يبرهن على شيخوخته. فعدد التطورات الهائلة التي حدثت في القرن الحادي والعشرين ثم تساءل "كيف كان يستطيع لينين عام 1916 أن يتنبأ بما سيحدث بعد 97 عاماً؟ هذا السؤال لم يخطر على بال حسقيل قوجمان". هنا ايضا لم يخطر على بال حسقيل السؤال الذي خطر على بال يعقوب ابراهامي.
السؤال هو كيف يبدو العالم عندما ينظر اليه حسقيل بالمنظار العجوز، ما هو الخطا في فهم حسقيل المنظور بهذا المنظار، وكيف يبدو العالم عندما ينظر اليه يعقوب بمنظاره الحديث؟ لا مكان لمثل هذه الاسئلة في كتابات يعقوب. المهم هو ان حسقيل ينظر الى عالم القرن الحادي والعشرين بمنظار عمره مائة عام.
لكن سؤال يعقوب كيف كان يستطيع لينين عام 1916 معروف يعرفه حتى انسان بسيط مثل حسقيل قوجمان وجوابه معروف ايضا ولكن يعقوب هو الذي يجهله او يتجاهله ولا يريد ان يعترف به.
لم يكن لينين نبيا بل كان عالما راسخ العلم في علم اسمه المادية الديالكتية يعتبره يعقوب خرافة. وكان عالما واسع الاطلاع في علم اسمه علم الاقتصاد. وبتحليل النظام الاقتصادي للانتاج الراسمالي في ايامه اعتمادا على القوانين الديالكتيكية وهو نظام اقتصادي اختلف عن النظام الاقتصادي الذي درسه كارل ماركس في مؤلفاته وتوصل الى ان الراسمالية التي كانت راسمالية صناعية تنافسية في ايام كارل ماركس اصبحت ماركسية امبريالية في ايام لينين.
وكما درس كارل ماركس اقتصاد النظام الراسمالي في فترة الراسمالية الصناعية درس لينين النظام الاقتصادي في مرحلة الراسمالية الامبريالية. كلاهما درسا وحدة التناقض الذي يؤلف المجتمع والطريق الحتمي الذي ينشأ عن تطور هذا التناقض. انهما درسا كون ملكية ادوات الانتاج والانتاج ما زالت ملكية خاصة حين تحول الانتاج الى انتاج جماعي وتوصلا الى الطريق الحتمي الذي يتوجه اليه هذا التطور.
توصل كارل ماركس في دراسته مثلا الى ان الانتاج الراسمالي يؤدي حتما الى الازمات الاقتصادية وكتب ان الازمات الاقتصادية تحدث دوريا طالما بقي الانتاج الراسمالي قائما. توصل كارل ماركس الى ذلك ليس لانه نبي بل لانه عالم اقتصادي يدرس الاقتصاد وفقا للقوانين الديالكتيكية. ورغم كل التطورات التي عددها يعقوب ابراهامي في القرن الحادي والعشرين مازال الانتاج الراسمالي يؤدي الى الازمات الاقتصادية وعالم القرن الحادي والعشرين اليوم يعاني من اقسى واشد الازمات الاقتصادية المالية في تاريخ النظام الراسمالي. ويعقوب لم يفه ولو بكلمة واحدة عن الازمات الاقتصادية والمالية التي تحدث دوريا طوال تاريخ النظام الراسمالي. فلا حاجة الى منظار قديم او منظار حديث لكي يرى الانسان ويقرا ويسمع عن الازمة الاقتصادية المالية التي يعاني منها النظام العالمي اليوم. فهل منظار يعقوب الحديث لا يرى الازمة الاقتصادية المالية الحالية او يخفيها؟
وبنفس الطريقة درس لينين النظام الراسمالي في مرحلته الجديدة، المرحلة الامبريالية، وكتب عن ذلك كتابه الفذ، الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية، قبل مائة عام. وللدلالة على تقادم ما جاء في هذا الكتاب اورد يعقوب التطورات الهائلة التي جرت على المجتمع خلال المائة عام الماضية. وهنا ايضا يبدأ التعليق بحسقيل قوجمان عند قوله :"يعكف مفكر الماركسية المحنطة حسقيل قوجمان على نصوصٍ كُتِبت عام 1916". بين يعقوب: "خلال مائة عام، منذ أن قرّر لينين أن الرأسمالية بلغت أعلى مراحلها، تغيّر وجه العالم ولم يبق اليوم شيءٌ من العالم الذي عرفه وكتب عنه لينين عام 1916".
كل التطورات الهائلة التي طرأت على العالم خلال المائة عام هي تطورات قوى الانتاج، وكارل ماركس وانجلز ولينين يعرفون ان قوى الانتاج قوى دائمة التطور ما دام المجتمع البشري قائما ولن يتوقف بصرف النظر عن النظام الاجتماعي او السياسي الذي يسود في المجتمع. لم يكن بامكان ماركس او لينين ان يتنبآ بصنع الكومبيوتر والموبايل وفلق الذرة وغزو الفضاء. ان المهم هو ما هو تاثير مثل هذه التطورات على تحليلهما للنظام الراسمالي. ان جميع هذه التطورات فاقمت التناقضات التي درسها كارل ماركس ولينين وجعلت الحاجة الى تحويل علاقات الانتاج القائمة على الملكية الخاصة الى علاقات انتاج جماعية اكثر ضرورة مما كانت عليه في ايام كارل ماركس ولينين ولم تغيرها.
واول التغيرات التي ذكرها يعقوب هي:"حروبٌ عالمية نشبت وخمدت".
ولم يذكر يعقوب ان احد اهم الصفات التي حددها لينين في كتابه عن الراسمالية الامبريالية هي كون الحروب العالمية اصبحت حتمية. وحدثت الحرب العالمية الاولى وحدثت الحرب العالمية الثانية وحدثت الحرب العالمية التي سميت الحرب الباردة وعالم القرن الحادي والعشرين يعيش اليوم حربا عالمية اسمها الحرب على الارهاب وليس مستبعدا ان تتحول هذه الحرب الى حرب عالمية تقليدية جديدة. فهل لدى يعقوب استنادا الى التطورات الهائلة التي جرت في القرن الذي مضى على كتابة لينين كتابه حتى اليوم حل لحتمية الحروب العالمية طالما بقي النظام الراسمالي الامبريالي قائما؟
وبعد ان يسرد جميع التطورات السياسية التي حدثت خلال مائة عام بحيث اصبح العالم قرية صغيرة واصبح لينين جثة محنطة يقول :"شيئٌ واحدٌ فقط لم يتغير في نظر حسقيل قوجمان: الرأسمالية لا زالت في أعلى مراحلها كما رآها لينين قبل نيّفٍ وتسعين عاماً. هذه مرحلة طويلة جداً عزيزي حسقيل قوجمان." هنا ايضا الهدف هو حسقيل قوجمان الذي ما زال يعتبر ان الراسمالية في اعلى مراحلها، المرحلة الامبريالية. ولكن يعقوب كعادته لا يذكر ما الذي حدث للراسمالية خلال المائة عام التي مرت عليها. هل هي لم تعد راسمالية؟ هل هي لم تعد راسمالية امبريالية؟ وما هو النظام الاقتصادي القائم الان في القرن الحادي والعشرين؟ لا يعلمنا يعقوب ولا يبدي رايه في ذلك ويكفي ان يكون حسقيل ما زال يعيش عالم ايام كتابة لينين لكتابه.
حين كان العالم قرية كبيرة وجد كارل ماركس ولينين ان هذا العالم يتكون من طبقات مستغلة وطبقات مستغلة وان الطبقات الحاكمة تستغل الطبقات المحكومة المستعبدة استغلالا يؤدي الى جوعها وبطالتها وجهلها وموتها جوعاوفقرها وشقائها. والان اصبح العالم قرية صغيرة فهل انتهى في هذه القرية الصغيرة استغلال الطبقات الحاكمة للطبقات المحكومة؟ هل انتهى في هذه القرية الصغيرة انقسام المجتمع الى طبقات؟ هل انتهى الفقر والبطالة والجهل والمرض والموت جوعا في هذه القرية الصغيرة؟ هل انتهى وجود اصحاب المليارات الذين لا يعرفون كيف يتصرفون بملياراتهم التي لا يستطيعون استخدامها كلها في الانتاج الراسمالي فيلجأون الى المقامرة سواء على موائد القمار او في البورصات المختلفة؟ هذه اسئلة لا اهمية لها في منظار يعقوب الحديث.
في علم الفيزياء يقوم العالم الفيزيائي عند بحث الحركة الميكانيكية بدراسة كافة القوى المؤثرة على كتلة من المادة ايا كان شكلها او حجمها او كثافتها وان يحدد الاتجاه الوحيد الحتمي لحركة هذه الكتلة نتيجة لتاثير كل هذه القوى مجتمعة. وهذا ما يسمى في الفيزياء محصلة القوى.
درس العالم الاقتصادي كارل ماركس المجتمع الراسمالي بنفس طريقة العالم الفيزيائي فدرس جميع القوى التي تؤثر على حركة قوى الانتاج سلبا وايجابا وتوصل الى محصلة القوى في حركة المجتمع الراسمالي، الاتجاه الحتمي لتطور قوى الانتاج. توصل في بحثه الى ان تحول الانتاج في المجتمع الى انتاج جماعي، ينتج فيه الاف العمال انتاجا مشتركا لا يمكن تمييز فيه عمل اي عامل عن العامل الاخر يؤدي حتما الى ضرورة تحويل علاقات الانتاج الى علاقات انتاج جماعية ملائمة لعملية الانتاج. حتمية تحويل ملكية ادوات الانتاج والانتاج الى ملكية جماعية.
وكارل ماركس يعلم ان الطبقة الراسمالية لا تملك ادوات الانتاج والانتاج ملكية خاصة وحسب بل تمتلك الدولة ايضا بكل مرافقها ومؤسساتها القمعية من جيش وشرطة واسلحة ومحاكم وسجون ومقاصل وقوانين واعلام. لذلك توصل الى ان قوى الانتاج لا تستطيع تحويل ملكية ادوات الانتاج والانتاج الى ملكية جماعية بالوسائل السلمية وان عليها حتما ان تحقق ذلك عن طريق القوة، عن طريق الثورة والاطاحة بالسلطة الراسمالية وتحويل نفسها هي الاخرى الى سلطة قوى الانتاج، الى سلطة الطبقة العاملة، الى دكتاتورية البروليتاريا.
نرى من كل هذا ان كارل ماركس لم يكن نبيا يحزر ما يحدث في المستقبل بل كان عالما توصل الى استنتاجه عن طريق الدراسة العلمية للتناقضات القائمة في المجتمع الراسمالي. وهذا الاتجاه الحتمي لتطور المجتمع الراسمالي لا يرتبط بمرحلة معينة بل هو الاتجاه الحتمي طالما بقي النظام الراسمالي قائما. ومنذ البيان الشيوعي بين مع زميله انجلز ان الهدف هو زوال النظام الراسمالي وان زواله يجري حتما عن طريق الثورة البروليتارية. وادرك ان القوة الاساسية التي تستطيع تحقيق هذا الهدف هي الطبقة العاملة التي نشات بصورة طبيعية مع نشوء الانتاج الراسمالي. هل منظار يعقوب الحديث يرى المجتمع الراسمالي وتطور ه بصورة غير الصورة التي توصل لها كارل ماركس وانجلز؟ الى هنا كان دور كارل ماركس بصفته عالم اقتصادي.
هنا يبدأ دور كارل ماركس كمناضل سياسي ثوري. قام مع زميله انجلز بالعمل على تنظيم وتوعية الطبقة العاملة فادى نضالهما الى تاسيس الاممية الاولى وقيادتها والكفاح بدون هوادة ضد كافة الحركات الانتهازية والتحريفية التي حاولت حرف الاممية الاولى عن طريقها النضالي الثوري.
سلك لينين نفس طريق كارل ماركس العلمي في دراسة التطور الذي طرأ على الراسمالية في ايامه. فقد تطورت الراسمالية في ايامه من مرحلة الراسمالية الصناعية الى مرحلة الراسمالية المالية فاصبحت راسمالية امبريالية. وسلك لينين نفس سياسة كارل ماركس في دراسة الراسمالية الامبريالية وميزاتها كما عبر عنها في كتابه. هنا ايضا لم يكن لينين نبيا بل مجرد عالم اقتصادي درس ظروف الراسمالية الامبريالية المختلفة عن ظروف الراسمالية الصناعية. ولكن لينين لم يتوصل الى خلاف ما توصل اليه كارل ماركس من حيث الاتجاه الحتمي لتطور النظام الراسمالي اذ لم يتغير الاتجاه عما توصل اليه كارل ماركس، الاتجاه هو ضرورة ازالة الملكية الخاصة لادوات الانتاج والانتاج عن طريق الثورة البروليتارية واقامة دكتاتورية البروليتاريا على انقاض الدكتاتورية الراسمالية.
الحديث عن مراحل الراسمالية كما جاء سابقا هو حديث عن العلاقة الذاتية بين فئات الراسمالية الثلاث، الراسمالية التجارية والراسمالية الصناعية والراسمالية المالية وقد مرت الراسمالية في مراحلها الثلاث من مرحلة الراسمالية التجارية الى المرحلة الصناعية واخيرا الى المرحلة الامبريالية. ولم تبق فئة راسمالية اخرى ترتقي الراسمالية اليها كمرحلة جديدة. لذا فان المرحلة المالية، المرحلة الامبريالية، هي اعلى مراحل الراسمالية. وكل التطورات التي لم يخبر بها احد حسقيل قوجمان وتفضل يعقوب ابراهامي باخباره بها لا ولن تغير من المرحلة الامبريالية للراسمالية طالما بقيت طبقة راسمالية في العالم.
اما الاتجاه الحتمي للمجتمع الراسمالي، ضرورة القضاء على علاقات الانتاج الراسمالية، علاقات الملكية الخاصة لادوات الانتاج والانتاج الى علاقات انتاج جماعية تتفق وتطور قوى الانتاج ونشوء الانتاج الجماعي فلا علاقة لها بمراحل الراسمالية ولا علاقة لها بتطور قوى الانتاج والمجتمع كما حدث منذ توصل كارل ماركس وتبعه لينين في تحديد الهدف الاساسي الذي يتحتم تحقيقه من اجل جعل علاقات الانتاج ملائمة لتطور قوى الانتاج فهو الاخر لن يتغير طالما بقيت علاقات الانتاج علاقات راسمالية، علاقات ملكية ادوات الانتاج والانتاج ملكية خاصة. ولذلك نرى ان الهدف الاستراتيجي لنضال الطبقة العاملة العالمية ومعها المراتب الكادحة ما زال اليوم ايضا، في القرن الحادي والعشرين، قرن الهبوط على المريخ، هو الثورة على النظام الراسمالي والاطاحة به وتحقيق النظام الاشتراكي كمقدمة لتحقيق النظام الشيوعي الذي تصبح به ملكية ادوات الانتاج والانتاج ملكا لقوى الانتاج وينتفي فيه انقسام المجتمع الى طبقات بل يصبح نظاما لاطبقيا ويصبح فيه الانسان لاول مرة انسانا كما قال كارل ماركس

#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات