أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - هكذا! ظَبَطْتُك قصة: روبرت فالزر















المزيد.....

هكذا! ظَبَطْتُك قصة: روبرت فالزر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 01:32
المحور: الادب والفن
    


قصة: روبرت فالزر
Robert Walser
ترجمها: خليل كلفت (عن الإنجليزية)
شخص لم يكن بوسعه أن يثق فى عينيه نظر إلى باب الحجرة ليرى ما إذا كان مغلقا. والواقع أنه كان مغلقا، وبالتأكيد على الوجه الأكمل، ولم يكن يوجد أىّ سبب للشك فى هذا. كان الباب مغلقا بالتأكيد، لكنه هو الذى لم يكن يثق فى عينيه لم يصدِّق هذا، تشمَّمَ الباب بأنفه، حتى يكون بإمكانه أن يشمَّ ما إذا كان مغلقا أم لا. كان مغلقا حقا وصدقا. كان مغلقا بلا جدال. لم يكن مفتوحا بحال من الأحوال. كان مغلقا على كل حال. كان الباب مغلقا دون شك. لم تكن هناك خشية الشك بحال من الأحوال؛ لكنه هو الذى لم يثق فى عينيه، كان يشك بقوة فى أن الباب مغلق فى الحقيقة، رغم أنه رأى بوضوح كم أنه مقفل بإحكام. كان مقفلا بنفس الإحكام مثل تلك الأبواب التى لا يمكن إقفالها بوجه عام بأىّ قدر أكبر من الإحكام، لكنه هو الذى كان لا يثق فى عينيه كان ما يزال بعيدا عن أن يكون مقتنعا بذلك. حملق فى الباب وسأله ما إذا كان مغلقا. "يا باب، قُلْ لى، هل أنت مغلق؟" سأل، لكن الباب لم يُعْطِ ردًّا. لم يكن من الضرورى مطلقا، على أىّ حال، أن يردّ، لأنه كان مغلقا. كان الباب فى الوضع الصحيح على أكمل وجه، لكنه هو الذى كان لا يثق فى عينيه لم يثق فى الباب، لم يصدِّق أنه كان فى الوضع الصحيح، وواصل الشك فى أنه كان فى الوضع الصحيح. "هل أنت مقفل حقا أم لستَ مقفلا؟" سأل مرة أخرى، ولكن من جديد لم يُعْطِ الباب ردًّا بالطبع. هل يمكن أن يطلب المرء من باب أن يعطى ردًّا؟ مرة أخرى نُظِرَ إلى الباب بشك لاكتشاف ما إذا كان مغلقا حقا. وأخيرا أدرك تماما أنه مغلق، وعلى الأقل كان مقتنعا بهذا. عندئذ ضحك بصوت مرتفع، وكان سعيدا بأنه استطاع أن يضحك، وقال للباب: "هكذا! ظَبَطْتُك"، وبهذا التعبير الرائع كان راضيا وذهب إلى عمله اليومى. أليس مثل هذا الشخص أحمقَ؟ بالتأكيد! لكنه كان فقط شخصا ارتاب فى كل شيء.
وذات مرة كتب رسالة. وبعد أن جعلها جاهزة تماما، أىْ، بعد أن انتهى من كتابتها بالكامل، نظر بارتياب إلى الرسالة، ومرة أخرى من جديد لم يثق فى عينيه ولم يكن قريبا من اعتقاد أن كان قد كتب رسالة. غير أن الرسالة كانت قد صارت مكتوبة بالتأكيد، ولم يكن هناك أدنى شك فى هذا، لكنه هو الذى لم يكن يثق فى عينيه تشمَّمَ الباب بأنفه، كما كان الأمر مع الباب، كان فى ذروة الارتياب وسأل نفسه عما إذا كانت الرسالة فى الواقع الآن مكتوبة أم لا. ودون شك كانت مكتوبة، كانت مكتوبة قطعا، لكنه هو الذى لم يكن يثق فى عينيه لم يكن مقتنعا بهذا بحال من الأحوال، والواقع أنه كان يشمّ، كما قلتُ، باحتراس وعناية حول الرسالة وسأل بصرخة مرتفعة: "يا رسالة، قولى لى، هل أنت مكتوبة أم لا؟" وطبعا لم تُعْطِ الرسالة أقلّ ردّ. لأنه متى كانت الرسائل تُعْطِى خُطَبًا وردودا؟ وكانت الرسالة كاملة الإعداد، جاهزة تماما، مقروءة، ومكتوبة بإتقان كلمةً كلمةً، جملةً جملةً. ورائعة وصحيحة وقفت الحروف، ونُقَط نهايات الجُمَل، والفواصل، والفواصل المنقوطة، وعلامات الاستفهام، وعلامات التعجُّب، ويضع استشهادٌ دقيق كل شيء فى موضعه الصحيح. لم تكن نقطة فوق حرف i ناقصة فى العمل العظيم، غير أنه، هو الذى كان قد كتب هذه الرسالة التُّحفة لم يثق فى عينيه لسوء الحظ، ولم يكن مقتنعا بحال من الأحوال بكل هذا، والواقع أنه سأل من جديد: "يا رسالة، هل أنتِ فى وضعكِ الصحيح؟" لكنها من جديد لم تُعْطِ أىّ ردّ، طبعا. ولهذا نُظِر إليها بارتياب من جديد وجرى التفكير فيها بصورة غير مباشرة. وأخيرا عرف الرجل الأحمق أنه كان قد كتب الرسالة حقا وصدقا، ولهذا السبب ضحك بسعادة وبصوت مرتفع، وكان سعيدا مثل طفل صغير، وفرك يديه مفعما بالسرور، وطوى الرسالة، وحشرها بابتهاج فى مظروف مناسب، وقال: "هكذا! ظَبَطْتُك"، وبهذا التعبير الرائع كان مبتهجا بصورة استثنائية. وعندئذ ذهب إلى عمله اليومى. أليس مثل هذا الشخص أحمقَ؟ بالتأكيد! لكنه كان فقط شخصا لم يصدِّق أىّ شيء، شخصا لم يخرج من الأحزان، والضيق، والشك، شخصا كان، كما قلتُ، يشكّ فى كل شيء.
فى مرة أخرى، أراد أن يشرب كأسا من النبيذ الأحمر كانت أمامه، لكنه لم يكن ليجرؤ على أن يفعل، لأنه مرة أخرى لم يثق فى عينيه. كانت كأس النبيذ هناك بلا أدنى شك. ودون شك، وقفت كأس النبيذ هناك بكل احترام، وكان السؤال، عما إذا كانت تقف هناك أم لا تقف هناك، عبثيا وأحمق تماما. وكان يمكن أن يدرك أىّ شخص عادىّ على الفور وجود كأس النبيذ، لكنه هو الذى لم يكن يثق فى عينيه لم يدرك هذا، لم يصدِّق هذا، وتطلَّع إلى كأس النبيذ نصف ساعة بالكامل، وتشمَّم حولها بأنفه الأحمق الذى يصل طوله إلى متر، كما فعل مع الرسالة، وسأل: "يا كأس النبيذ، قولى لى، هل أنتِ موجودة هناك بالفعل أم أنتِ غير موجودة هناك بالفعل؟" كان السؤال لا لزوم له، لأن كأس النبيذ كانت موجودة هناك بالفعل، كانت هذه حقيقة واقعة. ولم تُعْطِ أىّ ردّ، بالطبع، للسؤال الأخرق. إن كأس نبيذ لا تُعْطِى أىّ ردّ، إنها ببساطة موجودة هناك وتريد أن تُشْرَب، وهذا أفضل من كل كلام وردّ. وتمَّ تشمُّم كأس نبيذنا الجيدة بارتياب بالأنف من كل الجوانب، مثل الرسالة من قبل، والتحديق فيها بالعينين، مثل الباب من قبل. "هل أنتَ هناك فى القعر أم لستَ هناك؟" سُئل من جديد، ومن جديد لم يأتِ أىّ ردّ. "إذن اشربْها، إذن ذُقْها، اُتْرُكْ نفسك تتمتع بها، وعندئذ ستكون أحسستَ بها وجرَّبْتَها، ولن يعود وجودها مشكوكا فيه من جانبك"، كان الواحد يودّ أن يصرخ بهذا فيه، هو الذى لم يكن يثق فى عينيه، هو الذى تطلَّع إلى كأس النبيذ بعدم ثقة، بدلا من وضعها بين شفتيْه. كان ما يزال بعيدا عن أن يكون مقتنعا. دخل فى تفاصيل ما تزال أدقّ وأطول؛ لكنْ، فى النهاية، بدا أنه أدرك الأمر، أخيرا صدَّق أنه كانت هناك بالفعل كأس نبيذ تحت أنفه؟ "هكذا! ظَبَطْتُك"، قال، وضحك بصوت مرتفع مثل طفل، وفرك يديه مرة أخرى بسرور، وخبط لسانه، وأعطى نفسه صفعة ثقيلة على رأسه مدفوعا ببساطة بابتهاجه الأحمق والهائل، وأخذ كأس النبيذ بعناية بين يديه وشربها بجرعة واحدة، وكان راضيا بهذا، وعندئذ ذهب إلى عمله اليومى. أليس مثل هذا الشخص أحمقَ بكل معنى الكلمة؟ بالتأكيد! لكنه كان فقط شخصا لم يثق فى أُذُنيه أو عينيه، شخصا لم يهنأ بدقيقة هدوء واحدة بسبب تَرَوِّيه الحساس بإخلاص والحساس بإفراط، شخصا يُصاب بالتعاسة كلما فشل أقلّ شيء فى أن يمرّ أو يعمل بالضبط، أحمق فى طلب النظام والانتظام، أحمق فى طلب الدقة والتدقيق، شخصا كان ينبغى إرساله ودفعه إلى داخل مدرسة للرعونة، شخصا، باسم الله، كما قلتُ، كان يشك فى كل شيء.
1917
ترجمها إلى الإنجليزية: توم والين و كارول جيريج.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنطلونات قصة: روبرت فالزر
- الشعراء قصة: روبرت فالزر
- الآن .... أو فى المشمش!
- رحلة فى منطاد قصة: روبرت فالزر
- ردٌ على رجاء قصة: روبرت فالزر
- القارب قصة: روبرت فالزر
- طلب عمل
- قصتان غريبتان بقلم: روبرت فالزر
- البومة قصة: روبرت فالزر
- -أبله- دوستويفسكى قصة: روبرت فالزر
- نوع من الحديث قصة: روبرت فالزر
- جولة قصيرة قصة: روبرت ڤ-;-ازر
- القوّاد قصة: روبرت فالزر
- اعتداء عنصرى بشع على الصحفية النوبية السودانية فاطمة على فى ...
- تمرُّد
- رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر
- كيناشت قصة: روبرت ڤالزر
- ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر
- شهر العسل قصة: روبرت ڤالزر
- أسطورة روح الثمانية عشرا يوما المجيدة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - هكذا! ظَبَطْتُك قصة: روبرت فالزر