أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - أنا وزوجتي وأمي في المشمش(2)















المزيد.....

أنا وزوجتي وأمي في المشمش(2)


خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)


الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 16:10
المحور: الادب والفن
    


أنا وزوجتي وأمي في المشمش(2)
(سأبحر معك على متن سفنٍ عبر البحار.
البحار التي لم تبقى لها وجود.
سأُحْييها معك.
سأذهب معك.
أنت و أنا.)*
انحنيت لكى أتحدث مع سائق التاكسي الذي توقف أمامي من خلال النافذة الأمامية المفتوحة للسيارة :
— كم تأخذ لإيصالي إلى مديرية التقاعد العامة ؟
تغيرت ملامح سائق التاكسي و بعد برهة سألني: أين تقع مديرية التقاعد العامة؟
وجدتها فرصة مناسبة لمعرفة ما هو مخزون في ذاكرته عن مدينة أربيل.
— بالقرب من مطحنة أحمد الجلبي؟( تصرفت، متعمداً بالطريقة التي كان الطلبة البغداديون(العرب) يتبادلون معنا (الكورد) المزحة أثناء الدراسة الجامعية في بغداد، مثال: كردي كتب على الرسالة التي أرسلها إلى إبن عمه " العريف فلان إبن فلان ، وزارة الدفاع مقابل لبن أربيل، بغداد.“)
سائق التاكسي: لم أسمع لا بأحمد الجلبي ولا بمطحنته!
—إذا هل تعرف فلكة( به ته ماي خواي)؟ ( عبارة شعبية يطلقها الكوردي عندما لا يجد ضمانة أو دعما من دون الله، تعبر عن العزم على الإتيان بعمل رغم إحتمال التعرض لمكروه)
سائق التاكسي: بدون شك.
— من هناك تتجه باتجاه (ئاوى كه سك و سور) تقع التقاعد العامة في الفرع المقابل لفندق الشيراتون، فهي تأتي بعد باب المراجعين لكل من البلدية والبلديات.
سائق التاكسي: أنت تقصد مقابل بيت كاك كوسرت؟
— أنني أعرف كوسرت ولكنني لا أعرف أين يسكن.
سائق التاكسي: هل يوجد بنك هناك ؟
—نعم، بنك ديدوان.
سائق التاكسي: تمام مقابل بيت كاك كوسرت. ثلاثة ألاف دينار.
—معقول.
قبل أن أفتح باب السيارة وأجلس ألقيت نظرة عامة على كل ما وقع عليه نظري شعرت بأن كل شئ تغيّر، وأحسست بأنني أصبحت غريباً عن هذه المدينة وحتى عن هذا المكان، رغم أنني فتحت عينى على الدنيا قبل سبع وستون عاما على مسافة تقل عن أربعمائة متر منه، وفارق والدي الحياة، قبل عشرين عاما، على بعد أقل من مائة وخمسون مترا في البيت الذي إعتكف فيه أكثر من عقدين من الزمان، مازالت تسكن والدتي فيه. أشحذت هذه النظرة المفاجئة و السريعة الذاكرة وأيقظت روح الفضول والبحث في أعماقي، وعَدت نفسي بأن أعود إلى نفس المكان بداية الإسبوع القادم( الأحد) في الساعة السابعة صباحا لأرى ماذا جرى يجري في هذا الشارع والمناطق المجاورة له.
وصلت دائرة التقاعد العامة التي تقع خلف مصرف ديدوان في الساعة الثامنة والربع، تبين بأنني وصلت مبكراً ولا يسمح للمراجعين بدخول الدائرة قبل التاسعة إلا ربعاً.
كان لدىّ نصف ساعة بإمكاني الأستفادة منها لإستكشاف المنطقة المحيطة، وأرى في أى بيت يٌقيم كوسرت. خرجت ومشيت جنوبا بإتجاه الملعب، وجدت مجموعة بنايات تواجه الشرق مقابل مصرف ديدوان، ُزرعت رصيفها بالثيل ومنعت وقوف السيارات على جانبى الشارع بامتداد سياج البناية، أبوابها مفتوحة تحت حراسة جنود يحملون الرشاشات، يرى الناظر من من خلال هذه الأبواب المفتوحة الباحة المحيطة بالبناية داخل السياج، أشبه ما تكون ثكنة عسكرية، كان رجل بلباس مدني، لابسا قميصا أبيض، جالس على كرسى في الطرف المقابل ورشاشة كلاشينكوف مركونة على الحائط، على بعد منه، لم أقتنع بأن يكون هذا منزلاً ل(كوسرت) وهو الشخص الثاني في الإتحاد الوطني ونائب رئيس الإقليم، مقارنة بالمكان المعروف ببيت نيجرڤ-;---;--ان البارزاني على طريق صلاح الدين في أربيل، الذى بُنى، في حينه، ل(عزة الدوري) وأصبح من حصة جلال الطالباني بعد الإنتفاضة عند تقاسم الممتلكات العامة، وقعت زوجته و فؤاد معصوم ، في هذا المكان يوم 31 أب1996، أسرى بيد مسلحي الديمقراطي الكوردستانى، وإنسحب كوسرت، يومها، مع جماعته من أربيل، ومنذ ذلك التأريخ تحولت العائدية إلى نيچرڤ-;---;--ان البارزاني، وألحقت به مساحات شاسعة أستملكت من مالكيها عن طريق تعويضهم بأراضي للدولة في مناطق أخرى، وكانت المنطقة معروفة ب(بيركوت)، لا يعرف المواطن العادي ماذا أقيمت على كل هذه المساحة القابعة خلف أسوار عالية و تحت حراسة خيالية لا تقارن، مطلقاً، لا بالقصر الرئاسي الذي كان حسني مبارك يسكن فيه في القاهرة ولا ببيت طيب أردوغان في إستانبول.
عُدت وسألت مفوضَ مرورٍ كان واقفاً بالقرب من التقاعد العامة، توقعت من قيافته وحركاته بأنه رجل شرطة مسلكي، سلمتُ عليه وسألته مؤشراً إلى البناية:
— هل هذا المكان معسكر؟
مفوض المرور( إندهش من السؤال): لا هذه دائرة حكومية؟
—لا يوجد قطعة دلالة أو علم، والجنود المسلحون يحرسون الأبواب المفتوحة، أية دائرة هذه؟
مفوض المرور: هذه دائرة مهمة؛ رئاسة الأقليم.
—( مستغرباً) هل يجلس هنا رئيس الأقليم مسعود البارزاني؟
مفوض المرور: لا، نائبه كاك كوسرت.
كان المفوض يتردد و يتحفظ عند الإجابة، لا حظت من لكنة كلامه إنه من أهل أربيل، ولأعطيه الإطمئنان ليتكلم بدون تحفظ، علىّ أن أثبت له بأنني من أهل أربيل أيضاً، والأربيليون يطمئنون، عادة، بعضهم لبعض حتى من دون معرفة، لهذا قلت له: عجيب أصبح أمر هذه المدينة سألت سائق تاكس لينقلني إلى التقاعد العامة لم يعرف المكان، ولم يسمع لا بأحمد الچلبي ولا بمطحنته ولا يعرف من هذ المكان غير بيت كاك كوسرت.
حرك المفوض رأسه يمينا وشمالاً: الدنيا تغيّر، الأن تذكرتك، كنتُ سائق مدير المرور عام 1982. ( وقتها كنتُ مديراً لبلديات محافظة أربيل).
قلت له: هل مازلت برتبة مفوض، إنني أعرف شخصاً كان بعنوان شرطي ممتاز في ذلك الوقت والأن يحمل رتبة ضابط...
المفوض: .....
ومن بين ما سألته: هل كان يتجرأ أحد أن يمر من هذه المنطقة عندما كان (هياس)* حياً.
إنتعشت ذاكرة المفوض بذكر إسم( هياس) وأخذ يروى لي ما كان محفوظاً فيها عن حكايات وًأفعال (هياس) وخطورته على كل من كان يستفزه، أو عندما كانت درجة الجنون تشتد عنده، وقوته وقدراته الهائلة على رمي الحجر إلى مسافة بعيدة.
تركت المفوض ليؤدى واجبه الخاص بمنع وقوف السيارات في الأماكن التى تسبب إعاقة حركة السير بالقرب من مديرية التقاعد العامة.
كان الوقت المتبقي لحين فتح دائرة التقاعد بابها للمراجعين كافياً لكي أعود بذاكرتي الى الوراء وأتذكر الكثير من ما مضى بحيث جعلني أدرك أن الأزمنة التي مرت على هذه المنطقة تتشابه، من حيث النوعية، الأزمنة التي مر بها العراق منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية المتمثلة بزمن كان البرجوازي يقوم بالإستثمار في وطنه وينمي ثروته فيه والمعارضون يناضلون و يتحملون شتى صنوف العذاب والحرمان لأجل حلم بمستقبل جميل، ليأتي بعده زمن هيمنة جنون الحكم والانقلابات والتشرذم منذ تموز 1958 إلى أن أتى الأمريكان ليسلموا العراق، بعد أن أعادوه الى العصر الحجري،الى (الأعداء) المتحالفين من أجل ....وأن يتقاسموه فيما بينهم ليحكموه بعقلية وثقافة القبيلة والعشيرة وعلى مبدأ( التابعون "العميان “هم أولى بالمعروف والصدقة).
(يتبع)
*مقطع من أغنية سارا برايتمان: وداعاً http://www.youtube.com/watch?v=Nl9WMIPzd6w&feature=youtube_gdata
**كان المجانين يُشملون برعاية متميزة في المجتمع الأربيلى ، ولكل مجنون شخصيته وحكاياته التي يتنقلها الناس فيما بينهم. زرت (هياس) عام 1973 في مستشفى الشماعية في بغداد، وبعد أن إدعيت بأننى من أقرباءه، رافقني طبيب إلى المكان الذي يقيم فيه مسجوناً، وكان وحيداً، قاعة كبيرة محصنة تحصيناً لاتتناسب مطلقا مع الطاقة البدنية لبني البشر، عندما إستفسرت عن سبب عزل (هياس) وحيداً خلف كل هذه القضبان. أوعز الطبيب سبب سجنه إلى خطورة (هياس) وقدرته غير الطبيعية وصعوبة السيطرة عليه ومحاولاته المتكررة للهرب، يبدو أن إدارة المستشفى أخرجتْ (هياس) من المستشفى وأعادته إلى أربيل بعد أن تمكنت من تقليل قوته البدنية و درجة خطورته وعدوانيته، ليستقر في العراء بالقرب من " مطحنة أحمد الچلبي“ بالضبط في المكان الذي كان مفوض واقفا فيه.



#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)       Khasrow_Hamid_Othman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا و زوجتي وأمي في المشمش (1)
- الوعي بدلا من الوهم/ إشكالية الإسم (5)
- القضية الكوردية وحز بالبحث العربي الاسترالى في العراق( إقرأ ...
- الوعي بدلا من الوهم/ إشكالية الإسم (4)
- عقدة حميد عثمان
- الوعي بدلاًمن الوهم/ إشكالية الإسم (3)
- مسعود البارزاني: أمام فرصة لتصحيح المسار أو لإستجداء قبول ال ...
- الوعي بدلاً من الوهم/ إشكالية الإسم (2)
- الوعي بدلا من الوهم/ إشكاليات الإسم (1)
- الوعي بدلا من الوهم/ الوجه الأخر للصورة
- ذكريات من مدينة تتلاشى ذاكرتها( فاصلة 2)
- ذكريات من مدينة تتلاشى ذاكرتها(فاصلة)
- ذكريات من مدينة تتلاشى ذاكرتها (8)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها (7)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها (6)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها (5 )
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها (4)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(3)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(2)
- ذكريات في مدينة تتلاشى ذاكرتها(1)


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خسرو حميد عثمان - أنا وزوجتي وأمي في المشمش(2)