أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هتك أسرار الثالوث المحرَّم















المزيد.....

هتك أسرار الثالوث المحرَّم


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في السنوات الماضية، قامت المرأة العربية بنشاط ثقافي هائل، لم تشهد الثقافة العربية مثيلاً له، وينحصر في إنتاج الرواية الإيروتيكية، التي تفضح عمَّا يدور في المجتمع العربي في الخفاء، وهتك أستار الثالوث العربي المُحرّم (الجنس، الدين، الصراع الطبقي)، وتتحدى به المؤسسات الدينية، التي درجت على التضييق والتنكيد على المرأة، وجعل حياتها في بعض البلدان العربية، أشبه ما تكون بالجحيم المقيم.
*
في مجتمع ديني، أصولي، وسلفي، متشدد، كالمجتمع السعودي، كان الردُّ على هذا التشدد تجاه كل ما يتعلق بالمرأة، من ناحية تعليمها، أو سلوكها الحياتي اليومي، أو ملبسها، أو عملها، قيام فتيات سعوديات- ليست مهمتهنَّ الأدب المحض بالدرجة الأولى- بكتابة مجموعة من الروايات، المُمزِقة لشرنقة المرأة السعودية، والتي لم يستطع أي فن آخر أن يمزقها، كما فعلت روايات الجيل الجديد من الفتيات السعوديات.
وكان هذا وجه آخر من أوجه التغريب، الذي تحتج عليه مجموعة من رجال الدين المتطرفين المتشددين، بعد أن ارتدت المرأة الخليجية الجينز (تحت العباءة)، وأكلت الهامبرجر في (المولات) الضخمة، وشربت الكوكا كولا، وأصبحت تميل إلى المسلسلات والأفلام الأمريكية، أكثر من أية سينما أخرى.
وأول ما تفكر المرأة الخليجية بزيارته في الصيف والعطل السنوية، هو زيارة أمريكا، وقضاء العطلات فيها، رغم بعدها، ومشقة السفر إليها، وعسرة الحصول على تأشيرة لدخولها .
وعلينا أن لا ننكر، أنه إلى جانب بعض الشباب الملتحي ذوي الثوب القصير، والحزام الناسف، وإلى جانب ملايين الأشرطة، ومئات المواقع الأصولية الدينية على الانترنت، هناك أجيال تنشئ، وترتبط بثقافة (المولات)، و(السوبرماركت)، التي تتطلب أجواء انفتاح وحرية، حيث تجد المرتادين من كافة الشرائح والأعمار والطبقات، في مكان واحد، يجمع الجميع، ويقدم الماركات العالمية، ومطاعم الوجبات السريعة، والمقاهي، و(الكوفي شوب)، ودور السينما الفاخرة، كما يقول عبد القادر عقيل في بحثه المهم (شهادات).
*
انفجر بركان الرواية النسوية السعودية، في السنوات الماضية من عام 2008، حيث لم يستطع فن الشعر عامة أن يستوعب تجارب النساء المهمة، وكل ما تريد أن تقوله المرأة ، خاصة عن نفسها، وعن مجتمعها.
ولم تقل المرأة قولها بإسهاب، ووضوح ، وشجاعة، إلا من خلال فن الرواية.
فالشاعرات القليلات في الشعر العربي القديم والحديث، لم يستطعن نقل تجربتهنَّ الحياتية بتفاصيلها، وظلالها، وأسرارها، ووضوحها، وتحدياتها، كما تمَّ قبل سنوات خلت، في الرواية العربية، التي أصبحت التاريخ الموازي، وصفحة علم الاجتماع الحديث لحال المرأة العربية.
والمستشرق الفرنسي المشهور جاك بيرك قال مرة، إن أصدق تاريخ لمصر، هو روايات نجيب محفوظ. وبهذا تحوّل ديوان العرب من الشعر إلى الرواية، كما شاهدنا في النصف الثاني من القرن العشرين، وإلى الآن.
*
وفي بحث مستفيض : "المرأة العربية والجنس: من الحرملك إلى الإباحية"، نشره "مركز عراقيات للدراسات"، قال الباحث، أنه خلال الأعوام الأخيرة "تجرأت" المرأة العربية على) تابوهات) المقدس والمحرم في العقل العربي، واستطاعت هتك أستار "الثالوث المُحرَّم" في الدين، والجنس، والصراع الطبقي.
وإن كان الجنس هو أكثر (التابوهات)، التي تجرأت عليها المرأة العربية، ليس فقط في الأدب، وإنما في السينما، والأغاني.
*
ولكن، ما هو ملفت للنظر، في انفجار الأدب الإيروتيكي النسوي، هو صدوره عن مناطق عُرفت ولا تزال، بأنها الأكثر محافظة في المجتمعات العربية، فقد أتت "البشارة" أساساً من السعودية تحديداً، والتي تشهد طفرة في الأدب النسوي المتمرد على ثقافة هذا المجتمع المغلق.
فقد خطَّ أدب المرأة في السعودية نهجاً في الكتابة المقتربة إلى حد كبير من الإباحية، في تناول الموضوع الجنسي، بما في ذلك التناول الصريح للعلاقة "المثلية"، أو "السُحاقية" بين النساء.
ليس فقط بوصفها ظاهرة منتشرة، إنما أيضاً في الإسهاب في وصف الممارسة الجنسية المثلية، دون أي خوف من اتهام، أو ملاحقة المجتمع المحافظ.
*
وهذا الانفجار الروائي النسوي الإيروتيكي البركاني، ليس في السعودية فقط، التي أنتجت أكثر من 60 رواية سعودية كتبت بأقلام نسائية، منها 20 رواية صادرة في عام 2006 فقط، وإنما في معظم أنحاء الوطن العربي.
فقرأناه في الأردن في رواية (خارج الجسد) لعفاف البطاينة، وقرأناه في رواية (مرافيء الوهم) لليلى الأطرش، وفي رواية (أصل الهوى ( لحزامة حبايب، وقد منعت الرقابة الأردنية هذه الروايات، كما منعت من قبل الرقابة السعودية روايات العديد من الروائيات السعوديات.
ومن البحرين قرأنا رواية هدى عواجي )إغواء امرأة(.
ومن العراق قرأنا رواية منال الشيخ )قضم ظهيرة مقدّدة(، ورواية )الغلامة)، و)المحبوبات( لعالية ممدوح.
ومن لبنان قرأنا رواية )أنا هي أنت( لإلهام منصور، ورواية (مريم الحكاية ودينا) لعلوية صبح، وقد مُنعت هاتان الروايتان من دخول مصر، والاشتراك في معرض الكتاب السنوي القاهري.
وفي الجزائر اشتُهرت أحلام مستغماتي في رواياتها (فوضى الحواس)، و (عابر سرير)، و (ذاكرة الجسد)، وفضيلة الفاروق في رواية (اكتشاف الشهوة)، كما قدمت رواية (تاء الخجل)، و "اكتشاف الشهوة".
ومن سوريا قرأنا رواية (على صدري) لمنهل السراج، ورواية سلوى النعيمي (برهان العسل).
*
ويقول بحث "المرأة العربية والجنس: من الحرملك إلى الإباحية"، أن الملفت للنظر أكثر، أن المرأة العربية تجرأت على هذا "المُحرِّم" الجنسي أكثر بكثير من تجرؤ الرجل العربي. وربما باستثناء حالات قليلة تجرأ فيها الروائي العربي على تناول الجنس بكل هذا الإسهاب، والتفاصيل.
*
فقد سبق للروائيين العرب، أن تناولوا العلاقات المثلية الجنسية، كما هو الحال عند اللبناني رشيد الضعيف، أو المغربي محمد شكري، أو المصري إبراهيم صنع الله ومواطنه علاء الأسواني.
ولكن الأدب الذكوري العربي، ظل "محافظاً"، قياساً إلى أدب المرأة، خاصة في موضوع العلاقة المثلية. وقد كان مجرد ذكر علاء الأسواني لقضية المثلية الجنسية في روايته (عمارة يعقوبيان)، أو اعتراف سهيل إدريس في سيرته الشخصية (ذكريات الحب والأدب) بمثلية والده، أو اعتراف المصري شريف حتاتة في سيرته (نوافذ مفتوحة) باغتصابه أثناء الطفولة، وبعض المفترقات الأخرى، مدعاة لإثارة الجدل، والاتهامات.
غير أن الأمر نفسه، لا يحصل مع أدب المرأة العربية، الذي بات يلاقى رواجاً، وترحيباً، وتشجيعاً. فالروايات النسوية أصبحت الآن أكثر الروايات مبيعاً في كل بلد عربي، نتيجة لشبق القراء العرب الجنسي، والحرمان الجنسي المؤلم الذي يعيشونه، والذي نلاحظه بوضوح من خلال تعليقات القراء الكثيرة، على صور النسوان من الممثلات، والمغنيات.
*
إن المرأة، وشؤونها، وشجونها، هو ما تُركز عليه الأصولية الدينية في المجتمع العربي، بحيث أصبح شغلها الشاغل وعملها الشامل، وتقوم بالتكتم، والتستر عليه. ولكن، جاءت المرأة العربية بكل شجاعة وإقدام، وفضحته عبر هذه الروايات الجديدة، التي شُغف بها القاريء الشرقي، والقاريء الغربي على السواء. ومهما يقال عن تفسير هذه الظاهرة، من أنها تذكرنا بكتابات الكاتبة والناقدة الفرنسية هيلين سيكسوس، التي كانت تدعو الكاتبات إلى الكتابة عن الجسد فقط، ومن أن هذه الظاهرة تسعى إلى الترجمة والشهرة السريعة، وهتك الثالوث المُحرَّم (الدين، والجنس، والصراع الطبقي)، وتُوصف كذلك، بأنها تعرض لنا نماذج (الذات الدانتيلية) للمرأة الخليجية، التي لا تصلح – في رأي الأصولية الدينية - أن تخوض غمار الحياة.
*
فها هي المرأة الخليجية في المقدمة.
وهذا هو التحدي الكبير للأصولية الدينية في الوطن العربي، وثأراً منها، ومن نظرتها المتخلفة للمرأة، وتصويرها للمرأة بأنها فقط "اللؤلؤة المكنونة، والجوهرة المصونة" .
فما لم تقدر أن تفعله السياسة العربية لتحرير المرأة، والكشف عن مجتمعها الخلفي، المتواري خلف ستائر الماركيزت، فعلته – ولو جزئياً - الرواية النسوية الإيروتيكية.
وما أسكتته، وكتمته المؤسسات الدينية الأصولية في العالم العربي، فضحته ، وكشفت عنه الرواية النسوية الإيروتيكية.
وما حاول المجتمع العربي التقليدي والمنغلق تصويره للمرأة، جاءت الرواية النسوية الإيروتيكية، ومزقت ستائره وغطاءاته.
وهو ما يشير إليه، انفجار البركان الروائي النسوي العنيف، في أكثر المجتمعات العربية محافظة وانغلاقاً.
فالهدف لم يكن – في رأيي المتواضع - كتابة رواية ما، بأحدث تقنيات الرواية العربية والعالمية، بقدر ما كان ركوب ظهر الرواية كطريق سالك، لهتك أسرار أحد تابوهات الثالوث المُحرَّم، وهو الجنس بالدرجة الأولى.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دكتاتورية العراق الجديدة
- مبررات سقوط النظام السوري عاجلاً أم آجلاً
- أسباب نهاية الدكتاتوريات العربية
- الفاتحة من لقاء -الصهيوني- غولدبيرغ!
- اعشقوا، أحبوا، وأرقصوا..!
- الفساد وراء سقوط العهود في كل الأزمنة!
- مأزق الإسلام العربي
- صحة وفائدة الخلاف الدستوري المصري
- -مجموعة حكماء العالم- في مصر
- هل سيعبر مرسي بمصر العبور الثالث؟!
- هل جاء مرسي رئيساً مصرياً أم -إخوانياً-؟
- مرسي بين حجري الرحى: اليمين واليسار
- مرسي في مواجهة الخطاب الليبرالي
- مرسي رسول -الإخوان- الى العالم!
- ماذا تعني رئاسة مرسي لمصر؟
- مصر بين اليأس والمجازفة
- أين شجاعة المعارضة الأردنية؟
- نسائم الثورة الأردنية العاصفة
- أزماتنا السياسية مصدرها رذائل أخلاقية
- دور المثقف في الخطاب السياسي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هتك أسرار الثالوث المحرَّم