أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي














المزيد.....

عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


ضِمن فعاليات المِهرجان السَنوي لمَسرَح (تـاك) الألماني، وبحُضورعَدد مِن أبناء الجالية العراقية في العاصِمة الألمانية برلين ومُمَثلين عَن السَفارة العراقية فيها، تم عَرض المَسرحية العراقية (عَزف نِسائي) التي أخرَجَها الفنان سنان العزاوي عَن نَص للكاتب مِثال غازي. عَزف نِسائي هي عَمَل مَسرَحي يَحكي جانِباً مِن مَأساة الشَعب العِراقي، وذلك عِبر تسليط الضَوء على مُعاناة أهَم عُنصُر في تركيبة هذا الشَعب وهي المَرأة العراقية، التي أصابَها الكثير مِن الظلم والحَيف والعُنف في السَنوات الأخيرة، إضافة لترَسّبات العُقود السابقة وما شَهدته مِن حُروب وحِصار وغَيرها مِن الأحداث المَأساوية التي شَهدها العراق وكانت المَرأة الضَحية الأبرَز فيها.
إن أبرز مايُميّز عَزف نسائي هو أنها إستلهَمَت تأريخ المَسرَح العراقي الجاد والهادِف وأرثِه الغني بالكثير مِن الأعمال الجَميلة، وأعادَت له الروح وذكرتنا بأيام عِزه التي غادرتنا مُنذ زمَن. نص فني جَميل تلاقفته بذكاء يَد المُبدِع سنان العزاوي، وعَمِلت عليه لسَنتين إضافة مُعالجة وإعداداً قبل أن يَرى النور على خشَبة المَسرَح، ثم جائت مَرحَلة تجسيد هذا النص التي أختار لها سنان وبحِرفية فنانتين مِن جيلين مُختلفين هُما الفنانة القديرة هناء محمد بخبرتها الطويلة وأرثها الفني الكبير التي لعبَت دَور أمرأة مُتطرّفة دينياً، والفنانة الشابة أسماء صفاء التي جَسّدَت دَور راقِصة وبنت ليل والتي عَرفناها مُمثلة تلفزيونية لكنّها فاجئتنا في عَزف نسائي وهي تقِف بكل ثِقة على خشَبة المَسرَح لتجَسّد وبإبداع شَخصيّة صَعبة مُركبة وأمام نَجمَة كبيرة كهناء محمد.
تدور مُجمَل أحداث المَسرَحية حَول شَخصيّتين فقط هُما(نور) المُتطرفة دينياً وتعيش في بَيت كئيب مُظلم و(حياة) الراقصة، شَخصيّتان مُختلفتان بكل شَيء لكنهما متشابهَتان في مَأساة فقدانهُما لأحبائهما بمَرحلتين تأريخيتين مُختلفتين مِن تأريخ العراق، وقد شائت الصُدفة أن تجتمِعا في بَيت واحد بَعد حادثة إطلاق نار. وأثناء تواجُدهما سَوية بهذا البَيت يَدور حوار طويل بَين هاتين المرأتين مَليء بشُجون الشَخصيّة العراقية ومُعاناتِها، يُسَلط الضَوء على الكثير مِن تناقضاتها وسلبياتها وإشكالياتها، وإنعِكاس ما مَر به العراق خلال العُقود الآخيرة على هذه الشَخصيّة المُركبة والمُعَقدة أصلاً، حوار يَبدأ إنفعالياً مُتشنجاً نتيجة للإختلافات الظاهرة بَين شَخصيّة المَرأتين ثم يَنتهي وديّاً حَميميّاً بَعد أن تكتشفا تقاط التلاقي والتقارب بَينهُما، وبَعد أن تأثرت كل مِنهُما بالأخرى إيجاباً وإختلفت نظرتاهما للحَياة وكادَتا أن تكملا طريقها سَويّة تساند أحداهُما الأخرى، لولا أن يَد المَنون التي تَخطف أرواح العراقيين ليل نَهار خَطفت حياة، لكن نور أصَرّت على أن تكمل طريق الحياة في النور بَعيداً عَن الظلمة التي كانت تعيشَها سابقاً.
عَزف نسائي هي رسالة حُب تدعوا لنبذ التطرّف والعُنف والكره والطائفية وغيرها مِن الظواهر السلبية التي باتت جُزئاً مِن الواقع العراقي خلال السَنوات الأخيرة، عِبر تجسيد نتائج هذه الظواهر وضَحاياها وما تحدِثه مِن تخريب وتدمير للمَرأة تحديداً وللمُجتمع بشَكل عام. هي تمَثل مَحَطة مُهمّة في مَسيرة سنان الفنية المُمَيّزة، وإضافة جديدة ونوعية لمَسيرة أسماء خصوصاً في مَجال المَسرح، وعَلامة بارزة جَديدة تضاف للسجل الإبداعي للفنانة الرائدة هناء محمد التي عَوّدتنا على تأدية أدوارها بإقتدار وبَراعة وتلقائية النجوم الكبار. عَمَل بَسيط بقصّته لكنه عَميق بفكرته التي نجَح سنان في مُعالجتها إنسانياً وجَمع فيها بحرفية بَين الواقعية والتجريب، وكان خلاقا بعَمَل الديكور والسنوغرافيا ليَخرُج العَمل مُتكامِلاً ولتصِل الفكرة بوضوح الى عَقل المُشاهد وهو أمر نجَح فيه فريق عَمَل المَسرحية بإمتياز.
العمل رائع مِن جَوانب عديدة، رائع كونه عَودة نتمنى أن تستمر وتتواصَل الى زمَن المَسرَح الجَميل الجاد والهادف، ورائع كونه يُمَثل عُصارة جُهد شبابي لسنان وأسماء مُضافاً له خِبرة هناء محمد، ورائع لأنه مُبتكر بطريقة عَرضِه للفكرة وبطريقة إخراجَها، ورائع بجُرأته في مُحاولة تشخيص إشكاليات ونكأ جراح المُجتمع العراقي مُحاولا مُعالجَتها بجُهد خيّر بَسيط مَشكور قد يَنجح في مَسعاه يوماً ما إذا تظافرت مَعَه مَجموعة أخرى مِن الجُهود.

مصطفى القرة داغي
[email protected]



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي
- أحزاب الإسلام السياسي نَباتات سامة أتلفت تُربة مُجتمعاتِنا
- إنتخابات عِراق المالكي وشِراء الذِمَم بالبَطالة المُقنعة
- رَبيع خير أم خريف بؤس عَربي ؟
- العراقيون.. شَعب يَعيش التناقض حَتى في إختيار جَلاديه
- حَقيقة الثورات بَين خَيال مُنَظّريها الخَصِب و واقِعها البَش ...
- وعّاظ سُلطان الزمان ومُختار العَصر والأوان نوري المالكي
- كِذبة الرَبيع العربي وتلاشي الدَولة المَدنية العَلمانية
- العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي ...
- طيور ظلام الإسلام السياسي على أشكالها تقع
- المَركز والاقليم.. ومُقايَضة المالكي للدَم العراقي بكُرسي ال ...
- نوري سَعيد أفندي البغدادي.. سيرة عَطِرة
- هل إن الحل هو في تغيير الأنظمة العربية أم في إصلاح الشعوب ال ...
- جيل فريد ولكن.. بلا مَلامِح
- التيار الديمقراطي العراقي والإحتفال بإنقلاب 14 تموز .. ألمان ...
- ما هي قصة عِبارة (الشعب يُريد إسقاط النظام) ؟
- أزمة الأحزاب العراقية بين إرث تحالفاتها السابقة و واقع بناء ...
- المُتّهَم الأول محمد حسني السَيّد مبارك... أفندم أنا موجود
- القائمة العراقية رمز للمَشروع الوطني الليبرالي المَدني في ال ...
- السيناريو المُتوَقّع لإنتخابات العراق عام 2014


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى القرة داغي - عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي