أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - في الذاكرة














المزيد.....

في الذاكرة


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


بينما كان بعض افراد العائلة مشغولين بالحديث عن مصيرهم في الوقت الذي حاصرهم النظام من اكثر من جهة حتى انه لم يبقي مكان امن يلجأوا اليه ، حتى في قريتهم التي لجأوا اليها، لاحضت سناء قدوم رجل كبير يحيط به مجموعة من الرجال الى بيتهم ، حيث خرج والدها الى لقائه وعناقه ومن ثم دعاه الى غرفة الاستقبال، حيث دخل الرجال جميعا. لم تمضي فترة طويلة حتى خرج الجميع لوداع الوفد الزائر، وعلى اثره استدعاهم والدها الى الداخل.
- اعلم انكم لستم في امان هنا وكذلك اهل القرية ، لاننا سنكون جميعا تحت المجهر وسيسهل القضاء علينا وعليهم . لقد جاء جارنا ( الميرخان) عارضا استقبالكم في قريته وتقديم الامن لكم ، لانهم يملكون اكثر من خمسين بيشمركة ليليا وهذا سيسهل حمايتكم في الوقت الحاضر الى ان ينحسر الجليد وتتمكنوا من الرحيل الى القرى الابعد.
- ولكن من هم هؤلاء حتى يعرضوا علينا المساعدة وكيف نثق بهم ؟
- كان اجدادنا يعيشوا الجيرة قديما في منطقة الزيبار واليوم ايضا نعيش نحن وياها الجيرة كما تشاهدون ولقد كنا دائما نساعد بعضنا البعض كما اجدادنا . تأكدوا انكم ستجدون قريتهم اكثر امانا.
طلبا للامان رحل اغلب افراد العائلة الى قرية (باوركه) ليستقروا في صفين من صفوف المدرسة البسيطة الى بنيت فيها. حياة ابسط من البساطة نفسها وافقر من الفقر نفسه ليخلدوا الى بعض الامان بعد الهجمات الشرسة التي عانوا منها في مدينهم كركوك العائمة على حقول النفط.
جلست سناء على الافرشة البسيطة التي فرشت على الارض ليجلسوا واخذت تتأمل الحزن على وجه امها وكيف ينخر جداوله الجديدة فيه بسرعة ليخلد نفسه فيها الى الابد.
وفيما كانت تفكر بالدهر الذي ظلمهم وامها ، وكيف لم يكتفي بفقدانها لابنها المعدوم دون ذنب فها هو يشرد عائلتها ليضيف على بؤسها بؤس، دخلت بعض النسوة الى الغرفة ومعهن بعض الطعام والشراب وانتفضت مع امها وخواتها لاستقبالهن، حيث خرج الرجال الى ساحة المدرسة .
جلست النسوة على الارض كما هم واخذن في تقديم الطعام والشراب ملحين على امها لتبدأ بتناول اول لقمة ، لكنها انفجرت باكية تشكو مأساتها وتطلب موتها ، باشعار موسيقية حزينة تخرج من قلبها لتلقي القصة عليهم من شفتيها ويبكي معها الجميع ، الى ان اتعبها البكاء ، فاخذت زوجة (الميرخان) الجالسة الى جانبها ، تهدئ من روعها وتذكرها بان لديها العديد من الاولاد والبنات لتعيش من اجلهم ، فماذا ستقول لو كانت في مكان من فقدت ابنها الوحيد بعد ان اغتاله النظام امام عينيها .
بدأت النسوة بدمل جراحات امها بسرد مأساتهن الواحدة تلو الاخرى عسى ان يكون عونا يزرع فيها الصبر والسلوان ، فهنا من فقدت ابيها او اخيها او اغلب افراد عائلتها او بعضهم او كلهم وبطرق مختلفة وبشعة ايضا، فمن اغتيال الى اعدام الى سحق الى قصف وحشي الى تهديم منازل على رؤوس افرادها وغيرها من الوسائل الوحشية .
اقبل الليل ومعه ازدادت الحركة في القرية وازداد عدد الوافدين من البشمركة ، حيث قدم المسؤولين منهم لالقاء التحية والتحدث اليهم . شعرت سناء بالفخر بامها بينهم حيث كانت من تجيب عليهم لالمامها باللغة الكوردية ، ومن ثم تقوم بالترجمة لاولادها جميعا.
- ما اجملك يا امي وانت تتحدثين الكوردية البهدنانية بطلاقة كما كنتي تتحدثي الكوردية السورانية في كركوك.
- ليست فقط المدارس من تعلم ، فالحياة اكبر مدرسة يتعلم الانسان فيها
انتفضت سناء لتبحث بين حاجياتها البسيطة عن وردة وقلم وعندما وجدتهما قالت لامها
- اليوم اتعلم منك وغدا ساتوجه الى ابناء القرية لاتعلم اللغة الكوردية منهم ايضا .
خرجت في اليوم التالي الى النسوة في القرية حاملة في ورقتها بعض الكلمات لتضيف اليها المزيد
- بخير بي (اهلا بكم) .. جوني باشي (كيف حالك).. دجين لكونده؟ (هل نذهب الى القرية).. ارى والله دجين بو ناجين (نعم والله لنذهب لما لا ؟).
اخذت تدعو امها لتخرج معها الى القرية وتشاطر في الحديث معهم ، ولو بتعبير متكسر في الكثير من الاحيان ويدعو الى الضحك ، لتقوم الام والنسوة بتصحيح كلماتها وتزيد من خبرتها في طرق المعيشة القروية ، وشيئا فشيئا تحول عالم فتاة المدينة التي لم تزور القرى قبلا ، الى عالم اخر وجدت فيه مدرسة تستحق دراستها والتخرج منها بنجاح .
انغمست سناء في تعلم اللغة الكوردية وحياة القرية ولبست ملبس النساء فيها بعد ان اهدتها ابنة ( الميرخان) ملبس نسائي جميل ، كما لاحظت ان امها ايضا بدأت تستعيد بعض نشاطها بمصاحبة نساء القرية . هكذا بدأت حياتها بالاستقرار في القرية ، رغم التمشيط الليلي المسلح ، حيث كانت السلطة تلقي قنابلها على الاراضي بين الفينة والفينة لتمنع البيشمركة من التحرك الليلي، الى ان اصطدمت العائلة في احد الليالي بوجود جاسوسين حاولا التسلل الى المدرسة ومعهم اسلحة ، ولولا تواجد المحاربين من البيشمركة الذين انتبهوا لهم واشتبكوا معهم حتى لاذ الجاسوسين بالفرار، لكانت العائلة الضيفة في عداد الموتى.
في الصباح الباكر دخل (الميرخان) الى المدرسة ليخبرهم بان المتسللين ارسلوا من قبل النظام لاغتيالهم وقد تصدوا لهم في الوقت المناسب ، حيث وجدوهم على اسوار المدرسة واجبروهم على الهروب بعد ان جرحوا احدهم ، وطمأنهم بانه لن يقبل ان تصل اليهم يد النظام وسيدافع عنهم حتى اخر بيشمركة في القرية ولكن ، من الافضل اليقضة والحذر وسيعمل على ادخال بعض البشمركة الى ساحة المدرسة للحراسة ليلا الى ان يأتي وقت الرحيل ، لانه لا يرضى ان يخجل امام والدهم اذا اصابهم اي مكره.
لم تمر ايام على الواقعة الاليمة حتى جاءهم خبر تحرك الجيش الى القرية المستضيفة فما كان من افراد العائلة الا التحرك خلف البيشمركة لتسلل جبل ( كارا) العالي هربا من بطش النظام بهم ، واستطاعوا هذه المرة ايضا النفوذ بجلدهم .
مع حلول اول بشائر انحسار الثلوج وانفتاح الطرق العاصية ، ودعت العائلة اهالي قرية ( باوركى) الكرام لترحل مع البشمركة الى مركز تجمع الاحزاب في (زيوه) ومن بعدها الى احدى القرى الحدودية والبعيدة عن انظار السلطة الغاشمة.



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خط النار
- العاشق
- المرافقة
- العراقيون القدماء وفن التجميل والخياطة والنسيج
- حريم السلطان بين العمل الفني والتاريخي
- الصراع
- بابا نوئيل
- الحب الممنوع
- الاقدار
- من قتل ايماما ؟؟
- منوعات ممنوعة
- لك الحق يا ظالمي
- دور المرأة في العصور المختلفة
- في عيد المرأة اطالب بتخصيص يوم لعيد الرجل
- القديسة مومس
- اليس في الاقليم قانون؟
- لا تقترب
- هل ناديتني؟
- ثورة الانترنيت تسقط الانظمة الفاشية
- ساقول


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - في الذاكرة