أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - «التنزيهية» كخلاصة للاهوت التنزيه وشرحها 2/4















المزيد.....

«التنزيهية» كخلاصة للاهوت التنزيه وشرحها 2/4


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 08:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


«التنزيهية» كخلاصة للاهوت التنزيه وشرحها 2/4
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
مُتعالٍ عَن وَّصفِ المُتَكلِّفينَ، مُتَسامٍ عَن وَّهمِ الواهِمينَ، مُتنَزِّهٌ عَن جُلِّ ما نَسَبَ إِلَيهِ كُلُّ دينٍ، [بضمير المخاطب: ... إليك ...]
فالأديان كلها بلا استثناء، باعتبارها جميعا نتاجا بشريا قابلا للخطأ، قد نسبت بدرجة أو بأخرى ما لا يليق بجلال الله وجماله وحكمته وعدله ورحمته. ولكن ليس كل ما قالته الأديان عن الله مجانبا للحقيقة الإلهية، لذا قيل إنه متنزه عن (جُلِّ)، وليس عن (كُلِّ) ما نسبت إليه الأديان، ولكن لم يُستَثن دين من الأديان من ذلك، فقيل (كلُّ دين)، وقبل هذا قيل إنه متعال عن وصف المتكلفين من كلاميين (لاهوتيين)، أو من عارفين أو (عرفانيين) أو صوفيين، أو من شهوديين أو وجدانيين، أو مفسرين أو مأوّلين لما ورد فيما يسمى بالكتب السماوية. وكذلك قيل أنه متسام عن وهم الواهمين، الذين يتوهمون أنهم بلغوا معرفة ذات الله، وما هم ببالغيها، إنما يتوهمون بلوغها، وهذا لا يستثني صاحب هذا النص.
لا يُثيبُ لِمُجَرَّدِ إيمانِهِ أَحَداً مِنَ المُؤمِنينَ، [بضمير المخاطب: لا تثيب ...]
وأهم ما يتنزه عنه الله فيما نسبت إليه الأديان أنه لا يثيب «لِمُجَرَّدِ إيمانِهِ أَحَداً»، أي إن الثواب لا يكون لمجرد الإيمان، دون نفي أن يكون للإيمان ربما ثمة استحقاق من ثواب، ولكن بشروطه، وشروط لاهوت التنزيه تتجاوز كثيرا ما وضعت الأديان من شروط.
وَلا يُعَذِّبُ لِكُفرِهِ أَحَداً مِنَ الكافِرينَ، [بضمير المخاطب: ولا تعذب ...]
وكذلك الكفر لا يكون سببا لعذاب الله أو عقابه عـلى أي نحو للكافر، وهنا ثمة فرق بين نفي الثواب «لِمُجَرَّدِ» الإيمان، ونفي العذاب بسبب مطلق الكفر، ولم يذكر هنا كما الحال مع الإيمان «لِمُجَرَّدِ كُفرِهِ»، حيث إن نفي العقاب بسبب الكفر في كل الأحوال ثابت لله، لأن العقيدة في أغلب الأحيان، أو تكاد تكون في كل الأحوال غير اختيارية، والله يجلّ عن أن يعاقب عـلى أمر غير اختياري. ولا بد من تأكيد نسبية كل هذه المعاني، ففي كل إيمان يختزن ثمة كفر، وفي كل كفر يختزن ثمة إيمان، وفي كل توحيد يختزن ثمة شرك، وفي كل شرك يختزن ثمة توحيد، وفي كل صواب يختزن ثمة خطأ، وفي كل خطأ يختزن ثمة صواب، وهكذا هي الأشياء في عالم الإنسان، الذي هو عالم النسبية.
إِنَّما بِإِحسانِهِ يُثيبُ المُحسِنينَ، آمَنوا بِهِ أَو لَم يَكونوا يُؤمِنونَ، [بضمير المخاطب: إنما بإحسانك تثيب ...، آمنوا بك ...]
بل جزاء الله يكون وفق معايير العدل الإلهي، ثوابا للمحسن بسبب إحسانه، والثواب يكون بمقدار إحسان الله المحسن المطلق عـلى الإنسان المحسن النسبي، وشتان بين إحسان المحدود وإحسان اللامحدود. ولا يدخل الإيمان كعنصر في استحقاق ثواب المحسنين، ربما إلا بشكل محدود جدا، وبقدره الذي لا يقدره إلا الله، بل قد يكون عدم الإيمان عاملا من عوامل زيادة ثواب المحسنين، لأنهم أحسنوا واستقاموا وتأنسنوا بعيدا عن فكرة أن هناك شيئا في المقابل، أي دون توقعهم أن يُجزَوا بثواب إلهي مقابل إحسانهم، إلا من يتوقعه من المؤمنين دون أن يكون هو الدافع، أو هو الدافع حصرا لأعماله الحسنة والصالحة والطيبة، كأن يكون لسان حاله كما عبر عليّ «ما عبدتك خوفا من نارك، ولا طمعا في جنتك، إنما وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».
وَبعدلِهِ يَجزِي المُسيئينَ، كَفَروا بِهِ أَو كانوا مِنَ المُؤمِنينَ، [بضمير المخاطب: وبعدلك تجزي ...، ... بك ...]
أما بالنسبة للمسيء فيُجازى، ولم أقل (يُعاقَب)، ناهيك عن أن أقول (يُعذَّب)، والجزاء لم تحدد كيفيته سوى أنه خاضع لمعايير العدل الإلهي. وهنا قد يكون الإيمان عاملا إضافيا لثمة عتاب أو عقاب، لأن المؤمن أولى من غيره في اجتناب العمل السيئ، فالإيمان حجة عليه. ومع هذا فنحن كبشر قاصرون عن إدراك دقة موازين العدل الإلهي، ولكننا ندرك إجمالا فحسب، أنه عدل لا تشوبه شائبة، ولو بمقدار مثقال ذرة أو ما دون ذلك.
وَمَنِ استَحَقَّ تَعويضاً عَمّا أَصابَهُ أَو عَمّا فاتَهُ فَلَن يَّجِدَ مِثلَهُ مِن مُّعّوِّضٍ؛ إِنَّهُ أَجزَلُ المُعَوِّضينَ، [بضمير المخاطب: ... مثلك ...، إنك ...]
وهناك فريق ثالث غير المحسنين والمسيئن، وقد يكون هذا الفريق من هؤلاء أو من هؤلاء، أو لا من هؤلاء ولا من هؤلاء، وهو فريق أولئك الذين يستحقون تعويضا عما أصابهم من ظلم، أو من مصائب وكوارث، بل حتى الذين فاتهم ما فاتهم، وهم في حسرة عـلى ما فاتهم، فعدل الله ورحمته يستوجبان أن يُعوَّض كل مستحق للتعويض، دون إمكاننا معرفة تفاصيل وكيفية التعويض، كما إننا قاصرون عن معرفة تفاصيل وكيفية الثواب، أو ما دونه من جزاء، كالعقاب إن وجد.
وَوِفقاً لجرمِ كُلٍّ يُّعاقِبُ المُجرِمينَ، [بضمير المخاطب: ... تعاقب ...]
وإذا كان قد جرى تجنب ذكر العقاب لعموم المسيئين، قد يكون من لوازم العدل أن يلقى المجرم والظالم عقابه، ولعلهما وحدهما اللذان قد يستحقان العقاب، ولكن مع تفاوت العقاب، فبالنسبة للمجرم، فكل وفقا لمدى إجرامه، وكذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار كل مفردات تكوّن شخصية المجرم، وكل الدوافع الظاهرة والخفية، فنفس الجريمة يتفاوت جزاءها باختلاف الأشخاص المرتكبين لها، وبحسب كل تلك الاعتبارات، وكل عناصر الجبر والاختيار لعموم شخصية المجرم، وللفعل الإجرامي بالذات.
وَكذلك وِفقاً لِّظُلمِ كُلٍّ يَفعَلُ بِعُمومِ الظّالِمينَ، [بضمير المخاطب: ... تفعل ...]
وقد ذكر الظلم هنا بعد الإجرام، لأنه أعم منه، والإجرام يمثل المرتبة العليا من الظلم.
وَهُوَ في ذا وَذا أَعدَلُ العادِلينَ وَأَرحَمُ الرّاحِمينَ، [بضمير المخاطب: وأنت ...]
ولكن قد يكون بعض المجرمين أو بعض عموم الظالمين، ولسبب أو لآخر غير مستحقين للعقاب، كالمجنون أو ما دونه، ومع هذا فإن عدل الله يوجب تعويض المتوجَّه إليه الجرم والظلم والإساءة، لذا فمعاقبة المجرمين والظالمين هذه خاضعة لعدل الله ورحمته المتوجِّهَين إلى كل من مرتكب الجرم والمتوجَّه إليه الجرم، فإن استوجب عدله العقاب فيكون وبقدره، وإن استوجب عدله أو رحمته العفو فيكون العفو، ولكن العفو عن المجرم لا يعني عدم تعويض الضحية، الذي هو من لوازم العدل والرحمة.
تَعالى عَمّا تَقَوَّلَ عَلَيهِ المُتَقَوِّلونَ، وَتَنَزَّهَ عَمّا تَوَهَّمَ مَعرِفَتَهُ الواهِمونَ، [بضمير المخاطب: تعالَيتَ ... عليك ...، وتنزهتَ ... معرفتَك ...]
أما تقولات الأديان والدينيين وتقولات من سواهم، سواءً كانت تقولاً وافتراءً عـلى الله مُداناً مُزاوِله أي بسوء نية، أو توهماً وجهلاً معفوّاً عنه أي بحسن نية، فالله يتعالى عن كل ذلك، ولذا وجب التمييز بين التقوّل المتمعَّد والتوهّم اللامتمعَّد.
إِنَّما العَقلُ رَسولُهُ، [بضمير المخاطب: ... رسولُك]
فإن ادُّعـِيَ أن تلك التقولات أو الأوهام إنما هي وحي الله أوحى به إلى رسل له، فالجواب ألّا رسول من الله إلى البشر أصدق من العقل، فبالعقل يُدرَك وجود الله وكماله، وكل ما يتعارض مع ضرورات العقل فيحكم العقل باستحالة صدوره عن الله، ويأبى نسبته إليه.
وَالضَّميرُ رَقيبُهُ، وَلا يُكَلِّفُ أَحَداً فَوقَ وُسعِهِ، [بضمير المخاطب: ... رقيبُك، ولا تكلفُ ...]
فبالعقل تدرك أصول الإيمان، وبالضمير والفطرة الإنسانية تدرك فروع الإيمان، فالضمير وحده قادر عـلى معرفة حلال الله وحرامه، أما بعض الأديان المفرطة والمبالغة في تشريعات تنسبها إلى الله، وترهق بها المؤمنين بتلك الأديان، فهذا تكليف فوق وسع البشر، لا يسمح لطف الله بتشريعه، بل إن ما يستقبحه العقل الأخلاقي وتأباه الفطرة الإنسانية السوية، وما يستنكره الضمير الحي، هو الذي يمثل الرقيب عـلى الإنسان والضابط لسلوكه، والضمير الحي غالبا ما يكون أقدر على مراقبة ومحاسبة وتصحيح سلوك الإنسان من الدين عند أغلب المتدينين، لاسيما عند الكثيرين ممن يتقنون إيجاد مخارج شرعية للسلوك السيئ. ثم إن القرآن نفسه يقر بدور الضمير كرقيب أساسي بقوله «بلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ، وَلَو أَلقى مَعاذيرَهُ»، أو هو أي الضمير المعبر عنه بـ«النّفس اللّوّامة».
وَهُوَ أَرحَمُ بِخَلقِهِ مِمّا يَظُنُّ الظّانّونَ، [بضمير المخاطب: وأنتَ ...]
أي من أكثر الدينيين بشكل خاص، فرحمة الله تأبى أن يكلف الناس بأحكام مرهقة فوق الوسع والطاقة، فالتدقيق ليس مطلوبا في أمور لا تنفع ولا تضر من عبادات وسلوكيات شخصية فردية محضة، بل التدقيق ومزاولة الرقابة الذاتية مطلوبان في التعامل مع الآخر، وحفظ حقوقه وكرامته واحترام مشاعره، وكل ما توجبه الأخلاق في التعامل مع الآخر، وأدناه معاملته بمثل ما يحب المرء نفسه أن يُعامَل.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «التنزيهية» كخلاصة ل(لاهوت التنزيه) وشرحها 1/4
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 11
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 10
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 9
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 8
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 7
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 6
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 5
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 4
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 3
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 2
- مناقشتي لمناظرة بين ربوبي ومسلم 1
- رسالة من الله إلى الإنسان
- دويلات شيعية وسنية وكردية ومناطق متقاتل عليها
- الفرائق الخمسة من اللاشيعة واللاسنة
- الموقف من الأقسام الستة لكل من التشيع والتسنن
- الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 2/2
- الطائفيون واللاطائفيون واللامنتمون لطائفة 1/2
- لماذا وقعت على «إعلان البراءة من الطائفتين»
- ال 3653 يوما بين نيساني 2003 و2013


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - «التنزيهية» كخلاصة للاهوت التنزيه وشرحها 2/4