أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العراق: الكونفدرالية هي الحل؟















المزيد.....

العراق: الكونفدرالية هي الحل؟


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأتي اتهامات النائب والقيادي في التحالف الوطني "الشيعي"، أحمد الجلبي، لقيادة إقليم كردستان العراق، في ذروة التدهور الأمني الخطير والمستمر في بغداد ومحافظات أخرى منذ عدة أيام بـ ( التناغم مع الإرهاب وإيواء الإرهابيين و عوائلهم وأرصدتهم المالية في الإقليم و مصارفه) لتخلط الأوراق مزيدا من الخلط وتضع علامة استفهام كبيرة على مستقبل العلاقة بين بغداد وأربيل. ومع الأخذ بنظر الاعتبار ضعف مصداقية الطرف الذي أطلق هذه الاتهامات فهو المحكوم غيابيا من قبل محكمة أردنية بالسجن لأكثر من عشرين عاما على خلفية اتهامات بالفساد المالي والاختلاس، وكونه في الوقت نفسه حليفا وصديقا سابقا لأوساط محافظة في الكونغرس والمخابرات الأميركية وللزعامات الكردية، مع أخذ كل ذلك بنظر الاعتبار، فإن الواقع يبين لنا اليوم أن العلاقة بين بغداد و أربيل دخلت فعلا في منعطف جديد نوعيا، ولم يعد بالإمكان النظر إلى الأمور والظواهر والأشخاص والمؤسسات في كلا الطرفين بالطريقة القديمة ذاتها. كما أن هذا الخبر لا يمكن تكذيبه جملة وتفصيلا بعد أنباء وشائعات راجت عن إقامة عزت الدوري زعيم حزب البعث ومنظماته المسلحة في إحدى مدن الإقليم بشكل سري وجاءت البرقية العلنية التي وجهها الدوري إلى رئيس الإقليم مسعود البارزاني معزيا إياه بوفاة شقيقته قبل أسابيع قليلة لتمنح هذه الأخبار شيئا من الجدية. هذه التطورات دفعت وتدفع الأطراف المعنية بالموضوع والباحثين المستقلين الراصدين للوضع والعلاقات إلى مراجعة وتحليل شكل العلاقات وآفاقها الممكنة وصولا إلى طرح تطورات جديد تتلاءم والحالة الجديدة التي بلغها الوضع العراقي.
ومع ذلك، يبدو وكأن أغلب الساسة وأفراد النخبة في العراق لا يريدون أن يصدقوا حقيقة وجود دولة كردية في شمال العراق، يقترب عمرها الآن من ربع قرن ( تأسست سنة 1991 )، لها برلمانها وحكومتها ورئيسها وجيشها وعلمها ودستورها وضرائبها وتعليمها ... الخ. إنها دولة أمر واقع، قد يقال، ولكن ذلك لا يقلل من حقيقة أنها دولة كاملة لا ينقصها إلا جوازات السفر والمقعد الرسمي في الأمم المتحدة! و السؤال المهم هو لماذا تتردد القيادات الكردية في إعلان الاستقلال التام والانفصال عن العراق؟ هل هي خائفة من بغداد؟ قطعا لا. فلبغداد مصائبها المستمرة والمتفاقمة، ولكنه خوف هو من رد الفعل الإيراني والتركي ومن العصا الأميركية التي لا تريد تعقيد اللعبة في الوقت الحاضر على الأقل. هذا الرأي ليس استنتاجا محتملا بل هو رأي عبر عنه الرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني حين قال قبل مرضه الأخير بأن (الاستقلال الكردي شبه مستحيل وأنه سيبقى كأحلام وصبوات تخص الشعراء لأن إعلان الاستقلال الكردي سيقابله على الفور إغلاق الحدود حول الإقليم حتى يتم وأد التجربة). و الطالباني لا يبدو هنا بعيدا عن الحقيقة الجغراسياسية رغم المبالغات والتقلبات التي عرفت بها أحكامه و آراؤه.
سبب آخر يفسر لنا إحجام القيادات الكردية عن إعلان الانفصال ويتعلق بالحصة الكبيرة التي تحصل عليها منذ تشكيل حكومة إياد علاوي في 28 حزيران 2004 وحتى اليوم والبالغة 17% من الميزانية العراقية التي قاربت هذه السنة مبلغا إجماليا هو 120 مليار دولار، إضافة إلى إيرادات الإقليم من البيع المباشر للنفط الخام والمشتقات لدول الجوار وعائدات الضرائب والكمارك والتي ترفض تسليمها إلى المركز الاتحادي، على الرغم من أن النسبة السكانية لسكان الإقليم لا تتجاوز الـ 13%. إن هذه الحصة ستذهب أدراج الرياح في حالة الانفصال المفروض والمقرر من جانب واحد. يضاعف من قوة هذا السبب وتأثيره ما أكدته الدراسات العلمية الحديثة من أن "كردستان العراق" حتى لو سيطرت على نفط الإقليم كله، مضاف إليه – افتراضا شبه مستحيل- نفط كركوك كله، فلن تصل إيراداتها إلى ما تحصل عليه الآن! هذا هو أحد الأسرار، أو الأسباب التي تفسر لنا إحجام الزعامات الكردية عن إعلان استقلال إقليمها.
أن ما يجري الحديث عنه هنا من ألاعيب ومناورات سياسية واتهامات واتهامات أمنية مضادة لا علاقة له بالمستوى العقيدي أو القانوني في النظر لقضية تحرر الأمة الكردية، فأن يكون للأمة الكردية، كسائر أمم الكوكب، دولتها القومية، و تتمتع بحقها في تقرير المصير بالشكل الذي يتم التوصل إليه مع الشريك الجغرافي والتاريخي فهذا أمر لا يتعارض مع المبادئ والقوانين والقيم الديموقراطية والإنسانية، ولكن أنْ تكون هناك شبه دولة، يسمونها إقليم، وهي في واقع الحال دولة كاملة وحقيقية، فإن حصة الـ 17% من موازنة العراقية التي تأخذها تغدو مجرد "خُوّة / خاوة" أو جزية مفروضة لقاء استمرار اعترافها الشكلي بأنها جزء من العراق! هنا يمكن طرح السؤال المؤجل حتى الآن: لماذا لا نبحث عن حل سلمي ومتوازن ينهي هذا الوضع الشاذ وغير الطبيعي بما يحفظ مصالح وطموحات عرب وأكراد العراق وسائر مكوناته القومية؟ كونفدرالية مثلا؟ انفصال بالتراضي ؟ شيء آخر يتفتق عنه الذهن الجمعي لنخب العراق؟
إن الدفاع عن شكل الدولة المتحدة "الكونفدرالية" والترويج له هو مجرد اعتراف بواقع قائم، فما هو موجود اليوم في العراق والذي يعتبره الدستور النافذ دولة اتحادية "فيدرالية" تضم أقاليم ومحافظات هو في الواقع إتحاد بين دولتين أو دولة متحدة ومؤلفة من جزأين هما العراق وكردستان.
إن العُقَد والخطوط العريضة التي ينبغي تفحصها تحليليا ضمن هذا الموضوع عديدة و متشابكة ولكننا سنكتفي بعقدتين نحسبهما الأكثر أهمية وهما: قضية كركوك والتي بحلها ينحل أكثر من نصف تعقيدات الموضوع و قضية كيفية الخروج من المأزق الحالي نحو طريق الحل بعد تحديد الهدف.
لنبدأ بالعقدة الثانية وهي إجرائية و ذات جانب إرادوي أيضا فمتى تم الاتفاق على أن من العبث الاستمرار في الوضع المعلق الحالي وأن من المفيد لجميع مكونات العراق المجتمعية البحث عن حل واقعي ومتى ما تم الاتفاق على أن الحل هو في الدولة الموحدة " الكونفدرالية" والمكونة من جزأين، عراقي وكردستاني، فإن البحث عن السبيل التطبيقي يكون هينا وربما يمكن تحقيقه عن طريق مؤتمر وطني عام تحت إشراف السلطات الثلاث في الدولة الاتحادية القائمة اليوم وباشتراك قيادة الإقليم يتمخض هذا المؤتمر عن مسودة دستور عراقي جديد وتشكيل مجلس إتحادي مشترك من الكيانين العراقي والكردستاني يشرف على قيادة الدولة الموحدة وبناء مؤسساتها. إن هذا الحل الواقعي والمتوازن سيثير حتما ردود أفعال حادة من قبل المتطرفين من الجانبين ولكنه سيوفر حتما على العراقيين المزيد من الآلام والمآسي التي سيأتي بها الحل المفرد و المفروض بالقوة من طرف واحد والذي سيجلب معه ويلات كثيرة وهائلة مرت بها شعوب أخرى قبلنا كخراب الاقتصادي وتدمير كل ما تم بناؤه في الإقليم والعراق إضافة إلى الخسائر البشرية الباهظة و التطهير العرقي والطائفي فلا ننس أن هناك أكثر من مليون كردي يعيشون مندمجين في العاصمة بغداد و حوالي نصف هذا العدد أو أكثر في المحافظات العراقية العربية الأخرى وأي مساس بالعرب في المناطق الكردية قد يجابه بردود أفعال من ذات النوع .
تبدو مشكلة كركوك بعكس ما هي في الواقع. فالجميع يعتبرونها معضلة المعضلات غير قابلة للحل وربما وجدنا سبب هذا الاعتبار في أن أحدا لم يجرؤ حتى الآن على التخلي عن سردياته وخرافاته القومية الخاصة و يحاول التفكير بحل واقعي بل بقي الجميع في مواقعهم: فالقيادات الكردية تريد إلحاق المحافظة بالإقليم بأي شكل أو ثمن كان ، أما العرب والتركمان وإلى درجة ما الكلدان والآشوريون فيرفضون مبدأ الإلحاق ويطالبون بتحويل المحافظة الى "إقليم قائم بذاته" . أما الحكومة المركزية التي يهمين عليها الإسلاميون الشيعة فتتحجج بأسباب عملية معقدة تجعل تنفيذ الاستفتاء بموجب المادة 140 أقرب إلى المستحيل وهو كذلك فعلا. وهناك قوى سياسية من العرب السُنة والتركمان ترفض هذه المادة أصلا وتعتبرها مستنفدة ومنتهية دستوريا بنفاد السقف الزمني الذي حُدد لتنفيذها منذ بضعة أعوام. يمكننا أن نقول أن مشكلة كركوك ستكون من أيسر المشاكل وأن حلها ممكن جدا لو توفرت الشجاعة والإخلاص والشفافية و تخفيف حدة الجشع والمشاعر القومية المتطرفة و عندها يمكن أن نضع على بساط البحث الاقتراحات التالية على سبيل مثلا لا الحصر:
-تقسيم المحافظة ومركزها مدينة كركوك جغرافيا وسكانيا وتحويلها الى محافظتين واحدة تتبع الإقليم وثانية لغير الأكراد تتبع بغداد .
- الإبقاء على المحافظة موحدة ولكن ببلديتين في المركز؛ واحدة للأحياء الكردية تتبع له القرى الكردية و تتبع الإقليم، وأخرى لغير الأكراد تتبع له القرى غير الكردية وتتبع بدورها لبغداد وهذا الحل الذي يدعى بالسيادة المشتركة المجزأة بلديا يمتاز بالعملية وله تطبيقاته العملية.
- الإبقاء على المحافظة موحدة تحت السيادة والإشراف المشتركين لبغداد وأربيل بموجب معاهدة مفصلة ودقيقة وهذه الصيغة تدعى بالسيادة المشتركة ولها تطبيقاتها.
إذا كان الأكراد يرفضون العيش المشترك مع الآخر ضمن سيادة الدولة العراقية الحالية والانفصال في دولة مستقلة وهذا أحد تطبيقات حق تقرير المصير، فإن عليهم أن يوافقوا، هم أيضا، على رغبة وطموح عرب وتركمان وكلدان كركوك المشروع في عدم البقاء تحت السيادة الكردية والبقاء ضمن السيادة العراقية لأن الحق في تقرير المصير كلٌّ لا يتجزأ.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يعيش مُرسي .. يسقط المالكي!
- زخة بيانات - عوراء- وطائفية!
- حكومة تكذب وشيوخ قبائل يصدقون!
- تصحيح/ مشكلتنا ليست مع الله بل مع عبد الله !
- تسييس الدم البشري في العراق
- في ذكرى اغتيال رفيقي الشجاع حسن علي فليح !
- هل يصلح السيستاني ما أفسده غالبريث؟
- الوجه الآخر لابن خلدون في مسرحية -منمنمات تاريخية-!
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون /ج2 من 2ج ...
- الدفاع عن الإقليم الطائفي على طريقة أفلام الكارتون!
- الوهراني والسخرية الفنطازية من مثقفي زمانه
- الحكيم الديموقراطي عادل زوية !
- التشيع العراقي نقيض التشيع الصفوي وهازمه
- كُرد، كورد أم أكراد ولماذا؟
- المالكي وشركاؤه..دكتاتورية أم فوضى؟
- شيعة العراق من المعارضة إلى السلطة !
- تأسيس المحاصصة : دور الساسة الأكراد والعرب السنة
- ديباجة الدستور العراقي مقارنة بأربع ديباجات أجنبية!
- معركة مطار بغداد:مجزرة أم مأثرة؟
- صدام وضباطه : مَن خان مَن ؟


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العراق: الكونفدرالية هي الحل؟