أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الفرق بين الربيع التركي والربيع العربي















المزيد.....

الفرق بين الربيع التركي والربيع العربي


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 18:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر في مرحلة تحولات اجتماعية وسياسية عاصفة وبوتيرة متسارعة، وذلك بفضل العولمة التي هي نتاج الثورة المعلوماتية والتطور المذهل في وسائل الاتصال والنقل، والاختلاط بين الشعوب بشكل غير مسبوق.

فثورات الشعوب العربية كانت ضد حكومات علمانية مستبدة، تمادت في قمع شعوبها، وفشلت في حل مشاكلها وبالأخص الاقتصادية منها، الأمر الذي بلغ نقطة الانفجار، بدأت بقيام الشاب التونسي محمد بوعزيزي بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على ما ناله من عسف على يد السلطة المحلية، فكان بمثابة الشرارة التي أشعلت براميل البارود في تونس ومنها انتقلت إلى بلدان عربية أخرى فكان ما كان مما سمي بالربيع العربي وإسقاط حكومات جائرة. أما الربيع التركي فهو يختلف عن الربيع العربي في الأهداف والنتائج والاستحقاق التاريخي، نوضحه كالتالي.

انتفاضات الربيع العربي قامت بها جماهير من مختلف الأعمار، وخاصة الشباب الذين يشكلون القسم الأعظم من الشعوب العربية، وكانت عفوية، ذات أهداف حداثوية وديمقراطية واقتصادية. ولكن مشكلتهم أنهم لم يكونوا منظمين في أحزاب، ولم يملكوا خبرة سياسية ولا قيادة موحدة، ولا أهداف متفق عليها مسبقاً. وحتى الأحزاب العلمانية الديمقراطية التي شاركت في الانتفاضات كانت ضعيفة ومفككة بسبب ما نالها من قمع السلطات الجائرة على مدى طويل. لذلك استطاعت الأحزاب الإسلامية سرقة الانتفاضات العربية، والسيطرة عليها وتوجيهها كما يشاؤون وقطف ثمارها، وذلك لتمتع الأحزاب الإسلامية بحسن التنظيم والتماسك الفكري والأيديولوجي وقيادة موحدة، وانضباط حديدي وطاعة عمياء للقيادة. كذلك استفاد الإسلاميون من سكان الأرياف الذين يشكلون نسبة كبيرة من الشعب وهم على العموم ذو وعي سياسي متدني، وديني محافظ، مما ساعد الإسلاميين على الفوز عبر صناديق الاقتراع، وبالتالي انتقال السلطة من حكومات علمانية جائرة إلى حكومات إسلامية أكثر جوراً تعادي الحداثة والديمقراطية والمرأة وحقوق الإنسان، وليست لديها أية حلول جدية لمشاكلها الاقتصادية.

أما الوضع في تركيا فيختلف تماماً عما عليه في البلاد العربية. فالشعب التركي تشرب بالثقافة الديمقراطية العلمانية منذ تأسيس الجمهورية في أعقاب سقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. ولكن في نهاية القرن العشرين حصل فساد إداري وتفاقمت أزمات اقتصادية، فعاقب الناخبون الأحزاب العلمانية الحاكمة بالتصويت لحزب (العدالة والتنمية) الإسلامي، خاصة وقد وعد أردوغان بحماية العلمانية والحريات الشخصية. إذ قال «في عام 2002 بأنه يريد ويحلم بتركيا التي لا يوجد فيها قوانين تحد من حرية الفرد. ». وبتعبير آخر، فما تحقق في البلدان العربية عن طريق انتفاضات الربيع العربي، تحقق في تركيا عام 2002 عبر انتخابات نزيهة وعادلة وبدون ثورات أو انتفاضات.

والجدير بالذكر، أن حزب (العدالة والتنمية) لم يحصل على الأغلبية المطلقة (50+) من الأصوات، وإنما بالأغلبية النسبية، أي دون الخمسين بالمائة. وهذا يعني أن غالبية الناخبين لم يصوتوا لحزب أردوغان. إذن، ما الذي حصل وأدى إلى تفجير الوضع ضد أردوغان الآن؟
لقد تخلى أردوغان عن جميع وعوده بحماية العلمانية والحريات الشخصية، وقاد تركيا إلى نظام قريب من حكم الفرد والنظام الإسلاموي، وحتى هناك تذمر من قياديين داخل حزبه.


قلنا في مقال سابق: "أن التظاهرات التي اجتاحت المدن التركية هي ليست احتجاجاً على "تحويل حديقة تاريخية تدعى (غيزي بارك) في اسطنبول إلى مركز ثقافي وتجاري" فحسب، وإنما كانت هناك تراكمات تغلي تحت السطح، وتذمر شعبي واسع ينمو بصمت، وما قضية تغيير حديقة تاريخية في اسطنبول إلا القشة التي قصمت ظهر البعير، والشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة، إذ هناك أسباب كثيرة. لقد تمادت حكومة أردوغان في الاستبداد، والتضييق على الحريات الشخصية، وتقليص العلمانية، وتطبيق أحكام دينية تدريجياً... كذلك زجت حكومة أردوغان المئات من الضباط والصحفيين والكتاب العلمانيين في المعتقلات بتهمة التآمر على النظام الديمقراطي، وفصل الكثير من القضاة وتعيين المتعاطفين مع أيديولوجية حزبه مكانهم، الأمر الذي بات يهدد النظام العلماني الذي تشرب الشعب التركي بثقاته منذ مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة وإلى الآن." (1)

والاختلاف الآخر بين انتفاضات الربيع العربي والربيع التركي هو أن في تركيا أحزاب علمانية عريقة وقوية كانت تحكم تركيا قبل مجيء حزب أردوغان الإسلامي للسلطة، مثل حزب الشعب الجمهوري، وأحزاب أخرى، إضافة إلى نقابات العمال والحرفيين، ومنظمات المجتمع المدني، المستقلة تماماً عن تأثير الحكومات الحالية والسابقة.

يحاول بعض الإسلاميين الأتراك والعرب الطعن بانتفاضة الشعب التركي بوصفها أنها من أجل المشروبات الكحولية!! وذلك لأن بعض الشباب والشابات تعمدوا في أخذ قناني البيرة معهم إثناء تظاهراتهم كتحدي لقرارات أردوغان في الحد من الحريات الشخصية.
إن وصف الإسلاميين الانتفاضة بأنها من أجل مشروبات كحولية دليل على سطحية تفكيرهم، وكمحاولة منهم لتشويه سمعة الانتفاضة الشعبية. إذ كما أكد جورسال تكين، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية في حديث مع صحيفة «الشرق الأوسط»: « إن ما يحصل هو ثورة على العقلية الأردوغانية التي تستمد قوة استمرارها من منع كل شيء، مثل منع الكحول وتطبيق نظام التعليم 4+4 وتشبيهه معدي الدستور القديم [كمال أتاتورك وعصمت انونو] بأنهما اثنان من المخمورين، وتطاوله على المذاهب الأخرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وتحويل الحكم البرلماني في تركيا إلى حكم الرجل الواحد، ومحاولة جمع كل الصلاحيات بيده. جميع هذه السلبيات أدت إلى انفجار الوضع في جميع أنحاء البلاد».
كذلك لتدخلات أردوغان بشؤون دول الجوار، العراق وسوريا، وجر تركيا إلى صراعات طائفية وإقليمية دور في هذه الانتفاضة، إذ أجاب القيادي في حزب الشعب الجمهوري قائلاً: «عندما ننظر إلى خريطة الشرق الأوسط نرى بجوارنا سوريا والعراق وإيران، وجميعها يوجد لنا معهم صلة قرابة بين العائلات. فبعضها (العائلات) يعيش في تركيا والآخر يعيش في سوريا أو العراق أو إيران. والتصعيد يخلق مشكلات وعداء مع هؤلاء الجيران وهذا ليس بالمعقول ولا بالمنطق. ولهذا ستجبر حكومة تركيا على تغيير سياستها العدائية التي تمارسها حيال الجيران خاصة بعد هذا الانفجار الذي عم جميع مدن تركيا. » (الشرق الأوسط، 11/6/2013)(2).

والمضحك المبكي أن أردوغان لقد وصف المتظاهرين، بأنهم أقلية متمردة على الديمقراطية، وأهم إرهابيون ومتطرفون ولصوص..الخ، علماً بأن التظاهرات شملت نحو 40 مدينة تركية، ولكنه في نفس الوقت يدعم تظاهرات الأقلية الرافضة للديمقراطية في العراق. كما وقابل أردوغان التظاهرات السلمية في بلاده بمنتهى القسوة (شاهد رجاءً الفيديو في الهامش)(3).

إن ما يجري في تركيا هو درس بليغ للحكام، أن لا يأخذهم الغرور حتى وإن جاؤوا عبر انتخابات نزيهة. لأن فوزهم هذا لا يمنحهم الحق في التجاوز على الديمقراطية والحريات الشخصية، فالجماهير التي أتت بهم يمكن أن تركلهم عندما يتجوزون حدودهم. لذا فكل الدلائل تشير إلى أن أردوغان أصابه الغرور وتجاوز صلاحياته إلى حد أن لم يتحمله الشعب وهو في طريقه إلى السقوط. لذا يمكن اعتبار الربيع التركي هو انتفاضة على الحكم الإسلامي والعودة إلى حكم العلمانيين، ومن المتوقع أن يحصل الشيء ذاته في بلدان الربيع العربي في المستقبل القريب كمرحلة ثانية لإتمام المشوار، أي للإطاحة بحكم الأحزاب الإسلامية وإقامة حكم ديمقراطي علماني صحيح.
[email protected]
ـــــــــــــــــــــ
روابط ذات علاقة بالموضوع
1 عبدالخالق حسين: هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=585

2- جورسال تكين: ما يحصل ثورة على الأردوغانية.. ولا حل أمامه سوى التراجع
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=731976&issueno=12614#.UbbzkOeThdE

3 الديمقراطية التركية، قمع بوليسي للمتظاهرين
p://safeshare.tv/w/GWrJiyDNKJh



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟
- عن مواقف النجيفي اللادستورية
- تقسيم العراق بين الممكن والرغبات
- هل ينجح البعث في إشعال الحرب الأهلية؟؟
- الإعتصامات في خدمة الديمقراطية والمالكي!!
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟ (تكملة)
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟
- العراق إلى أين؟
- هل حقاً فشلت التجربة الأمريكية في العراق؟
- غيابهم أفضل من حضورهم
- هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات (2-2)
- هل إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
- في الذكرى العاشرة لتحرير العراق من الفاشية
- قراءة في كتاب: إغلاق عقل المسلم
- ما مستقبل المرأة بعد الربيع العربي؟
- نحو علاقة عراقية-أمريكية متكافئة
- من وراء تظاهرات (العز والكرامة)؟
- تضامناً مع المفكر أحمد القبانجي
- في العراق فقط، الخيانة الوطنية عمل وطني!
- هل صححت السعودية سياستها من العراق؟


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - الفرق بين الربيع التركي والربيع العربي