أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد فرج - الحرية والتكنولوجيا















المزيد.....

الحرية والتكنولوجيا


محمد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 11:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



الحرية هي إدراك الضرورة، وتطور أنماط الإنتاج بما فيها التكنولوجيا تشكل ماهية الضرورة، الحل الشمولي (الشامل والموحد) ما زال راهناً ولا بديل عنه، والحاضنة الإقتصادية تشذب حدور الضرورة وتشكلها وتصيغها، ولهذه الحاضنة اليوم إسمان إثنان لا ثالث لهما: إما الرأسمالية وإما الإشتراكية.


هذه هي مرحلة إعادة تعريف المفاهيم، المفاهيم التي تمكنت الرأسمالية على مدار السنين الماضية من فرض قاموسها الخاص في تعريفها، وفرضها وكأنها مسلمات في الوعي الجمعي: الملكية الخاصة كمسلمة، الحرية الإقتصادية كمسلمة وإعتبار التخطيط الإقتصادي المركزي شكل من أشكال “الديكتاتورية”، وتوجيه التهم إلى الإقتصاد الموجه باعتباره نمط بالي وقديم، على الرغم من أن الرأسمالية نفسها تعبر عن نظام إقتصادي موجه، وهنا تتظهر فكرة سمير أمين في النظر إلى نظام السوق الحر بأنه غير فعلي، أي لا وجود له اليوم في الواقع، فمعنى الإقتصاد الحر هو أن تغيب الدولة تماماً عن المشهد، وأن تتحرك التبادلات الإقتصادية بمنطق “اليد الخفية”، أي في إطار سعي كل شخص خلف مصالحه الخاصة تبنى المنظومة الإقتصادية في ظل غياب الدولة تماماً!

المسألة الإقتصادية ليست موضوعنا في هذا المقال، فقد تمكنت الرأسمالية من فرض مفاهيمها أيضاً في معنى الحريات الإجتماعية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وغير ذلك.

ناقشنا سابقاً مسألة الحرية، في مقالة “الحرية في عصر الاغتراب والاستلاب” ، ولا يمكن الحديث عن الحرية دون الحديث عن مجموعة من العوامل المركية “البنية الإقتصادية القائمة، الوعي القائم، عناصر الاستلاب في المنظومة الإقتصادية القائمة، الدين،…إلخ”، هذه المرة سنناقش عنصراً محدداً، الحرية في ظل التطور التكنولوجي.

تعرض العديد من المفكرين لمسألة التقنية، وتناولوها في إطار أوسع من الأطر التسطيحية “ذكر السلبيات والإيجابيات، النظرة الأداتية إليها، … إلخ”، من هؤلاء: هيدغر، جاك إيلول، وهابرماس.

هيدغر: التكنولوجيا والوجود

لم يتناول هيدغر التكنولوجيا بطريقة أداتية (التكنولوجيا هي مجموعة من الأدوات والآلات)، أو بمنحى أنثروبولوجي (أن التكنولوجيا هي بحد ذاتها فعالية إنسانية)، أشار إلى ماهية التكنولوجيا، واعتبر أنها في العمق بمثابة إدراك للوجود ورؤية للعالم برمته، ورأى فيها آلية تخزين للطاقة وتصريفها عند الحاجة، استدعاء للطبيعة لتخرج ما في داخلها من طاقة وقوة.

رأى هيدغر في التكنولوجيا وعلاقتها بالوجود، ارتهان لا مفر منه، فبنظره حارس الغابة مرتهن للغابة والغابة مرتهنة لصناعة الأخشاب والخشب مرتهن لصناعة السيليلوز والسيليلوز مرتهن لصناعة الأورق، وتستكمل السلسلة إلى أن تصل الرأي العام.

جاك إيلول: التقنية نظام

يميز جاك إيلول بين التقنية والتقانة، يعرف التقنية على أنها الطرائق الآلية ذات التطبيق الصناعي، والتقانة على أنها العلم الذي يدرس هذه التقنيات. ينظر إلى التطور من الطافة الفحمية إلى الكهربائية إلى النووية ومن ثم إلى الحاسوب، على أنه عنصر مؤثر ليس فقط على الإنتاج الصناعي والإقتصادي فقط، وإنما على الإنسان أيضاً، على حريته بالتحديد.

فالتقنية في نظر إيلول هي نظام له منطقه الداخلي، وهو الذي ينتج في نهاية المطاف الظاهرة التقنية، أي أنه ينظر إلى التقنية كنظام يعمل بشكل ذاتي وبآلية مستقلة، والإنسان يظل مشروطاً لها.

يرى إيلول أن هذا النظام “التقنية” يتمتع بخصائص التنظيم الذاتي، وتشعب الأنظمة الفرعية “الإتصال، الإنتاج، الإستهلاك”، وقدرته على تطوير ظروفه الخاصة للتكيف وإيجاد حلول إنسانية بديلة لعالم لاإنساني.

هابرماس: التكنولوجيا أيديولوجيا

يتقاطع هابرماس مع هيدغر في أنه لا يحصر التكنولوجيا في أجهزة وأدوات، وإنما يرى فيها المنطق العام الذي يهيمن على الإقتصاد والسياسة، ولكنه يحدد بشكل أكثر تفصيلاً، بربط هذه الصيغة مع هيمنة الرأسمالية كنظام شمولي عالمي، وهو بذلك لا يتناول التكنولوجيا بمعزل على النظام الإقتصادي القائم.

يرى هابرماس أن التكنولوجيا تحولت إلى أيديولوجيا المجتمعات الرأسمالية المتطورة، وأنها البديل الموضوعي عن الأيديولوجيات الكبرى، وهذا ما عرف المفاهيم بشكل تقني معزول عن الأيديولوجيات الكبرى “تصبح الثقافة ترفيه وتسلية وتنظيم لأوقات الفراغ بديلاً عن الرقي الإنساني وتربية الذوق”.

الحرية والتكنولوجيا والضرورة والاشتراكية والرأسمالية
■عندما يذكر تعبير “شمولي” (الشامل والموحد)، ينتفض البعض ومنهم منتمون لفكر اليسار، وكأن البطش والذبح قادم، لا يمكن القبول في بتقييد الحرية من خلال أدوات التجسس التي شاهدها البعض في فيلم “The lives of others”، وهذا النموذج الرائج عن اليسار، ولهذا نقول دائماً النموذج الشمولي الجديد المتوائم مع شروط الواقع وممكنات التغيير فيه. في الرأسمالية استخدمت أدوات التجسس الأكثر تطوراً “Data mining + Voice Recognition” لمراقبة الناس والفتك بهم لاحقاً. لذلك من الوهم القول أن الرأسمالية قدمت نموذجاً ليبرالياً “بالمعنى الحرفي للكلمة” على المستوى الإجتماعي. إذن لا يمكن نقاش مسألة الحرية وعلاقتها بالتكنولوجيا دون الحديث عن الحاضنة الإقتصادية، الشمولية الرأسمالية أو الشمولية اليسارية. هل يوجد خيار ثالث اليوم، لنلغي الشمولية من القاموسين؟ بالتأكيد لا، فالتطور التكنولوجي “تطور أنماط الإنتاج” لم يرقى بعد إلى مرحلة المعالجة الذاتية للتكنولوجيا أو حتى البناء الذاتي لها! وهذه هي بالضبط الضرورة التي يبقى إدراكها يجسد معنى الحرية. الفوضى التي تمتلك قوانينها الداخلية “الوعي المطلوب، أنماط الإنتاج الأكثر تطوراً، …إلخ” هي صيغة تغري الجميع، ولكن من يطالب بتحقيقها اليوم دون دراسة ممكنات الواقع، لا يمارس إلا قفزاً في الهواء.
■التكنولوجيا في الرأسمالية هي أداة البيروقراطية المستخدمة في استبداد العقل، سواء من خلال التسويق “E-Marketing”، أو من خلال صياغة الرأي العام وتوجيه السلوك الفردي لفرض الهيمنة السياسية، وهنا نتحدث عن استلاب مبرمج ومخطط له يختلف عن الاستلاب الذي تناوله ماركس والذي يتحرك بمنطق تلقائي، وبذلك تمكنت الرأسمالية من دفع الفضاء السياسي الشمولي إلى الإنكماش ودفع الإنسان إلى الهروب من الأسئلة الكبرى إلى التقنيات.
■استخدمت الرأسمالية التكنولوجيا لدفع الناس إلى العالم الافتراضي، والافتراضي هو ليس نقيض الواقعي وإنما نقيض الفعلي “الفعل المتحقق في الواقع”، ليتم إشباع الحاجات بكيفية لا تنفصل عن ماهية التقنية ” الرياضة، رحلات الترفيه الملتصقة بالكاميرا، والجنس كذلك!”، وهذا يتقاطع مع ما طرحه غي ديبور في “مجتمع الاستعراض”.
■لم تسعف التكنولوجيا في “مشاركة المعلومة والمعرفة” كما تدعي الرأسمالية، لم تنقذ ال Copy Left في مواجهة ال Copy Right.
■تمظهرت اليوم عناصر تكنولوجية قمعية، ولكن أكثر سلاسة مما كانت عليه في المجتمع الصناعي، الإجبار على العمل في المجتمع الصناعي يقابله استلاب العمل لمهماته عبر ال SMART PHONE وتحت شعوره الدائم بالتهديد والخطر من “الفصل التعسفي”.
■دفعت التكنولوجيا البشر في ظل الرأسمالية إلى العزلة التفاعلية، وشكل هذا أقصى حالات الإغتراب.

الحرية هي إدراك الضرورة، وتطور أنماط الإنتاج بما فيها التكنولوجيا تشكل ماهية الضرورة، الحل الشمولي (الشامل والموحد) ما زال راهناً ولا بديل عنه، والحاضنة الإقتصادية تشذب حدور الضرورة وتشكلها وتصيغها، ولهذه الحاضنة اليوم إسمان إثنان لا ثالث لهما: إما الرأسمالية وإما الإشتراكية.



#محمد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام الحرية في ظل الرأسمالية
- -جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
- “جهاد النكاح”| الجنس في الاشتراكية والرأسمالية والدين
- الرأسمالية والاتفاقيات الزائفة | كيوتو نموذجاً
- الحرية في عصر الاغتراب والاستلاب
- مشروع الهيمنة بأدوات التمويل و”المجتمع المدني”
- الرأسمالية، إقتصاد المافيا والدعارة والموت (2-2)
- كيف يهاجمنا الرأسماليون؟ لودفيغ ميزس نموذجاً
- الرأسمالية، إقتصاد المافيا والدعارة والموت (1-2)


المزيد.....




- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد فرج - الحرية والتكنولوجيا