أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رياض خليل - سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر















المزيد.....


سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 22:31
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


السيناريو الأول ، له الأولوية ، وهو هدف مشترك : سوري- إيراني – وبدعم ومباركة روسية – صينية . ومفاده : الاحتفاظ بالهيمنة الإيرانية – الشيعية على العراق وسوريا ولبنان ، والسيطرة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، المنصة الاستراتيجية التي تلتقي المصالح الفارسية – الروسية بضرورة إحكام السيطرة عليها ، لأسباب جيو تاريخية /استراتيجية / عسكرية / وسياسية .
الامبراطورية الإيرانية – الشيعية :
امبراطورية شرقي البحر المتوسط هذه ، تقوم على ايديولوجية تسييس المذهب الشيعي ، الدمج بين المذهبي / والسياسي ، مايعني الاعتماد على القوى الاجتماعية الشيعية في الإقليم شرق الأوسطي بشكل رئيسي ، ويتطلب هذا تبني سياسة عنصرية – طائفية – مذهبيية غير معلنة تماما ، في خطابها السياسي ، ولكنه مكشوف في الممارسة ، وهذا هو خط الدفاع الأول والأساسي لها . أما خط الدفاع الثاني ، فهو استقطاب الأقليات الدينية والمذهبية بخطاب مضلل ، ولكنه مؤثر وفعال ، ومفاده : أنهم حماة الأقليات ، والمدافعون عنهم ، كونهم مهددين بهيمنة التطرف السني المهدد للأقليات بوجودها وحرياتها وحقوقها المدنية والسياسية . بذلك يستطيع المشروع الامبريالي الفارسي حشد قوى داخلية هائلة في بلدان الإقليم ، يمكن أن تتحول إلى قوى مدنية /عسكرية ، داعمة ومشاركة في توطيد المشروع الشيعي / السياسي /شرقي المتوسط .ضد أية تهديدات سنية ، يحاولون إدراجها تحت مسمى الإرهاب والتطرف السني ، حتى ولو كانت علمانية ديمقراطية ، وهذه الأخيرة هي الأخطر على المشروع الشيعي ، وهي العدو الأول لها . وهي التي أكثر ماتخشاه إيران وحلفاؤها في العراق وسوريا ولبنان . لأن المشروع الشيعي الشمولي الاستبدادي لايصح ولايمكن محاربته سوى بالديمقراطية وبالقوى الديمقراطية ، التي هي النقيض الوحيد له ، وليست حركات الاسلام السياسي هي النقيض له ، بل الحركات الديمقراطية . من هنا كانت الحرب الشرسة ضد الثورة السورية التي ، ومنذ البدايات ، كانت ترفع شعارات الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية ، ولاتزال تلك السمة الأبرز لقوى الثورة والمعارضة الوطنية السورية ، على الرغم من كل الشوائب التي لحقت بها . إن تحويل الصراع إلى صراع طائفي هو المسوغ الوحيد للحرب ضد المشروع الديمقراطي في كل البلدان المعنية : العراق وسوريا ولبنان . ولهذا يتمسكون بالطابع الطائفي للحرب ، ويرفضون حقيقة أنها غير ذلك .
الحلقة العراقية شبه مؤمنة :
في العراق يتولى المالكي تمرير المشروع الشيعي السياسي ، والدفاع عنه في العراق ، ويملك قوى كبيرة تعينه على حماية مشروع الهلال الشيعي ، ومع هذا ، لن تستمر سياساته مجانا ، وطريق المالكي هذا غير آمن .. على الرغم من الدعم الإيراني اللامحدود لحكومة المالكي وحلفائه ، والذين تحولوا إلى وكلاء لولي الفقيه الإيراني في العراق . ولم يعد بالإمكان الاحتفاظ بسلطة المالكي الطائفية بالوسائل السياسية ، بل أصبح مرغما على الانزلاق للخيارات العسكرية الأمنية ، لمواجهة القوى الرافضة لمشاريع الهيمنة الإيرانية اعتمادا على دعم الهيمنة الشيعية الطائفية للمالكي وحلفائه . مايشير إلى سير العراق بنفس الاتجاه الذي سار فيه بشار الأسد في سوريا ، أي المواجهة المسلحة والحرب الطائفية .
سوريا : الحلقة الأخطر في المشروع الإيراني : الديني – القومي – السياسي :
1 الحاضنة الشيعية السورية :
في سوريا الأمر هو الأكثر خطورة ، لأنها الحلقة الأهم في السلسلة الشيعية الفارسية ، والاحتفاظ بها دونه ثمن لايمكن احتماله ولادفعه ، لأنه يفوق طاقة الحلف الإيراني الروسي السوري ، الذين تتهددهم خسائر تتراكم وتتنامى ، ليس بوسعهم تحمل نتائجها إلى مالانهاية ، وهو ما تشير إليه الوقائع في ميدان الصراع السوري . ومن أهمها أن الكتلة الشيعية السورية ليست بالحجم الذي هو عليه في العراق المجاور الذي على العكس من سوريا ، تشكل فيه الكتلة الشيعية أغلبية سكانية ، وعماد سكاني قوي للمشروع السياسي الإيراني العراقي الطائفي .
2 نقطة الضعف
في سوريا الوضع مختلف كثيرا ، حيث القوى السكانية الشيعية هي أقلية الأقلية ، وتشمل العلويين والمتاولة ( الشيعة ) والاسماعيليين والدروز بشكل أساسي ، ونسبتهم السكانية لاتتجاوز الخمسة عشر بالمائة من عدد السكان السوريين ، وهذا الوضع الديمغرافي يشكل نقطة ضعف لنظام حكم بشار الأسد ، فكيف يعمل ذلك النظام ، من أجل تعويض النقص في حامله أو حاضنه الاجتماعي الطائفي ؟ وكيف يمكنه التغلب على نقطة الضعف المذكورة ؟
3 البحث عن بدائل :
وفي الحالة السورية إذن ، لابد للمشروع من مرتكزات وحواضن ديمغرافية ، غير شيعية ، ولكنها موثوقة ، يمكن الاعتماد عليها كحواضن وموارد بشرية ، يمكن تحويلها إلى قواعد عسكرية متقدمة ، في عمق الجغرافيا السورية ، وبحيث تشكل نقاط ارتكاز ، تنتشر شبكيا في المناطق السورية كافة ، لتأمين السيطرة على سائر المناطق غير الشيعية ، والتي بات الثوار يسيطرون عليها إلى حد كبير ، ومايملكه نظام بشار الأسد من قوى شيعية في سوريا غير كاف لتحقيق طموحه في البقاء وإحكام السيطرة على المناطق الثائرة ، التي تكاد تشمل عموم سوريا ، ولايشذ الساحل السوري عن تلك القاعدة تماما . فهل من فرص للتعويض عن النقص في القوة السكانية المؤيدة والداعمة لنظام الأسد ؟
4 خيارات التعويض :
نعم ، بالتأكيد .. عوض الأسد ويعوض ذلك النقص من خلال عدد من الخيارات المتاحة .
على الصعيد الداخلي :
.. تمكن الأسد من استمالة نسب كبيرة إلى صفه ، من الأقليات : منها مايمكن إدراجه تحت مفهوم الفرق الشيعية : كالاسماعيلية والدروز والمتاولة ، وبعض الكرد ، ونسبة كبيرة من المسيحيين المنتشرين في كل أصقاع سوريا .
التوزع الديمغرافي العلوي :
1
ينتشر العلويون بكثافات متفاوتة في معظم الجغرافيا السورية ، ويشكلون جيوبا في العديد من المناطق والقرى والمدن والمحافظات ، وبالدرجة الأكبر يتمركزون في الساحل السوري وجباله المعروفة باسمهم ، وبالدرجة الثانية تتمركز كثافتهم في المدن الرئيسية الكبرى ، وفي أحياء بعينها في كل من دمشق وحمص وحماه وحلب ، ويعتبر هذا الوضع سلاحا ذا حدين ، لصالح وضد النظام في آن واحد .
2
العلويون يتقاسمون المدن الساحلية مع السنة والمسيحيين ، ويقارب عدد السكان من السنة والمسيحيين في تلك المدن المليون نسمة ، أما القرى المتناثرة في جبال العلويين ، فتكاد تكون صافية علويا ، لولا الوجود السكاني التاريخي للمسيحيين فيها ، كقرى بعينها ، أو كشركاء للعلويين في بعض تلك القرة ، أو في مراكز النواحي والمناطق والمدن المعروفة بمسيحيتها كليا أو جزئيا .
3
التغيرات الديمغرافية الميكانيكية الحاصلة خلال نصف القرن الماضي ، أدت إلى إعادة تشكل الخريطة الديمغرافية مكانيا ، ودون المساس بالنسب المعروفة بين المكونات السكانية السورية . حصل هذا بسبب متطلبات التطور الطبيعية ، كالانتقال من الريف إلى المدينة ، وكذلك بسبب عوامل سياسية ، حيث وفر نظام الأسد الفرص الواسعة لنمو شرائح علوية غنية وذات نفوذ في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها من مجالات ، أدت إلى بروز طبقة علوية متنفذة في المال والأعمال والاستثمار، انتشرت في سائر المناطق والحواضر السورية .
الأقليات الشيعية من غير العلويين :
باقي الأقليات كالدروز أيضا لهم انتشارهم في سوريا ، ولكن بشكل أقل من العلويين ، وظل تمركزهم في السويدا ء هوالطابع الأبرز لهم . ولاتشذ الطائفة الاسماعيلية عن هذا . أما " المتاولة " فقد عرف تمركزهم التاريخي الأكبر في دمشق ، وفي حارات بعينها سميت باسمهم : حارة المتاولة ، وتقع شمالي الصالحية أو منطقة الشركسية والشيخ محي الدين ، وهي شرقي المهاجرين على سفوح جبل قاسيون وحتى منطقة الأكراد ، وهم أقلية قليلة جدا ، لايعتد كثيرا بها ، وتوجد منهم عائلات وحارات في حلب ، وفي بعض القرى في ريف إدلب .. ومناطق أخرى ربما لم تسعفني الذاكرة بتذكرها .
الأقلية المسيحية :
كل الأقليات الشيعية لاتتجاوز نسبتها الخمسة عشرة بالمائة ، بالنسبة لعدد سكان سوريا . ولكن الأمر لايقف عند هذا الحد بالنسبة لنظام بشار الأسد . بل عمل ، وبشكل أكثف ، على استمالة واستقطاب المكون المسيحي إلى صفه في معركته المصيرية ضد الثورة السورية التي ارتكزت بالنسبة الكبرى على الحاضنة السنية السورية . وقد حقق الأسد نجاحات ملحوظة في تحالفاته تلك . خاصة وأن المسيحيين السوريين يتميزون بانتشارهم في الجسد الجغرافي السوري أكثر من غيرهم ، لأن الحساسية تجاههم كانت أقل بكثير من الحساسيات القائمة فيما بين بقية المكونات المجتمعية السورية . وكانوا مقبولين من سائر الاقليات ، وكان ولايزال وضعهم آمنا أكثر من وضع باقي المكونات . وميزة انتشارهم على امتداد الجغرافيا السورية مدنا وريفا ، يفيد منها النظام أيما فائدة ، حين يتخذها مرتكزات عسكرية أمنية تشبيحية ضد أبناء طائفتهم من جهة ، وضد الثورة عموما ، وتعمل لصالح نظام بشار الأسد ، وفي خدمة أجندته الخاصة . وهو مايحصل على نطاق لايستهان به .
ولو أضفنا المسيحيين إلى المكونات الشيعية ، وبعض الأكراد ، نكون أمام نسبة لايستهان فيها من الدعائم السكانية البشرية الداعمة لنظام الأسد ، وربما تتجاوز نسبتها الثلاثين بالمائة من مجموع عدد السكان السوريين .
المتورطين والداعمين لنظام بشار الأسد من المكون الإسلامي السني :
ولو أضفنا الداعمين والمؤيدين والمتحالفين مع نظام بشار الأسد من الطائفة السنية في كل شبر من الارض السورية ، وهم ليسوا بنسبة ضئيلة كما يحلو لنا أن نتوهم ، بل ربما هؤلاء يشكلون على أقل تقديرثلث عدد السكان من الطائفة السنية ، أي ثلث السبعين بالمائة ، أي ثلث مما يقرب من خمسة عشر مليون سوري سني ، أي خمسة ملايين سوري سني مع الأسد . لو أضفنا هذه النسبة السنية المؤيدة لبشار الأسد من السنة ، فإن بشار الأسد يكون قد تمكن من الاعتماد على نسبة لاتقل عن خمسين بالمائة من عدد سكان سوريا الاجمالي ، وهي عماده وسلاحه الأقوى في حربه ضد قوى الثورة والمعارضة المدنية والمسلحة معا ....وهي سبب احتفاظه بسيطرته الكاملة والجزئية على مناطق واسعة من التراب السوري ، وخصوصا على مواقع ومراكز المدن الكبرى الرئيسية ، وخطوط الإمداد فيما بينها ، وهو ، أي النظام ، لم يخسر حتى الآن سوى السيطرة على الأطراف ، وبعض المناطق التي لاتشير حتى الآن إلى توازن ميزان القوى بينه وبين خصومه من الثوار ، بل تشير إلى استمرار اختلال ميزان القوى لصالح نظام بشار الأسد حتى اللحظة . ينتج عما سبق أن بشار الأسد لايزال يحتفظ بتفوق ميزان القوى في الداخل من الناحية الكمية ، ولاشيء يدفعه لتقديم أي تنازل فعلي للخصوم . فكيف إذا كان يملك أرواق إضافية ، وعوامل قوى إضافية خارجية لامحدودة ؟
العوامل الخارجية :
لو أضفنا لكل ماذكر ، حجم الدعم والمساندة الخارجية لنظام الأسد ، لصح لنا أن نقول : إن ميزان القوى في الصراع الدائر داخل سوريا ، مايزال يرجح وبقوة كفة الميزان لصالح الأسد .
ولقد وصل الدعم الإيراني والروسي أقصى مايمكن أن يتوقعه الأسد ، ولدرجة أن دوره في قيادة البلاد لم يعد مطلقا . بالمقابل يستمر الفيتو الأمريكي الغربي على تسليح المعارضة للدفاع عن نفسها .
السيادة السورية في خبر كان :
في الحقيقة .. لولا الدعم الخارجي لما صمد بشار الأسد .. ولما قرر الصمود ، بل إن قرار مواجهة الثورة كان إلى حد كبير قرارا إيرانيا – روسيا ، خضع له الأسد ، وتنازل لهم عن بعض سلطته في المواجهة ، بل وتخلى عن السيادة الوطنية مقابل البقاء في السلطة هو ومن معه . وتحولت سوريا إلى مايشبه المستعمرة او المحمية الإيرانية – الروسية ، المدججة بالأسلحة والخبراء والمقاتلين من الحرس الثوري وحزب الله ، تحت الإشراف والتوجيه الروسي المباشر . بحيث لم يعد بقاء أو رحيل الأسد قرارا شخصيا منه ، بل بات قرارا روسيا – إيرانيا ، لايستطيع رفضه قطعا . وقد وضع التحالف الدولي المدافع عن نظام بشار كل بيضه في سلة الدفاع عن النظام الأسدي ، باعتباره نظامهم ، وامتداد لنفوذهم وهيمنتهم الكاملة على سوريا وماحولها ويحيط بها من بلدان مجاورة . ولن يجد الروس والإيرانيون شخصا أضعف من بشار ونظامه ليفرضوا عليه شروطهم وأجنداتهم الخاصة ، ويبتزونه ويستغلون ضعفه وخوفه لتمرير مخططاتهم الأمبريالية الإقليمية والدولية . والحرب في سورية هي حربهم كما هي حرب الأسد من أجل القضاء على أسس الثورة السورية .
التدخل الخارجي العسكري المباشر لصالح الأسد :
ولذلك يتنامى التدخل الخارجي الشيعي بشكل سافر في الشأن السوري ، بتشجيع ورعاية روسية . ويدخل المالكي وبعض الشيعة العراقيين المعركة مواربة ، بينما يدخلها حزب الله اللبناني علنا ، بعد تلقيه الأوامر الخامنئية ، التي فهمت الرسالة الغربية على أنها ضوء أخضر أو أصفر للتدخل السافر دفاعا عن الأسد ، وحربا على الشعب السوري من أوسع الأبواب . ما يفسر الشك بتواطؤ أوروبي أمريكي شائن ضد الثورة ،
الهدف الأول : الاحتفاظ بسورية الإيرانية كاملة :
إن المخطط الأساسي ، الذي له الأولوية ، هو الاحتفاظ بسوريا كلها تحت السيطرة الأسدية ، ومن ورائه السيطرة الإيرانية الروسية ، وعلى هذا الأساس توضع الخطط العسكرية ، في غرفة عمليات مشتركة : روسية – إيرانية – سورية . ويعتمد المخطط على المعركة الشبكية الغربالية ، التي تضيع فيها أية ملامح لخطوط التماس والمواجهة . وأهم مرتكزات المعركة ، هي البؤر المدنية – العسكرية التي شكلها ويشكلها نظام الأسد بالتعاون مع الروس والإيرانيين ، والتي تنتشر وتترابط على اتساع الجغرافيا السورية ، لتكون منطلقا لتسليط النيران على سائر المواقع الثائرة ، والواقعة تحت سيطرة الثوار . والرسالة الأسدية تقول : لن يهنأ الثوار بما كسبوه ؟ ولن تكون لهم السيطرة الكاملة على الأرض ، ولا القدرة على حمايتها من جحيم النيران الأسدية . والأداة العسكرية الأمنية هي الوسيلة الرئيسية لتطبيق المخطط ، عبر إعادة هيكلة القوات المسلحة طائفيا ، وعبر تأسيس قوات الدفاع الوطني ( اللجان الشعبية) ، وإطلاق يدها في القتل والمذابح والاغتصاب والسلب والنهب بلا تمييز ضد الآمنين والمسالمين والمدنيين .
الطبيعة الإقليمة الدولي للمشروع :
مثل هذا المشروع يعني لطهران إحياء أمجادها الامبراطورية الفارسية ، وتحقيق ماعجزت عن تحقيقه قبل الإسلام ، بسبب السد الروماني المنيع الذي حال وبقوة دون وصول الفرس إلى مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة ، والتي تعتبر النافذة إلى فضاءات مفتوحة .على الاتجاهات كافة .
ومثل هذا المشروع يتطلب الدفاع المستميت عن نظام الأسد وحكمه ، لأنه الحلقة الأهم في الهلال الفارسي – الشيعي ، حلقة وصل على " طريق الحرير " الشيعي الذي يبدأ من طهران ، وينتهي في بيروت ، مرورا ببغداد فدمشق ، وتلك العواصم هي المحطات والمرتكزات العسكرية والأمنية والسياسية للسيطرة على الجغرافيا الشيعية الشاسعة .
ومثل هذا المشروع يصب في مصلحة كل من روسيا والصين ، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا . لأنه سيشكل جدارا حديديا يصد الأطماع الأطلسية اللامحدودة دوليا . وسيشكل منصة لاختراق الاحتكار الأطلسي للنفوذ في الخليج والمشرق العربي عموما . وربما في شمال إفريقيا أيضا ، عدا عن كونه الضمانة القوية للأحلام الروسية في الهيمنة على أهم نافذة اشتراتيجية في البحر الأبيض المتوسط ، ولهذا تضع كل من روسيا والصين كل بيضهما في سلة ذلك المشروع . وتدافع بشراسة عنه ، كيلا يكون للأطلسي موطئ قدم في المنطقة . ولأن الاحتفظ بالحلقة السورية ، يعني الحفاظ على " طريق الحرير " الفاسي الشيعي من طهران إلى لبنان وشواطئ المتوسط ، النافذة الاستراتيجية للمشروع الإيراني الروسي ، والحلم القديم الجديد لهما .
هنا يكمن سر الموقف الإيراني – الروسي – الصيني المتصلب والمنحاز كليا لنظام بشار الأسد ، والذي لم يعد مؤهلا للبقاء ، بسبب طبيعته المنافية للحد الأدنى من الكفاءة السياسية ، ومتطلبات الحكم . بل ولافرصة لإصلاحه وترقيعه وتكيفه مع التحولات الجارية . هذا مايفسر التمسك المتعصب من قبل الروس والإيرانيين ببقاء بشار الأسد ، الذي برحيله هو وطغمته سوف تنهار الأحلام الفارسية والروسية في الحفاظ على نفوذهما في شرقي البحر الأبيض المتوسط .
في غرفة العناية المشددة :
النظام السوري كله يرتكز على بقاء الأسد ، لأنه فعلا هو النظام ، والنظام مختصر بشخص بشار وعائلته وحلقته الضيقة ، وأي مساس بشخص بشار ، يعني المساس بالسلطة المطلقة ، والإجهاز عليها ، من خلال الإجهاز على الرأس : بشار . لايوجد حد أدنى للإصلاح . بل يوجد حد أقصى فقط . لأن إزالة بشار الأسد ليست الحد الأدنى بل الأقصى للإصلاح ، وهو يعني تماما قطع رأس النظام ( بشار الأسد) ، والنتيجة المباشرة هي انهيار صاعق لجسد النظام وسلطاته المطلقة والمتمركزة بشخص بشار نفسه دون سواه . وحين يحصل هذا ، لايمكن لأحد أو لجهة سياسية من داخل النظام التقاط السلطة المطلقة ، أو اختطافها وسرقتها واحتكارها ، لأنه سيواجه منافسة دموية حادة ، ولن يتمكن حلفاء النظام الإقليميين من إسعاف نظام الأسد ، الذي يعيش حالة غيبوبة شاملة أشبه ماتكون بالموت مع وقف التنفيذ ، بفضل إسعافه ومساعي إحيائه في غرفة العناية المركزة الإيرانية الروسية .


أمام المخطط المذكور ، والذي له الأولوية الاستراتيجية حتى الآن ، صعوبات ومطبات ومخاطر لايمكن تفاديها على المستوى البعيد . عدا عن كونه مقامرة خاسرة استراتيجيا ، لأن تحقيقها يتطلب حالة حرب متصلة ، وطويلة الأمد ، مايعني تكلفة عسكرية مفتوحة ومستمرة ، تفوق أي قدرة على تأمينها ، حتى لو تضافرت كل جهود التحالف الإيراني – الروسي للوفاء باستحقاقاتها المالية . وكلنا يتذكر هزيمة الروس في أفغانستان بعد عشر سنوات من الحرب ، وهزيمة الفرنسيين ومن بعدهم الأمريكان في فيتنام ، والتكلفة الهائلة بتريليونات الدولارات التي دفعتها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب احتلالها للعراق ، ولن أسوق المزيد من الأمثلة التاريخية القديمة والحديثة ، لتأكيد أن كلفة الاحتلال باهظة جدا ، لاتتحملها دول عظمى ، فكيف لنظام الأسد تحمل كلفة احتلاله لسوريا ، وكيف لحلفائه أن يتحملوا ذلك الثمن ؟ وإلى متى ؟
من هنا أرى أن الخيار الأول : الاحتفاظ بالسيطرة على كامل سوريا بالنيران غير رابح ولامؤكد ولا مضمون النتائج لافي المدى المنظور ، ولافي المدى غير المنظور . وهو بالتالي خيار ساقط وخاسر حتما مهما طال الزمن . ولهذا ، يضع الأسد وحلفاءه خيارا أو سيناريو احتياطي . يكون خط دفاع ثاني عن الوجود الإيراني الشيعي الممتد كأذرع الأخطبوط في المنطقة : لبنان وسوريا والعراق .
هل باع الغرب سوريا ؟
ربما حصل ، وفي هذه الحالة ، عقدوا صفقة رابحة مع الروس والإيرانيين ، حين باعوهم بضاعة ملغومة ومفخخة ، يدفعون ثمنها خسارة واستنزافا وتورطا في مستنقع يغرقهم أكثر فأكثر ، والرابح هو إسرائيل والغرب وأمريكا ، حين تأتيهم الفرصة على طبق من ذهب ، ليحققوا أهدافهم ضد المحور المعادي لهم في المنطقة والعالم ، على يد الثورة السورية المسكينة ، ومن دون أن يكلفوا أنفسهم الكثير من الدفع والمستحقات ، لأن ثمة بلدانا عربية تضع كل ثقلها المالي لسداد الفاتورة الثقيلة ، ولايبقى للأوروبيين والأمريكان الكثير مما عليهم دفعه مقابل صفقة باهظة يدفع السوريون ثمنها من دمائهم وأرواحهم وكرامتهم وحريتهم وحضارتهم واقتصادهم . فهل هي الخيانة ، أم اللعب على حبال السيرك السياسي الدولي والاقليمي ؟ وهل نتائج اللعب مضمونة لطرف من الأطراف ؟ أم أن اللعبة مستمرة ؟ وأن من هو خارج الملعب نسبيا ، قد يتحول إلى لاعب أصلي .
ليس من مصلحة الأمريكان والأوروبيين التخلي عن اللعب في الملعب السوري ، ولا القضاء على الثورة السورية ، التي تؤدي دورا كبيرا في تحطيم أسس المشروع ( الفارسي الروسي ) ، بل مصلحتها بإبقائها على قيد الحياة ، وبتوفير مايلزم للاستمرار في أداء مهمة هي في الواقع مهمة كانت ستقع على عاتق الغرب ، أصلا ، ولكن حظ الغرب كان كبيرا لأن الثورة السورية تنجز مالايمكنهم إنجازه ضد محور الشر الإقليمي والدولي المعادي لهم في كل مكان من العالم .

خسارة وربح
المعركة هو خسارة مستمرة بالنسبة للتحالف المعادي للثورة في الداخل والخارج . والحسم غير متاح لهم ، والثورة قدر لايمكن تفاديه ، لأنه استحقاق الطبيعة ، الذي يعني أن الحي أقوى من الميت ، والثورة هي الحياة ، والنظام هو الجثة الميته التي لامكان لها بعد الآن في سوريا . وتلك حقيقة لامرد لها شاء الروس والإيرانيون أم أبوا ، ولن يفلحوا في إحياء الموتى مهما دفعوا من أثمان لاقبل لهم بدفعها أصلا .
المشروع البديل : الكانتون العلوي :
إن الحلف الإيراني الروسي يدرك مدى المغامرة والمقامرة في سوريا ، وأن الهزيمة واردة وبقوة ، ولهذا لايريدون أن يخرجوا من " المولد " بلا " حمص " ، ما يبرر وضعهم لسيناريو بديل ، هو حاليا في المقام الثاني ، فلو فشلوا في الاحتفاظ بكامل سوريا ، لابد حينئذ من قبول فكرة : " دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر" ، ويعني هذا ، وضع سيناريو التقسيم ، وإقامة الكانتون العلوي المتمدد ، والمربوط جيدا بحزب الله والعلويين في طرابلس وحمص وحماه ، فيغدو الكيان أكثر تمركزا وكثافة وقوة طائفيا وسياسيا وعسكريا ، وبدعم مطلق من الإيرانيين والروس ، ويجري الإعداد للمشروع منذ وقت طويل . وسيكون محمية إيرانية – روسية ، لها وظيفتها في الحياة السياسية الدولية والإقليمية .



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بين مفترسين
- بيان لجنة المتابعة لمؤتمر: - كلنا سوريون -
- فيسبوكيات رياض خليل : (4/5/6)
- فيسبوكيات : (1/2/3)
- الكذب القاتل: نخاسو الوطن والشعب
- سورية الثورة (9): نظرية لافروف
- سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة
- عن المرأة : (2): حق العمل
- عن المرأة: ربة المنزل
- سوريا الثورة : (7) :
- سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......
- سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني
- سوريا الثورة :(4): تتمة : مفاهيم نظرية أساسية
- سوريا الثورة :(3) مفاهيم أساسية عن السلطة
- سوريا الثورة : (2) : أبجديات في النظرية والتطبيق
- سوريا الثورة : (1):أولويات المرحلة
- ومضات: (1)
- وهم الدولة الدينية وأسلمة الثورة السورية
- سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة
- خازوق أطلسي لروسيا


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رياض خليل - سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر