أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جواد كاظم غلوم - السيّدة ذات الرداء الأحمر














المزيد.....

السيّدة ذات الرداء الأحمر


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 21:30
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



في ساعات الصباح الاولى من يوم الجمعة 31/5 / 2013 بقيت تلك السيدة ثابتة في مكانها في متنزه " جيزي بارك " في ساحة التقسيم وسط استانبول بصحبة مجموعة من المعتصمين الذين واجهوا الدرك حينما رأوا امام انظارهم قيام الدولة بازالة اكثر من ستمئة شجرة وقلعها من مكانها لبناء مراكز تجارية حديثة على انقاض متنزههم الجميل الذي يعدّ من اهم المعالم الاثرية العتيدة والذي يرمز الى علمانية تركيا الحديثة ، هذه المرأة ركزت قدميها على الارض ولم تتزحزح قيد انملة ، صرخت بملء فمها احتجاجا على قلع الاشجار وإزالة المتنزه وهدم اسواره والعبث بمركز اتاتورك الثقافي الذي سيطاله الهدم تباعا من اجل اقامة مراكز تجارية بدلا عنه ، لم تعبأ ابدا بأوامر الدرك وشرطة مكافحة الشغب التركية ، حتى توسلات البعض من زملائها المعتصمين إليها بالمغادرة خوفا عليها مما لايحمد عقباه لم تجدِ نفعا ، يا لهذا التصميم الرائع والثبات الراسخ على المبدأ وشجاعة الرأي
تحركت شرطة مكافحة الشغب وقامت برشّ خراطيم الماء لإزاحتها ولكن دون جدوى ولجئوا الى رشّها بمادة مسحوق الفلفل الاسود الحاد على وجهها وأجزاء جسمها دون ان تحيد جانبا او تتململ من مكانها
ادرك الحاضرون ان لامجال لتراجعها وثنْيها وتثبيط عزيمتها فأججت فيهم روح الاحتجاج ومواجهة الشرطة ، لقد علّمتهم درسا في الجرأة والمواجهة لامثيل لها . وعلى اثر ذلك تضامن معها المحتجون وازدادت اعدادهم زرافات ووحدانا حتى صار الجمع كثيفا وعلت الاحتجاجات وبدا صوت المعارضة قويا نافذا لإحساسهم ان معول الأسلمة سيطيح بأركان ورموز العلمانيين في" جيزي بارك " وسيهدّ مركز اتاتورك الشهير وهو – في نظرهم— أحد المعالم البارزة للعلمانية في تركيا الحديثة
بهذا الاصرار من المرأة العنيدة العصيّة تصاعدت الاحتجاجات وعمّت معظم استانبول وانضمّ حزب الشعب ذو الصبغة اليسارية ولحقه حتى اليمين التركي صفا واحدا وكتلة علمانية تقف بالضد من ممارسات حزب اردوغان ولم تنفع لرئيس الوزراء الذي استلم الحكم عام/ 2002 معظم الانجازات التي حققها لتركيا ونجاحاته في تطوير اقتصاد بلده وجعله تركيا بلدا دائنا لامدينا ومساعيه الحثيثة لخفض معدلات البطالة الى نسب متدنية جدا ورفع مستوى دخل الفرد الى اكثر من ثلاثة اضعاف وأوفى بالتزامات تركيا المالية الى صندوق النقد الدولي وأنهى هيمنة العسكريتاريا التركية على سدة الحكم وصاغ النموذج الامثل لدولة مسلمة تتحلى بالديمقراطية وتستسيغ الفكر الليبرالي وراح البعض من سياسيي الانظمة الاسلامية يعدّها النموذج والقدوة التي يجب ان يحتذى بها ، كل تلك الانجازات التي تم تحقيقها لم تشفع له ان يتلمس جسد العلمانية الراسخة في بلاده حتى ولو باطراف اصابعه ، ويبدو ان انجازاته تلك رسّخت فيه شيئا من النرجسية السياسية والاعتداد بالنفس وراح يتحرش بالعلمانية لعله يضفي صبغة اسلامية على تركيا تفوق على ما اعتادت بلاده على النهج العلماني الاتاتوركي وأصيب بحالة من الزهو وانتفخت اوداجه مائلا الى حد ما الى ان يكون طاغيا على السلطة وهذا ماحدى بمعارضيه ان ينعتوه بالديكتاتور
ومع امتداد الاحتجاجات وتوسعها في ازمير غربا ثم الى أنطاليا جنوبا حتى بلغت العاصمة انقرة وبلوغ عدد الجرحى اعدادا كبيرة اذ تعرضوا لأذى شرطة مكافحة الشغب مما اضطر نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينتش ان يعترف بمشروعية التظاهرات وعدالتها ويقدّم اعتذاره للجرحى كما اقرّ بان الشرطة قد تصرفت ازاء المحتجين بشكل مفرط وأوعز باجراء تحقيق سريع بسبب استخدام القوة المفرطة في مواجهة المحتجين
هذه المرأة السامية بكبريائها ستعلم النساء درسا في مواجهة عنت السلطة وقد تنبت بذور اصرارها وصلابتها في ارضنا التي هي بامسّ الحاجة الى مثل هذا اللون من المواجهة مثل ألوان فستانها الزاهي الجميل



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواعظ ونصائح شيخ المايكروسوفت
- قصيدة بعنوان : رضاعة الكبير
- كنوزنا الضائعة في الشتات
- سوريا التي في خاطري وفي دمي
- تشويهُ معالم بغداد
- وخزاتٌ لابدّ منها
- هل أدلُّكم على تجارةٍ تبدّدُ أموالكم ؟؟!
- الجامعةُ العربيّة في النزَع الأخير
- ديمقراطيتنا تتنفسُ الغبراء لا الصعداء
- قصيدة بعنوان - حبّ امتناع لامتناع -
- مذاقُ لحومِ الخيل
- قضاؤنا العراقيّ في عيون المنظّمات الانسانية
- عشرُ سنوات من سقوط الدكتاتوريّة
- إنَّ أخفتَ الأصواتِ لصوتُ المثقف
- هل عصا الشهرستاني سحريّةٌ حقاً ؟!
- حديثُ الحبّ للثامن من آذار
- زيارة باهظة الثمن ( شيء من معاناة المرضى في العراق )
- هل تُخيفكم رؤوسُ التماثيل ؟!
- نفاياتُ الإتحاد الاوروبي
- حينما تتحوّل الأسلحةُ الى مصوغات


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جواد كاظم غلوم - السيّدة ذات الرداء الأحمر