|
البيان حلم والممارسة واقع
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 19:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
طبيعة بيانات أي مجموعة تُقدم على الانخراط في عمل جمعوي يشتغل على ما هو سياسي أو اجتماعي أو ديني ، هي ما يمكن أن نطلق عليه بعد توافر عدد هائل من البيانات بدءا بالبيان الشيوعي وانتهاء ببيان السلفيين المنخرطين قريبا في حزب النهضة والفضيلة ،كونها بيانات حالمة . انها وعد بالجنة وتوطئة مدحية لعمل مستقبلي ينتظره المترقبون بعطش كبير لفعل انساني يعوضهم عن فعل شيطاني . وحين الممارسة يصطدم المجتمع بواقع العمل الميداني البئيس وبواقع التدليس ، فيعود الى البيان ليتحقق من قشور موزه وحباله التي التفت حول عنقه . لا لمصادرة المستقبل ، ولا للتفتيش في النوايا . ولا أيضا لتلبيس ابليس ، والباس الشيطان لباس القديس . العالم العربي ما يزال يجتر تجربة السلفيين التونسيين وقبلهم من اسموا أنفسهم بالمعتدلين الاسلاميين الممثلين في حزب النهضة التونسي ، كما أن تجربة الاخوان في مصر ما تزال طرية وأوار حروبها لا تزال تشتعل . بل لماذا نذهب بعيدا ونحن نعيش سلطة حزب العدالة والتنمية بالمغرب ،الذي أخفق بالمرة في تطبيق كل مشاريعه وارتكب كبيرة التنكر لبرنامجه الحزبي ، وهو يعد بغد الرفع من أجرة العامل البسيط ، وتحديد سقف الأجرة في 3000 درهم ، والتخفيف من معدل البطالة ، وتحسين أداء الحكومة ، ووعود أخرى يمكن العودة اليها بتصفح برنامج الحزب الانتخابي . غير أنه أقدم على عكس ما وعد به ، وكأن برنامجه الحقيقي كان نقيض برنامجه المنشور . وكأن الحزب مارس لعبة الاستغماء ، لنعثر على حقيقته بعد لحظات قليلة من اختبائه . الانسان كائن حالم يوطوبي ، ينتظر خلاصه من المجهول بالمجهول ، والا لما انتدب في كل الحضارات مهديا قادما من استار الغيب لينقذه . وهو يرتق حروف الوعد والأمل ويتمنى لو لم تنتهي عبارات التمني . لايمكن لعاقل ان يقف حاجزا بينه وبين حلم الاخرين ، لكن الناقد الاجتماعي أو الممسوس بهم الأوضاع السياسية والاجتماعية لوطنيه الصغير والكبير ، لا بد وأن يُصدم بهذه اللغة المترهلة . لغة الوعد المجاني ، لا يعقل ان نبقى نحن العرب نتكئ على أوهام الوعد الخلاصي ، بينما الواقع ينزلق يوما عن يوم الى أتون الردة الانسانية ، وعلى رأسها ردة الدين . فهذا فقيه لا يتقن الا فتوى الشذوذ -عبد الباري الزمزمي - ، وهذا فقيه ينبري الى ادخال المسلمين في معمع الفتن والحروب البينية -القرضاوي - وهذا فقيه يمعن في الثأر من قبور الموتى -كثيرون من أتباع الوهابية - ، والقائمة طويلة في فقه التخلف والتبعية ، وكأننا نعيش تخلفا مهولا في انتاج عقل متحرر من مرجعيات الموت والبوار . حتى العلمانيين العرب بيسارييهم الأشاوس في استيراد سيوف ماركس البالية ، لم يرحموا هذه الأمة من فنطازيا الاستعلاء النخبوي ، وهم من بين من باع أوطاننا لهذا الحاكم التقليدي الذي لا يزال ينتصر لعصر الحريم والرعايا والعبيد . انه مسرح قاتم ، لا يقوم بأداء الأدوار في جحيمه غير عرائس يديرها أسياد البيت الأبيض والشان زيليزي والمعهد الملكي الانجليزي وتل أبيب ، أما عواصم الرياض والدوحة والكويت ودبي ،فدورها المالي لم يعد خفيا على أحد . لست ضد أن يلتحق السلفيون المغاربة بأي حزب يجدون فيه مجالهم الحيوي لتطبيق وممارسة أنشطتهم السياسية والدينية . لكنني ضد لغة الوعد المجاني ، وضد لغة الصكوك الدينية والسياسية . آن الأوان لنمتلك جرأة التخاطب الموضوعي العلمي الذي يسمي الأسماء بمسمياتها ، فالسياسة سيف ذو حدين ، كما الدين ، وأي انتاج انساني ، هذا مع وعينا الحاد بطبيعة الدين الالهي كما يصوره الله سبحانه وتعالى ويدعو اليه رسوله الكريم . والدين كما طبخه المستحكمون في رقاب العبد في مطابخهم الجاهزة . وشتان بين دين طاهر سام وراق ، وبين دين دنيوي سفلي وملطخ بدم الأبرياء والسذج . عادة البيانات أنها تفرش الورد ليجني المجتمع الشوك . ويا حبذا لو غيرنا هذه القاعدة وغرسنا الشوك لِنَحِنّ لقطف الورد .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثمة أغنية في الحنجرة
-
الانسان ذلك المنحرف -1-
-
القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
-
قصة الدمعة -قصة-
-
مؤتمر جنيف-2- الميت
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
-
ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
-
عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
-
قصة : لم أتعلم الندم
-
الى السيد عبد العالي حامي الدين*
-
تلبيس ابليس لباس القديس
-
ليس دفاعا عن العلمانية -2-
-
أثر الدلالة
-
البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
-
تذكرة السيرك
-
ليس دفاعا عن العلمانية
-
عاشق الفوضى
-
عرق الريح.......
-
الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
المزيد.....
-
اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
-
الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي
...
-
الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي
...
-
حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو
...
-
جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
-
تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي
...
-
الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني
...
-
محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص
...
-
نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه
...
-
نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|