أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسين محمود التلاوي - سفر الخروج... تأملات لا دينية!!














المزيد.....

سفر الخروج... تأملات لا دينية!!


حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)


الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 11:40
المحور: سيرة ذاتية
    


سفر الخروج هو السفر الثاني من الأسفار الخمسة في التوراة الكتاب المقدس لليهود، والعهد القديم لدى المسيحيين. والموضوع الرئيسي لهذا السفر هو خروج اليهود من مصر فرارًا بدينهم من بطش فرعون وهامان وجنودهما الذين وصفهم القرآن الكريم بـ"أنهم كانوا خاطئين". وبعيدًا عن كوني مسلمًا يتفق مع الفكرة الأساسية للسفر وهي خروج اليهود من مصر ويختلف مع بعض التفاصيل بحكم الاختلاف بين الديانتين، وكذلك بعيدًا عن المسألة المتعلقة بإلهية النص أو وضعه، يمثل السفر قصة ممتعة للقراءة وفق مستويات متعددة لا يمكن القول إن الإمتاع ليس من بينها.
لنا أن نتخيل الحالة العامة لليهود وهم يخرجون من مصر هاربين من بطش فرعون؛ هذا خروج. وكذلك خروج الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة فرارًا من بطش قريش؛ وهو الحدث المعروف إسلاميًا بـ"الهجرة النبوية"، والذي تم اختياره في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليصبح بداية التقويم الإسلامي، الذي أُطلق عليه التقويم الهجري. ولنا أن نستعيد خروجًا آخر وهو خروج الفلسطينيين أثناء نكبة 1948، وهو الخروج الذي تم على يد ضحية الخروج الأول التي تحولت جلادًا؛ هذا أيضًا خروج. كذلك استمر الجلاد في صياغة سيناريوهات الخروج؛ فنرى تهجير المصريين من مدن خط القناة بعد نكسة 1967؛ كذلك هذا خروج.
وهناك الكثير من حالات الخروج التي تمت على يد جلادين، وكذلك على يد ضحايا استحالوا جلادين، ولم يترددوا لحظة في إطلاق المدفع على من يقف أمام الفوهة بمجرد أن تمكنوا هم من الانتقال إلى موقع الواقف وراء الفوهة مستعدًا لإطلاق النار على من كانوا رفاقًا في التصدي للمدفع في الماضي.
تطول الأمثلة، ولكن الخروج لا يزال هو بذاته لا يتغير... إنه الخروج!

فعل التحدي... أم الهروب؟!
يمكن القول إن الخروج هو محاولة للتغيير والانطلاق بعيدًا عن الواقع المعاش في محاولة لخلق واقع جديد بدلا من محاولة إصلاح الواقع القائم. وتصف أدبيات الفكر السياسي الإسلامي على سبيل المثال شق عصا الطاعة على الحاكم بأنه "خروج على الحاكم"؛ وبالتالي فهي محاولة لإزاحة الحاكم من مكانه وإحلال حاكم جديد بدلا من إصلاح الواقع القائم تحت سيطرة الحاكم الذي خرج عليه المحكومون.
إذن، الخروج فعل إيجابي النزعة والميل، ينطوي على تحدي الوضع القائم، ويستهدف تغييره، مع الوضع في الاعتبار البديل المطلوب للحلول محل الوضع القائم الذي تم الخروج عليه. ولهذا، يمكننا أن نضيف أن فعل الخروج ينطوي على جانب استشرافي للمستقبل؛ لأنه لا خروج من دون وجهة منطقية تحدد هذا الخارج المتَّجَه إليه كبديل عن الداخل المَخْروج منه.
لا يمكن القول إذن إن فعل الخروج فعل هروب وانسحاب من المواجهة، ولكنه فعل إيجابي يتطلب الكثير من الشجاعة لأجل الإقدام عليه. فعلى سبيل المثال، إذا استعدنا اتخاذ ابن الخطاب رضي الله عنه توقيت خروج الرسول الكريم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بداية للتقويم الهجري، لأدركنا عظم فعل الخروج في هذه الحالة، وهو الهجرة في سبيل العثور على البديل الذي يتيح إقامة دولة العدل والتسامح بدلا من دولة الظلم والاضطهاد، إن جاز إطلاق تعبير الدولة على المجتمع القرشي قَبَلي الآليات.

الخروج من الذات
لكل منا خروجه؛ فالخروج قد يكون أيضًا من الذات أو على الذات رغبة في إنشاء فرد أكثر قدرة على التعاطي مع الواقع المحيط، أو ربما أكثر قدرة على تغييره؛ فيكون الخروج من الذات أو عليها هو سبيل أساسي للخروج الكبير على القيود والأطر المانعة المميتة للفرد، وهي الأطر التي تجعل من الذات قبرًا يستحق الخروج منه سعيًا وراء الحياة.
هل يمكن القول، إذن، إن الخروج فعل إحيائي؟ في تقديري يمكن قول ذلك بكل اطمئنان؛ فالخروج من قبر الذات نحو صياغة جديدة للذات والحياة والظروف المحيطة هو فعل إحيائي بامتياز. فما الإحياء إلا إذا كان الإخراج من حالة الموات؟!
لكن الخروج من الذات هو النوع الأصعب من بين كل أنواع الخروج، والسبب معلوم وهو أن الخروج يعني أن هناك مشكلة تتعلق بالواقع المعاش تتطلب الخروج منه أو عليه. واتخاذ القرار بالقيام بفعل الخروج يعني أن هناك وعيًا بالمشكلة نما وتكون وترسخ، وبات قادرًا على خلق القوة الدافعة نحو التغيير... نحو الخروج.
وفي تقديري الشخصي، يمكن أصعب جزء في عملية الخروج من الذات أو عليها في اتخاذ قرار الخروج؛ فهناك الكثير من العراقيل التي قد تحول دون خروج المرء على ذاته، وهذه العراقيل نفسها تمثل جزءا من الواقع الذي يتعين الخروج عليه، بعد أن يتحقق الخروج على الذات. ولكن السماح للذات بأن تتقيد بهذه القواعد هو أمر يتعين الخروج عليه، قبل البدء في الخروج على التقاليد نفسها. لذا، يمكن القول إن الخروج على الذات هو "فعل تأسيسي" للإصلاح في المجتمع.

كثير الأوصاف!!
كثيرة هي الأوصاف التي أطلقتها في هذه التأملات على الخروج فهو ذات مرة فعل إحيائي، وكذلك هو فعل متمرد ينطوي على التحدي والرغبة في التغيير، إلى جانب كونه فعلًا تأسيسيًا للخروج الكبير على الواقع المرفوض من الذات. فلا خروج على الواقع قبل الخروج على الذات المستسلمة لهذا الواقع.
ونعود لنقول إن لكل منا خروجه. والخروج على الذات هو قمة التحرك الرافض للواقع، والراغب في التغيير. فالذات هي مفتاح الحركة المجتمعية، ولو لم يبدأ الإنسان بالخروج على ذاته المقيدة له فلن يتمكن من الخروج على أي شيء آخر. فمتى يبدأ الإنسان رحلة الخروج من ذاته؟! الجواب الفوري هو إنها اللحظة التي يشعر فيها أنه يرغب في الخروج على الواقع القائم، ولكنه لا يستطيع جراء قيود الذات. فهلّا بدأنا رحلة الخروج الكبير؟!
******



#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)       Hussein_Mahmoud_Talawy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يخاف الإخوان من (تمرد)؟!
- التعديل الوزاري المصري.... عندما يتجسد الفشل!!
- بين عمرو دياب وأم كلثوم... عن التأثير المصري نتحدث!
- حلوة بلادي...!! إفطار في الجمالية...!!
- بعد 9 أشهر... ألم يولد مشروع النهضة بعد؟!
- هل الإنسان -الحر- أسطورة؟؟!! الذات الإنسانية قيدا وقائدا
- القومية العربية... ألا تزال حية؟!
- الثقافة العربية الإسلامية... هل نحن أمام خطأ تعبيري؟!
- الخطايا... كيف تخسر الطبقة الوسطى صراع بقائها بالنيران الصدي ...
- الطبقة الوسطى... العميل السري لأنظمة القمع العربية!
- 3 أرغفة لكل مواطن... 3 عمارات لكل مالك!!
- ملاحظات خاطفة على الفكر الهيجلي
- إحسان عبد القدوس... لماذا الآن؟!
- هند والدكتور نعمان... والحالة المصرية عربيًا!
- الثورة المصرية... ثورة لم تكتمل
- الحكاية الأحوازية المنسية عربيا
- ماذا تبقى لكم؟!
- رؤى حول بعض نظريات تفسير نشأة المجتمع وتطوره
- -العالم الآخر الممكن- لم يعد ممكنا!
- المنتدى الاجتماعي العالمي في مهد الثورات العربية... بين اليس ...


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسين محمود التلاوي - سفر الخروج... تأملات لا دينية!!