أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - الأستاذ بامية














المزيد.....

الأستاذ بامية


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 05:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أعتذر للقارئ مسبقاً عن هذا العنوان، لكنه أتى هكذا فى تاريخ الواقعة، التى تتكرر الآن. وأعتذر ثانية، لأننى أقطع سلسة بدأتها بعنوان «دليل الحيارى فى أحوال ملة النصارى». فإذا كان عشق التاريخ غالباً ومتغلباً فإنه يفرض ذاته فى أحيان كثيرة على الكاتب، وعلم التاريخ يستحق العشق فهو يرتحل بك إلى دروس الماضى، وهى دروس ممتعة بقدر ما تعينك على المقارنة مع الحاضر، وعلى توقع المستقبل، لكنهم يؤكدون أن التاريخ لا يعيد نفسه، وهذا صحيح، وإنما يمكن كما قال المؤرخون أن يتحقق فى أول الأمر فى صورة دراما، ثم يعيد نفسه فى صورة مهزلة، وها نحن فى أحوالنا البائسة اليائسة الراهنة نعيش حالة استعادة الدراما فى صورة مهزلة، وأصل الحكاية أنه فى عام 1950 وفى ظل حكومة النحاس باشا استشاط الملك فاروق غضباً من الصحافة، ومن هجومها العاصف عليه، وعلى أسرته فطلب من النحاس إصدار قانون جديد يقيد حرية الصحافة وأداء الصحفيين، ويفرض عليهم الانصياع.

النحاس رفض، وظل يؤكد للملك فى خطبه أن سلطة الصحافة لا تمس، وأن الصحفيين مستقلون فى أداء رسالتهم، وأنه لا سلطان عليهم من خارجهم، لكن الملك لا يريد لأى سلطة أن تحقق ذاتها، ولم يكن ليسمح لأى جماعة بأن تمارس حقوقها وسلطاتها، التى يفرضها القانون والدستور، وبحث رجال الملك عن مخرج فأتوا بمحام نصف مغمور، وهو فى الوقت نفسه عضو بالبرلمان هو «أسطفان باسيلى» ليفاجئ الحكومة بتقديم مشروع قانون، ليقيد سلطة الصحافة، وسلطة الصحفيين فى قول أو فعل ما يرون أنه يحقق القانون والدستور، ولا شىء سوى القانون والدستور، حتى ولو أتى الأمر على غير هوى الحاكم، وانفجر مشروع القانون فى وجه كل القوى الوطنية، وارتفع صوت الصحافة بمعارضة قانون يسلب سلطة قانونية ودستورية لحساب حكم فاسد وفاشل، وانهالت الصحافة هجوماً على مقدم القانون، وسمته أسطفان بامية، وسموا القانون «قانون بامية»، وتحرك الرأى العام بأكمله مستخدماً كل ذخيرته فى كراهية الحاكم المصمم على تحدى كل السلطات ليحمى سلطته، وامتلأت شوارع المدن بمظاهرات تهتف ضد القانون وصاحبه، لكن جلد صاحب القانون كان سميكاً فهو لا يهتم إلا برضاء الحاكم، ويتمنى ما ينعم به الحاكم عليه بما لا يستحق من سلطان.

ومضى البرلمان فى مناقشة القانون رغم معارضة الشعب والصحافة، ورغم أن أصحاب الشأن، والذين يمس القانون سلطاتهم، التى كفلها لهم القانون والدستور وحقوق الإنسان قد أعلنوا رفضهم، وهددوا بالإضراب والاعتصام، لكن صاحب الجلد السميك، الذى أعلى مصلحته على مصالح الوطن ظل مكابراً، ولأن جلده سميك، والمصلحة الذاتية تهيمن عليه فقد أمعن فى عناده لإثبات ولائه، وخضوعه للحاكم، وقرر تحدى الجميع، وأعلن عن عقد ندوة فى نقابة المحامين، ليشرح فيها لماذا يتمسك بالقانون، وباستمرار مناقشته رغم أنف الجميع، وامتلأت قاعة النقابة بحضور لم تشهده النقابة من قبل، وابتهج صاحب المشروع، وتصور أن الحشد جاء ليستمع لوجهة نظره، وربما ليسانده فقد كان كعادة المنافقين غارقاً فى وهم أصحاب السلطان، وأنه سينال قطعاً بعض سلطان، ولكن ما إن دخل إلى القاعة حتى انفجر الحضور صارخين «بامية.. بامية» وظلوا يرددونها كهدير رعد مكبوت حتى أجبروه على مغادرة القاعة، ثم تحولت الندوة على يدى آخرين إلى إدانة الأستاذ بامية، وكالعادة انتصر الشعب، وعاد لأصحاب الحق حقهم وهيبتهم، وكامل سلطتهم، ويذكر التاريخ المعركة.. ويذكر «قانون بامية»، ويعلمنا أنه قد يعاد فى صورة مهزلة، وقد كان، لكنه يعلمنا أيضاً أن الشعب أقوى، وأن المستقبل لا يمنح أعداء الحرية والدستور والقانون سوى عار الزمان وسبة الأبد.



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليل الحيارى فى أحوال ملة النصارى (1)
- تمرد
- هشام قنديل.. سياسياً
- مصر والمرأة في مواجهة التأسلم «5»
- رسالة إلى الفريق أول
- مصر والمرأة في مواجهة التأسلم «4»
- الإخوان وحماس.. علاقة المحارم
- مصر والمرأة في مواجهة التأسلم (3)
- مصر والمرأة في مواجهة التأسلم (2)
- مصر والمرأة في مواجهة التأسلم «1»
- وتسلحت الفتنة فى الخصوص
- أسئلة مفزعة.. وإجابات مستحيلة
- عيب يا دكتور مرسى
- كارثة تسييس الدين
- عن الوطن - الطبقة.. والتأسلم
- عندما يتثاءب د. مرسى
- والقط يأكل ويستمع
- إخوانيون عقلاء
- لندن.. واشنطن.. الإخوان.. والقاعدة
- مصر بين صراع الهوية والصراع الاجتماعى


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رفعت السعيد - الأستاذ بامية