أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيبت بافي حلبجة - التناقض الداخلي في حكم المرتد















المزيد.....

التناقض الداخلي في حكم المرتد


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التناقض الداخلي في حكم المرتد
هيبت بافي حلبجة
لسنا بصدد تقييم مبدأ أقرار حكم المرتد ، ولا محاولة وضعه في السياق التاريخي لمحتوى مفهوم الوحي ، ولا تصورمجافاته لأهم مبادىء الحرية الشخصية اللصيقة بالتكوين البنيوي لوعي الفرد ، ولا أبراز السلطة المستبدة في أقصاء مصداقية الأديان الأخرى السماوية وغير السماوية ، ولا تبيين العلاقة الجامدة والخاملة والمائتة ما بين هكذا حكم وأساسه الشرعي وما بين قوة العلوم التي تتطور والتي تسحب الإنسان بالضرورة إلى مواقعها في تكوين آراء ومعتقدات متقدمة ومنسجمة مع أصولها .
كما أننا لسنا بخصوص آراء الفقهاء الذين رجحوا عقوبة حكم المرتد على درجات مختلفة ، و آراء الفقهاء الذين عارضوا تلك العقوبة وعلى درجات مختلفة أيضاً .
إنما نحن بصدد أبراز حجم التناقض الفعلي والقاتل ما بين مفهوم القرآن الكريم كنص مدون لمحتوى مقولة المرتد ، ومابين رؤية الرسول ( صلعم ) له من خلال حديثين نبويين شريفين .
قبل ذلك لامندوحة من تعريف مفهوم الردة و أبراز شروط الأرتداد الفعلية :
التعريف المبسط : هو الكفر بالإسلام ( بالله أو برسوله ، أو كليهما ) بعد النطق بالشهادتين .
شروط الأرتداد : أولاً : ينبغي على الشخص ( المولود مسلماً ، أو الداخل في الإسلام ) أن يكون ناطقاً للشهادتين تماماً ، أشهد إن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله .
ثانياً : أن يتمتع الشخص بكامل الأهلية القانونية والعقلية عند النطق بالشهادتين ، وكذلك عند الأرتداد ، وأي خلل في هذه الجوانب الأربعة يسقط مدلول الردة .
ثالثاً : الكفر بالله ، أو برسوله ، أو بكليهما .
لننتقل الآن إلى موضوعة الردة في الأحاديث النبوية الشريفة ، ومن ثم في القرآن الكريم :
أولاً في الحديث الشريف : عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، ورواه البخاري في صحيحه وكذلك مسلم في صحيحه وغيرهم : من بدل دينه فأقتلوه ، ولا تعذبوه بعذاب الله .
وعن صحيح البخاري وغيره : لايحل دم أمرىء مسلم شهد إن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك للجماعة .
ثانياً في القرآن الكريم : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وأخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيه خالدون . البقرة الآية217 .
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم . المائدة الآية 54 .
كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا إن الرسول حق وجاءهم البينات والله لايهدي القوم الظالمين . آل عمران الآية 86 .
التحليل : في القرآن الكريم وفي الآية الأولى : ومن يرتد منكم عن دينه .. فيمت .. وهو كافر .. فأولئك حبطت أعمالهم .. في الجملة الأولى موضوع الأرتداد عن الإسلام أي الحدث ، في الجملة الثانية القفز مباشرة إلى نهاية المرحلة الزمنية لعمر الشخص أي الموت ، في الجملة الثالثة التأكيد على بقاء الشخص على أرتداده حتى أثناء الموت أي كفره بالله او بالرسول أو كليهما إلى ما بعد الموت ، وفي الجملة الرابعة محتوى العقوبة ...
ماذا يعني ذلك ؟ لنقدم مثالاً تطبيقياً ، شاب في مقتبل العمر ، عمره 20 عاماً ، أرتد عن الإسلام ( الجملة الأولى ) ، ينتظر رب العالمين عملية أرتداده عن أرتداده مادام حياُ ولا يعاقبه ، فإذا كان عمره الإجمالي سبعين عاماً فسوف يصطبر رب العالمين عليه خمسين عاماُ عسى إن يرتد عن أرتداده ( الجملة الثانية ) ، فإذا ما توفي الشخص لأي سبب كان ( أي أنتهت حاله ) ومكث على قناعته ( الجملة الثالثة ) ، فإن الله ينتقل إلى مرحلة العقوبة ( الجملة الرابعة ) .
وفي الآية الثانية : لايتباين لب الموضوع في هذه الآية عن ذلك الذي في الآية الأولى ، فالمخاطبة بياأيها الذين آمنوا تعني الأنتقال من مرحلة الكفر ( المرحلة العامة ، مرحلة عدم معرفة الله ورسوله ) ، إلى مرحلة الإيمان ، ومن ثم مرحلة الإرتداد ، والعود على البدء المستقر الثابت أي أكتمال الدائرة وتحقق الأستمرارية التامة في المرحلة الثالثة لذلك ينتقل رب العالمين مباشرة إلى مرحلة العقوبة ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ...) .
وفي الآية الثالثة : يتطابق محتوى الأرتداد تماماُ مع الآيات السابقة ، وعندما يبدأ رب العالمين بالعقوبة مباشرة فلوجود خصوصية معينة حول أساس هذا المفهوم وهي الدعوة الصريحة من رب العالمين إلى الإيمان بالله وكافة رسله وبيان مدى العقوبة لمن يرتد بعد الإيمان ( قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على أبراهيم وأسماعيل وأسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ) . آل عمران الآية 84 .
التحليل في الحديث : في الحديثين الشريفين ( من بدل دينه فأقتلوه .. ) ( لايحل دم .. إلا ... المارق من الدين ) أقرار صريح وواضح وبات بقتل الشخص المرتد ، سواء في أمهاله ثلاثة أيام من عدمها ، فالأمر لايغير من مبدأ الإقرار شيئاً .
وهذا الأعدام للشخص يختلف كلياُ عن مفهوم العقوبة ( العقوبات الأخرى ) ، سواء كانت دنيوية أم آخروية ، لأنه ينهي حال الشخص الذي لايستطيع بعد ذلك ( الموت ) إن يبدل رأيه أو يرتد عن أرتداده ، في حين إن العقوبة ، سيما العقوبة الإلهية في الآيات الثلاثة السابقة ، هي مفهوم الجزاء الذي لايلغي مضمون الأستمرارية التي تتضمن كافة الإحتمالات المستقبلية .
ما هو حجم التناقض :
أولاً : من حيث طبيعة مفهوم الأرتداد ، ففي ذهنية الحديث الشريف الإرتداد نفسه فعل أجرامي خاص ، كقتل النفس ، كالقذف ، كالزنا ، ( من بدل .. فأقتلوه )، ( لايحل دم .. إلا .. المارق ) ، وفي ذهنية القرآن الكريم الإرتداد حدث عام ترتبط آثاره العقابية بالزمن المتبقي من عمر المرتد .
ثانياً : على صعيد طبيعة الأختصاص في السياسة الجنائية الإسلامية ، ثمة تناقض صارخ ، فالحديث الشريف يقرر عقوبة أقسى وأشد وأعظم ( القتل ) من العقوبة التي يقررها القرآن الكريم ( أولئك حبطت أعمالهم ،، كيف يهدي .. فسوف يأتي الله ) .
ثالثاُ : إن ما سيأتي هو أهم نقطة حرجة في الموضوع والذي من أجله أصلاُ كتبنا هذا البحث ، وهو يدور حول المحور التالي : إن الحديث الشريف لايفرض فقط عقوبة مزدوجة إنما يحرم المرتد من حق أحله رب العالمين له ، ذلك الحق الذي قد ينقذ المرتد من ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ، لنوضح ذلك ، تذكروا المثال الذي ضربناه عمداُ وقلنا آنئذ إن رب العالمين يصطبر على المرتد خمسون عاماُ كي يرتد عن أرتداده ، فإذا ما مات اصبح من أصحاب النار هم فيها خالدون ، لكن الحديث الشريف بتنفيذه حكم القتل مباشرة ، فإنه لايقتله فقط ، إنما يحرمه من حقه الطبيعي في العودة من الإرتداد لمدة خمسين عاماُ ، وبالتالي وهذا أبشع ما في القضية فإن الحديث يفرض على المرتد فرضاً عقوبة إلهية في الآخرة شديدة القساوة كان يمكن أن يتفاداها لو أنه في إحدى لحظات حياته أرتد عن أرتداده .
أي إن الحديث الشريف يفرض على المرتد عقوبة القتل ، إضافة إلى حرمانه من حق إلهي ، إضافة إلى جعله بالضرورة من أصحاب النار هو فيها من الخالدين ، وهنا نقدم دليلاُ جديداُ من القرآن نفسه أثرنا إن نكشف عنه في نهاية هذا المقال : إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم أزدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاُ . النساء الآية 137 .
فلو إن القرآن الكريم أراد أن يفرض عقوبة القتل على المرتد كما فعل الحديث الشريف لما أكد على القول السابق ، الإيمان ، الأرتداد ، ثم الإيمان ، ثم الأرتداد ، ثم زيادة وأمعان في الكفر ، وماذا كانت النتيجة : لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاُ ، وهذه هي رحمة رب العالمين .



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤية نقدية في جدلية الثورة السورية
- السرعة ومفهوم المكان والزمان المكثفان
- نقض أداتية جون ديوي
- نقض فلسفة الطبيعة لدى هيجل
- برهان غليون ... درويش على باب محراب مهجور
- نقض النقض ، هل مات الإنسان ؟ الحلقة الثانية
- نقض النقض ، هل مات الأنسان ؟
- الثورة السورية والمعادلات الصعبة
- المجلس الوطني السوري ... عام من الفشل
- لماذا نلتزم بمنهجية البارتي الديمقراطي الكوردستاني
- الليبرالية .... مأساة الثورة السورية
- بقرادوني .... والخطاب القاصر
- برهان غليون ... والمفهوم الضائع
- مابين الأخضر الأبراهيمي وميشال سماحة
- الحق الكوردي .... منطقة حمراء
- خان الثعالب ...
- جيل دولوز وإشكالية مفهوم الأفهوم ..
- هنري بوانكاريه وإشكالية مفهوم التعاقدية ..
- هربرت سبنسر وإشكالية مفهوم التطور ..
- شيلينغ وأشكالية فلسفة الوحدة ..


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيبت بافي حلبجة - التناقض الداخلي في حكم المرتد