أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أردوغان .. بين أسلمة العلمنة وعلمنة الإسلام















المزيد.....

أردوغان .. بين أسلمة العلمنة وعلمنة الإسلام


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



المقارنة بين أردوغان وبين الإسلامويين لدينا على الجهتين, الشيعية والسنية, تجعلنا في حالة عوز حقيقي لفهم أوسع وأعمق لطبيعة وشكل المشهد التركي, وكنت أنتظر الفرصة الملائمة لكي أتقصى الإجابة على بعض التساؤلات الأساسية التي تطرحها هذه المقارنة, وفي المقدمة منها كيف إستطاعت تركيا بقيادة الإسلامويين الأردوغانيين أن تجتاز أزمتها الإقتصادية الخانقة وتنجح في تسديد ديونها ثم تنحى بإتجاه تطوير تركيا على أكثر من صعيد, في حين أن إسلامنا السياسي هو إسلام متخلف ومتحجر ومنحرف حتى عن الدين نفسه.. الإجابة بشكلها الخام أما أنها تتناغم مع حقيقة أن الإسلامويين الأردوغانيين ليسوا إسلامويين أصلا, أو أنهم إسلامويون بمقاييس ومضامين وبنى تركية لا بد وأنها تختلف عن إسلام البداوة المتمثل أساسا بذلك الذي في الجزيرة أو الذي إمتد منها بعد ذلك إلى مصر.
إن نتائج مجدية يمكن أن نخرج بها فيما لو إعتمدنا على مقارنة الموروث والموضوعي في تركيا بذلك الخاص في كل من مصر والسعودية والعراق. وسيجعلنا ذلك نتوقع أن تكون نصيحة أردوغان لإخوان مصر بتهدئة و(علمنة) لعبتهم الإسلاموية قد أتت بعد تلمسه لفورة الإسلام السياسي المصري لأسلمة الدولة سريعا وبدون الأخذ بنظر الإعتبار ضرورة أن تكون هناك مرحلة وسط, أستطيع أن أسميها هنا بسياسة (علمنة الإسلام السياسي), كخطوة مرحلية تكتيكية لا بد منها وصولا إلى تحقيق تحولات جذرية إستراتيجية تتعامل مع عمق المجتمع, أي الوصول إلى حالة أسلمة العلمنة.
وإن في هذه المساحة بالذات, والكائنة ما بين السطح والعمق, بين علمنة الإسلام وأسلمة العلمنة, ينبغي التفتيش عن براغماتية أردوغان المشروطة بضروة أن يبقى البحث عن الوسائل مرنا لكن على شرط عدم خروجه على سياقاته الإستراتيجية.
ولكن الإجتهاد الآخرالذي يجب أن نقف أمامه أيضا هو ذلك الذي يقول إن أردوغان ليس إسلامويا بالمرة, وهو أمر قد أجده يختلف, على الأقل, مع الخلفية السياسية التي أتى منها, وخاصة تلك التي نقرأ فيها أن الرجل كان قد إنشق عن حزب الفضيلة بقيادة نجم الدين أربكان لأن هذا الأخير وتياره الإسلامي كان أغضب العلمانيين.قبل ذلك ظل الرجل عنصرا فاعلا في ذاك الحزب منذ مطلع السبعينات لحتى إنشقاقه عنه عام 2001 وتأسيسه مع عبالله غول حزب العدالة والتنمية.
قبلها وفي عام 1998 كان أردوغان قد سجن ومنع من العمل في الوظائف الحكومية والترشح للإنتخابات بسبب إستخدامه, في خطاب جماهيري له, أبياتا من شاعر تركي أعتبرت ذات منحى إسلاموي متعصب وعنصري, وهي تلك التي تقول(مساجدنا ثكناتنا, قبابنا خوذاتنا, مآذننا حرابنا, والمصلون جنودنا, هذا الجيش المقدس يحرس ديننا).
ولا يجوز إهمال قيمة ضغط هذه الموقعة على توجهات الرجل لصياغة الشكل الجديد لعودته إلى العمل السياسي, إذ جعلته تجربة السجن والحرمان السياسي يدرك أن عليه أن يقدم نفسه من خلال خطاب سياسي إسلاموي (معلمن) يكفل له المرور بدون حواجز عسكرية أو دستورية أو قضائية.
ولم يكن أمر إنشقاقه يخلو من توقفات خلافية متفرقة سيكون مهما البحث عنها, غير ان علينا أن ندرك أن محاولة العمل من خلال تيار إسلامي, معتدل ومعلمن, ظلت أهم هواجسه, وذلك على ضوء تقديره أن فشل حزب الفضيلة كان تأسس على مضايقات علمانية أباحها الدستور التركي المحروس بقوة المجلس العسكري المناطة به حماية ذلك الدستور. ولذلك أسست (باطنية) أردوغان بعد ذلك لإحتدامات كان من شانها أن تبرز حينما بدأت إسلامويته تتقدم على علمانيته.
ولنتذكر أن أردوغان كان تجرأ, بعد التصاعد الصاروخي لشعبيته, على إلغاء دور العسكر الوقائي الذي ظل جميع حكام تركيا من قبله يخشون التحرش به. ويمكن لنا أن نفهم بعد ذلك أن معارضي أردوغان العلمانيين كانوا يتصيدون أخطاءه لمعرفتهم أن سيرورته السياسية باتت تنذر بالخروج على لعبة الديمقراطية ذاتها, وإن الإنتظار أكثر من اللازم ربما يعجل بظهور دكتاتور تركي جديد ينبغي الدخول التداركي والوقائي السريع والجاد من أجل منع تكوينه.
وهذا المشهد التركي يقترب كثيرا من المشهد العراقي الذي كان من أهم دوافع إحتدامه هو محاولة المالكي الأردوغانية تقطيع ثياب النظام السياسي الحالي وإعادة تفصيله بما يتناسب مع مقاساته ومقاسات حزب الدعوة, مع عدم إغفال حقيقة الفروق الكبيرة, أخلاقيا وثقافيا وإنجازيا وسياسيا, بين النظامين, العراقي والتركي.
وفي مقالتي السابقة لم أكن أنوي الخروج بنتائج تفضيلية لهذا التيار على ذاك, فالأمر يحتاج إلى بحث وتمحيص من شأنه أن يتناول طبيعة وجدوى الإختلافات الأخرى بين حزب أردوغان وخصومه العلمانيين. وأن من غير المقدر لذلك أن يأتي بنتيجة ذات قيمة ما لم يتم جرد الجوانب السياسية لتلك الإختلافات التي تمر من خلال الرفض الأوروبي لإنضمام تركيا لمنظومتها الإتحادية عبورا إلى نواحي أخرى لا بد لها وأن تشمل الموقف من قضايا القوميات والصراع اليوناني, وأيضا وأيضا زج تركيا في موقف معادي للنظام السوري (العلماني, وذا الشأن بخلق مشكلة علوية ستضاف حتما إلى قائمة المشاكل الداخلية الأخرى التي تتقدمها المشكلة الكردية) ومحاولة تنشيط دورتركيا الإقليمي من خلال المزيد من (أسلمة) السياسة التركية الخارجية في سياق الإتجاهات المذهبية التي تفرضها المواجهة مع إيران وبما يخلق حالة من الإزدواجية في الخطاب السياسي التركي ويضعها من جديد قريبة من الخطاب العثماني المتصارع أساسا مع علمانية الدولة التركية, مع ما يمكن أن يثيره ذلك من خلافات داخلية ذات طابع مذهبي.
إن من ضمن الأسئلة الأهم التي أثارتها الأحداث الدامية الأخيرة هي السؤال التالي.. كيف يمكن لشعب أو نصف شعب أو حتى ربع شعب أن يخرج بهذا الإصرار لمجابهة حكومة أردوغان, رغم نجاحاتها الإقتصادية الهائلة, ما لم تكن هناك أسباب تقول أن ذلك بات مطلوبا لغرض الحيلولة دون أن يأتي تسديد فاتورة تلك النجاحات على حساب التخلي عن الديمقراطية والعلمانية. وإذا ما وجب علينا أن نبحث عن وجود أياد خارجية في لعبة الكر والفر التركية فلنتوقف عند محاولة متوقعة لتقليم أظافر أردوغان التي ربما سيشجعه طولهاعلى العب بذيله على حساب الذيول الدولية والأقليمية الأخرى (الأمريكية والإسرائيلية مثلا, وحتى الروسية), ولإعادة تحجيم الدب التركي لكي لا يتصيد الأسماك لحسابه الخاص.
لكن من المهم الإعتراف ان لعبة الأمم هذه, لا يمكن لها أن تتفعل على الساحة التركية ما لم تكن هناك مواد تكفي لتشغيل ذلك التفاعل, تماما كما هو الأمر في الساحات الأخرى وفي المقدمة منها الساحة العراقية. وعلى طريق إكتشاف ماهية تلك المواد فإنه لا يمكن إغفال قيمة التناقض بين الوجه التكتيكي العلماني لأردوغان وبين قلبه وعقله الإستراتيجي الإسلاموي, وكذلك تأثير حالة النفاق الآخذة بالتجذر والمتمثلة في باطنية العلاقة ما بين الإسلامويين وقضايا الديمقراطية.
وكما أظن فإن ذلك قد يكون هو المدخل المناسب لبحث الإشكاليات التي تثيرها باطنية من هذا النوع على صعيد التجربة المصرية والعراقية أيضا. ورغم تخلفية التجربتين الأخيريتين مقارنة بالتجربة التركية فإن وصول أحزاب إسلاموية إلى سلطة دولة علمانية سيجعلها في مواجهة صراع يتأسس على تناقض أساسي ما بين فقهها الإسلاموي السياسي وفقه الدولة الوطنية العلمانية التي باتت تقوده, وهو صراع ستسوده حتما صيغ النفاق والباطنية وإزدواجية الخطاب السياسي القائد للدولة العلمانية والنقيض لها في نفس الوقت



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة التركية .. أزمة إسلام سياسي
- الشاطر حسن والرقص مع الذئاب
- نصف الحل ونصفه الآخر
- بعيدا عن عروض العضلات.. هذا رأي بما حدث في الأردن
- القنينة والسدادة والغازات الطائفية السامة
- فن التخويف بالقاعدة
- الدكتاتورية الممكيجة
- إيها أكثر فعلا سياسيا.. البراءة من المذاهب أم البراءة من الم ...
- الحويجة وأخواتها
- الثورة السورية... بين قوانين الطبيعة وقوانين السياسة
- مرة أخرى/ رجل الدين الصحيح .. علماني
- التاسع من نيسان.. جردة حساب سريعة
- الأغلبية السياسية.. الحل الصحيح في الزمان الخطأ
- رجل الدين الصحيح ... علماني
- السقوط بالتقسيط
- الوطنية والعمالة.. بين المعنى المخابراتي والمعنى الأخلاقي
- أصل المشكلة .. الإسلام السياسي.
- مرة ثانية... أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء
- هل تقوم الحرب الأهلية وهل يتقسم العراق
- أيامنا كلها كربلاء وأيامهم كلها لندناء


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - أردوغان .. بين أسلمة العلمنة وعلمنة الإسلام