أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - رحلة فى منطاد قصة: روبرت فالزر














المزيد.....

رحلة فى منطاد قصة: روبرت فالزر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 15:53
المحور: الادب والفن
    


قصة: روبرت فالزر
Robert Walser
ترجمها: خليل كلفت (عن الإنجليزية)
يتسلق ثلاثة أشخاص، رُبَّانٌ، ونبيلٌ، وفتاةٌ صغيرة، داخلين السلة، وتمّ حلّ حبال التثبيت، ويطير البيت الغريب، كأن عليه أولا أن يفكِّر فى شيء ما فوق. "رحلة سعيدة" Bon voyage. يصيح الناس المتجمعون تحت، وهم يلوِّحون بالقبعات والمناديل. الساعة العاشرة مساءً. يسحب الربان خريطة من علبة ويسأل النبيل ما إذا كان يودّ أن يقوم بقراءة للخريطة. والخريطة يمكن أن تُقرأ، وتُعقد مقارنات، وكل شيء يمكن أن يُرَى يُرَى بوضوح. كل شيء له وضوح ضارب إلى السُّمرة تقريبا. ويبدو أن الليل الجميل الذى يُضيئه القمر يضمّ المنطاد الرائع بين ذراعيْن غير مرئيَّيْن، ويصعد، بلطف وهدوء، الجسم الطائر المائل إلى الاستدارة، والآن، بقوة بحيث يمكن أن يلاحظه الواحد، وتدفع به رياح رقيقة نحو الشمال. ويقذف النبيل قارئ الخريطة، من وقت لآخر، كما يوجِّهه الربان، قبضة من الحصا فى العمق تحت. وهناك خمسة أكياس من الرمل على متن المنطاد، ويجب استخدامها باقتصاد. كم هو جميل هو العمق المظلم الشاحب المستدير تحت. ويُلْقِى ضوء القمر، الرقيق والمثير للذكريات، على الأنهار فى الخارج، اللون الفضى. ويمكن أن يرى الواحد البيوت هناك تحت، صغيرة جدا، أشبه بلُعَبٍ بريئة. وتبدو الغابات وكأنها تُغَنِّى أغانى حزينة وقديمة، لكن هذا الغناء يؤثر فى الواحد وكأنه أشبه بمعرفة صامتة سامية. ولصورة الأرض ملامح رجل ضخم نائم، وهذا على الأقل ما تحلم به الفتاة الصغيرة؛ وهى تترك يدها الفاتنة تتدلَّى على حافة السَّلّة. وانقيادا لنزوة، يلبس الفارس قبعة قروسطية مزينة بالريش، لكنه من ناحية أخرى يلبس ملابس حديثة. كم هى ساكنة الأرض! يمكن أن يرى الواحد كل شيء بوضوح، الناس الأفراد فى شوارع القرى، وأبراج الكنائس؛ ومرهَقِين بعد عمل يوم طويل، ويدوس الكادحون بقوة عبر فناء المزرعة؛ ويندفع بكل سرعة خط السكة الحديد الشبحىّ، والطريق الرئيسى الأبيض، الطويل بصورة مُبْهِرة. ويبدو أن الأسَى البشرىّ، المألوف والمجهول، يُرْسِل بتذمرات إلى فوق من تحت. ووحشة المناطق النائية لها طابع خاص، إلى حد أن يعتقد الواحد أنه ينبغى أن يفهم وحتى أن يرى هذا الشيء الخاص الذى ينسلُّ بعيدا عن التفكير. وبصورة صاعقة الآن يكون الأشخاص الثلاثة مبهورين وهم يرون فى مجد ألوانه المجرَى المضيء لنهر إيلبه Elbe. وينتزع النهر الليلى من الفتاة صيحة خفيضة من التَّوْق. فيمَ لعلَّها كانت تفكِّر؟ ومن الباقة التى أحضرتها معها تسحب الفتاة وردة داكنة، فى كامل التفتُّح، وتُلْقِى بها فى الماء المتلألئ. كم تلمع عيناها بحزن وهى تفعل ذلك! ويبدو كأن المرأة الشابة تخلصت من صراع أليم الآن فقط وإلى الأبد. إنه شيء مؤلم للغاية أن تفترق عما يُعذِّبك. وكم هو أخرس العالم! وبعيدا هناك، تتألق أضواء مدينة كبيرة؛ وينطق باسمها الربان البارع. العُمْق الجميل الجذاب! مساحات لا تُحْصَى من الحقول والغابات صارت وراءهم الآن، إنه منتصف الليل. وفى مكان ما على الأرض الصلبة الآن يتلصص لصٌّ، يصطاد صُرَّة ملابس يسرقها، وهناك سطوٌ ليلىّ، وكل هؤلاء الناس هناك تحت، فى فراشهم، هذا النوم العظيم الذى ينامه ملايين. وتحلم الأرض بكاملها الآن، ويرتاح شعبٌ من كدحه. وتبتسم الفتاة. وكم هو دافئ الجوّ، كأن الواحد جالس فى حجرة، أشبه تماما بالبيت، مع الأم، أو الخالة، أو الأخت، أو الأخ، أو مع الحبيب، مُضاءة بالمصباح، ويقرأ من قصة طويلة جميلة ولكنْ رتيبة فى الواقع. وترغب الفتاة فى النوم؛ وقد جعلها النظر إلى الأشياء مُرهَقة تماما الآن. ويحملق الرجلان الواقفان فى السَّلَّة فى صمت ولكنْ بإصرار فى الليل. وتتناوب الظهور الهضاب البيضاء بصورة لافتة للنظر، والتى تبدو مصقولة، مع الحدائق وبَرِّية الأدغال الصغيرة. ويحدِّق أحدهما إلى تحت إلى مناطق لم يكن لقدميه أبدا أن تطآها أبدا، لأنه فى مناطق بعينها، فى أغلبها فى الحقيقة، لا يكون للواحد أىّ غرض من أىّ نوع. كم هى كبيرة ومجهولة لنا الأرض، يفكِّر النبيل ذو القبعة المزيَّنة بالريش. نعم، حتى بلدتك تصير فى النهاية غير واضحة من فوق هنا، عندما تنظر إلى تحت. وأنت تشعر كم هى غير مستكشفة وضخمة. وقد عبَرا الآن ولايتيْن، والفجر قادم. وتحت فى القرى تستيقظ الحياة البشرية. "ما اسم هذا المكان؟" يصرخ القائد نحو تحت. ويردُّ صوتٌ واضحٌ لصبىّ. وما يزال الرجلان يحدِّقان، الآن أيضا استيقظت الفتاة من جديد. تظهر الألوان وتصبح الأشياء أوضح. ويرى الواحد البحيرات داخل خطوطها الخارجية المرسومة، منعزلة بصورة رائعة بين الغابات؛ ويلمح الواحد خرائب حصون قديمة ترتفع إلى فوق من خلال زخارف أوراق نبات قديمة؛ وتبرز التلال مبهمة تقريبا، ويرى الواحد البجع مرتعشا وشاحبا على المياه، وتصير الأصوات البشرية مسموعة بصورة تبعث على السرور، ويطير الواحد إلى فوق، إلى فوق، وأخيرا تظهر الشمس المجيدة، ومنجذبا بهذه النجمة المفعمة بالحيوية، يحلِّق المنطاد إلى فوق إلى ارتفاع شاهق سحرىّ؟ وتنكمش الفتاة خوفا. ويضحك الرجلان.
1913



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردٌ على رجاء قصة: روبرت فالزر
- القارب قصة: روبرت فالزر
- طلب عمل
- قصتان غريبتان بقلم: روبرت فالزر
- البومة قصة: روبرت فالزر
- -أبله- دوستويفسكى قصة: روبرت فالزر
- نوع من الحديث قصة: روبرت فالزر
- جولة قصيرة قصة: روبرت ڤ-;-ازر
- القوّاد قصة: روبرت فالزر
- اعتداء عنصرى بشع على الصحفية النوبية السودانية فاطمة على فى ...
- تمرُّد
- رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر
- كيناشت قصة: روبرت ڤالزر
- ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر
- شهر العسل قصة: روبرت ڤالزر
- أسطورة روح الثمانية عشرا يوما المجيدة
- حكاية قروية قصة: روبرت ڤالزر
- البرلينية الصغيرة قصة: روبرت ڤالزر
- السلطة التنفيذية هى السلطة الحقيقية الوحيدة فى مصر
- توبة قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - رحلة فى منطاد قصة: روبرت فالزر