أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الربيع التركي يخلط كل المفاهيم















المزيد.....

الربيع التركي يخلط كل المفاهيم


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 21:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثارت اسطنبول ومعها المدن التركية كلها ضد ما وصف بديكتاتورية حزب العدالة والتنمية ورئيسها رجب طيب اردوغان. في ايام قلائل امتزج ميدان "تقسيم" مع ميدان التحرير، وجادة الحبيب برقيبة، وساحة العباسيين حتى تبلور الانطباع بأننا امام المشاهد العادية التي اعتدناها منذ بدأ الربيع العربي في شتاء 2011. فالمظاهرات والاعتصامات سلمية ومن يقودها هم شباب وشابات مثقفون ومعهم الطبقة الوسطى التي تجاوزت الاحزاب التقليدية والإعلام الرسمي واستخدمت شبكات التوصل الاجتماعي لنشر الحقائق من خلال التعليق والصورة بعيدا عن الرقابة.
ومع ذلك هناك فرق كبير بين الثورات في مصر وتونس وسورية وبين ما يحدث في تركيا. فأردوغان ليس دكتاتورا استبداديا كما كان حال مبارك وبن علي وحال بشار اسد، فهو يستخدم خراطيم الماء وليس الرصاص الحي او صواريخ سكود لقمع المتظاهرين. انه رئيس منتخب بشكل ديمقراطي وحظي باحترام شعبه طول حقبة حكمه، وذلك لنجاحه في إخراج تركيا من الازمة الاقتصادية الخانقة التي سبقت توليه للحكم، وطور الاقتصاد التركي بنسب نمو قياسية حتى اصبح من اهم الاقتصادات في العالم. ومع ذلك هناك قاسم مشترك يربط بين الحراك التركي والثورات العربية.
القاسم المشترك مع مصر بديهي، فحزب الحرية والعدالة المصري يقارَن بحزب العدالة والتنمية التركي، ومع كل الفوارق بينهما فان سلوك الرئيس المنتخب محمد مرسي يحمل ملامح مشتركة مع سلوك اردوغان. الاثنان منتميان لتيار الاسلام السياسي، يتبنيان النهج النيوليبرالي أي الرأسمالية المتوحشة التي تفضل رأس المال الخاص والخصخصة على دولة الرفاه وتؤدي الى الفجوات الاجتماعية الشاسعة بين الاغنياء والفقراء، وثالثا كلاهما يستخدمان الأغلبية التي حصلوا عليها في الانتخابات الديمقراطية لفرض دستور ونمط حياة اسلاميين رغم المعارضة الشديدة من قبل "الاقلية" التي تصل الى نصف عدد المصوّتين.
وبينما يتعرض حزب الحرية والعدالة المصري لنقد بسبب محاولاته "أخونة" النظام، يجري انتقاد حزب اردوغان في تركيا بسبب محاولاته الانقلاب على الدولة التركية العلمانية التي أسسها كمال الدين اتاتورك. ففي حين يثور الشباب المصري ضد محاولة مرسي الانقلاب على ثورة 25 يناير وشكّلوا حركة "تمرد" التي جمعت أكثر من سبعة ملايين توقيع على عريضة تطالب باستقالة الرئيس مرسي، يتظاهر شباب ميدان "تقسيم" رافعين صور كمال الدين أتاتورك ويحتجون ضد القوانين الجديدة التي سنّها اردوغان وآخرها منع الكحول أو التدخل في لباس النساء.
انه الصراع الفكري المكشوف بين التيار الإسلامي وبين التيار العلماني، بين الاسلام السياسي الذي يغطي على النهج الرأسمالي وبين التيار العلماني الليبرالي الذي يتبنى نهج "دولة الرفاه"، وهو نقاش يشمل اليوم المنطقة ككل ويربط بين ما يحدث في مصر وتونس وبين ما يحدث في تركيا. لأول مرة يتم وضع الاسلام السياسي تحت الاختبار وهو في الحكم: ما معنى "الاسلام هو الحل"؟ وما هو مضمونه الاجتماعي؟ ما هو مفهوم الديمقراطية؟ هل يعني إقصاء كل من يتبنى وجهة النظر العلمانية واعتباره كافرا لا يستحق ممارسة حقه في المواطنة ولا داعي لاحترام نمط حياته؟
ان ما اكتشفه الثوار الشباب والقوى المدنية هو ان تمركزهم في المدن الرئيسة كالإسكندرية، القاهرة واسطنبول، وتبنّيهم للمفاهيم العصرية التي اكتسبوها من خلال الثورة المعلوماتية والسعي للاندماج مع العالم المتطور بينما يعيش الشعب في الارياف في حالة من الامية والفقر المدقع كل هذا يلعب لصالح التيار الاسلامي السياسي. فهذا التيار يحرّض الفقراء ضد الطبقة الوسطى، الريف ضد المدينة، الجهل ضد العلم ويسعى للاستقواء بهؤلاء الفقراء لكسب الاغلبية في الانتخابات.
من علامات هذا الادراك هو ما قامت به حركة 6 ابريل في مصر عندما ربطت النضال ضد الدكتاتور من اجل الحريات الديمقراطية مع نضال العمال في المدينة الصناعية المحلة الكبرى ضد الاستغلال وخصخصة المصانع ومن اجل العدالة الاجتماعية، وكان هذا الربط كفيلا بإسقاط النظام وبدأ اليوم بسحب البساط من تحت أقدام التيار الاسلامي. ان شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" هو الشعار الثوري الذي يناقض شعار "الاسلام هو الحل" الذي لا يوفر العيش الكريم، ولا يعترف بالحرية بمفهومها الديمقراطي ويتبنى الرأسمالية المتوحشة ويقضى على العدالة الاجتماعية.

لا بد ان نتوقف ايضا عند ما يجمع بين الاحداث في تركيا والثورة السورية. صحيح ان اردوغان (مثل بقية الاحزاب الاسلامية وبينها حركة حماس المدعومة من قطر) يدعم إسقاط نظام الاسد، ولكن لا بد من التذكير انه قبل اندلاع الثورة في درعا في آذار 2011، كانت العلاقة جيدة بين النظامين التركي والسوري لدرجة انه تم الغاء تأشيرات التنقل بين البلدين. ولم تكن المصالح الاقتصادية وحدها التي جمعت بين اردوغان والاسد، بل دعمهما لحماس والمقاومة ضد اسرائيل.
جاء هذا التقارب التركي السوري بعد ان اتضح لاردوغان ان سعيه للانضمام للاتحاد الاوروبي لن يتحقق، فغيّر موقفه واتجه شرقا، وحاول إعادة بناء تركيا كلاعب اقليمي جديد في الشرق الأوسط وإعادة "نفوذ الامبراطورية العثمانية". وكانت أول محاولة مهمة للحصول على هذا الهدف هو استخدام العلاقة الاستراتيجية لتركيا مع اسرائيل واقتراح الوساطة بينها وبين سورية والتي قادت الى المحادثات غير مباشرة في اسطنبول بين مندوبين للرئيس الاسد ورئيس حكومة اسرائيل، ايهود اولمارت. ولكن بينما كان الاتراك يعلّقون الآمال على ان تأتي المفاوضات بثمار، فاجأه صديقه اولمارت بعدوانه المفاجئ على غزة دون دراية من اردوغان، الأمر الذي اعتبره الرئيس التركي اهانة واستهتارا به شخصيا.
كانت هذه الحادثة نقطة تحول في العلاقة الاسرائيلية التركية، وكان الاسطول التي نظمته مؤسسة IHH الاسلامية تحديا مباشرا وكبيرا لإسرائيل التي فرضت الحصار البحري والبري على قطاع غزة. ان ما جمع بين بشار الاسد وبين اردوغان في هذه الحالة كان استخدام التحدي لإسرائيل من اجل تعبئة الجمهور في بلديهما وفرض اجندتهما الداخلية. بالنسبة لبشار الاسد كانت المقاومة ضد اسرائيل غطاء لفرض نظام استبدادي على الشعب السوري، نظام مبني على الطائفية، فساد والاستيلاء على موارد السلطة من قبل المقربين لعائلة الاسد. اما في تركيا فكانت المواجهة مع اسرائيل غطاء لفرض الاجندة الاسلامية بمبرر مواجهة اسرائيل والغرب. وبينما أسقط الشعب السوري القناع عن النظام، قام الشباب التركي باستغلال الاخفاقات الكبيرة في السياسة الخارجية التركية، والاستياء الشعبي من سلوك الرئيس "السلطان" للخروج بحراكه الاحتجاج الضخم.
ان ما يحدث في تركيا اليوم يثبت ان الربيع العربي ليس خريفا كما يدعي البعض، ان الثورة لم تنتهي بعد، وان الثورة السورية ليست مؤامرة خارجية بل اننا على ابواب تحولات سياسية، اجتماعية وفكرية كبيرة وخطيرة تبشر ببداية عهد جديد. لقد سقط الاستبداد في نمطه الرأسمالي المتوحش المنفتح على امريكا واسرائيل، وسقط النظام الاستبدادي الفاسد الذي تغطى بمعاداته الوهمية لأمريكا واسرائيل، واليوم تجري معركة سياسية وفكرية مهمة للغاية بين القوى المدنية العصرية وبين الاسلام السياسي في ظروف جديدة خلقتها الثورات العربية. انه الصراع على مفهوم الديمقراطية، الدولة المدنية ولا اقل من ذلك كله على دور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية. تركيا بطريقتها الخاصة تبرز وتعزز المضمون الثوري للربيع العربي وتقوي المسيرة الطويلة للتغيير السياسي والاجتماعي في العالم العربي.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزير الماليّة الاسرائيلي لپيد ضدّ العمّال
- أوباما يعلن توبته لنتنياهو
- سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذا ...
- مصر لا تحتمل المقاطعة
- انتفاضة مع وقف التنفيذ
- الولايات المتّحدة تمهّد لاتّفاقيّة مثيلة لأوسلو في سورية
- مصر: طريق الآلام نحو الديمقراطيّة
- الانتخابات في اسرائيل
- لا قوميّة للرأسماليّين الكبار
- الثورة المصريّة على شفا الهاوية
- فلسطين دولة مراقب: إنذار للمجتمع الإسرائيليّ
- إنجاز حماس يعمّق الانقسام الفلسطينيّ
- القاسم المشترك بين نتنياهو وهنيّة
- أوباما: فوز لا يحمل أيّة بشرى
- الصيف الفلسطيني
- الفيلم المسيء للإسلام
- الثالوث غير المقدّس: براك - نتنياهو - موفاز
- يعقوب بن افرات الأمين العام لحزب دعم العمالي - اسرائيل في حو ...
- الشعب السوري ضحيّة الحرب الباردة
- اتفاق الدوحة بلا أفق


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الربيع التركي يخلط كل المفاهيم