|
مؤتمر جنيف-2- الميت
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4113 - 2013 / 6 / 4 - 17:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مؤتمر جنيف2 الميت *************** حين أتابع ما يحدث في سوريا الحضارة ، أصاب بالاحبط كذات جماعية وفردية ، وأتشبث بالغيب كي يرسل جنودا لا نعلمها ليوقفوا هذا الخراب ، ويحافظوا على ما تبقى من سوريا الدولة العربية الأولى في تاريخ العرب البئيس . وها هم الجميع اليوم في قاعة الفراغ ينتظرون مؤتمر جنيف 2 على أمل لا بصيص له ، بعدما تم تعويم مهرجان القتل والدمار في سوريا أكثر من سنتين ، خدمة لأجندات صهيوأمريكية ، بأيدي عربية وتواطؤ روسي ايراني وصيني ، وصمت العالم أجمع على هذه المهزلة الحضارية التي لن تمحى من جبين عصر حقوق الانسان الذي تتشدق به ماما أمريكا وهي في شيخوختها . من ينتظر شيئا من مؤتمر جنيف -2 -كأنه يستمتع برواية همنجواي ، في انتظار غودو . فالتاريخ يعلمنا ان الزاعات المشابهة لما يحدث في سوريا لا يمكن حلها الا عن طريق تدخل عسكري أممي أو دولي ، وان طال الزمن . كصراع البلقان في التسعينيات ، وصراع السودان قبل شقه الى نصفين ، وقبلهما الصراعات في افرقيا الوسطى وفي الكونغو . فعندما تتفجر لعنة الانتقام من الذات لا يمكن أن تنتظر من الذات اصلاح نفسها وقد بدأت في نهش ذاتها ، لأنها تكون قد وصلت الى مرحلة الرغبة القصوى في الانتحار ، وهي مرحلة ميؤوس من علاجها الافي حالات نادرة الحصول . ذلك أن العقل الباطني يتعرى أمام نفسه فيكتشف عوراته واخطائه الكبرى وكبائره اللاتمحى واللاتنسى ، فيزداد هيجانا للتخلص من عار ألحقه بذاته في فترة غضب مرضي مشحون بالغرور والتناقضات المحلية والتاريخية واكتساح عقدة العظمة الضعيفة لكل مفاصل الوعي الانساني . ان اجترار لاحل القضية السورية من خلال تأويل عبارة وردت في مؤتمر جنيف -1- ، والتي تدور حول تحييد وعزل الرئيس القاتل لبنيه من عدمه ، وحده دليل قاطع على غياب اي نية اممية ودولية في ايجاد حل لهذا التشوه الأخلاقي الذي رضيته حضارة فاتحة القرن الواحد والعشرين . واذا ما أضفنا اليها عشرات الالاف من الضحايا ، قتلى وجرحى ومشردين ، فان الصورة التراجيدية لمأساة سوريا تصبح في وضعها الطبيعي ، اذ لا يمكن تصور هذا العبث التقتيلي والتدميري الا ضمن رؤية تواطؤية تلطخت فيها كل الأيادي بدم أبرياء سوريا ، وحضارة سوريا ووجود سوريا . هذه الأيادي الملطخة بدم سوريا نفسها ما زالت ترتفع في السماء تحية للسلام المفقود ، بعدما كرست مجزرة سوريا كخطاب يومي أدمنه العالم منذ سنتين . انه بمثابة بروفة للقادم من معارك الجيل الرابع ، ولن تسطيع اي مؤتمرات أو توافقات أن توقف نزيف الدم ، مالم تقم الشعوب بالضغط على حكوماتها وايجاد حلول مثلى في مختلف دول العالم الحر لوضع حد لهذه المهزلة الانسانية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الانسانية المعاصر . لايمكن في أي حال من الأحوال أن نطمئن للمبادرة الروسية الأمريكية ، وهما الدولتان المنخرطات بكل تفاني في دك صرح الحضارة السورية وقتل الشعب السوري ، خاصة وأن الساحة السورية أصبحت مرتعا خصبا لتأهيل الجيل الثالث من الارهابيين ، والتحقق من مدى نجاح استراتيجية غسل دماغ الممسوسين بداء الدين ، ومرض الطائفية ، والحنين الى قطع الرؤوس وتدجين الجسد ، ونفي الانسان من انسانيته . حقا استطاعت المعاهد الاستراتيجية الكبرى التي تعمل على تابيد سيطرة القوى -العظمى - ، الوصول الى أهدافها المتجلية فيما يقع في الساحة السورية على الخصوص ، فقد خدمت من أجل هذه الأهداف عقودا طويلة ، ووصلت الى أكثر مما كانت تأمله ، فقد تحول الدين وحش ينهش في الانسان ، وهو الذي أنزله الله رحمة للعالمين ، وصارت غاية العمل السياسي هي الجلوس على كرسي مصنوع من جماجم المواطنين ، وتحولت الوصاية على العالم الى تدمير وتخريب . وأي حديث عن مؤتمر قد يوقف بحر الدم في سوريا هو حديث عن أمنيات طويلة سكنها الشيطان حسب تعبير المتصوفة . للخروج من نفق الدم السوري ، ولوقف المجزرة الحضارية ، لا بد من نزع فتيل الاقتتال والاحتراب ، والانخراط الفعلي في عزل الرئيس السوري ، وتمكين المواطنين السوريين من تأسيس نظامهم الذي يرونه أحق بتدبير شؤون حياتهم . اما مهازل المؤتمرات فهي موضة قديمة يجب التفكير في تعويضها بما يشبع أفق المواطن العربي على الخصوص .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ريق السحلية
-
البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
-
ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
-
عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
-
قصة : لم أتعلم الندم
-
الى السيد عبد العالي حامي الدين*
-
تلبيس ابليس لباس القديس
-
ليس دفاعا عن العلمانية -2-
-
أثر الدلالة
-
البحث عن الغائب الحاضر-12- رواية
-
تذكرة السيرك
-
ليس دفاعا عن العلمانية
-
عاشق الفوضى
-
عرق الريح.......
-
الخوف من انبعاث الحضارة العربية ثانية
-
البحث عن الحاضر الغائب -11- رواية
-
ابتسمي
-
هاري كريشنا
-
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
-
البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
المزيد.....
-
نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية
...
-
شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
-
دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
-
نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص
...
-
اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
-
رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي
...
-
الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق
...
-
شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
-
ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
-
وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|