الدكتور علي الوردي وأشكالية الحكم على العقل ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 01:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الدكتور علي الوردي
وأشكالية الحكم على العقل

شكل ظهور الفكر الوردي في أواسط القرن الماضي في العراق,ظاهرة تبدو للبعض فيها شيء من الغرابة والتناقض بين المكونات العقدية التقليدية للمجتمع العراقي والمرتبطة بالتراث والسماء وعالم الغيب,وما تتفرع عنه من مسلمات رسخها الزمن وتوالت عليها التصديقات والمصادقات التي دعمها الفكر التسطيحي الديني ,وما ترسخ في ذاكرته الجمعية من أساطير رمزيه وممارسات سلطوية في جل مباعثها وأسسها أنتقامية دموية تعاقبت على واقع العراق الحضاري والشخصي الفردي أيضا,لتسطر في النهاية نتائج أثارها وما أفرزته من قيم سلوكية وحتى فكرية تغلغلت إلى الذاكرة العميقة وترسيخت في الوجدان العام للشعب العراقي,
بين هذا الذي تقدم وبين منهج حاول أبتدأ أن يتفهم قواعد التأثير والأثر المتبادل بين الدين والعقل من جهة وبين سلوكيات تفصح عن تناقضات كلية وتفصيلية,طغت في أفرازاتها ومعطياتها حتى أضحت نمطية وشكلت نسقية أقترانية لا تنفك عن الالتصاق بالمظاهر السلوكية لدى الوجه العام من المجتمع, فكان لا بد من البحث عن قواعدها وقوانينها العامة والخاصة وكيفية أن تفسر وتفرز وتحصر الظاهره العراقية عبر منظور علمي أكاديمي مستعينا بالملاحظة الحسية وبالموروث الفكري الراسخ.
أصطدم الدكتور الوردي بالمحرمات والمقدسات وكابد من المنهج التقليدي التراثي المتحجر حتى في المستويات العلمية التي كان من المؤمل منها أن تدعم الدراسة الأجتماعية,وتشكل معها رافدا مهما لتدارس الأسباب والمسببات,لكن الحيثيات التي أنطلق منها الدكتور الوردي,كانت هي التي تتعارض مع المنهج السائد ولا يمكنها التوائم والتلاقي مع الخط الفكري المحافظ الذي كان يخشى السطوة أو التسلط الديني الذاتي والمؤسساتي,تحت عنوانين الحرام,وأنتهاك أقداس الأعتقاد دون أن تكلف المدرسة المحافظة نفسها فحص موارد التقديس أو البحث في يقينية التقديس الذي تمارسه هي بالخشية الذاتية.
هنا كان على الوردي أن يقود منهجه عكس التيار العام وبمخالفة المألوف والمعروف,مركزا كل أنتقاداته على نقطتين هامتين صارتا عنوان له فيما بعد وهما:.
1. تناقض الشخصية العراقية,أسباب وظواهر.
2. نقد فكرة تقديس العقل المرسوم عند المتدينينك شكليا.
وهذا لا يعني أن الدكتور الوردي لم يتناول ظواهر أجتماعية أخرى بالدراسة أبتدأ من قضايا المرأة,الفقر,النظام والقانون,قراءة التأريخ,ولكن العنوان الرئيسي للفكر الوردي كان النقد الصارخ للتناقض بين مؤديات العقل البشري ومعطيات النتائج,أنه كان في حرب مع العقلاء المدعين له,قبل أن تكون حربا مع الجهل والتجهيل والبساطة والسذاجة الطبيعية عند العوام دون الخواص.
المنهج الوردي في حقيقته يمثل أنتفاضة الوعي العاقل المدرك بقراءته للوأقع وأكتشافه أن هناك خلل بنيوي كسبي وتكويني أساسي وراسخ في الشخصية العراقية ,تفصح عنه سلوكيات متفرده تلتصق به دون أن تكون في غالب الأحيان على رأي الدكتور الوردي من الطبع العام للسوك الإنساني المماثل والمقارب له,كما أنه أسقط وأفرد صورة خاصة أنا في تقييمي المتواضع لها مبالغ في فرادتها وفيها تجني حقيقي للجانب المشرق من هذه الشخصية دون أنكار أن الكثير من التشخيصات كانت حيادية وواقعية.
تميز الدكتور الوردي بحساسيته المفرطه في قراءته للواقع,أنه يلتقط الظواهر ويدرسها مجهريا ويفكك روابطها ليعيد ترتيب قراءتها,ثم يقرر في ضوء هذا المنهج وبالمقارنة مع أسس علم الأجتماع تقيما علميا واعيا لها,ولولا قدرة الحس والتشخيص العالية التي يتمتع بها ما كان له القدرة على الدخول إلى أعمق الزوايا وأدقها في شخصية الفرد العراقي,مما أتاح له أن يفهم الكثير من الخبايا والتفصيلات الدقيقية بأسلوب المعايشة القريبة,والنزول إلى الحاضنة الأجتماعية لهذه الظاهرة أو تلك.
لم يكن الوردي عالم أجتماع فقط بل كان باحثا فكريا وناقدا سيسيووجيا من طراز فريد,أستفاد من مقدماته التكوينية الدينية وفهمه الحقيقي للدين,ومزج بين دعوته الإصلاحية النقدية وبين منهجه العلمي التجريدي وتأثيرات عالم النظريات الحداثية التي عايشها وتفهم دوافعها وأسسها الفلسفية والفكرية وما تلمسه من حلول ظن أنها قادره على إحداث التصليح والتصحيح بين الواقع والهدف الغائي منها,وبين أمانيه كونه يمثل جزءا مهما من النخبة التنويرية التي تتحسس وتعي مسؤليتها في قيادة المجتمع,دون أن يترك مجالا يمكنه الدلف منه إلى نشر تلك الدعوة التنويريه,مما أفرد له مكانه خاصة في عالم الحرية الإنسانية ومراميها في أستعادة الوعي بإنسانية الإنسان كونه غاية الفكر والعلم والفلسفة.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات