أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم النجار - معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني















المزيد.....

معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1180 - 2005 / 4 / 27 - 08:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ ان اجترح الفلسطينيون "فبركة" الأمن, محدثا خللا كبيرا في معادلة توازن التطور في الصراع مع "اسرائيل" غدا هذا السؤال- ما الأمن؟ مطروحا بإلحاح على وعي الفلسطينيين منهم داخل فلسطين, أو في الشتات على حد سواء, ومؤسسا بذلك جدلية غير مسبوق إليها في التاريخ السياسي الفلسطيني, في محاولة جديدة للإجابة عن هذا السؤال.
ان المطب الذي أصر من البدء من قبل القيادات الفلسطينية, على عدم تجاوزه عقدة الأمن, فإنتشرت أجهزة الأمن الفلسطيني داخل الفصائل كالنظريات, وأصبحت تشكل عائقا حقيقيا لتطور الفكر السياسي الفلسطيني, فالأمن لم يخلف فلسطينيا, فالأمر عائد للثقافة والوعي, ولا الأمن مقولة أثنية ولا دينية, ولا لغوية, بل هو بالتحديد مقولة ثقافية سياسية, أو بتعبير أقل إثارة للإلتباس "حضارية", وخلافا لما هو شائع فإن الحضارة قامت على خمس أحداث سياسية لا علاقة للأمن فيها لا من قريب أو بعيد بالحضارة, هذا إذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان الحضارة المقصودة هي حضارة انسانية, ليست مرتبطة بهوية سياسية.
الأولى: اختراع الإغريق للمدينة الديمقراطية وللحرية المقننة وللعلم ولمدرسة العقل.
ثانيا: اختراع روما للقانون والملكية الخاصة و "الشخصي" الانساني.
ثالثا: الثورة الاخلاقية والآخروية "الكتابية" نسبة الى الكتاب المقدس "بعهدية القديم والجديد" التي أسست التاريخ بقلبها مفهوم الزمن من التصور الدوري الى التصور الخطي.
رابعا: الثورة البابوية في مطلع الألف الثاني للميلاد التي ردت الاعتبار الى العقل اليوناني والقانون الروماني ورسمت استراتيجية جديدة لتحسين مصير العالم.
خامسا: الثورة الديمقراطية الليبرالية التي تتالت فصولها في هولندا وانجلترا والولايات المتحدة وفرنسا قبل ان تعم سائر بلدان أوروبا القريبة وامتداداتها الأمريكية والأسترالية, والتي نادت على الصعيد العقلي الى تمخض مفهوم "التعددية النقدية" الذي زود الغرب بقدرة على التطور غير مسبوق إليها في التاريخ مما سمح له بإجتراح مآثره الحداثة.
هذه الأحداث الخمسة. هي التي فصلت بين مفهومي الحقيقة واليقين, قاد الغرب الى تكريس مبدأ التعددية بوصفها خالفة للنظام لا للفوضى.
وفي مساق هذه التعددية والعقلانية الأثنية, وأرسى الأسس الليبرالية الفكرية والاقتصادية والسياسية معا, وأوجد المؤسسات التي من شأنها أن تضمن الممارسة الحرة والقانونية لهذه التعددية, وهذا لا يعني ان الغرب لم يعرف حالات نكوصية, كما الشأن في البلشفية الروسية والنازية الألمانية, لكن حربة والفالية بالكلفة البشرية- ضد هاتين الآفتين الشموليتين جعلته يزداد وعيا بالقيم الأساسية التي تكونه كحضارة مرشحة على خصوصيتها التاريخية والجغرافية لأن تكون هي الحضارة الكونية.
بهذا المعنى وقع الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر بمأزق خطير وبنيوي, فالأمن بالمفهوم الشمولي الشرقي والمستوحاة تمديدا من البلشفية الروسية, قد إنهار أولا في موسكو, وما زال يعيش في احشاء الفكر السياسي الفلسطيني والشرق العربي عموما.
كانت السياسة واحدة من بين القضايا المهمة التي تناولها الفلاسفة اليونان بالنقد والتحليل, وقد شهدت أثينا أول مظاهر للديمقراطية وطرح الفلاسفة العديد من الآراء السياسية التي أعتبرت البدايات الأولى لصياغة الفكر السياسي الغربي المعاصر فها هو أفلاطون يطرح في محاورة "الجمهورية" أول نظام سياسي للمدينة الفاضلة, ويليه آرسطو وغيره من الفلاسفة اليونانيين الذين آثروا العالم القديم بأفكارهم الفلسفية.
أما الأمر الثاني, في هذه الفترة أعيد تأسيس العقل الانساني على أسس فكرية جديدة تختلف عن الطريقة التي سادت العصور الوسطى, فمع بروز العلم وتطوره عبر المناهج العلمية التجريبية والرياضة تمكن العلماء من تحقيق الكثير الاكتشافات والحقائق العلمية التي ساهمت في تطوير وخلق السبل التي تسهل أمور حياة الانسان وتطوره.
أما العامل الثالث, فيعود لقوة العلاقة بين الفلسفة أو الفكر بشكل عام والسياسة التي تميزت بها هذه المرحلة الفعل, فإنهيار سلطة الإقطاع والكنيسة المتحالفة معها والتحول الى المدن وظهور الرأسمالية وفر الأرضية لإعادة صياغة طبيعة الدولة في أوروبا.
وان التحولات التي يشهدها العالم اليوم والتي تتجه بشكل تدريجي ومتسارع نحو العولمة الاقتصادية, ومن ثم ما ينتج عنها من ظواهر سياسية واجتماعية وثقافية لا يشير حاليا الى إمكان لعب الأمن بمعناه التقليدي دورا يذكر, فنحن ما زلنا في المراحل الأولى للعولمة والتي ستأخذ وقتا لا بأس به حتى تتضح معالمها, وتتبلور ركائزها وتصبح واقعا فعليا يصعب التخلص منه أو التراجع عنه.
فهل جاء قرار أبو مازن الأخير على توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية الثلاثة, بعد ان كانت بالعشرات على خلفية هذه الحضارة؟!
أم أنها أحلام مثقفين ترى ان الأزمة الأمنية في الفكر السياسي الفلسطيني سرطان قاتل!
وهذه الهويات السياسية "الفائضة" للأزمة الأمنية لا يمكن لها ان تؤسس دولة بالمعنى الحديث للكلمة, أنها تنتمي لنقيض الدولة أو "للادولة" كما ان انتماءها لعصبياتها او مجتمعاتها المحلية المتخلفة التي جاءت على شخصيات سياسية, ولدت من رحم غياب المؤسسات التنظيمية كل الفصائل بلا استثناء- يطرح سؤالا عن "الدولة" ما هي؟ ما أصلها من خلال الحفريات التاريخية واللغوية للمعرفة؟ ما هي مراحلها وتعرجاتها التاريخية؟ وما هو مآلها اليوم كمصطلح سياسي وقانوني راهن حديث ومعاصر.
الفكر السياسي الفلسطيني المأزوم أمنيا, أجاب على هذا التحديد الصارم للحدود والمصطلحات بإجابات أمنية خالصة, قادمة فكرتها من هوس الحفاظ على الذات التنظيمية للفصيل, التي تماهت مع الزعامة السياسية للفصيل, وإنتقلت هذه العدوى أوتوماتيكيا الى السلطة الفلسطينية بتعبير أدق ورثت السلطة عقلية الأمن الفصائلي!
ان مفهوم الامن الفلسطيني لدى القيادات الفلسطينية, يختلط دائما بتاريخ الشرق السياسي الناتج عن اتفاقات سايكس بيكو التي خرجت عنها دويلات, توهمت وصدقت نفسها أنها دول, لكنها في حقيقة الأمر, دويلات قائمة على نزعة أمنية مفرطة في الإستحواذ على مقاليد الحكم في تلك الدويلات, وذاكرة أيديولوجية دينية إحتفت بالسجالات الأيديولوجية السياسية, وكان الامن في طبيعة الحال الحارس الحقيقي لكل هذه الأوهام.
الأمن الفلسطيني لم يشت عن هذه القاعدة, وان بالغ كثيرا عن نظرائه في الشرق في الكثير من الممارسات سواء أكان التواجد العسكري في لبنان أو بعد الخروج, أو في السلطة الفلسطينية داخل أراضي الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
وأمام التغييرات الهائلة على مختلف الصعد التي هزت العالم, وأصبح الاقتصاد العنوان الرئيسي لأي تغير قادم يتجاوب مع التطورات والاكتشافات العلمية, أصبح للأمن مفهوما متطورا, ليس مرتبطا بآليات "المخابرات القمعية" او الشرطية التي لم تكن في الشرق العربي إلا "مافيا" قائمة على تحصيل المخالفات المرورية, وحماية أصحاب النفوذ السياسي, وزرع الخوف في نفوس المواطنين كأيديولوجيا, احتراز من أي رد فعل ضد مصالح هذا النفوذ السرطاني أمام هذه الحقائق أصبح الأمن عائقا كبيرا في أي تطور حقيقي لمجتمعات الشرق العربي, والفلسطيني بطبيعة الحال, وعلى الرغم من أن رجال الأمن الفلسطيني في الانتفاضة الثانية كانوا من أوائل قوافل الشهداء, وهنا المفارقة الكبيرة التي استطاعت القيادة الفلسطينية توظيفها بشكل يخدم مصالحا, بأن حولت المناضل لشرطي لحماية مشروعها السياسي, ثم قذفته لآثون "الاستشهاد" أمام تعثر مشروعها السياسي, وفي الحالتين, كان الأمن الفلسطيني ضحية تجاذبات بين قيادات سياسية عفى عنها الزمن وقيادات جديدة طموحة في أخذ مواقع القيادات السابقة.
لذا كان من الطبيعي والمنطقي ان تنمو مشاعر التشكك في فاعلية الأمن الفلسطيني في الفكر السياسي, وقدرته على أخذ دوره في النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال "الاسرائيلي".
ومن أشد مظاهر العداء الشعبي الفلسطيني لأجهزته الأمينة, واستفزازا لمشاعره الوطنية, تدخل هذه الأجهزة بشكل دراماتيكي في كل الاتفاقات المؤقتة, التي أصبحت سمة الاتفاقات بين الطرفين الفلسطيني- "الاسرائيلي" في حماية هذه الاتفاقات, وأصبح لدى المواطن الفلسطيني تصورا خطيرا, أن هذا الأمن جلاد حقيقي يمارس قمعه دراماتكيا وبرغبات سياسية صادرة عن القيادة الفلسطينية.
وصدق الفكر الأمريكي نعوم تشومسكي عندما قال "إذا استمر شيء يكرر على أنه واضح, فالأحرى ان يكون هذا الشيء زائفا في شكل واضح".
على أرض الواقع الأمن الفلسطيني أزمة خانقة في الفكر السياسي الفلسطيني, لكنه سؤال مؤجل, سينفجر في لحظة نضوج الوعي الشعبي الفلسطيني أمام عجز تحقيق أي انجاز سياسي على أرض الواقع, في ظل التعنت "الاسرائيلي" الذي بدا واضحا, لكل ذو بصيرة أن هناك أجندة سياسية يطبقها على أرض الواقع, في خلف اختناقات اقتصادية ومعيشية في الضفة والقطاع, حتى تصبح الحياة لدى المواطن جحيم لا يطاق.. فيكون هذه المرة الترنسفير طوعي وليس قصريا كما يشاع, هذه الاستراتيجية التي تشتغل عليها "اسرائيل".
صحيح ان العالم الفلسطيني اليوم بفنتازيته وغرائبيته لم تعد تستوعبه نصوص سياسية, فكل ما فيه من تناقضات وكوارث وحروب داخلية وخارجية, يستدعي لغة منفتحة على التجريب, ووعيا قادرا على هضمها والتفاعل معها, وعينا متحركة قادرة على الإلمام بالمشهد من كل أطرافه.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرضية أيدولوجية أزمة العقل العربي السياسي
- سوريا في مفترق طرق استراتيجي ـ لبنانيا
- الحركات الاسلامية الفلسطينية بين تقديس النص واختراق الآخر له ...
- ابو مازن سكة الوعي المتأخر
- جندرما فتح.. اليمين الفلسطيني سلطنة على زعامة فلسطين
- السياسة الفلسطينية في عالم متغير فشل اليسار الفلسطيني في انت ...


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم النجار - معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني