أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 146: منع الختان بين التدرّج والتسرّع















المزيد.....

جريمة الختان 146: منع الختان بين التدرّج والتسرّع


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 13:08
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


إن تغيير المجتمع يمكن الوصول إليه عن طريق الثورة التي تقلب الأوضاع والأفكار رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، أو عن طريق التدرّج والتطوّر، بحمل المجتمع على التغيير درجة درجة. وقاعدة التدرّج معروفة عند فقهاء المسلمين، ويضربون مثلاً عليها تحريم الخمر في القرآن الذي تم على مراحل. فقد بدأ القرآن بالقول إن فيها «إثم كبير ومنافع للناس» (البقرة 219:2). ثم طلب تركها عند الصلاة: «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى» (النساء 43:4). وأخيراً نهى عنها تماماً طالباً اجتنابها (المائدة 90:5-91). ونفس المشكلة طرحت مع الختان. فهناك من يطالب بتخفيف مخاطر الختان بإجرائه على يد الأطبّاء، والإنتقال من الختان الشديد إلى ختان خفيف، ومن ثم إلى ختان رمزي، وتكريس الجهد ضد ختان الإناث قَبل خوض معركة ختان الذكور. ولكن هناك من يرفض مثل هذا التدرّج. هذا ما سنراه هنا.

بعد أن كانت منظّمة الصحّة العالميّة ترفض التدخّل في ختان الإناث، جاء في تقرير 1976 لمستشارها الصحّي الدكتور «روبيرت كوك»، وهو من أصل أمريكي، بأنه لن يهتم إلاّ بالختان الفرعوني، تاركاً الأنواع الأخف من ختان الإناث، خاصّة أنها كانت تمارس في بلده. وقد حاول بعض المتدخّلين الأفارقة في مؤتمر الخرطوم لعام 1979 إباحة ختان الإناث الذي يتم طبّياً. إلاّ أن هذا الإقتراح تم رفضه. وقد أكّدت على هذا الرفض منظّمة الصحّة العالميّة عام 1982 معلنة بأنه يُحرَّم على المهن الطبّية إجراء ختان الإناث. كما أكّد مؤتمر داكار لعام 1984 على هذا المنع لأن الطب لن يحل المشكلة بل سوف يكون مجرّد غطاء تمويه لها موضّحاً بأن «كل عمليّة جراحيّة لا ضرورة لها وتتضمّن مخاطر للمريض تعتبر مخالفة للأخلاق الطبّية».

وقد بيّن بعض المتدخّلين في مؤتمر الأمم المتّحدة الذي عقد عام 1991 في «وجدوجو» (بوركينا فاسو) بأن مهني الطب، خاصّة لأسباب ماليّة، يحاولون أخذ محل المولّدات والخاتنات لإجراء تلك العمليّة في المستشفيات. وهؤلاء ليس فقط يستفيدون من ممارسة ختان الإناث، خاصّة في المدن، ولكنّهم يساعدون على إستمرار هذه العادة بتقليل مضارّها. «صحيح أنهم يستعملون الوسائل النظيفة كالشفرات والضمّادات المعقّمة. غير أنهم، بسبب جشعهم، ينسون عمداً الطبيعة المشؤومة لختان الإناث. ولوعيهم بثقة واحترام الشعب لهم، يستغلّون سذاجة الأهل لكي يبيّنوا لهم صحّة العادة. وقد رأى المشاركون أنه يجب مكافحة هذا الإتّجاه بشدّة لأنه يؤدّي إلى تقديم مشروعيّة جديدة لختان الإناث».

وفي عام 1992، أكّدت منظّمة الصحّة العالميّة في المؤتمر الذي عقد في هولندا رفضها إجراء عمليّة ختان الإناث طبّياً مهما كان نوعها. فقد دار جدل كبير في ذاك البلد حول هذا الموضوع بسبب تزايد الهجرة الصوماليّة واقتراح منظّمة لحماية الأطفال يعمل فيها أطبّاء وممرّضات بوضع قانون يسمح إجراء ختان خفيف «غير باتر» في المستشفيات من قِبَل أطبّاء النساء والتوليد. وتحت ضغط المنظّمات النسائيّة، تراجعت الحكومة عن هذا الإقتراح. وقد علّقت فران هوسكن على هذا الجدل قائلة بأن النساء يجب أن يكن دائماً في يقظة ضد من يحاول التعدّي على سلامة جسدهن. ولكن هذه التجربة الهولنديّة بيّنت أنه كان من الممكن توفير وقت ومال كثير كان يمكن إستعماله لتثقيف النساء الصوماليات حول صحّتهن الإنجابيّة وتحريرهن من الأفكار الخاطئة الضارّة. وتضيف «هوسكن» بأن المسؤوليّة في التغيير تقع على عاتق الرجال. فيجب تبليغ الرجال الصوماليين الذين يأتون إلى هولندا بأن عليهم إحترام القانون الهولندي، وأنهم مسؤولون إذا ما تم ختان نسائهم، وإن بتر الأطفال يعتبر جريمة في كل مكان في الغرب. وإذا هذا الأمر لا يرضي الرجال، فما عليهم إلاّ العودة إلى المكان الذي جاؤوا منه.

وقد جاء في البيان المشترك الذي صدر عام 1997 عن منظّمة الصحّة العالميّة واليونيسيف وصندوق الأمم المتّحدة للسكّان حول ختان الإناث أن «العواقب الصحّية تختلف حسب الطريقة المتّبعة. ولكن ختان الإناث مرفوض عالمياً لأنه إنتهاك للسلامة الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة للنساء والفتيات، ويعتبر نوعاً من العنف الواقع عليهن» وعرّف هذا البيان ختان الإناث كما يلي: «كل إجراء يتم فيه إزالة جزئيّة أو كلّية للأعضاء التناسليّة للإناث أو غيرها من الأضرار التي تمس بتلك الأعضاء لأسباب ثقافيّة أو غيرها من الأسباب التي لا علاقة لها بالعلاج».

وتتّهم السيّدة «فران اوسكن» الأطبّاء بأنهم يُروّجون لإجراء ختان الإناث طبّياً بسبب جشعهم المادّي. فهم الذين إعترضوا على تبنّي بريطانيا قانوناً ضد ختان الإناث. وتشير إلى أن طبيباً بريطانياً حاول أيضاً الدعاية لإجراء الختان الفرعوني طبّياً. وتضيف بأن الختان الطبّي سوف يساعد في تخليص حياة بعض الفتيات، خاصّة فتيات السياسيين والطبقة الغنيّة التي تتمكّن من دفع تكاليف العمليّة. أمّا باقي الفتيات الفقيرات، فإن ذلك لن يغيّر من وضعهن شيئاً. وإجراء الختان طبّياً سوف يجعل من الختان نظاماً مقبولاً يجلب ربحاً للأطبّاء وممارسي المهن الطبّية الذين سوف يدعمون إجراءه. وتضيف:
«قَبل أن ندرس إمكانيّة إجراء ختان الإناث طبّياً كبديل للختان غير الطبّي، يجب دراسة إمكانيّة قطع القضيب طبّياً. فقد تم رفض إقتراح إجراء ختان الإناث طبّياً في مؤتمر الخرطوم. ولكن ما زال الرجال يعيدون علينا هذا الإقتراح. ولذلك يجب عمل دراسة مقارنة من منظّمة الصحّة العالميّة حول المعطيات البيولوجيّة والصحّية. فقطع القضيب سوف يكون من جهة الربح المادّي أفضل من بتر بظر المرأة. ومثل هذه الدراسة سوف تساعد في زيادة وعي الرجال. ويجب أن تقدّم لجميع السياسيين في إفريقيا وفي الشرق الأوسط ولجميع الأطبّاء الذين يهمّهم إجراء ختان الإناث في المستشفيات».

وإذا ما أردنا إجمال مختلف النصوص الدوليّة والغربيّة ومواقف المنظّمات غير الحكوميّة المعارضة لختان الإناث، نجد أنها تطالب بما يلي:
- تحريم جميع أنواع ختان الإناث الذي يتم لسبب غير طبّي.
- منع أصحاب المهن الطبّية من المشاركة في إجرائه ومعاقبة المخالفين.
- محاكمة الأهل الذين يختنون أولادهم لردع الآخرين عن هذه الممارسة.
- فرض رقابة على سفر المهاجرين الذين قد يعرّضون أولادهم للختان في دولهم. فيمنعون من أخذ أطفالهم إلى بلدهم.
- ربط السماح بالبقاء في الدول الغربيّة باحترام سلامة الجسد.
- إبلاغ المهاجرين الجدد عند دخولهم بأن الختان ممارسة ممنوعة.
- قطع المعونة الإقتصاديّة عن الدول التي تستمر في ممارسة ختان الإناث.
- إعطاء اللجوء السياسي أو على الأقل حق الإقامة الإنسانيّة للنساء الهاربات من بلدهن تخوّفاً من ختانهن أو ختان أولادهن.

ونشير هنا أن المشرّع السوداني، ومن بعده المشرّع المصري، قد حاول إتّباع قاعدة التدرّج مانعاً الختان الفرعوني ومبيحاً الختان الذي يتم على يد الأطبّاء. وهذا الإتّجاه نجده في القرار الوزاري الذي صدر بعد مؤتمر السكّان في القاهرة لعام 1994 والذي يسمح للمستشفيات بإجراء هذه العمليّة. ولكن هذا القرار أثار ضجّة كبيرة. وقد أيّده البعض ورفضه آخرون، نذكر منهم الدكتورة نوال السعدواي في ردّها على إقتراح طبيبة مصريّة بأن يسمح بختان الإناث في المستشفيات العامّة وذلك للتقليل من الأضرار التي تنتج عن إجرائه خارجها بشرط أن يسبق ذلك تدريب الأطبّاء على كيفيّة إجراء عمليّة الختان بالشكل الذي أباحه الإسلام. ورفض نوال السعدواي يعتمد على الأسباب التالية:
«1) ليس هناك شكل لختان الإناث أباحه الإسلام. هذه العمليّة لا علاقة لها بالإسلام بدليل أن أكثر البلاد الإسلاميّة والعربيّة لا تمارس هذه العادة [...].
2) من المفروض أن تبذل وزارة الصحّة الجهود لتوعية الأطبّاء وجماهير الشعب بمضار الختان وأن تصدر قراراً يحرّم هذه العادة باعتبارها جريمة في حق الإنسان. فهل كون الختان يمارس خارج وزارة الصحّة مبرّر مقبول كي نمارسه في الوزارة نفسها؟ هل كون المخدّرات تباع في السوق خارج وزارة الصحّة مبرّر معقول كي تصدر الوزارة قراراً ببيعها داخل مؤسّساتها؟
3) بدلاً من تدريب الأطبّاء على إجراء هذه العمليّة لماذا لا يتدرّبون على مقاومتها ».
وفي مقال آخر تقول: «كيف نرفع الوعي بمضار شيء ما إذا كان القانون يشرّعه ويبيحه؟».

ومعارضو ختان الإناث يرفضون إستبدال ختان الإناث حتّى بأبسط أنواعه. فقد ذكر الدكتور محمود كريم، وهو من الذين يدعمون فكرة إجراء الختان بأيدي الأطبّاء، بأن إندونيسيا قد حلّت مشكلة ختان الإناث بإحداث شكّة في جلد البظر فقط. وقد علّقت الدكتورة سهام عبد السلام على كلامه: «إقتراح الشكّة الذي ينفّذ في إندونيسيا... إقتراح خطير، لأنه يشوّه وعي الناس. إذا كان ختان الإناث لم يرد في أي دين سماوي، فلماذا نطرحه على وعي الناس ونساوم هل نقطع البظر، أم الغلاف، أم نشكّه. الصحيح أن نقول لا. هذا خطأ... ونعرّف الناس أنه خطأ... وندأب على توعيتهم بالموقف الصحيح بدلاً من أن نستجيب لمغالطاتهم باستمرار».

ومقابل هذا الموقف المتشدّد، هناك من يرى ضرورة التدرّج. يقول الدكتور أحمد شوقي الفنجري بأنه «من الضروري إصدار قانون على مراحل يسمح بالأوّل بعمل الختان على أيدي الأطبّاء فقط وبصفة رسميّة على أن يقوم الأطبّاء بالتوعية قَبل إجراء هذه العمليّة. ثم بعد ذلك يتم عمل قانون حاسم ونهائي إذا أحتيج له بعد أن تكون هذه العادة قد ماتت واندثرت حتّى لا يعود إليها أحد المشعوذين الذي يجدون في هذه الممارسات رزقهم».

ونقل هذا الطبيب رأياً لأستاذ جراحة الأطفال عادل لطفي، العضو السابق في اللجنة التي أدانت ختان الإناث عام 1959، يقول فيه: «طوال أربعين عاماً وأنا أباشر إختصاصي كجرّاح للأطفال لم أشعر خلالها باستياء وانقباض ووحشيّة إلاّ عندما كنت أجري عمليّة الختان في الإناث مضطراً في بادئ عهدي بجراحة الأطفال عندما كانت تهدّدني الأم بلجوئها إلى حلاّق الصحّة. فكنت أشفق على البنت الضحيّة وأجري لها الختان لكن بطريقة غير تقليديّة حيث كنت لا أستأصل البظر بتاتاً وإنّما كنت أستأصل غلاف البظر، تماماً كما يحدث في ختان الذكور حتّى أريح الأم نفسيّاً وأدفع عن البنت شرّاً سوف يحدث لها إذا وقعت في يد جاهلة».

وتقول الأستاذة «جالو» بأنه رغم عدم دفاعها عن عادة الختان في الصومال، فإنها لا ترى كيف يمكن حذف هذه العادة بصورة كاملة لأنها عادة تمد جذورها في أعماق الثقافة الصوماليّة. وهي ترى بأن تطوّر هذه العادة يجب أن يمر في مجرى التطوّر الطبيعي. فليس هناك أي دليل بأن هذه العادة سوف تختفي بصورة كاملة. ولكن هناك أدلّة بأن هذه العادة تتطوّر نحو تخفيفها. ولا يمكن اليوم الذهاب إلى أماكن الرعاة والطلب منهم أن لا يختنوا أو أن يختنوا بصورة مختلفة عن الختان الفرعوني. فهذا يخالف تماماً نظرتهم للحياة. ولكن هناك إمكانيّة في تحويل الختان الفرعوني إلى ختان سُنّة مع تحوّل الرعاة إلى حضر وسكنهم البيوت. فالتحوّل يجب أن يكون تدريجيّاً ويتطلّب عدّة أجيال ويجب أن يصاحبه تغيير في النظام الإجتماعي ووضع المرأة. وقد بيّنت في مقال لها كتبته مع باحثين بأن هناك حاليّاً في الصومال إستبدال للختان الفرعوني بالختان البسيط أو حتى الرمزي بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشه هذا البلد حيث تشح الوسائل العلاجيّة فلا يمكن معالجة مضاعفات الختان الفرعوني. وتذكر هذه الأستاذة أنه تم وضع بعض مخيّمات اللاجئين الصوماليين تحت إشراف الإيطاليين. وكانت تجرى في هذه المخيّمات عمليّة الختان للإناث من قِبَل ممرّضات محلّيات يستعملن الوسائل العلاجيّة الحديثة مثل المطهّر والمخدّر والإبرة والخيط وغيرها التي تحضر من الدول الغربيّة. وفي بعض الحالات لم يكن يدري الطبيب الإيطالي أن هناك عمليّة ختان تجرى. وفي إحدى تلك المرّات كان الختان يجرى على الطريقة التقليديّة بغرز الشوك في لحم الفتاة لإغلاق فرجها. عندها إقترح أن يقوم بإتمام العمليّة بصورة نظيفة بخيط وإبرة معقّمة. وقد وصلت الأخبار إلى «مقديشو» حيث عاتبه زملاؤه لأنه حسب رأيهم لم يكن عليه أن يتعاون في هذه العمليّة. وقد دافع الطبيب عن نفسه قائلاً بأنه لم يكن أمامه أي خيار آخر.

وفي «جيبوتي» قرّر الإتّحاد الوطني للنساء إستبدال الختان الفرعوني بختان السُنّة. وقد برّر هذا الإختيار بأنه يجب الأخذ بالإعتبار «الشعب المتمسّك جدّاً بالعادات والذي سيرفض كل محاولة غير عقليّة للقضاء على هذه العادة». وقد علّقت نشرة اللجنة الإفريقيّة على هذا الموقف بأنه مخالف لموقف منظّمة الصحّة العالميّة ولخطّة العمل التي تم الموافقة عليها في مؤتمر أديس أبابا. وقد أوضحت النشرة أن لكل دولة إفريقيّة أخذ قرار في كيفيّة مواجهة الممارسات التقليديّة الضارّة ويجب ملاءمة القرارات مع الوضع في البلاد. ولكن يبقى الهدف النهائي، وهو ضرورة القضاء على جميع أنواع ختان الإناث حوالي عام 2000. فإذا كانت الوسيلة الأنجع للوصول إلى هذا الهدف هو سياسة الخطوة خطوة، إلاّ أنه يجب ضمن هذه السياسة تقديم معلومات حول الآثار الضارّة لجميع أنواع ختان الإناث، بما فيها ختان السُنّة. ويجب على الزعماء الدينيين في الدول الإفريقيّة إتِّباع نفس الهدف وتعليم الأميين من رجال ونساء بأن ختان الإناث ليس واجب ديني وأن القرآن لا ينص عليه وأن لا فائدة فيه.

وتذكر الكاتبة «لايتفوت كلاين» في حديثها مع السودانيّات حكاية عمّها الذي كان لا بد من قطع ذراعه، فأصر على أن لا يُقطع كلّه حتّى يتمكّن من ممارسة مهنته. وتضيف بأن على النساء الإفريقيّات أن لا تقطع كل الأعضاء الجنسيّة لبناتهن وتبقي لهن بعض الشيء. وهن بدورهن قد يقطعن جزاءاً أقل إلى أن تنتهي العادة. وتذكر بأنها كانت تحمل معها بعض الأدوات الجراحيّة والأدوية عملاً بمثال مبشّر حاول أن يقضي على ختان الإناث ولكن دون أيّة جدوى. عند ذلك لجأ إلى تزويد الشفرات النظيفة على الأقل لحماية ما يمكنه حمايته ولتخليص حياتهن.

ويقول «سيدي تيديان نجويي»، سكرتير عام إتّحاد عمال إفريقيا السوداء المهاجرين في فرنسا، أنه يؤيّد ختان الإناث الذي لا يؤدّي إلى مشاكل عند الولادة ويحمي المرأة من الأمراض ويجعل الفتيات عاقلات ويمكن شفاءه خلال يومين أو ثلاثة. ويضيف: «بطبيعة الحال، لا يمكننا أن نطلب من الحكومة الفرنسيّة عدم تطبيق القانون علينا. ولكن يجب السماح لمن يختن بناته بأن يقوم بذلك في محيط طبّي. نحن نطالب بحرّية الإختيار: هذا هو الحق في الإختلاف».

وإن كنّا نتفهم موقف الذين يريدون التدرّج في إلغاء ختان الإناث بإجرائه على يد الأطبّاء وفي محيط طبّي صحّي، إلاّ أن هذا لا يضمن بحد ذاته أن تتم العمليّة دون خطر. ويرى البعض إنه إن أردنا السماح بختان الإناث، ففي هذه الحالة، من المفضّل تركه بيد ممارسي الطب التقليدي، لأن رجال الطب سوف يفقدوه إيجابيّاته الإجتماعيّة فيصبح عمليّة ضارّة كلّياً لا فرق بينه وبين أيّة عمليّة بتر. ويشير هذا الرأي أن الطبيب على كل حال ليس أكثر خبرة من ممارسي الطب التقليدي في هذا المجال. فالداية التي تمارس ختان الإناث يتم عامّة تصويرها في الكتابات النسائيّة بأنها جاهلة وعنيفة ودون رأفة، رغم أن لها دور إيجابي في المجتمع. هذا وقد يشفع لمؤيّدي التدرّج أن يقوم الطبيب بتوعية الأهل، وبذلك يتم تدريجيّاً القضاء على عادة الختان. ولكن هذا لا يضمن بأن لا تزيد عمليّات الختان. فإجراء ختان الذكور في المستشفيات الأمريكيّة قد ساعد على إنتشاره. هناك إذاً مشكلة حقيقيّة يصعب حلّها.

هذا ونجد نقاشاً مشابهاً حول ختان الذكور. فمعارضو هذا الختان عند اليهود يرون إمكانيّة الاكتفاء بقطع جزء بسيط من الغلفة دون اللجوء إلى السلخ، المرحلة الثانية في الختان اليهودي. أو يمكن الاكتفاء بإنزال نقطة دم من حشفة القضيب ما دام أن الدم هو المحور الرئيسي في الختان. ومنهم من يقترح قص جزرة بدلاً من قص غلفة القضيب، مع الإحتفاظ بالتقاليد والعادات التي تصاحبه إذ يصعب خلق فراغ تام وإخلاء المجتمع من جميع الطقوس. وهناك أيضاً من يقترح إجراء الختان تحت التخدير لتفادي الألم والصدمة النفسيّة عند المختون. وهذا الإجراء قد يكون له أثر سلبي إذ يستبعد حجّة ألم الطفل كسبب لإلغاء الختان. فما دام الطفل لا يتألّم ولا يصرخ، يظن الأهل أن لا ضرر يقع على الطفل.

وإذا كان معارضو ختان الإناث يرفضون إجراءه في الأوساط الطبّية خوفاً من إعطائه شرعيّة في أعين الناس، فإن رجال الدين اليهود يعترضون على إجراء ختان الذكور على يد الطبيب لأنهم يرون في ذلك حيلة من قِبَل معارضي ختان الذكور بقصد التدرّج في إلغائه. فإجراء ختان الذكور على يد طبيب يعني أن الختان سوف يصبح مجرّد عمليّة جراحيّة مفرغة من الطقس الديني الذي يصاحبه. ولذلك هم يرفضون تدخّل الدولة في تقرير من يستطيع أو لا يستطيع إجراء هذه العمليّة.



--------------------------------------
أطلبوا كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة الختان 145: منع الختان بين المُثُل والإمكانيّات
- جريمة الختان 144: إذن ممارسة العمل الطبّي
- جريمة الختان 143: تدخّل السلطات الدينيّة
- جريمة الختان 142: حدود سلطة الأهل على القاصرين
- فتوى انتهاء الديانات السماوية والكتب المقدسة
- أسباب موقفي من الإسلام (نص مطول)
- أسباب موقفي من الإسلام
- اعلان لرفع القداسة عن الكتب المقدسة
- يجب قلع الإسلام من جذوره
- نعم ثم نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
- نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
- جريمة الختان 141: الموافقة المستنيرة للمريض أو وليه
- جريمة الختان 140: هل الختان عملية تجميل؟
- جريمة الختان 139: الإباحة الطبية
- جريمة الختان 138: الحق في العرض
- لماذا يجب الحفاظ على القرآن والاهتمام به؟
- جريمة الختان 137: الحق في عدم التعذيب
- جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة
- جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية
- جريمة الختان 134: عقدة أُوديب... وعقدة سامي الذيب


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 146: منع الختان بين التدرّج والتسرّع