أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس4














المزيد.....

العرس4


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 00:53
المحور: الادب والفن
    



حدث غير مرتقب

خلال الصباح، وفي غمرة انشغال عائلة العروس بتوفير شروط الإقامة والضيافة للوافدين على خيمتهم، وصل أخو الفتاة قادما من كدحه في السهول المروية لحوض ملوية. وكانت تبدو عليه علامات الغضب يستجليها كل من تقدم إليه لتحيته وتهنئته. ألقى بقوة برزمة متاعه على باب الخيمة حيث تتوارى أخته عن الأنظار وسط النسوة، فأصاب بها رأس كلبهم الذي هب إليهِ فرحا بمقدمه، فآلمه ذلك ليتراجع مصدرا عواء حادا. وبمجرد ما خرجت أمه إليه برفقة بعض الخالات والعمات، ودون أن يحييهن، بدأ بالصراخ معبرا عن معارضته الشديدة لهذه الزيجة، والرذاذ يتطاير مِن فيهِ يدفع عنه كل من تقدم إليه لتهدئته.

هرول طفل صغير حافي القدمين صعودا إلى هضبة قريبة حيث والد العروس يتفيأ ظل شجرة البطم رفقة رجال من القبيلة، فأخبره بالحدث . وبعد عودة الأب التزم الشاب صمتا حذرا فتبادل العناق مع والده الذي سحبه بعيدا عن الأعين والآذان، ليدخلا في جدال عن أسباب كل هذا التعنت مستترين عن الناس وراء نبات كثيف للتين الهندي. ولكن الابن كان مصرا على نقض الزفاف وحجته في ذلك عراك دار بينه وبين العريس حول نسبة كل واحد منهما من "العلاليش*" بعد انتهاء موسم رعوي اشتغلا فيه سويا لدى فلاح ميسور. وأبدى استعداده ليرد مبلغ الصداق وكل الصائر الذي أنفقه العريس. دام الحوار الصاخب لمدة طويلة ولم يفلح الوالد في شيء رغم لجوئه إلى التصعيد، فآثر العودة إلى جلسائه بقلب خائب راجيا أن يتدخل الحشد من عقلاء الضيوف لتغيير قرار الابن العنيد.

وبعد أن عاد الابن أدراجه إلى مضربه وسط عيون محدقة وأخرى تختلس النظر من وراء ثقوب حصائر الخيام، أمر الجميع بإيقاف كل مظاهر الاحتفال ولمن شاء البقاء أو الانصراف إلى حال سبيله.

سادت جلَبَةٌ بين الحضور، بين عازم على الرحيل وداعٍ إلى التريث والصبر لعل الوقت يأتي بالجديد. وبعد ساعات طويلة لاحت في الأفق كوكبة من الرجال يحثون السير على بغالهم وحميرهم، فهرع أهل الدوار لاستقبالهم، ليجدوا أنهم من أقرباء العريس الذي غاب عن هذا الوفد ليتجنب أي اصطدام مع غريمه، ويتقدمهم جده ووالده. ترجلوا عن دوابهم التي ربطوها بما وصلت إليه أيديهم من أغصان الأشجار المتفرقة على أرض المدشر. فعيون العريس التي زرعها بالناحية هي من أوصلت إليه الخبر.

ولحكمة الجد طلب بأن يختلي بأخ العروس، فسحبه برفق من ذراعه إلى أن ابتعدا عن القوم بمسافة معتبرة. فأقعى الجد على الثرى بينما قرفص الشاب منكسا ناظريه استحياء لما أتى به من فعل استدعى كل هذا اللغط. ولخبرة الجد قرأ في سحنة الفتى ندمه فما كلمه عن فعلته، وإنما سأله عن ظروف عمله لدى الغرباء في منطقة متنائية عن الأهل. ودعاه للمكوث بالدوار على أن يتدخل لدى أعيان القبيلة ليجد له عملا يغنيه عن هجرته ويمكنه من بناء عش الزوجية، مؤكدا له على ضرورة الاستقرار قرب الوالدين الذين بلغا من الكبر عتيا سيحتاجان فيه إلى من يخفض لهما جناح الذل من الرحمة.

وبعد مدة رجعا إلى الأهل يتضاحكان، وهرع الفتى إلى معاونة والده الذي يجاهد في إدخال القطيع إلى زريبة مسيجة بأشواك السدر بعد أن عاد بها الابن الصغير من المرعى. وبذلك انتهت المحنة التي كادت تعصف بالقِران، وَوُزعت كؤوس الشاي على الجميع و اسْتعرَّتْ نار المراجل لطبخ العشاء. ولم يغادر أهل العريس خيام العروس إلا بعد أن انتصفت ليلتهم وأُكرمت وفادتهم واستُوْدِعوا على أمل اللقاء غدا .

يتبع...

-------------
هامش:

*علاليش : إن صحت كجمع للعلوش فهي المقابل العيني الذي يحصله الراعي المحترف من مستأجره، وهو عبارة عن عدة رؤوس من الضأن أو الماعز يتحدد عددها بناء على حجم القطيع.



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرس III
- العرس الجزء II
- العرس /الجزء II
- العرس
- تجارة موجهة في أغلبها إلى الأطفال
- صانع السفنج
- الجزء الأخير
- الجزء V
- فقيه القبيلة ، خياط للعامة
- الجزء III
- الوفاء للصامدين على رصيف الموقف*
- فقيه القبيلة
- إمام القبيلة
- وتتوالا حكايات الوفاء
- البحر ضريخه
- لقطات لا تنسى
- مقهى السي إدريس
- ولك أوفياء يا حفيد الذئب
- وتستمر حكايات الوفاء
- رتابة الرتابة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - العرس4