أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هالة طلعت - المدرسة من صباح الى ام محمد














المزيد.....

المدرسة من صباح الى ام محمد


هالة طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 14:29
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


عندما ذهبت الى المدرسة لاستلام العمل قادتني الى مكتب مدير المدرسة صباح تلك المرأة النحيفة التي تتحرك بدأب و نشاط في كل أرجاء المدرسة تمسح و تكنس و تلبي طلبات كل العاملين بالمدرسة دون كلل ,و عند أقتراب ميعاد الفسحة نختفي جميعا من مشهد الحياه لديها حيث تسرع الى الحجرة التي تضع بها ادوات عملها لتحمل طاولة كبيرة تضع عليها انواع من الحلوى و السندوتشات و تجلس في وسط الفناء المدرسي ليتجمهر حولها الطلبة للشراء .
صارعت صباح كل من سولت له نفسه أن يعمل معها في هذه المدرسة و كأنها تصرخ في وجه العالم( لن يقاسمني احد الفتات الذي اجمعه هنا )
صباح أرملة معدمة لا عائل لها ,علمت ابنها حتى تخرج من الجامعه ,كان يأتي ليساعدها في عملها احيانا بدون مقابل لتبقى وحيده بلا منازع في المدرسة , تعتبر صباح من العمال القلائل المعينين و لهم راتب ثابت لا علاقة له بميزانية المدرسة .
بعد عدد من السنوات إنتقلت الى مدرسة أكبر, عدد الفصول بها 45 فصل كثافة الفصل تصل في المتوسط من بين 65 الى 70 طالب مع العلم أن نفس هذه الاعداد تتكرر مرة أخرى في الفترة الثانية لان المدرسة فترتين, لايوجد بها سوى عامل واحد معين من قبل الادارة للمدرستين و حوالي خمسة من العاملات يعملن في المدرسة منذ ان وجدت بمكافئة شهرية من ميزانية المدرسة وصلت الى 100 جنية في هذه الايام ,تصرف لهن طوال العام و عندما تأتي الاجازة تبدأ المناورات لتخفيف عددهم لعدم وجود ضغط كبير من العمل في هذه الفترة .
كانت كبيرتهن ام أمل تحكي كثيرا عن ابنتها التي تخرجت من معهد التمريض و تزوجت و أصبح لها بيت الان و انها مازالت تعمل لتصرف على نفسها بعد أن أتمت رسالتها مع أبنتها و تشكي انها بعد كل هذا العمر مازالت تعمل بمكافأة و ليس لها معاش أو أي حقوق في هذه الوزارة .
يتجمعن العاملات في الفسحة لبيع الحلوى للطلبة و يدورن عليهم في الفصول و يتعاركن على تقسيم الادوار و المباني حتى لا تتعدى إحداهن على الاخرى , جميعهن بلا استثناء يعملن عصافير لادارة المدرسة فأرواحهن معلقة بكلمه من مدير المدرسة الذي يستقطع احيانا جزأمن الميزانية المدرسية ليعطي من يرضى عليه منهن نفحه مالية.
في نهاية العام الدراسي رأيت لاول مره مشهد لم أجد سوى الصمت كرد فعل له , جاءت الاستاذة الاخصائية الاجتماعية الى اللجنة التي كنت اراقب سير الامتحان بها تصحب معها أم أمل و قالت (يا أولاد أنتم عارفين أم أمل تعبت معاكم اد ايه السنة دي يلا كل واحد يطلع المبلغ الى يقدر عليه و يحطه في الكيس ده )و بدأت أم أمل في الدوران على الطلبه ليضعوا فيه ما يجودون به او لا يضعوا شئ ,(شحاذون) هذا هو العمل الاساسي للعاملات بهذه المدرسة والمدارس الاخرى!
انتقلت للعمل بالمدارس التجريبية التي بنيت حديثا لتستوعب جميع المراحل التعليمية بداية من الحضانه وصولا الى المرحلة الثانوية ,كثافة الفصول ليست كبيرة تتراوح ما بين 35 الى 40 طالب مقارنة بالمدارس الاخرى و في هذه المدارس لا يوجد عمال معينين لخدمة المدرسة , يوجد عدد من العمال و العاملات يعملنا بالمكافئة ,يتجمعن على باب المدرسة كخليه نحل حول اولياء الامور لتعطيهم هذه الام مبلغ في ايديهم لرعاية صغيرها او توصية احد المعلمين عليه و غيره من صور الشحاته المختلفة, تتزعمهم أم محمد التي ينطبق عليها المثل سبع صنايع و البخت ضايع ,تقودهم في حملات تنظيف المدرسة , تصل اولياء الامور بالمعلمين , تصور ورق الدروس , تقوم بتوصيله الى الطلبة مقابل نفحه ماليه بسيطه , تجلس على بابا المدرسة لبيع الحلوى , تحضر الخضار للمعلمين و احيانا تحضر الخضار و تجلس به امام باب المدرسة في نهاية اليوم الدراسي لتبيعه للعاملين و اولياء الامور, ارتفع المستوى المادي لها هي وزملائها عن العاملات بالمدراس الحكومية العامة فهم يحصلوا على 200 جنية شهريا .
عندما قامت الثورة و بدأت هوجت العقود التي فتحت ابواب العمل في المدارس أمام عدد لابأس به في هذه الفترة , ظلت أم محمد تصارع متزعمه كتيبة العمال بالمدرسة لكتابة عقود لهم مثل الاخرين و تم لها ما ارادت و كتبت العقود, منذ هذا الوقت لم تتقاضى راتبها هي و زملائها لان شئ لم يتغير فمازالت الاجابة بعدم وجود ميزانية بالوزارة لهم قائمه لم تنتهي .
تحمل أم محمد الان صندوق من الكرتون و تجلس بجوار السكرتيرة, تحكي مأساتها هي و زملائها لكل من يأتي ليصرف راتبه من العاملين بالمدرسة و ترجوه ان يضع جزء بسيطا من راتبه في الصندوق !



#هالة_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرسة فعالة أم سجن من ورق
- شم النسيم حرام !
- هل حقا الشارع لنا ؟
- أين ذهب بلوتو ؟
- تطوير التعليم حلم و لا علم
- نظام ثانوية عامة جديد
- رحلة الى مدينة العلوم!
- المدرسة بيئة محكمة
- صور


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هالة طلعت - المدرسة من صباح الى ام محمد