أنواع المنظمات الدولية

على حسن السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 00:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

- أهمية تقسيم المنظمات الدولية إلى أنواع أساسية متميزة :
أدى انتشار المنظمات الدولية وتزايد عددها واتساع مجال نشاطها يوما بعد يوم وما أقترنت به هذه الظاهرة من تنوع وتباين في أهدافها وطبيعة نظمها القانونية، إلى أن يحاول الفقة – لأسباب مدرسية بحتة – تقسيمها إلى عدد محدود من الأنواع تجمع بين ما يندرج تحت كل نوع منها خصائص قانونية أو واقعية مشتركة واضحة ومحددة.
وتتعد التقسيمات بداهة بتعدد الزوايا التي يمكن أن ينظر إلى المنظمة الدولية من خلالها، وسنكتفي في هذا المجال بعرض موجز لأهم ما قيل به في الفقه من تقسيمات ، وهي :
1- تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة الموضوعية لأهدافها إلى منظمات متخصصة Institutions specialisées – Specialized Agencies وأخرى عامة الأهداف Organisations générales.
2- تقسيم المنظمات الدولية بالنظر إلى نطاق العضوية فيها إلى منظمات دولية إقليمية regionales وأخرى ذات اتجاه عالمي de vocation universelle.
3- تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة القانونية لنشاطها إلى منظمات دولية قضائية، وأخرى إدارية، وثالثة ذات نشاط تشريعي أو شبيه بالتشريعي.

9- تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة الموضوعية لأهدافها إلى منظمات متخصصة، وأخرى عامة الأهداف.
معيار هذا التقسيم هو وحدة أو تعدد أهداف المنظمة الدولية، فإذا كانت المنظمة تقصر نشاطها على واحد فقط من مجالات التعاون الدولي بين أعضائها فهي منظمة متخصصة، وإذا كانت أهدافها متعددة تشمل بصورة عامة معظم أوجه التعاون الدولي بين أعضائها فهي منظمة عامة.
ومن أمثلة النوع الأخيرة عصبة الأمم (La Société des Nations- The league of Nations) والأمم المتحدة (les Nations Unies- The United Nations) ومنظمة الدول الأمريكية (Organisation des Etats Americains- Organisation of (La ligue Arabe-The Arab league) ومنظمة الوحدة الأفريقية (l Organisation de l unité Africaine- Organisation of African Unity)
أما المنظمات الدولية المتخصصة فكثيرة. ومن الممكن أن نقسمها بدورها حسب الطبيعة الموضوعية للهدف الذي تعسى إلى تحقيقه إلى :
1- منظمات دولية اقتصادية، وتشمل كل منظمة تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال ذى طبيعة اقتصادية أياً كان النطاق الجغرافي لنشاطها (عالمية كانت أو اقليمية) ومن أمثلة المنظمات الدولية ذات الطابع الاقتصادي، البنك الدولي للانشاء والتعمير . La Bangue Internationale pour la Reconstruction et le Developpement (BIRD) والصندوق النقد الدولي le Fonds Monétaire International والمشاركة الاقتصادية الأوروبية للفحم والصلب La Communauté Européenne de Charbon et de I Acier (CECA) والمشاركة الاقتصادية الأوروبية المسماة بالسوق الأوروبية المشتركة La Communauté Economique Européenne (CEE)
2- منظمات دولية علمية، وتشمل كل منظمة تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال علمي بحت مثل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية L organisation Météorologique Mondiale (OMM) والوكالة الدولية للطاقة الذريةce Internationale pour L Energie Atomique والمشاركة الأوروبية للطاقة الذرية La Communauté Européenne de I Energie Atomique (Euratom)
3- منظمات دولية أجتماعية، وتشمل كل منظمة دولية تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال اجتماعي أو انساني مثل منظمة العمل الدولية I Organisation Internationale du Travail (OIT) للتربية والعلم والثقافة I Organisation des Nations Unies pour I Education, la Science et la Culture (UNESCO)

4- منظمات دولية للمواصلات ، وتشمل كل منظمة دولية تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال المواصلات مثل منظمة الطيران المدني الدولي L Organisation de I Aviation Civile Internationale (OACI) واتحاد البريد العالمي l -union- postale Universelle (UPU) والاتحاد الدولي للمواصلات السلكية l -union- Internationale de Télécommunications.
ويرى بعض الفقهاء كذلك أنه من الممكن – من الناحية النظرية البحته – اعتبار الأحلاف العسكرية المنظمة منظمات دولية عسكرية متخصصة بشرط ألا يتسع مجال نشاطها فيشمل أهدافاً غير التعاون العسكري الصرف( ) والحق أننا لا نميل كثيراً إلى الاخذ بهذا الرأي. فبالرغم من وجاهته من الناحية النظرية البحتة إلا أنه يصعب عملاً أن يقتصر نشاط الأحلاف العسكرية المنظمة على التعاون العسكري البحث بين أعضائها ، إذ تحتم عليها اعتبارات الاستراتيجية الحديثة أن تمد من نطاق نشاطها ليشمل أيضاً التعاون في مجالات أخرى كثيرة سياسية أو أقتصادية أو علمية بل وثقافية في بعض الأحوال( ).

10- تقسيم المنظمات الدولية بالنظر إلى نطاق العضوية فيها إلى منظمات دولية وأخرى ذات أتجاه عالمي.
ويقصد بالمنظمة الدولية ذات الاتجاه العالمي تلك التي تقتضي طبيعة أهدافها تحديد شروط العضوية فيها على أساس عالمي يسمح بانضمام أية دولة من الدول إليها ما دامت هذه الدولة تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها ميثاق المنظمة والتي ترمى في العادة إلى التحقيق من أن الدولة طالبة الانضمام راغبة وقادرة على تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها ميثاق المنظمة( ). ومثال هذا النوع من المنظمات عصبة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة المختلفة المرتبطة اتفاقياً بهذه المنظمة الأخيرة.
ويقصد بالمنظمة الأقليمية على وجه العموم كل منظمة دولية لا تتجه بطبيعة أهدافها نحو العالمية وإنما يقتضى تحقيق الهدف من انشائها قصر عضويتها على طائفة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص يبرر تعاونها في سبيل تحقيق مصالح مشتركة لها.
هذا وبالرغم من أهمية الإقليمية كظاهرة من أبرز ظواهر التنظيم الدولية المعاصر، إلا أنها لاتزال في طليعة الاصطلاحات الدولية التي لم يتفقبعد على تحديد دقيق لمدلوها. ويتنازع تعريف الاقليمية على وجه العموم، ثلاثة اتجاهات أساسية سنعرض لها فيما يلي بايجاز لنحدد في النهاية المفهوم الذيترتضية( ).

(أ) المفهوم الجغرافي للاقليمية :
يشترط أصحاب هذا الاتجاه جميعاً لوصف المنظمة بالإقليمية قيام رابطة جغرافية واضحة تربط بين الدول الأعضاء فيها. ثم يختلفون بعد ذلك تحديد المقصود بهذه الرابطة الجغرافية، فيشترط البعض لزوماً توافر رابطة الجوار الجغرافي بين الدول أعضاء المنظمة، بينما يكتفي البعض الآخر بأن تحدد الدول أعضاء المنظمةالنطاق المكاني لتعاونها في سبيل تحقيق أهداف المنظمة باقليم جغرافي معين ولو لم تقم رابطة الجوار الجغرافي بين هذه الدول، بل ولو لم تتم جميعها إلى هذا الاقليم جغرافياً، كأن تتفق الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً مع بعض دول أقليم جنوب شرق آسيا على إنشاء منظمة دولية الهدف من وراء إنشائها هو الدفاع عن هذا الاقليم ضد أي عدوان محتمل. فمثل هذه المنظمة لا يمكن اعتبارها منظمة إقليمية بالمفهوم الجغرافي للاقليمية إذا ما أخذنا بالمعيار الأول الذي يعتبر الجوار الجغرافي معياراً للاقليمية، ولكنها منظمة اقليمية عند من يرون في تعلق أهداف المنظمة باقليم جغرافي معين معياراً للاقليمية.
(ب) المفهوم الحضاري للاقليمية :
لا يكتفي أنصار هذا الاتجاة بقيام رابطة الجوار الجغرافي بين الدول أعضاء المنظمة حتى توصف بالإقليمية، بل يشترطون للقول بثبوت هذا الوصف لها – علاوة على الجوار الجغرافي – توافر روابط أخرى ذات طابع حضاري مثل وحدة أو تقارب اللغة والثقافة والتاريخ والعنصر فضلاً عن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة. وقد عبر عن هذا الاتجاه تعبيراً صادقاً الوفد المصري في مؤتمر سان فرانسيسكو عندما اقترح تعريف المنظمات الأقليمية بأنها "الهيئات الدائمة التي تضم – في منطقة جغرافية معينة – عدداً من الدول تجمع بينها روابط التجاور والمصالح المشتركة والتقارب الثقافي واللغوي والتاريخي والروحي – وتتعاون جميعاً على حل ما قد ينشأ بينها من منازعات حلاً سلمياً، وعلى حفظ السلم والأمن في منطقتها وحماية مصالحها ، وتنمية علاقاتها الاقتصادية والثقافية"( )

(جـ) المفهوم الفني للاقليمية :
يصف أنصار هذا الأتجاه بالإقليمية كل منظمة دولية لا تتجه بطبيعتها نحو العالمية إذ تقتضي طبيعة أهدافها قصر نطاق العضوية فيها على فئة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص أياً كانت طبيعة هذا الرباط، جغرافياً كان أو حضارياً أو سياسياً أو أقتصادياً أو ثقافياً ... ، دائماً كان الرباط أو موقوتاً، ومن ثم يدخل في عموم المنظمة الأقليمية عند أصحاب هذا الاتجاه :
1- المنظمات الاقليمية عامة الأهداف القائمة على أساس من الجوار الجغرافي أو الأرتباط الحضاري بين أعضائها مثل جامعة الدول العربية ومنظمة الدول الأمريكية.
2- المنظمات الإقليمية المتخصصة المنشأة من أجل التعاون بين مجموعة معينة من الدول في سبيل تحقيق مصلحة مشتركة معينة أياً كانت طبيعة هذه المصلحة وسواء ارتبطت الدول الأعضاء بروابط جغرافية أو حضارية أو لم ترتبط. ومن أمثلة هذه الطائفة من المنظمات الاقليمية السوق الأوروبية المشتركة ومنظمة الدول المصدرة للبترول.
3- الأحلاف العسكرية القائمة على، أساس من المصلحة السياسية والعسكرية المشتركة الموقوته بظروف معينة، بين دول لا يشترط فيها الأرتباط الجغرافي أو الحضاري، إذا ما توافرت في الحلف عناصر المنظمة الدولية السابق الإشارة إليها (منظمة معاهدة شمال الأطلسي).
هذا وإذا كان لكل من الآراء السابق الاشارة إليها – ولا شك – وجهته، فان أقربها إلى الصواب في رأينا هو الرأي الثالث لما يتميز من وضوح وانضباط يفتقدهما أي الثاني، ولما يمتاز به من مرونة في التطبيق يفتقدها المفهوم الجغرافي الضيق لفكرة الإقليمية. والواقع أن تطبيق أحد المعيارين الأول أو الثاني من شأنه استبعاد منظمة مثل منظمة الدول المصدرة للبترول من عداد المنظمات الإقليمية بالرغم من أنها بلا شك ليست بالمنظمة العالمية أو المتجهة نحو العالمية، الأمر الذي يتضح منه عقم المعيارين ومرونة المعيار الثالث الذي يشمل في الواقع من المنظمات كل ما لا يدخل في عداد تلك المتجهة نحو العالمية. والواقع أننا ما دمنا في مجال سياسي أو قانوني فمن غير المناسب عندنا استخدام أفكار جغرافية أو حضارية ما دام من الممكن الأتجاه إلى معيار قانوني ذي طابع سياسي مثل المعيار الثالث السابق الاشارة إليه.

11- تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة القانونية لنشاطها إلى منظمات دولية قضائية وأخرى إدارية وثالثة ذات نشاط تشريعي أو شبيه بالتشريعي( ).
ويقصد بالنوع الأول المنظمات الدولية التي لا تختص إلا بالفصل في المنازعات الدولية ذات الطبيعة القانونية (المحكمة الدائمة للعدل الدولي ومحكمة العدل الدولية)، ويقصد بالنوع الثاني تلك المنظمات التي ينصرف نشاطها إلى إدارة مرفق عام دولي معين (اتحاد البريد العالمي) أما النوع الثالث فتنحصر مهمته في "السعي إلى توحيد القواعد القانونية المتبعة بشأن علاقة دولية معينة"( ) (منظمة العمل الدولية).
وبالرغم من طرافة هذا التقسيم من الناحية الفقهية ، إلا أنه من الصعب عملاً تطبيقة تطبيقاً واقعياً، إذ أن أغلب المنظمات تجمع في نشاطها الواقعي بين أثنين أو أكثر من هذه الاختصاصات بل قد يجمع بعضها بين الاختصاص القضائي والتنفيذي والتشريعي مثل المشاركات الأوروبية التي أنشأتها دول أوروبا الغربية الست. هذا فضلاً عن أنه قد يكون من الصعب أحياناً تكييف ما تقوم به المنظمة من نشاط

#على_حسن_السعدنى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات