أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - القلب الطيب















المزيد.....

القلب الطيب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4109 - 2013 / 5 / 31 - 09:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بأن وجودي بين الناس صار قَرِفا جدا فلم يعد لأمثالي أي حاجة وأصبحت مملا لأنني موده (موضه) قديمة جدا,حتى الأهل والأصحاب والأصدقاء صاروا يشعرون بالقرف كلما خطرت على بالهم فالكل يشمئز من الحديث عني,ومرة قال لي أحدهم:أنت لست عملة قديمة نادرة بل عملة قديمة مقرفة جدا وأمثالك يبالغون في الطيبة وأنت لست طيبا بل أهبلا ومعتوها ما زلت تظن نفسك بأنك تعيش في زمن الفرسان وتصارع طواحين الهواء مثل دون كيشوت.
أذكرُ أيام زمان كيف كانت تقريبا كل الناس بحاجتي وإذا جئنا إلى الحقيقة فهم لم يكونوا بحاجة لي أنا شخصيا بل كانوا تقريبا بحاجة إلى طبعي وخُلقي وقلبي الطيب,ولم يكن يمضي عليَّ أي يوم أو أي شهرٍ إلا وأجد رجلا يطرق بابي مسترسلا بالكلام طالبا مني العون على ظروف الزمان ومستنجدا بعاطفتي وبطيبتي ولم أكن أعرض نفسي على الناس ليعرفوا صدقي وطيبتي بل كانوا هم يعرفونها وحدهم ويستشعرونها عن قُرب وعن بُعدْ, ولكن ما الذي جرى اليوم؟هل الناس تغيروا أم أنا الذي تغير؟هل تحول الناسُ إلى أشرار أم تحولت أنا شخصيا إلى رجلٍ شرير؟ إنني محتارٌ جدا ولا أستطيع مباشرة أن أتهم الناس بأنهم تغيروا وبنفس الوقت أنا على اطلاعٍ تام بهذه الدنيا وأعرفُ أيضا بأنني لم أتغير ولم أتبدل,بل الدنيا والناس هم الذين تغيروا لذلك لم يعد المتغيرون من الناس وهم كثر بحاجةٍ إليّ أنا شخصيا لقد مات كل الطيبين ولم يبقَ أحد نتأسف على موته وكنا قبل ربعِ قرنٍ من الزمان نتأسف على موت الطيبين كثيرا أما اليوم فكل الناس تموت وأعدادهم بالملايين ومن النادر أن نتأسف على موت أحدهم لأنهم أصبحوا أشرارا لا يطاقون,لذلك أنا لا يحتاجني الناس في أي شيء لأنني كما يقول المثل(دقه قديمه) أكل الدهر عليه وشرب وأيضا موديل قديم وليس لي في هذا الوقت وبالذات قِطع غيار ولأن الطيبة لم تعد مطلوبة والأمانة لم تعد مطلوبة والصدق لم يعد مطلوبا وكل الناس يبحثون عن الأشرار للتعامل معهم خصوصا الغشاشون الذين يعتبرون بأن الغش شطارة .

أما اليوم فلم يعد الناس كما كانوا قبل 25 خمسٍ وعشرين سنة فلم يعد الناس يبحثون عني كما كانوا في الماضي ولم تعد الناس تستشعر وجودي عن بُعد ولم يعد الناس بحاجة إلى القلب الطيب والإنسان الطيب,أنا وأنت يا صديقي لم يعد لنا في هذا الكون من مكان ولم تعد الناس بحاجة إلينا لأننا طيبون جدا زيادة عن اللازم ,إننا لا نستحق في هذى اليوم أي جملة من جُمل الإطراء والقلب الأبيض لم يعد مرغوبا من قبل الناس ولم يعد لكل أصحاب القلوب البيضاء أي حاجة فلا أحد يحتاج قلبك إذا كان أبيضا واليوم كل الناس تبحث عن أصحاب القلوب السوداء أو الزرقاء أما القلوب البيضاء فمكانها في مزابل التاريخ ودوائر النسيان,إنها علامة فارقة بينك وبين هذه الدنيا التي تتطور للأسوأ.
أنظر كيف تغيرت الناس..أنظر كيف تغير الزمان وتغير المكان...أنظر كيف انقلب الليلُ على النهار والصيف على الشتاء..أنظر كيف تحولت كل أنظار الناس عنك وذهبت للاشرار...أنظر كيف بدلت الدنيا الناس الغزلان بأناس مثل القرود...أنظر كيف صارت الأرضُ تميدُ بي وكيف صارت الجبال تميلُ بي...أنظر إلى داخل قلبي الطيب ولا تستغرب من طيبته ولا تتعجب منه وكيف ما زال محافظا على طيبته رغم أن كل الناس تغيرت وتبدلت....من أين جاء هؤلاء الناس؟وكيف ظهر هؤلاء فجأة على أرض الواقع..أنظر كيف استوطن الأغراب في قلب حبيبة روحك وقلبك...أنظر للدنيا كيف تغيرت فيها كل المعادلات الرياضية وكيف نزل بعض الناس من فوق إلى تحت ومن تحت إلى فوق وأنت ما زلت في مكانك لم تبارحه منذ ليلة الأمس التي مضى عليها عشرات السنين...أنظر إلى كل الناس كيف تغيرت طيبتهم وكيف تغيرت طبائعهم وتنازلوا عن طيبتهم وحسن خلقهم...أنظر إلى الدنيا كلها من أولها لآخرها كيف تموت فيها أناس وتحيى فيها أناس ويولد فيها المزيدُ من الناس..أنظر إلى كل شيء من حولك ألا تلاحظ بأن أشعة الشمس تغيرت وبأن حرارة الشمس قد ازدادت ارتفاعا منذ بداية هذا الشهر..أنظر كيف تبدلت الفصول وكيف تغيرت رائحة الزهور وكيف سقط بعض الناس من أعلى إلى أسفل وكيف صعد الزعران والحرامية واللصوص من أسفل إلى أعلى.

هذه الدنيا في هذا الوقت بالذات لم تعد قادرة على إبقاء الطيبين فيها على حالهم فهي تحاول سحبهم إلى مواقع الشر وتسعى إلى ذلك جاهدة وإذا تعذر عليها تحويلهم من أخيار إلى أشرار نجدها تسحقهم سحقا وتنفيهم عن أرض الوجود..أنظر إلى وجه الزمان قبل أن تنظر في وجهي...وطالع الكتب قبل أن تطالع في نجمي...أنظر إلى تلك المدن الكبيرة والعريضة والغارقة في القِدم كيف لم يعد فيها لأمثالي أي وجودٍ وانظر إليها كيف تعطي كل الناس وكيف تستقطب كل الناس وهم بالألوف وانظر إلى هذه المشكلة وحاول أن تستغرب كيف بهذه المدن القدرة على إطعام كل الناس من طعامها إلا أنا غير قادرةٍ على إطعامي أو إشباعي أو أن تسعدني!!كيف بهذه المدينة تسعد الناس وبنفس الوقت غير قادرة على إسعادي!! إنني فعلا إنسان قديم وكما يقال(دقه قديمه) لم يعد لأمثالي أي وجود.

أمثالي وأمثالك من الناس لا يوجد لهم في هذه الدنيا مكان...أمثالي من الناس أصبحوا غرباء عن هذه الحياة ولا يصدق الناس أننا أنا وأنت طيبون إلى هذى الحد ورائعون إلى هذا الحد ومساكين ودراويش إلى هذا الحد..أنظر كيف لم يعد لأمثالنا أي وجود وكيف لم يعد لنا حاجة فمن النادر 100% أن يحتاجني أي شخص أو أن يحتاجك جيرانك لأنك مثلي ذهب كل الذين على شاكلتنا ومن المستحيل أن نجد لنا شبيها في هذى الزمان..أنظر إلى كل الناس كيف تخلوا عنا وكيف لم يعد لنا في هذه الدنيا أي مكان وكيف لم يعد لنا شبهٌ في هذه الدنيا...إنها الكارثة بعينها التي انصبت على رؤوسنا وكلما ازددنا أنا وأنت طيبة كلما ازددنا ألما وكلما ازددنا وعيا كلما زاد خوفنا من هذه الحياة...بعض الناس لا يدركون حجم المخاطر التي تحيط بهم من كل الاتجاهات وبعض الناس مثلي يدركون هذه المخاطر لذلك هم يتألمون ويزداد خوفهم من هذه الدنيا المظلمة...نحن لم يعد لنا في هذه الدنيا أي مكان هذه الدنيا من المستحيل أن تستقبل الصادقين والأبرياء لأنها لم تعد تستقبل إلا أولاد الحرام...فحرامٌ عليك يا دنيا أن تزجيني في السجن أو في القبر أو أن تلعنني في الظلام مليون مرة ومره.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجودي وعدمه واحد
- الإسلام دخل الجامعات وأفسدها
- المسيحيون في الأردن
- المسيحية طريقة حياة
- المسيحية في عالم آخر
- غرائب المثقفين1
- هل أمريكيا دولة عظمى؟
- عيد ميلادي 2
- الابيقورية
- إسرائيل ليست مزحة
- الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت
- المشاعر والأحاسيس من وجهة نظر رواقية
- درس من الإنجيل
- الغنوصية
- الاستثمار في الإنسان
- الحلاج الفقير الذي تكرهه الناس
- الحج عن المعضوب
- مبروك...مبروكه ..وطقومة قزاز
- سلمان المُحمدي
- الأفكار الكبيرة تبدأ من بذرة صغيرة


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - القلب الطيب