أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة جرو - يوميات حافلة : عنوان اليوم / الدعاء المستجاب















المزيد.....

يوميات حافلة : عنوان اليوم / الدعاء المستجاب


عائشة جرو

الحوار المتمدن-العدد: 4109 - 2013 / 5 / 31 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


طنجة ..الرشيدية...الرشيدية... طنجة ..ورزازات.. ... طنجة.زاكورة... طنجة كازا. طنجة..الرباط.
... قنيطرة مع.لوت وروت...يالله الالالا...ياللله ياسيدي... " فين غادي " تتسابق سحنات متعبة أخاديدها بائسة، لحمل الأمتعة.. معددة مزايا شركة النقل هذه عن تلك... مسرح متنقل للمشاجرات والمشاحنات، ،والمسافر متفرج تارة، مشارك أخرى .محطة طنجة خلية بدون نحل..لا تكل الأزيز.. حلقة كل المفقودين. والمقصيين..المنفيين،المهربين قسرا الى أقاصي العرق الممزوج بالحنين الممرغ في السراب . الهاربين من أمكنة مستيقظة التفاصيل فيهم. المحطة تتوسط المدينة الغافية،على وعدين محروقين بالضباب، تطل عبر صناديقها الصغيرة البيضاء، العالية المتعالية المتناسلة كل يوم، تمسح عن جبهتها كل صباح أوساخ الاموال المبيضة ،تقضم كل صباح شجرة ريانة ،على أيكها الاخضر تواعدت أغنيات العشاق،وعزف لهم الهزار، أخر ألحانه. او تبيد حديقة ،عن أخرها،ولا تأبه لأنين الوردة المغتالة المتشنجة وريقاتها الحمراء، البرتقالية ،الصفراء... تحت جبروت الجرافات والاسمنت،والغبار الذي لا ينزاح لحظة لتأمل المشهد الأخير من فصل تقبيل الشمس للغمام الأزرق . تلتبس على وجنتيها غيوم وفواجع بيضاء ، تنأى بالعيون بعيدا، كلما اقتربت منها النظرات، عصية كدمع عنيد احيانا ، سلسلة لينة ومغناج كمنسية على ارصف الاحتراق أحيانا .
حول الحافلة أليومية يتمسح بعض المسافرين بها ، شفاههم تتلو تتمتم طلاسم، كأنها ولي صالح، أو ضريح. قبل الصعود وأثناء الصعود،وعند الجلوس والنزول...شاي لله سيدي الكار..يا موصل لغريب...وملاقي لحبيب بلحبيب...وقاضي حاجة لبعيد ولقريب...ومزوج لعزري ولعزبا.. ولهاربة من ثلج دوارها .وموصل لمريض لسبيطارات بعيدة..والمسكين والهجالة.. لا دارات الرباط هاز شلا وراق و حامل هم الطالب والتلميذ.
ما أن تصعد الحافلة بعد لأي يومي، وجدال حول ثمن التذكرة الذي يتلون كل يوم بلون، حتى يتعاقب المتسولون والمتسولات بكل ألوانهم-هن وأشكالهم -هن ،متقمصين كل يوم شخصية ، وربما لعبوا ذات الشخصية ، في كل مره مع حفظ عن ظهر قلب للدور مشهد اعتاده المسافرون-المشاهدون يتأففون أحيانا ، وأحيانا أخرى يتعاطفون فيمدون أيديهم إلى جيوبهم ، صيدليات متنقلة ، سلاسل صفراء مشتبه فيها وفي بائعيها ، ساندويتشات جاهزة حتى الدين يباع ، خمس دراهم لكتيبات الدعاء ألمستجاب ، فقط خمس دراهم ويستجاب دعاؤك كيفما كان . كتيب تأملته شابة ثلاثينية محجبة ، وتنهدت،أغمضت عينيها وسافرت. دون أن تتحرك الحافلة بالمسافرين قيد أنملة..أخذه شاب يرتدي ملابس متناسقة الالوان وقد حرص على أن تظهر علامة الماركة عليها ، من أخمص حذائه حتى جيل شعره. مع ترك بعض الشعيرات الناتئة المتفرقة على ذقنه .حاجباه مسرحتان بدقة وعناية ، وتلت شفتاه طلاسم وترك الكتيب جانبا . تلقفت الكتيب فتاة يافعة تضع سماعتين في اذنيها تصفحته وهي تدندن بموسيقى ترقص لها كل ذرة في جسمها الغض ، تفرغ منه بسرعة تلقيه في كيس بلاستيكي وتتفرغ لعالمها البعيد .عشرة دراهم لكتب دنية أخرى حول حصن المسلم وحجاب المسلمة ، وتعج الحافلة بالباعة المتجولين حتى تحسب نفسك في جامع لفنا ، وقد تحلق حولك لحلايقية ومروضو الثعابين،والقردة،والعقول ،أ و في سرك و رغم ان المسافة التي تفصل أصيلة وطنجة قصيرة جدا ولا تتعدى الساعة اذ هي المدينة ألاقرب إلى طنجة ، الا أن الرحلة قد تستغرق مساحة زمنية أطول. وقد يصل المسافر إلى أبعد نقطة أسرع من ذاك المسافر إلى أصيلا. عمال-ت فلاحين-ت،تلاميذ-ت وطلبة-ت وجوه اعتادت نفس الوجوه، فتنشأ الألفة ، الحب وينشأ النفور، وتنشب المعارك العلنية المبهرة بالسباب واللعان والكلام البذيء ،الذي يشنف سمعك ، تتذمر تستاء ثم تعتاد..ثم المعارك الخفية. تحضر النقاشات والتحاليل السياسية،المستفيضة ،يلتقي بائع الشكولاتة وبائع الأدعية في حديث ذو شجون عن إيجار البيت ، والماء والكهرباء ومصاريف الأولاد والسكر والزيت الذي يعرف ارتفاعا صاروخيا، وضيق ذات اليد.. وا دايرة الحركة عندك هاد ليام" يخاطب ا بائع الشكولا بائع الأدعية ممازحا ...وعطاتكم ليام الفقيه ...اودي غير خليها على الله تا واحد ممسالي لادعية الصباح والمساء " كل واحد مشغول فهمومه ومشاكله.حتى واحد ما خصو دابا الدعاء انا لي خصني شي دعوة تخلصلي الدين و تجود علي بشي وظيفة. أجاب ممتعظا وهو يجمع الكتيبات الموزعة على المسافرين-ت المنهكين-ت وقد ارتسمت على وجوههم-ن علامات التعب والشقاء والسخط ...يبسمل رجل مسن ويحوقل ثم يلعن السائق ويصرخ انا رجل مريض أريد تناول الدواء فمتى تتحرك,,ثم يستدير نحو بائع الدعاء المستجاب، ويقول لو أن هذا الذي يبيع التذاكر لم يسرق منى خمس دراهم،
لاشتريت منك الدعاء لكن "هاد السراق سرقوا لي رزقي وأنا كنجي غي نداوا فطنجة هايدا كيجازيو لي حاربو على هاد بلاد. انا مقاوم وكيسرقوني" ويجيبه بائع الدعاء المستجاب : ماشي مشكل الحاج ياك أنتينا ماشي ماجي خذ لكتيب ولمرة لماجا جيب لي خمسة دراهم أخذ المسن الكتيب، واضعا اياه في جيب جلبابه الايسر، جهة القلب واضعا يده عليه فيما ذكرته امرأة بجواره يبدو انها زوجته. انه امي ولامته على تبديده معاشه، هكذا وهو لا يجد ثمن الدواء فنهرها صارخا. كيف تمنع عنه كلام الله المستجاب، " بلحق اش غنقولك ما انتينا غير امرا ناقصة كما قال الله تعالى فلعقل والدبن"، كثر اللغط وصراخ الاطفال. واختارت شابة وشاب الجلوس منفردين في اخر الحافلة ، وكانت كل مرة تدور الرؤوس والعيون، لترشقهما بوابل من النظرات،اما العجوز فكان يقذف الشاب بركام حقد . قالت له وهي تتفحص الكتيب بين أناملها:-" تصور لو ان هذا الكتيب كان حول ميادىء أوليه في القراءة والكتابة ويوزع مجانا في هكذا حافلات / فأجابها مبتسما :" كا نت معضلة الأمية قد حلت في بلادنا وأردفت في كل حافلة توزع النسخ,
هو_" كم انت شريرة"
هي_ "انا شريرة لم؟"
هو _"مساكين باعة الأدعية المستجابة ماذا سيكون مصيرهم؟ "
هي_ "اه فهمت قالت وضحكا معا"
أو كانت تثقيفية في الصحة أو في التعريف بالحقوق أضافت الشابة
هو_ ماذا لو وزعت أشعارا وكتبا حمراء؟"
ضحكت ثانية وسألته " لم لا؟ ألا ترى آنها ألأنسب والأحسن من هكذا نماذج"
ولم لا تكون كتيبات عن البيئة؟ أو ملخصات لدروس تفيد التلاميذ؟ لو أنها حلول لتمارين رياضية أو فيزيائية
هو _" كيف سيقرؤون هذه الكتب كيف سيمحون الأمية والأغلبية أميون ؟ "!
_هي"كما يقرؤون هذه الكتب ويقبلون عليها هكذا" ولم تترك الدولة هذه الكتب تباع هكذا ؟ الا تشجع بذلك الارهاب وعقلية القطيع ؟ وتحول دون التفكير النقدي العقلاني الذي به الانسانية تتطور؟
هو_تلك أدعية مستجابة دعاء الفجر وقبله وبعده وعند دخول الحمام وعند قضاء الحاجة والخروج من الحمام عند النوم وأثناء النوم وفي الأحلام واليقظة،وعند تقبيل الزوج للزوجة،وعند بداية نكاحه لها،وأثناء وطئه لها،وحين القذف سواء أكان مبكرا،أو عاديا،ولا ينسى الدعاء عند ضربها في المضجع . والسعال و عند الأكل والتجشؤ والوقوف والجلوس والخروج والدخول والسفر والاسفر ..في السكنات والتحركات ...
هي_اه أنت تبالغ ليس إلى هذه الدرجة
تأملي الأدعية انظري
هو_ على الإنسان أن يكون عاطلا او متفرغا
هي_ بل عليه أن يعطل اي تفكير في أي شيء أخره
هو_ ما دام كل حركة وكل رمشه عليه أن يتلو الدعاء المستجاب
الكل وكل شيء معطل وعاطل
هي_ احقا هو مستجاب؟
الا ترين فعلا مستجاب تأملي الحافلة والركاب والبلد فعلا مستجاب
هي_ لو حاولنا توزيع كتب عن كيفية تعلم القراءة والكتابة أو لغة ما أو عن مواد وبنود حقوق الإنسان
هو _سيكون دعوة مستجابة في احد مخافر الشرطة.


عائشة جرو أصيلة : 21|2-2012



#عائشة_جرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبلات مغتالة
- احتمالات الارجل المبتورة
- على قيد الكتابة
- مأساة أمينة بين مطرقة التقاليد الذكورية وسندان القوانين الرج ...
- الوعد الأخير الى روح الشهيدة سعيدة المنبهي
- محل للاعراب
- طعم الصباح
- المرأة في الربيع الديمقراطي
- فدويى العروي شهيدة العنف الطبقي
- صباحات معتادة
- عابر كلام
- البرتقالي
- رقصة الجسد المذبوح
- المرحوم
- نوارة
- قصيدة عندما لاذ العشق بالمجيء
- ميدان الأحرار
- مسحوق الظلام


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عائشة جرو - يوميات حافلة : عنوان اليوم / الدعاء المستجاب