أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الفرنسي – البداية















المزيد.....

الفن الفرنسي – البداية


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 19:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



في القرن السادس عشر، تمتعت إيطاليا وألمانيا بالعصر الذهبي للرسم. في القرن السابع عشر، إسبانيا كان لديها "فيلازكويز" و"موريللو".
في القرن الثامن عشر، انحدر الفن في كل هذه البلدان، فيما عدا إنجلترا. فقد اشتهرت بفن البورتريهات والمناظر الطبيعية. أما فرنسا، فقد انتظرت حتى القرن التاسع عشر، لكي تصبح رائدة من رواد فن الرسم.

منذ القدم وإلى الآن، تشتهر فرنسا بروح الفن والتذوق الراقي. نرى ذلك في موضة الملابس وديكور المنازل. حتى في القرن الرابع الميلادي، كان أغنياء بلاد الغال يلبسون حللا مزينة بالمناظر الطبيعية والحيوانات. أثواب رجال الدين، كانت منقوشة بمناظر وقصص دينية.

شارلمان، في القرن التاسع، لولا انشغاله بالمعارك الحربية، لفعل الكثير من أجل الفن في امبراطوريته. ومع ذلك، نجده قد أمر بتزيين قصره وكاثيدرائيته بالأعمال الفنية.

يقال أنه هو الذي أمر بتغطية جدران كل الكنائس بالصور الدينية، حتى يستطيع كل من لا يقدر على القراءة أن يفهم قصص الكتاب المقدس.

ظلت حيطان الكنائس والكاثيدرائيات تملؤها الرسوم إلى أن جاءت الهندسة المعمارية القوطية، لكي تملأ أيضا زجاج النوافذ بالألون التي تحكي القصص المقدسة.

هذه النوافذ، كانت تمنح كهبات للكنيسة أو الكاثيدرائية. الجزء العلوي منها، يحكي قصة من الكتاب المقدس، والجزء السفلي يصور الواهب العاطي، أي الشخص المتبرع، وهو في حالة ركوع وخشوع. التباين بين المنظرين واضح للعيان.

في فرنسا، وأيضا في بلاد أخرى، كان رهبان العصور الوسطى، يقومون برسوم ونقوش الكتب المقدسة وكتب الصلاة. أخشاب الأثاث، كانت أيضا محفورة بصور القديسين والملائكة.

الملك رينيه الطيب، دوق أنجو، الذي عاش في القرن الخامس عشر، كان يقوم برسم طائر بري، عندما علم بفقده مملكته في نابلس. لم يقل شيئا، واستمر في رسم الطائر. وكأن الانخراط في الفن، هو البلسم الشافي للأحزان.

القرن السادس عشر، يسمى "عصر النهضة". أو عصر إحياء الفنون،
بقيادة فرانسيس الأول، ملك السادة المحترمين، كما كان يوصف. رسام بلاطه، هو "كلوت"، الذي لا تزال بورتريهاته، الخاصة بالملوك والملكات، تشاهد في معارض باريس إلى اليوم.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/73/Francis1-1.jpg

الفن الإيطالي، جذب الملك فرانسيس الأول، فقام باستدعاء الفنانين الإيطاليين لكي يرسموا جدران قصره المنيف في فونتينبلو، ولكي ينشئوا هناك مدرسة للفنون.

بدأ أيضا، فرانسيس الأول، في جمع اللوحات الفنية العالمية. 7 لوحات لرفائيل، 4 لوحات ليوناردو دافنشي. ولأنه لم يستطع نقل لوحة العشاء الأخير، من فلورانسا إلى فونتينبلو، قام باستدعاء ليوناردو دافنشي نفسه، واحتفظ به حتى وفاته.

في بداية القرن السابع عشر، انتشر الفن، وأصبح الآن موضةالعصر. الملك لويس الثالث عشر ونبلائه، كانوا يأخذون دروسا في فن الرسم من رسام البلاط "فويت".

بدأت مدينة باريس تنمو في الحجم وتصبح أكثر جمالا يوما بعد يوم. في عصر الملك لويس الثالث عشر، قامت الملكة الأم، ماري دي ماديسي، باستدعاء الرسام الفنلندي روبينز لكي يرسم جدران قصر لوكسمبورج.

ثم جاء بعد ذلك لويس الرابع عشر، العاهل العظيم، للفنون والآداب، وبطل الحرب. رجل الدولة، لابرون، كان مهندسا ونحاتا ورساما. وإلى جانب ذلك، كان يعرف كيف ينافق الملك لكي يحتفظ بوظيفته.

قام الملك بتعيين لابرون مديرا لورشة الفنون، التي تقوم بتصميم وتصنيع الأقمشة والأثاث والمجوهرات والمزايكو والتماثيل البرنزية. وكان لابرون يقوم بتصميم النماذج بنفسه، أو الموافقة عليها إذا كانت من تصميم غيره.

بسبب تأثير لابرون، قام لويس الرابع عشر عام 1648م بتأثيث الأكاديمية الفرنسية للفنون التشكيلية. وقام لابرون أيضا بالإشراف على عمل ديكورات قصر لويس الرابع عشر، قصر فيرساي الرائع. الكثير من اللوحات، كان يتم إضافتها إلى المجموعة الملكية، بأي ثمن. مما جعل أحد السيدات تقول: "أنا أشفق على المملكة".

لويس الرابع عشر، رسم لابرون.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/4/40/Louis-xiv-lebrunl.jpg

كان لويس الرابع عشر يقضي الساعات يراقب الرسام "شارلز ليبرون" في مرسمه. كان منبهرا بفن ليبرون وتكويناته الفنية. كان يعتبره أعظم الفنانين الفرنسيين قاطبة. كان فنه هو المهيمن على الفن الفرنسي في القرن السابع عشر.

مستشار فرنسي، رسم ليبرون.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/a/ae/Charles_Le_Brun_002.jpg

كره الفرنسيون الحكم الديكتاتوري للملك لويس الرابع عشر، وفقد ليبرون اهتمام الفرنسيين وحبهم مع مرور الزمن. فتقاعد في جابلين ومات هناك.

الفرنسيون كانوا محبين لرسوم المناظر الطبيعية أكثر من الإنجليز. لأن طبيعة الشعب الفرنسي، محب للتجديد وتتبع الموضة.

الرسام بوسين، ولد عام 1594م. من عائلة نبيلة، ولكنها فقيرة. بعد معاناة ومتاعب كثيرة، جنح إلى روما. هناك أصبح رساما مشهورا. كان يرسم المناظر الطبيعية، لا من مشهد واحد، ولكن من عدة مشاهدة مجتمعة.
http://www.toutceciestmagnifique.com/2010/03/poussin.html

في بعض الأحيان يضع في اللوحة بعض الأشكال الكلاسيكية والأحداث التاريخية أو الأسطورية. أشكاله لا حياة فيها، تشبه التماثيل اليونانية المتحركة. أسلوبه يسمى "البوسينية". كونه مثقف، يتضح من المواضيع التي يختارها للوحاته.

الرقص مع موسيقى الزمن.
http://www.wikipaintings.org/en/nicolas-poussin/dance-to-the-music-of-time-1634#supersized-artistPaintings-189861

بينما كان يعيش بوسين في روما، سمع عنه الملك لويس الثالث عشر. فرجاه أن يأتي لكي يعمل عنده في باريس. خصص له راتبا كبيرا، وشقة سكنية في متحف اللوفر، وكل شئ كان معدا عند وصوله، حتى زجاجات النبيذ المعتق.

أنشأ بوسين في باريس مدرسة للفنون الجميلة، التي أصبحت منذ ذلك التاريخ أحد مدارس الفنون المشهورة. حاول كسب رضاء البلاط، ولكنه كان يحب حياة البساطة.

لم تستهويه حياة الترف والبذخ في القصور التي يصاحبها عادة، الدسائس والمؤامرات. (فيلم الفرسان الثلاثة عن قصة الكساندر ديماس الكبير، تصور هذه الحياة في عصر الملك لويس الثالث عشر)

ترك بوسين باريس بحجة ذهابه إلى إيطاليا لكي يحضر زوجته، لكنه لم يعد، ولم تفلح محاولات إرجاعه إلى باريس. آخر سنواته وأسعدها، قضاها في روما.

في أحد الأمسيات، بينما كان بوسين في روما، زاره أحد الكرادلة. أثاء خروج الكاردينال، وبينما كان بوسين ينير له الطريق إلى الباب، قال الضيف: "أنا أشفق عليك، سيد بوسين. لأنك ليس لديك خادم واحد". أجابه بوسين: "وأنا أشفق عليك يا نيافة الكاردينال، لأنك لديك الكثير منهم".

توجد لوحات بوسين في العديد من المعارض. ربما تكون لوحة الطوفان هي أشهرها.
http://itineraireiconographique.files.wordpress.com/2012/04/image.jpg

كلود لورين، الذي ولد عام 1600م، عاش هو أيضا بعض الوقت في روما. في الأصل، كان ريفيا بسيطا، يحب النظر إلى اللوحات الفنية. يقال أنه كان يعد لكي يكون حلواني.

لكنه فصل من عمله، لأنه أضاع فطيرة كان يحملها إلى منزله، فسرقت منه، عندما كان يتفرج على لوحات فنية في فاترينة أحد المحلات. لم يكن على اتصال بغيره من الفنانين في عصره.

إلا أنه، مثل بوسين، ذهب إلى روما. هناك عمل خادما في منزل الرسام "تاسي". اهتم تاسي به عندما وجد عنده ملكة التذوق الفني. فقام بتدريبه على الرسم. لكن أحسن مدرس، وهب حياته لخدمته، هو الطبيعة.

كان كلود، يستيقظ قبل شروق الشمس، ويمضي طول النهار في الخلاء، يتأمل حجرا بعينه أو شجرة وحيدة. يدرس تغير الألوان والظلال المنعكسة من سطحها أو أوراقها، في ساعات النهار مختلفة.

مثل بوسين، لا يرسم من مشهد واحد إلا في النادر. ولكنه يجمع بين مشاهد مختلفة في لوحة واحدة. لوحاته تتميز بمساحة واسعة في مقدمة الصورة، تمتد مسافات كبيرة، وغالبا يضع مبنى على أحد الجانبين.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/b/b4/Claude_Lorrain_014.jpg

موضوعات لوحاته، من الأساطير والشعر اللاتيني، ومن الإنجيل وكتب التاريخ. لكن معناها غامض بعض الشئ، والأشكال صغيرة وساكنة. لم يكن يستطيع أن يرسمها جيدا بنفسه، فكان يكلف بها فنانين آخرين. وكان يقول، أنا أبيع المناظر الطبيعية، أما الأشكال، فأهبها مجانا.

لكن، معالجته للأبعاد المنظورية (البعد الثالث)، ليست لها مثيل. راسكين، الناقد الفني المشهور، والذي لم يكن معجبا بفن كلود، قال عنه أنه أول من وضع الشمس في السماء.

له سحر خاص، عندما يستخدم الألوان الدافئة لكي يعبر عن وهج الضوء الذي يغمر التلال والوديان والبحار في لوحاته. حتى اسمه "كلود"، يدل على المناظر الطبيعية المشرقة.

لوحاته وجدت الإعجاب في كل مكان، وكانت تباع في إسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. كانت لديه لوحة، لم يستطع بيعها. وبالرغم من ذلك، وعد البابا أوربان الثامن بتغطيتها بالذهب ثمنا لها. وبذلك، يصبح الريفي الفقير، الآن رجلا ثريا.

إبحار القديسة أورسولا.
http://www.wikipaintings.org/en/claude-lorrain/seaport-with-the-embarkation-of-st-ursula-1641#supersized-artistPaintings-248525

كلود كانت لدية مشكلة. وهي أن لوحاته كانت تقلد وتوقع باسمه وتباع. كان يعمل ببطء. يهتم بالتفاصيل ويرسمها بكل دقة. في يوم، جاءه الرسام اليهودي المتجول "بوردون"، المعروف بنسخ لوحات الفنانين بدقة كبيرة وبيعها.

أراه كلود أحد لوحاته التي رسمها في إسبوعين. نظر بوردون إلى اللوحة، وذهب إلى منزله. بعد ثمان أيام، عرض لوحة لمنظر طبيعي تحت اسم كلود.

عندما علم كلود بذلك، غضب غضبا شديدا. لكن بوردون، نجح في الهرب من روما قبل أن ينفضح أمره. ولكي يمنع كلود مثل هذه القرصنة، احتفظ بسجل يدون فيه كل أعماله في صورة اسكتشات. وعند وفاته، كان السجل مكون من ستة أجزاء.

هذا ينهي حديثنا عن بداية الرسم الفرنسي. وهي عجالة تغطي الرسم الفرنسي في العصور الوسطى، وعصر النهضة، والقرن السابع عشر، الملئ بالمناظر الطبيعية.

وللحديث عن الفن والفنانين الفرنسيين بقية، فإلى اللقاء في المقال القادم إن شاء الله.
[email protected]



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان وحكم مصر
- الفن الإنجليزي – القرن 19
- الفن الإنجليزي – كونستابل - تيرنر
- الفن الإنجليزي – جينزبورو
- الفن الإنجليزي – رينولدز
- الفن الألماني – هانس هولباين
- الفن الألماني – دورير
- الفن الهولندي – العصر الذهبي
- الفن الهولندي – رامبرانت
- الفن الفلمنكي – فان دايك
- الفن الفلمنكي – روبينز
- الفن الفلمنكي – فان آيك
- الفن الإسباني – موريللو
- الفن الإسباني – فيلازكويز
- الفن الأسباني – عمارة الأندلس
- الفن الإيطالي – رسامو البندقية
- الفن الإيطالي - تيتان
- الفن الإيطالي - كوريجيو
- الفن الإيطالي - رفائيل
- الفن الإيطالي - ليوناردو دافنشي


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - الفن الفرنسي – البداية