أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الكاتب وأسئلة المكان:















المزيد.....

الكاتب وأسئلة المكان:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27 - 03:30
المحور: الادب والفن
    


"ضع أذنك، ياصديقي، على صدرالمكان"*

"تسمع نبض" قلبه وأنفاسه ونجواه...!

انظر..انظرإلى قسماته -جيداً-

كي تكتشف دموعه، وابتسامته

لهفته، وحلمه

أحزانه وانكساراته

أمله وألمه

إنه أنت..إنه.. أنت..تماماً..

أنت الذي تعيشه

وهوالذي يعيشك...

في أجمل قصيدة مفتوحة..!

عامرالأخضر

إبراهيم اليوسف

لايمكن الحديث عن أي أدب إبداعي، سواء أكان شعراً أم سرداً، إلا و يستدعي معرفة بدهية أن نضع نصب أعيننا أن هناك تأثيرات مكانية عميقة في بنيته، تظهرأمام أية معاينة مخبرية، حيث ثمة تفاعل حميمي بين الإبداع الأصيل والمكان، وهومايتم بدرجات متفاوتة بين تجربة وأخرى، إذ أن المكان يظلُّ –على الدوام-جزءاً من روح الأدب، بل و بعضاً من مكونات أي نص من نصوصه، لأن ذلك الإبداع الذي لاتظهرهويته المكانية هوفي حقيقته هشّ، لا نكهة له البتة. كما أن ظهورمثل هذه الخصوصية- في أي نصّ إبداعي- لهو دليل عافية بالنسبة إليه، ناهيك عن أنه يضفي عليه ألقه، ويمنحه النسغ الذي يسجل له الحياة، وإن كان تناول المكان- في حقيقته- ليحتاج إلى جملة شروط لابدَّ من توافرها، لأنه لايتحقق لمجرد رغبة الناص، ولايتأتى له إلا من خلال أصالة الموهبة، وعمق التجربة.

ومعروف، أن المكان المقصود-هنا- هوالمكان الفني، وليس المكان الجغرافي، الفوتوغرافي ، بشكله الآلي- كما قد يخيل لأول وهلة- إذ أن مفهومه هنا يغدوأوسع، وأشمل، مادام أنه يغدو من بين أولويات مهمات الكاتب، المبدع، اكتشاف جماليات هذا المكان، وفق الرؤية الباشلارية- كتصورأول- كي يغدو بعداً إبداعياً آخر، إلى جانب جملة الأدوات الإبداعية التي تنهض بالنص جمالياً وفنياً، وتمنحه فرادته، بل إن المكان قد يأتي في مقدمة مثل هاتيك الأدوات، مادام أنه لايمكننا أن ننظرإلى قصة قصيرة، ولو كانت في إطارومضة من القصص القصيرة جداً، إلا وكانت هناك ومحة إشعاعية مكانية، ذات حضورمباشر، أوغيرمباشر، تسطع من أعماقه، بيدأن الملامح لتبدوعلى نحوأوضح في القصة القصيرة، كي تكون الرواية- بذلك- الفضاء الأرحب للمكان الفني، والحاضنة الأكبرله، وهوشأن المسرح، في الوقت نفسه.

ولعلَّ الحديث عن المكان الفني في الأدب-عامة- يدفع إلى السؤال: هل ترى هناك حضورمكاني في النص الشعري؟، وهوسؤال مشروع، وإذا كنا نجد ملامح مثل هذا المكان في أمات النصوص الشعرية، بهذا الشكل، أوالآخر، فإن مفهوم المكان بات يتم تأصيله في النص الشعري الجديد، وصارالناقد الجديد، يشيرإلى ظلاله، وجهاته، وتجلياته، وخيوط ملامحه، كي يشيرإليها بالخط العريض أنى وجدت، لاسيما إذا كان الناص من عداد هؤلاء المبدعين المحدثين الذين نضجت رؤاهم إلى المكان، وصاروا-وعلى نحوعفوي- يتعاملون معه في نصوصهم الإبداعية، وكأنه جزء منها، بل وكأنه رئته، ونسغه، كل حسب وجهة نظره الفنية الخاصة.

وتفاعل الناص الجديد مع المكان، يكون عبرتفاعل المكان مع فضاء النص،عامة، بل و تفاعل المكان مع مجمل الأدوات الأخرى، بعيداً عن سطحية وصف المظهرالمتسطح للمكان، سواء أكان مدينة، أم قرية،أم شارعاً، أم بيتاً، أم مكتباً، وحتى لو كان رداءاً، أولحداً، أوغيرذلك من الأماكن الواقعية، أو المجازية، إذ تظهرقدرة الناص العالية على التفاعل مع مكانه، نحومائز، من دون أن يكون معوَّماً، عديم الفرادة، أوالخصوصية، وهو مايستوقف الكاتب- مطولاً- عندما يخطط لعمله الإبداعي، لاسيما في ما إذا كان من ذلك النوع الذي يسمح بمعالجته، بشكل مستفيض.

ولوحظ في أعمال أدبية كثيرة، أن المكان، بات يخرج عن حالة تشيؤه، وذلك من خلال خلقه الفني على يدي مبدعه، كي يكون له دوركبيرفي النص الإبداعي، لأن دوره قد يتضاءل، أو قد يكبر، حسب رؤية مبدعه إليه، لاسيما في ما إذا كان من هؤلاء الذين يجيدون توظيف- المكان- بالشكل المطلوب، في النص، وما أكثرمانجد تلك النصوص التي يحفرالمكان فيها حضوره في أعماقنا، ومخيِّلاتنا، ويجعلنا نغدو في مواجهة صدمات سلسلة دهشات يخلقها، نظراً لفرادة تعامله مع المكان.

وليس غريباً-على ضوء مثل هذا الكلام- أن نجد أعمالاً إبداعية، نفيسة، جليلة، استطاع المكان أن يلعب فيها دورالبطل، وهي نقلة نوعية في فهم المكان، ولعلَّ مثل هذا الدوروجد بطريقة-عفوية- في بعض النتاجات الإبداعية، بيد أن هناك من استطاعوا أن يمنحوا المكان مثل هذا الدور، من خلال فهمهم العميق لعالمه، حيث انتقلوا إلى هذه المساحة، البوار، وتناولوها، بإتقان، عال، كي يقدموا نصوصاً مائزة، مختلفة، لم يتنازلوا من خلالها عن وظيفة الأدب، في الوقت الذي حملوا فيه مكانهم المتناول رؤيتهم الجمالية والفنية، وهنا-تحديداً –تكمن أهمية هؤلاء.

وطبيعي، أن الرواية- وعلى نحو خاص- لتعدُّ حاضنة لتعدد أمكنتها، حيث قد لايتم التوقف في حدود مكانية، جمالية، معينة، مادامت إمكانات الاستفادة – في هذا المجال- من التقنيات الفنية الأخرى الجديدة، متوافرة، وقد يكون أحد أوجه ذلك، وتجلياته، من خلال تهيئة قدرة الروائي على تناول أمكنة متعددة، مختلفة، متباينة الجماليات، مدناً، أوغيرها، حيث يبلغ هذا التناول ذروته، في ما إذا تفاعل مع هذه الأمكنة- وعلى تعددها- بحساسية، عالية، وبشكل متساو، ضمن معادلة مكانية، دقيقة، من دون أن يغرق في مجرد مكان واحد، حتى وإن كان الشريط اللغوي المخصص لهاتيك الأمكنة المختلفة، متبايناً، حيث-هنا- تكمن براعة الناص، عميق الموهبة، والمتمكن من استخدام أدواته بالشكل الخلاق.

وإذا كنا نجد الكاتب يعتمد مكاناً واقعياً، من خلال توظيف مايخدم نصه الإبداعي، كي يحيلنا إلى جوانب جمالية من أمكنة يلتقطها، بعيداً عن فوتوغرافيتها، وتقريريتها، بل من خلال خلق مكان جديد، مواز، عبرتواشجه مع بنية النص، فإن في مقدورمثل هذا الكاتب، وسواه، أن يقدما لنا مكاناً متخيلاً، يفرض سطوته علينا، ليغدوجزءاً من ذاكراتنا كمتلقين له، بحيث أنه ينبض من خلال تفاعلنا معه بالحياة، إلى الدرجة التي قد يخيل إلى بعضنا أننا ننتمي إليه، أو تعرفنا عليه، بل إنه قد يخطرببال بعضنا- لأول وهلة- أنه وشخوصه جزء لايتجزأ من عالمنا المعيش، وهوما يحدث-عادة- مع كبريات الأعمال الإبداعية الخارقة التي تحقق الصدمة المرجوة منها.

وإذا كان المكان الفني، قد يبدومنبتاً من المكان الجغرافي، بيدأنه- في الحقيقة- لايمكن لأي مبدع أن يخلق جماليات مكانه في النص، في منأى عن تأثيرالمكان الجغرافي، بعيداً عن كسل وببغاوية تناول هذا الأخير، مادام أن المكان الفني يعد اللحظة الجمالية للفضاء العام، في أكمل وأجمل تجلياته،ولعلَّ فردسة-بعض الاماكن- في الإبداع، ومسح السبغة الجمالية العظمى عليه، وإذا كانت أرومة المكان الفني، ومرجعيته، أو منطلقه، إنما هومكاني جغرافي، صرف، فإنه قادرعلى قطيعة أرومته، لاول وهلة، من خلال تشكيل سلسلة أمكنة، تصل إلى حد الغرائبية...!؟.

*إشارة إلى عبارة لحنا مينة في أحدأعماله..!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسماء متفق عليها: إليهم يزلزلون زنانزينهم........!
- هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة
- ثلاثتهم والآخرون..!
- سايكولوجيا الحرب:
- موت الكتابة بين الواقع والوهم
- ساعة دمشق:1
- ساعة دمشق:
- أسئلة اللغة:
- الكتابة في زمن الثورة.1.:*
- الكتابة في زمن الثورة..:
- الثقافي والسياسي: وأسئلة ردم الهوة..!
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ1
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ
- مانيفست المدينة مانيفست البطل..!
- هكذا بدأ بشارالأسد يومه هذا**
- هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوارمع إمبراطورة ...
- هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوار حميم مع إمب ...
- الماردالإلكتروني في انتظارقانونه الكوني
- وديعة الأجيال الكبرى
- موعد مع صديقي الكاتب..!؟.


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - الكاتب وأسئلة المكان: