أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - ما يقال عن المرأة في الادب العربي















المزيد.....

ما يقال عن المرأة في الادب العربي


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


لو استطاع المرء متابعة مسار المرأة العربية، عموماً في مجال الأدب، في محاولة لفرز ما جرى عليها ولها ، فربما يكتفي، للإيجاز، في ثلاث مراحل، قد تكون محطات مهمة في الأدب العربي. الأولى هي قبل ظهور الإسلام ، عندما نسمع أن الشعر هو ديوان ومرآة لحياة العرب، وفيه مثل هذين البيتين للشاعر ( إمرئ القيس) :
أفاطمُ مهلاً بعض هذا التدلل وأن كنتِ قد ازمعتِ صرمي فأجملي
أغركِ مني أن حبك قاتلي وإنكِ مهما تأمري القلب يفعل
يدهش للنداء الملتهب بالعاطفة، للرجاء الذي يُبديه أحد أعمدة الشعر في تلك الفترة في شبه الجزيرة العربية . ينادي حبيبته فاطمة، مصغرا اسمها للتحبب - على الطريقة العربية بالود- يترجاها كي تقلل من الدلال، تتمهل في الهجر إذا كانت مزمعة عليه. ثم يسألها هل صارت مغرورة بسبب حبه الشديد لها، القاتل له، فهي تعرف أن قلبه يطيعها في كل شيء ويلبي كل أوامرها. يُفهم بعد مطالعة تلك الفترة من تأريخ العرب قبل الإسلام، أن الشاعر (إمرؤ القيس ) كان أميراً في قومه وحبيبته مثله ، ولربما نشعر أن للأمراء ، في كل زمان ومكان، حظوظاً مختلفة، وكثيرا ما يغفر لهم، لكنه سرعان ما نفطن إلى أن معظم شعراء العربية قبل الإسلام حذوا حذوه، وقد اتبعوا تقليدا في بناء قصائدهم حيث تبدأ بالتغزل والتشبيب بحبيباتهم : يذكرون آسمها علناً، صفاتها، شخصيتها، متى ينال الشاعر الوصل منها، إذا رضيت به، وإلاّ سيناله الوجع والسهاد إذا قوبل حبه بالرفض والجفاء. إذن للمرأة في الأدب العربي قبل الإسلام دور فعّال في نمو العلاقة العاطفية مع الجنس الآخر، تتبادل المشاعر من دون خوف أو شعور بالعار، فهي حق طبيعي مشروع، كما أن رفضها ورضاها يُحترمان ولها رأي مسموع واضح مثلما تطالب به المرأة الحديثة.

قليلة هي الأمم التي فكر شعراؤها بهذه الطريقة ، ولولا حب العرب لنسائهم وتكريمهم وآعتزازهم بهن لما فكر شعراء الأمة بهذا الأسلوب، ولما لُقب بعض رجالها باسم أمه بدلاً من أبيه : آبن كلثوم وآبن حفصة وآبن هند وغيرهن . بهذا المعنى ، وإذا كان الأدب كما يقال مرآة للمجتمع ، فالمرأة، إذن، لم تكن، آنذاك، دمية جامدة مصبوغة بالطلاء، أو مطية يركبها الرجل متى شاء ثم تسير خلفه تابعة ذليلة. ولإثبات وجهة النظر هذه قيل إن السيدة خديجة، زوجة الرسول (ص) قبل الإسلام طلبت الزواج منه بنفسها، فتزوجها، وعاشت معه دون أن يشرك معها امرأة أخرى إلى أن توفيت، وكانت ،كما ذُكر، تكبره بعدة سنوات.
بعد معرفة هذه الأمور كيف يمكن التوفيق في تفسير ظاهرة " وأد البنات" الحديثات الولادة في تلك المنطقة، آنذاك ؟! إنها فضيحة كبرى ومسألة تدعو للإشمئزاز. تجعلنا نعتقد أن العرب يكرهون الاُنثى كراهية السمِّ والعلقم . إلا إننا على الرغم من هذا الفزع الذي سينتابنا، لو تريثنا قليلا، وحاولنا تحليل ومعرفة ما كان يجري في تلك البيئة الصحراوية الجافة الخالية من الموارد ( قبل اكتشاف النفط !) من تناقضات لوجد المتابع إن البنت المولودة تواً، هي من أضعف بني البشر، والصراع، على اشده في كل زمان ومكان من أجل البقاء على قيد الحياة،. لذا ربما يقتنع أن قسماً من الأعراب، المتضورين جوعاً، الخائفين من عادة غزو القبائل الأخرى لهم ، يكونون، ربما، مضطرين للتخلص من أنثاهم كما يهمل الجيش المهزوم جرحاه متروكين في العراء لتنهشهم النسور والذئاب.
لو اتجهنا للمحطة الثانية في مسيرة المرأة في الأدب العربي، نجدها بعد مجيء الإسلام. نشعر أنها بدأتْ بداية طيبة مبشرة، فقد سُمعت الشاعرة المخضرمة الخنساء ترثي أخاها صخرا كما رثت أولادها، وإن كان هذا لا يكفي ، لكنه ذكر أنه يوجد نساء غيرها، لم تبرزهن الدراسات الأدبية مثلها ، لتلك الفترة، قمن بالتعبير عن أنفسهن بطريقة أو بأخرى، ولفتن الأنظار بأُخذ النصيحة منهن وإبداء الأراء ، آنذاك.
بداية، وأهم من هذا كله، أظهر الدين الإسلامي بشاعة "وأد البنات " مستنكراً الجريمة محرماً لها. بينما استمر الشعراء يناجون المرأة كعادتهم في قصائدهم بمحبة وهيام، مبتدئين قصائدهم باسماء حبيباتهن أحيانا، واصفين أسى الفراق وجملة مزاياهن بالحسن والجمال. في القرن الرابع الهجري نذكر، على سبيل المثال، أبيات المتنبي حين يخبرنا ، بقصيدته، ما جرى له مع المرأة التي يحبها، وكيف عاملها بتبجيل العفاف، بأرق ابيات الشعر :
عواذلُ ذاتِ الخال فيّ حواسد وإن ضجيع الخودِ مني لماجدُ
يردُ يداً عن ثوبها وهو قادر ويعصى الهوى في طيفها وهو راقدُ
لكن المسألة بدأت أثناء وبعدذلك، وهي لا تريد أن تتوقف على ما جاء به الدين الإسلامي، الراغب في إشاعة العدل والرخاء ، بما يتناسب والمجتمع البدوي الصحراوي وتحسين تقاليده وعاداته إذا ما كانت نكراء، بل صار مع توسعه وانتشاره في الديار، موضوعا للتفسير والنقاش. وسرعان ما بدأ البعض من شتى الأقطار الإسلامية، يدلون بآرائهم في معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة والموضوعة، كلٌ حسب وجهة نظره واجتهاده، في قضية المرأة بالذات، حتى وصل الأمر، أحياناً، أن فسر البعض الأمور، مجاراة للخليفة وللحكام وللسلاطين وللعوام، من أجل احتكار السلطة وهيمنة الرجال على النساء، بل بالأحرى إزاحتهن عن طريقهم، متنافسين، بدورهم ،على حصة الأسد، من الغنائم والمناصب والثروات، من متاع الدنيا، تارة بالمناكب وكثيرا ما يكون تنافس الرجال بالسلاح.
مرت قرون بعد ظهور الإسلام وانتقاله للدول القريبة والبعيدة. دخلت تبعاً لذلك عادات وتقاليد غريبة عجيبة من البلدان التي أنتقل لها. أثناء تلك الفترة، ايضاً، بدأ الناس ببغداد، عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية، يتداولون كتابا قصصيا خطيرا ، يُرجع البعض نصوصه لخليط من القصص الهندية والفارسية وغيرهما. تروى هذه القصص على لسان امرأة اسمها " شهرزاد" وعنوان الكتاب " ألف ليلة وليلة ". لو قارنا ما تفعله وسائل الإعلام اليوم، إذا أرادت تشويه سمعة أحدٍ ما ، لما ارتقت إلى ما حققه هذا الكتاب من تشويه لجنس المرأة في إلصاق تهم الحيلة ، الخداع والغش والخيانة لها معظم الأحيان . كل هذا تقصه المرأة نفسها " شهرزاد" لينطبق القول عليها: (وشهد شاهد من أهلها ) . يخرج المرء بعد مطالعته كتابا من هذا النوع متصورا النساء جنسا خبيثا ماكرا، وعلى الرجل أن يحسب حسابه معهن، فلا يثق بهن وعليه أن يشك بسلوكهن على الدوام . امتدت الأيدي ، آنذاك، لمطالعته في الليالي الملاح، وحكايا المجون والسفاهة والبذاءة واللهو والملذات على قدم وساق . خلاصة القول ،لم تقم لسمعة المرأة من قائمة منذ ذلك الحين. ربّ معترض يقول إن هناك نساء ظهرن وسط هذا الخضم ، وكن معروفات بالتصوف كالشاعرة رابعة العدوية في بصرة العراق، مثلا. هذا صحيح، ولكن أنى لهؤلاء النسوة من تأثير على القوم، مقارنة بحوادث درامية وشخصيات خيالية منوعة تصف الجنس بتهتك، ذاكرة ما يثير الشيخ كي يعود لصباه. صارت بعض القصص لا تُجارى، يتلقفونها كما يحصل اليوم، عند التلهف على إقتناء كتب الأدب المكشوف والصور الخليعة لأردأ الممثلات والمغنيات، الأسراع لرؤية أفلام سينمائية جنسية مفضوحة اللقطات. هكذا انشغلوا في الليالي الملاح، آنئذ، بقراءته بصحبة نماذج نساء معروفات بالقيان والجواري من أجل تسلية الرجال، الذين بدورهم يتزوجون من أربع نساء دون أن يعدلوا بينهن، كما أوصى الدين الأسلامي، وأمتلك الخليفة مئات المحظيات دون أن نسمع أن أحداً من الفقهاء اعترض عليه او تفوه بكلمة آحتجاج. نتيجة لهذه الأوضاع الفاسدة وبداية التدهور الحضاري هُمّشتْ المرأة، واُحتقرتْ، كما ألبست الطبقة الخاصة نساءها الحجاب، خوفا عليهن من هذا الجو الموبوء. بدا واضحا للمراقب، منذ ذلك الحين، أن كلما ازداد التفسخ والفساد عند الرجل فقد براءته وشك بالمقابل، وأبعد امرأته وبناته عن بقية الرجال . لا يفوتني ، الآن ، أن أذكر أن الأديب العراقي جاسم المطير المغترب بهولندا انتبه إلى ما لكتاب " ألف ليلة وليلة"من مردودات سلبية، فقد ذكر في روايته " رسائل خليجية" كيف عزم بعض أفراد من الإدارة الاستعمارية في العصر الحديث، أثناء تواجدهم بالبلاد العربية الإسلامية ، على تشجيع طباعته بأصدارت شعبية للصغار والكبار،مؤملين أن نتيجة قراءته ستؤدي بالشاب من الجيل الجديد للشك بأخته بمجرد بلوغها سن الرابعة عشرة، وبذا سيضمن الآستعمار العمى للمنطقة كلها، بتقييد حركة نصف اعضائه وشلها، والنصف الآخر مشغول بهن لا همّ له سوى مراقبتهن ومحاسبتهن وحراستهن ، فيصبح العملاق مربوطاً محبوساً داخل القمقم.
جاءت المرحلة الثالثة للأدب العربي عندنا، كما أتصور، وهي مرحلة العصر الحديث، بعد فترة انحطاط ،كما هو واضح، للمنطقة كلها . هناك نوعان من النصوص الأدبية عولجت بها شخصية المرأة في تقديري. الأولى بأقلام الرجال والنساء على السواء .تعاطفت مع المرأة ، عاملتها ككيان صحي، صديق، متفهمة مأزقها وما جرى لجنسها من عملية تشويه مبرمج، كي يوضع اللوم عليها في كل ما يجري بالعالم من قبح وتعاسات. أما النوع الثاني فيتعلق بالذين لا زالوا يجرجرون أنفسهم مشغولين بعقدة النرجسية والأنا، مضافا إليهما كثرة ما عانى من كبت وحرمان. المرأة بالنسبة للكاتب الرجل من هؤلاء، صيد ماثل أمامه، محرم، كثير الإغراء . بينما أفكاره حولها في حالة شبق دائم ومراهقة دائمة الهيجان .
صرنا،كنسوة، خرجنا من عنق زجاجة الأمية والقمع، ورأينا كيف ُحرمت أمهاتنا وجداتنا من التعليم، والبسن شتى البراقع والعباءات، في القرون المتخلفة، نجد في المرحلة الثالثة وجداناً وضميراً آخر في القرن العشرين، قرأنا قصص الفلسطينية المبدعة سميرة عزام والشاعرة الرائدة نازك الملائكة، على سبيل المثال، وهناك أخريات لا يسع المجال لذكرهن. توسمنا في هذه النصوص خيراً. ستقودنا، أخيراً ، إلى شاطئ الأمان. هذه النصوص كانت بأقلام النسوة العربيات الحديثات المتعلمات المتميزات، وهن متصديات لسيل التهم والإهانات للمرأة، بطرق فنية راقية، يأملن أنهن في المستقبل سيفعلن ما فعلته الكاتبات الغربيات من قبل، أمثال جورج اليوت وجين اوستن وفرجينيا وولف وانييس نن وغيرهن،كيف استطعن بنصوصهن الإبداعية القيمة من تغيير وجهة نظرة الرجل الغربي حول المرأة ، والتي كانت نظرة دونية أيضاً، فأصبحت بعد ظهورهن مختلفة كثيراً، فلا يجرؤ الرجل الغربي اليوم، على الآستخفاف بعقلها أو الاستهانة بها ناهيك عن تقييدها بالأغلال . استمر الطموح لدى هؤلاء النسوة الكاتبات عندنا، باعتقادي، دون ضوضاء، دبّ الانفراج، وقتها، في المنطقة العربية، وصدرت (قوانين الأحوال الشخصية) في بعض البلدان، منصفة للمرأة كما حصل بتونس وبالعراق الخ.. في الخمسينات الماضية صارت الفتاة تسير في الشارع مرفوعة الرأس ، واثقة من نفسها، محترمة لشخصيتها ، تاجها العقل والطموح العلمي والريادة في الدراسة، بأصعب المواضيع التي كانت محتكرة على الرجال فقط .
هذا ،للأسف، لم يدم طويلا، إذ سرعان ما تكالبت السوق التجارية الاستهلاكية مع المستسهلات للأدب، الباحثات عن الشهرة، على تحطيم هذا البناء الرصين، في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، أنهمك البعض بتآليف الكتب السهلة الإصدار بالوسائل الحديثة، ذات الأسلوب الركيك، التي تتفشى فيها الثغرات في التقنية الفنية والرخص الأخلاقي. متصورين العملية بسيطة لا تستحق العناء ،لتصبح المرأة ليست كاتبة فقط وإنما كاتبة ومشهورة أيضا.ً اشتغلت وسائل الإعلام والدعاية المرئية والمسموعة لاظهارهن، بعد ضبط العلاقات العامة، بصورة جيدة، مع الصحفيين ومديري برامج التلفزيونات، المتساهلين لعدة اسباب، لتهبط الكتابات من علاها إلى مجرد خزعبلات والآعيب بهلوانية ، مقلدات صرعات الكتابة النسوية بالغرب، متجاهلات أن الأخيرات جئن من تراث كلاسيكي متين البنيان، لإكثر من قرنين، وأنهن قليلا ما صُنفوا عند النقاد الجادين بالأديبات من الطراز الأول أو يحسب حسابهن إلا في السطحيات. بدأ استسهال هذ الكتابات الأخيرة بإظهار بطلات الروايات هؤلاء وهن واقعات تحت تأثير الغرام المصطنع ، نماذج من النساء البلاستيكيات اللعوبات الغاويات، الممتلئات بالمكر والخديعة والشخصية الازدواجية المتناقضة، من دون عقل أو بصيرة .والمجتمع حائر بين نارين، في شدّ وجذب، بين صرامة وبين انفلات . لقد شجع هذا النوع من الأدب الرجل على التعصب ،مرة أخرى، والعودة للوراء، إلى زمن جداتنا المحرومات. وكما في السابق ،كلما تمادى الأدب بالإثارة الرخيصة وبهدلة المرأة، شعر الرجل بضرورة الاستعانة بالزجر في غلق الأبواب وإخفاء المفتاح . يُسمح للمرأة، بإعتقاده، الإهتمام بالملابس والمكياج وأنواع الطبخات من أجله فقط. تزامن هذا السلوك، مع ظهور الإسلام السياسي المتزمت في الساحة، الواقف بالمرصاد لمحاسبة المرأة المسلمة، مختصرا الدين بحجاب المرأة والتضييق عليها، كما حصل بالماضي، أيضاً، مكثرا من اتهامها لعدم الثقة بها وبعقلها، ولعدم وجود ما يثبت العكس. صار الشاغل الأول للمجتمع ، منذ الآن، هو في كيفية إبعاد النساء عن الرجال، بدلا من أن يشتركوا معهم لخدمة المجتمع، يداً بيد، من أجل التطوير والبناء، تدريجياً، من أجل الوصول إلى العصر الحديث. ساهمت، هذه الأجواء ، بقصد أو دون قصد ، في تراجع حرية المرأة العربية واحترامها في المنطقة كلها، مثلما أدى المطلوب انتشار كتاب " ألف ليلة وليلة" والعلاقة جدلية. أصبحت اهم النقاشات عندنا هو مسألة ،" المرأة والحجاب "، وكأنه موضوع الساعة لتضييع الجهود والوقت وإلهاء الناس عن الهموم الحقيقية الكبرى.
في نفس الوقت، يبدو أن الاستمرار بإبراز الجانب الحسي الجسدي للمرأة، مهملين الجانب العقلي الفكري ، أثناء معالجة العلاقات العاطفية بين الجنسين ، أدى إلى مزيد من التردي في نظرتنا للمرأة وأصبحت عرضة للتهكم والإبتزاز. الاهتمام بالحرية الجنسية فقط وكأنها الجانب الوحيد والهدف الأسمى في قضية تحرير المرأة، أحبط مساعي التحرر للمرأة العربية الحديثة على ما أظن. هؤلاء الكاتبات بطيئات في فهم أن الجنس لوحده ، على أهميته، لن يكون كافيا كي تكون المرأة حرة، وإلا لحُسبت بنات الهوى احرارا.
لو نظرنا كيف تطورت مجتمعات قبلنا، لإخذ التجربة منهم كما سبق أن أخذوها هم منا، لوجدنا الروائية الإنكليزية المبدعة جين اوستن، مثلًا، تروي قصص الحب والغرام فعلا، وشبابنا في أمس الحاجة لها، حيث تصور بالتحليل النفسي الدقيق عاطفة الحب ، لتصبح رواياتها مصدر أنس ومتعة وفهم للنفس البشرية لاجيال وأجيال، سواء عن طريق القراءة أو في إخراجها كأفلام للسينما والتلفزيونات. كلها تجري بواقعية أخلاقية شعرية عالية ، كثيرا ما وضّحت هذه العاطفة المعقدة، وما يرافقها من إخلاص وخيانة وغرور وتسامح وخيبة أمل ونجاح ، بطريقة تُحتذى في التقنية الروائية الفنية والإسلوب الرفيع . جرى هذا بأقل ما يمكن من الإثارة الرخيصة المبتذلة، وكما ذكرت إحدى الناقدات البريطانيات مؤخراً :
" ستكون محظوظاً إذا وجدت منظر قبلة واحدة في الرواية كلها".
من الطبيعي أن لا تظهر الروايات العربية التهريجية الآستمنائية وتستشري لو لم يكن هناك ما يسمى نقاد وناقدات على نفس الشاكلة ، اولئك الذين ظهروا وكأنهم على إتفاق مع أصحابها. لقد طبلوا وزمروا ،غير عابئين بضررها الفادح على المجتمع كله، مثلما لم يعبأ ناشرها المهتم بتجميع النقود حسب، طالبا المزيد منها ليضمن توزيع الكتاب بطول البلاد العربية وعرضها خلف الزجاج. الرقابات الحكومية ، نادرا ما تعرضت لكتب تضحك وتلهو على عقول الناس. ستعرضه مخازن بيع الكتب التجارية في واجهاتها مع صورة الكاتبة المزينة على الغلاف، ويتقاطر المحرومون جنسياً على شرائه ، كما يبحث بعض الرجال في الغرب عن مجلة Play boy المعروفة بالإثارة في نشر الاجساد العارية ، الاّ أن هذه المجلة لا تدعي أنها تعالج الفن والآداب، وهناك مجلات أخرى غيرها تتولى المهمة الأخيرة لابناء الغرب النشيطين ، الذين لا يكتفون برؤية الاجساد العارية على صفحات الورق .



#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتداء
- العيش في سلام
- التواطؤ الثالث بالسياسة
- التواطؤ الثاني بالجنس
- التواطؤ الاول بالفنون
- البحث عن الموجود
- العاقلة جدا
- بداية حملة السرقة
- الخال
- ها....ها...ها
- ألا ابشروا بالاعمال الخلاقة
- ثمة اسرار
- من مفكرة امرأة مغتربة
- أجوبة أسئلة تخطر بالبال
- مَن دفع للمزمرين
- خصائص رواية منفى
- هي بقيت علي ، يعني!
- التوحّش
- احتضان غير مرئي
- الطريق إلى دهوك


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سميرة المانع - ما يقال عن المرأة في الادب العربي